كيف لجأ الموظفون إلى الاستقالة الهادئة؟

لعقود عديدة كانت الثقافة السائدة في الأعمال هي “ثقافة الزخم” أو “ثقافة الصخب”، وهي تعني قيام الموظف بالعمل بأقصى طاقته حتى يظهر لمدرائه بأنه حريص على العمل، فيحظي بتقدير يجعله يرتقي السلم الوظيفي في عمله.

لكن نتيجة التغييرات السلوكية التي فرضتها جائحة كورونا، ظهرت ثقافة جديدة في العمل تسمى “الاستقالة الهادئة” أو “الإقلاع الهادئ”، وهي تعني قيام الموظفين بأقل مجهود يذكر في العمل من أجل أن يتم الاستغناء عنهم، أو يقوموا بتقديم استقالتهم بهدوء.

لماذا الاستقالة الهادئة؟

قال إس كريس إدموندز، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة Purposeful Culture Group، وهي شركة استشارية مقرها كولورادو تساعد كبار القادة على خلق ثقافة عمل إيجابية، إن التحول الجذري للقوى العاملة أثناء الوباء أدى إلى حد كبير إلى ظهور هذا السلوك.

وقال إن الشركات دفعت بمسؤوليات إضافية على الموظفين، لأن بعض الشركات لم تكن مستعدة للوباء وموجة الاستقالت الكبرى.

قال إدموندز إن العديد من الأشخاص أصيبوا بالإحباط أيضًا عندما أصر المديرون على قواعد معينة مثل العودة إلى العمل المكتبي، مما خلق المزيد من الإرهاق والإحباط.

الاستقالة الهادئة هدفها تحقيق توازن بين العمل والحياة الاجتماعية بعد فترة الإغلاق، إذ شعر الموظفون بأهمية هذه الحياة بعدما ظلوا يعملون من منازلهم طوال عامين تقريبًا.

الانفصال العاطفي عن العمل

في استطلاع أجرته مؤسسة غالوب مؤخرًا، أفاد 60٪ من الموظفين بأنهم يشعرون بالانفصال العاطفي عن العمل، وقال 19٪: إنهم بائسون.

هؤلاء الموظفون بدأوا يرفعون شعار “قيمتك كشخص لا يتم تحديدها من خلال عملك”، وهو شعار خرج من مناقشات تيك توك، من أبناء الجيل زد، من مواليد منتصف عقد التسعينات إلى نهاية عقد الألفين، ثم امتد ليشكل ثقافة عالمية.

سبب هذه الظاهرة هو رغبة العمال في مزيد من: المال، أو المرونة، أو الاستقلالية، أو القدرة على العمل عن بُعد.

بعض الموظفين قالوا لبيزنيس إنسايدر إنهم قادرين على إنجاز عملهم في 20 دقيقة فقط، ولا يحتاجون إلى 8 ساعات للعمل يوميًا، وبالتالي التقييد المكتبي يهدر طاقاتهم ووقتهم.

خيار الراحة

العديد من الموظفين يرون أنهم مروا بأوقات صعبة خلال سنوات الجائحة، ولم يحصلوا على مكافأة بعد، لذلك يعتبرون أن الاستقالة الهادئة هي الخيار المناسب.

كما أن أبناء الجيل زد المنتشرين على مواقع التواصل الاجتماعي يقدمون الاستقالة من العمل باعتبارها تجربة ممتعة للتخلص من الضغوط والاستغلال الذي يتم من بعض الشركات.

كما أن إتاحة الكثير من الوظائف عن بعد، جعل العمال يرفضون العودة للعمل من المكاتب، وبالتالي يفضلون الاستقالة، والبحث عن وظيفة تقبل العمل من بعد.

رد الشركات

مع زيادة حالات الاستقالة، من المتوقع أن تبدأ الشركات بالتحرك لوقف هذا الموضة الجديدة.

ستبدأ الشركات في تقديم حوافز للموظفين، سواء من خلال إتاحة العمل عن بعد، أو الزيادة في الرواتب، أو تقليل المهام وساعات العمل.

ترى شبكة سي إن إن إنه من الضروري أن يقوم المدراء بالتحدث مع موظفيهم سواء على نطاق جماعي، أو بشكل شخصي، من أجل فهم احتياجاتهم، وبالتالي تقديم منع الانفصال العاطفي بين الموظفين والشركة.