حلّت دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الـ 15 عالميًا في مؤشر الثقة في الاستثمار الأجنبي المباشر 2021 الصادر عن شركة “كيرني”، صعودا من المركز 19 الذي بلغته في إصدار العام الماضي.

وبرزت بيئة الأعمال في الإمارات العربية المتحدة بقوة في التقرير على خلفية تحليها بالعوامل الأكثر جذبًا للمستثمرين لا سيما الحوافز الحكومية للاستثمارات الأجنبية المباشرة. إضافة إلى ذلك، تعتبر البيئة التمكينية القوية في الدولة بفضل بنيتها التحتية والتكنولوجية المتقدمة، ومستويات الابتكار العالية عوامل جذب أساسية أيضًا للاستثمار الأجنبي المباشر. ما جعل الإمارات واحدة من بين خمس دول فقط تنجح في تحقيق ارتفاع في تصنيف هذا العام، وسط بيئة شديدة التنافسية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

ووفقا للتقرير الجديد من شركة الاستشارات الإدارية والاستراتيجية العالمية كيرني، فإن المستثمرين أصبحوا أكثر حذرًا الآن بشأن الاستثمار الأجنبي المباشر مع تأهبهم لرحلة تعافي طويلة الأمد. ويكشف التصنيف عن انخفاض كبير في التفاؤل العام بشأن الاقتصاد العالمي مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة ومرحلته الأولى العام الماضي، ومع ذلك، فإن تفاؤل المستثمرين بشأن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ظل مستقرا بشكل عام. وسجل التفاؤل بالاقتصاد الإماراتي درجات أعلى نسبيًا من تلك المسجلة في 2020، ما جعلها بين أفضل خمس دول من حيث التفاؤل العام.

إرتفاع مثير للإعجاب لدولة الإمارات

إلى ذلك قال رودولف لومير، الشريك في معهد التحولات الوطنية التابعة لشركة كيرني الشرق الأوسط: “يدل الارتفاع المثير للإعجاب لدولة الإمارات مجددا في تصنيف هذا العام على قوة الاتساق والزخم. ومن المرجح أن ذلك مرتبط ببنيتها التحتية والتكنولوجية المتقدمة ومستويات الابتكار العالية فضلاً عن استجابتها السريعة والفعالة للجائحة. فقد كانت الإمارات من أوائل الدول التي وافقت على لقاح كوفيد-19، وشرعت في حملة وطنية طموحة للغاية لتطعيم جميع سكانها بحلول نهاية عام 2021. وهي الآن ثالث دولة بعد إسرائيل وجزر سيشل من حيث نسبة تطعيم سكانها (لكل 100 شخص)، ما سيعزز آفاق التوقعات الاقتصادية والاستثمارية بشكل أكبر. بالإضافة إلى ذلك، واصلت الإمارات جهودها لترسيخ الاستقرار الإقليمي والتكامل الاقتصادي خارج حدودها هذا العام مع توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية في أغسطس. ومن المتوقع أن يقدم إكسبو 2020، الذي تم تأجيله إلى أكتوبر 2021 دفعة لتعزيز السياحة القادمة من الخارج بما في ذلك من دولة إسرائيل في الجزء الأخير من العام.”

وتعليقًا على مؤشر الثقة في الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2021، قال باول أ. لاوديسينا، مؤسس المؤشر ومؤسس مجلس سياسة الأعمال العالمية لشركة كيرني: “بعد مرور عام على الجائحة والاضطرابات التي سلطتها على الاقتصاد العالمي، ليس من المستغرب أن المستثمرين قلقون بشأن ما يخبؤه المستقبل. ففي استطلاع العام الماضي، أظهر المستثمرون مستوى قويًا من التفاؤل بشأن الاقتصاد العالمي وتوقعاتهم الاستثمارية، ومن ثم باغتتهم جائحة تسببت في توقف شبه كامل للاقتصاد العالمي.”

أقرأ أيضاً

دبي تصعد في مؤشر أفضل حكومات المدن الذكية وتتصدر عربيا

الإمارات تعلن بدء إنتاج لقاح مضاد لفيروس كورونا “حياة – فاكس”

وتشير تصنيفات هذا العام إلى استمرار المخاوف وعدم اليقين بشأن مدى سرعة تعافي الاقتصاد العالمي بعد الجائحة. وإضافة إلى انخفاض الثقة بالاقتصاد، تراجعت معظم الدرجات الإجمالية لأفضل 25 دولة مقارنة بمؤشرات السنوات السابقة. وأعرب 57 بالمائة فقط من المستثمرين عن تفاؤلهم بشأن التوقعات الاقتصادية العالمية للسنوات الثلاث القادمة، ما يعد انخفاضا كبيرا من رقم العام الماضي البالغ 72 بالمائة (قبل الجائحة وفي المراحل المبكرة منها).
ومع حذر المستثمرين المتزايد هذا العام، لا عجب أن الاقتصادات المتقدمة تمثل نصيب الأسد من قائمة أفضل 25 لسببين رئيسيين، شرحهما إريك بيترسون، المدير الإداري لمجلس سياسة الأعمال العالمية والمؤلف المشارك للدراسة: “أولاً ، تتيح الأسواق الراسخة مزيدًا من الأمان والاستقرار لقادة الأعمال الذين اهتزت استراتيجياتهم وأرباحهم النهائية بسبب الجائحة. وثانيًا، يواصل المستثمرون منح الأولوية للوجهات ذات البنية التحتية الراسخة، والحوكمة القوية، والتي تستثمر في التكنولوجيا والابتكار، وتتمتع باستقرار اقتصادها الكلي – وهي جميعها نقاط القوة الطبيعية لمعظم الأسواق المتقدمة.”

ثلاثة أسواق ناشئة

وتجدر الإشارة إلى أن مؤشر هذا العام لم يتضمن سوى ثلاثة أسواق ناشئة هي الصين والبرازيل والإمارات العربية المتحدة. ورُغم أن الصين لا زالت تحافظ على ترتيبها كأعلى سوق ناشئ في المؤشر، وهي المرتبة التي حافظت على تحقيقها باستمرار منذ عام 1999، إلا أنها تراجعت هذا العام في التصنيف العالمي إلى المركز 12 بسبب المخاوف من تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وإعادة تفكير الشركات بشكل عام في سلاسل التوريد الدولية.

ويضيف بيترسون: “بعيدًا عن هذه النتائج، فإن الخطر الأكبر الذي سيواصل المستثمرون الدوليون مواجهته هو الجائحة نفسها. وسيكون التغلب على كوفيد-19 عاملاً أساسياً في الانتعاش الاقتصادي العالمي وتحسين تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر اللذان يسيران جنبًا إلى جنب. وسيتحدد النمو الاقتصادي على المدى القريب بالمدة الزمنية لانتشار الجائحة، وفعالية الاستجابات المالية والنقدية، ونجاح جهود التطعيم.”

ويتابع لوديسينا: “على الرغم من تحديات الاقتصاد الكلي المستمرة، يواصل المستثمرون اعتبار الاستثمار الأجنبي المباشر عنصرًا حيويًا لربحية الشركات وقدرتها التنافسية على مدى السنوات الثلاث المقبلة. وحتى مع زيادة حذر المستثمرين هذا العام، من المحتمل ألا يصبح الهبوط الذي شهده الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2020 سمة دائمة للاقتصاد العالمي.”