أسعار العقارات تنتعش وسط أزمة “كورونا”

أثرت أزمة فيروس “كورونا” على قطاع العقارات بشكل كبير، خصوصاً مع الركود الذي ضرب مجمل الاقتصادات حول العالم.

وفي الواقع، فقد أدّى الوباء إلى إغلاقات واسعة في مجمل الدول، كما أن الشركات أقفلت أبوابها ونقلت أعمالها إلى المنازل، كما وضع سوق الإسكان في حالة جمود عميق.

وفي هذا الوقت من العام الماضي، أي في ذروة بداية الوباء، كانت هناك مخاوف من سيناريو انهيار أسعار المنازل، خصوصاً أنه من شأن زيادة حالات الافلاس والبطالة أن تقلّص المداخيل المتاحة للناس، وتجعل من الصعب على أصحاب المنازل المثقلين بالدّيون تحمل دفع الأقساط الخاصة بعقاراتهم ومنازلهم.

ومع ذلك، فإن الأشخاص الذين حالفهم الحظ لامتلاك منازل ثانية غير منازلهم، سيضطرون إلى طرح عقاراتهم للبيع لبناء احتياطيات نقدية، الامر الذي يضغط أكثر نحو هبوط الأسعار.

وفي الحقيقة، فإن ما ورد سابقاً كان بمثابة سيناريو متوقع حدوثه، إلا أنّ ما حصل في الواقع كان مخالفاً تماماً لكل التوقعات، إذ تقول كيت إيفريت ألين، رئيسة الأبحاث السكنية الدولية في شركة “نايت فرانك” للاستشارات العقارية: “واقعياً، لم يحدث أي شيء من ذلك”.

وفعلياً، فإن ما حصل هو أن أسعار المساكن والمنازل ارتفعت بشكل كبير حتى في الوقت الذي عانى فيه العالم من أسوأ ركودٍ منذ الكساد الكبير. فمن نيوزيلندا إلى الولايات المتحدة وألمانيا والصين وبيرو، ترسخت ظاهرة واحدة وهي: أسعار المساكن في ارتفاع هائل، والعديد من المشترين يشعرون بالذعر والخوف.

وما حصل هو أن وباء “كورونا” أفاد أسعار المساكن، وذلك لأن الحكومات في جميع أنحاء العالم ساعدت أصحاب المنازل من خلال توفير تريليونات الدولارات من الدعم للعمال والشركات. ومع هذا، فإن خفض سعر الفائدة أبقى إمكانية سداد أقساط الرهن العقاري أمراً متاحاً في العديد من الأماكن، في حين أن التخفيضات المؤقتة لضرائب الشراء في بعض الأسواق حفزت شراء المنازل.

وعندما أجبر الناس على تحويل المنازل إلى مكاتب وفصول دراسية خلال فترة الوباء، فإنّ كل ذلك ساهم في تحضير الأرضية لارتفاع أسعار العقارات والمنازل. وإزاء ذلك، فقد انتقل العديد من الأفراد الأكثر ثراء في بعض البلدان، إلى منازل أكبر في ضواحي المدن بدلاً من العيش وسط الاكتظاظ، وذلك لوجود مساحات خارجية أكبر، ومع وجود أمل لديهم بأنهم لن يحتاجوا للانتقال إلى المكاتب المركزية لأعمالهم بنفس القدر حتى بعد انتهاء الوباء.

ومع هذا، فإن الكثير من الأشخاص انتعش وضعهم المالي قليلاً مقارنة مع فترة ما قبل الوباء، إذ أنهم كانوا ينفقون أموالاً أقل على الإجازات وتناول الطعام في الخارج، وبالتالي يمكنهم إنفاق المزيد على شراء المنزل، وفق ما ذكرت شبكة “cnn“.

الناس يشترون العقارات بدافع الذعر

ومن بين الاتجاهات التي تمت ملاحظتها في عواصم مثل لندن وباريس أنّ المديرين التنفيذيين الأثرياء يتاجرون بمنازلهم ذات الموقع المركزي مقابل شيء أكبر ولكن أرخص خارج المدينة، الأمر الذي يترك لهم نقوداً كافية لشراء شقة صغيرة في وسط المدينة ومنزل لقضاء العطلات في مكان آخر.

وفعلياً، فقد أدى ذلك إلى زيادة الطلب المحلي على العقارات في أماكن مثل الريفيرا الفرنسية، والتي يهيمن عليها المشترون الأجانب تقليدياً.

ويشير بعض الخبراء إلى أن الناس يشترون العقارات بدافع الذعر، وهو أمرٌ ساهم أيضاً برفع الأسعار. وفي بريطانيا، ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 8.5% في العام 2020 على الرغم من أسوأ ركود اقتصادي في البلاد منذ أكثر من 3 قرون. أما في الولايات المتحدة، فقد ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 9% في العام 2020 واستمرت في الارتفاع، إذ وصل متوسط ​​سعر المنزل الحالي إلى مستوى تاريخي بلغ 329100 دولار في مارس/آذار.

وفي البرتغال ، كان الأجانب يقتنصون المنازل على الرغم من عدم قدرتهم على مشاهدة العقارات التي يشترونها. وهناك، قفزت الأسعار بنسبة 6% في الربع الأخير من العام 2020 مقارنة بالفترة نفسها قبل عام.

ومن أوكلاند إلى شنغهاي وميونيخ وميامي ، يبدو أن أسعار المنازل تتحدى الجاذبية. وفي ألمانيا، يتم بيع العقارات في غضون أسبوعين من إدراجها للعرض، ويكافح السماسرة لتأمين القوائم.

شاهد أيضاً: تدريب 20 عاملة بمراكز التكفل بالنساء ضحايا العنف بالصويرة