أخبار الآن | ألمانيا – تحقيقات (بسام سعد)

أثارت هجمات باريس الكثير من التساؤلات والمخاوف، من تداعياتها، لدى اللاجئين السوريين خاصة والمسلمين عامة في ألمانيا .

داعش يتبنى الهجمات، وظهور جواز سفر سوري قرب جثة أحد منفذي الهجمات، وحالة احتقان شعبي والخوف من ردود الفعل. كلها أسباب حولت الحدث لقضية تهدد أمان ومستقبل وجود اللاجئين السوريين في ألمانيا.

الحرب وداعش يلاحقوننا

"بعد الهرب من ويلات الحرب في سوريا أتمنى ألا تلاحقنا الحرب إلى هنا"، عبارة بات يرددها اللاجئون السوريين في ألمانيا عقب التفجيرات مباشرة.

يقول أحمد أبازيد 48 عاماً، لاجئ من مدينة درعا: "جواز السفر السوري الذي وجد قرب جثة أحد منفذي الهجمات يفتح علينا أبواباً تقلل من فرص عيشنا بسلام في ألمانيا".

"أحمد" 27 عاما من ريف دمشق، حصل على الاقامة مؤخراً، وهو الآن ينتظر إتمام معاملة لم الشمل لأسرته المكونة من أربعة أطفال، يقول: "أتمنى ألا تطول إجراءات لم الشمل، أخشى من صدور قرارات تحد من تسهيلات خرج عائلتي من سوريا، ولكن أخشى من حرب تلاحقنا."

ولا يخفي معظم الذين سألناهم من خوفهم من المستقبل الذي بات أكثر غموضاً، لاسيما اللاجئين القلقين من عدم قدرتهم على إلحاق أفراد أسرهم.

الصورة النمطية وقلق اللاجئين

يبدو أن التصنيف المسبق للألمان عن اللاجئين يعتمد على الصورة، فهم لا يميزون بين مسلم جاء ليعيش بسلام وبين متطرف يحاول الانتقام، كما ترى ولاء 25 عاماً، القادمة من ريف دمشق: "التعميم السطحي يضعنا أمامهم في خانة واحدة، ويدفعنا للعب دور محامي الدفاع". وتضيف: "بعد هجمات باريس بت أعجز عن تفادي الانطباع الأول الذي يواجهني يومياً من سائق الحافلة ومن بائعة السوبر ماركت، بسبب ارتدائي للحجاب، الحرب وداعش يلاحقوننا كيفما تحركنا".

أما "فادي" 21 عاماً، لاجئ من مدينة دمشق يقيم في "دورتموند" منذ عامين، طالب ويعمل في محل لتلبية الطلبات السريعة، يرى أنه يجب ألا يبالغ اللاجئون في مخاوفهم، فمن المعروف أن داعش لا يمثل الإسلام والسوريين، بل على العكس، فهو يقتل السوريين كل يوم في المناطق التي يحتلها.

ويروي لنا "عبد الكريم" 31 عاما، العامل في ورشة ميكانيك للسيارات في مدينة "هامبورغ": "انتابت زملائي الألمان في العمل حالة من التوتر بمجرد ورود أنباء عن هجمات باريس، لكني واجهتهم فورا بأن الإرهاب لا دين له وأننا هربنا من ظلم داعش والأسد".

وينوه عبد الكريم إلى ضرورة عدم وضع اللاجئ السوري نفسه في موقع المتهم، فقد "ذقنا من القتل والعنف ما يكفينا ويجعلنا ندافع عن حقنا بالأمن والسلام".

تفهم رسمي ألماني

يبدو أن الحالة السياسية والحزبية تلعب دورها في انقسام الموقف حيال أحداث باريس. ومع ذلك فالمعرفة السطحية للشعب الالماني عن واقع وتقسيمات المجتمعات العربية تدفعهم اليوم إلى بناء صورة مسبقة ليسبغوها على كل الآتين من هناك.

لا تخفي "كريستين" 32 عاماً، طبيبة الأسنان هنا في مدينة "هامبورغ" مخاوفها وريبتها حين قمنا بسؤالها عن العلاقة بين اللاجئين وهجمات باريس، فهي ترى أن من بين اللاجئين من يتخفى ويضمر الإرهاب ويجب عدم الصمت حيال ذلك. وتضيف: ألمانيا في النهاية ليست مسؤولة عن بؤس كل العالم، مشيرة للاجئين.

وهنا تبرز المخاوف من توظيف التيارات اليمينية المتطرفة لهجمات باريس بإثارة التحريض ضد المسلمين واللاجئين. فهم ليسوا المسؤولين عن الارهاب لأنهم هربوا منه .

وفي هذا سجل "زيغمار جابرييل" رئيس الحزب الاشتراكي الألماني موقفا مريحا للاجئين حين صرح بأنه "يجب أن لا نسمح بأن يصبح القتلة من داعش مساعدة لتحريض اليمين الراديكالي الذي سيحاول استغلال ضحايا باريس لدعايته ضد اللاجئين المسلمين ."

وكانت قد بدأت بالظهور بعض الدعوات الرسمية بإغلاق الحدود الألمانية أمام اللاجئين عقب هجمات باريس، كان أبرزها دعوة "ماركوس زودر" وزير الاقتصاد في ولاية بافاريا.

هذه الدعوات قوبلت بالرفض من وزير الداخلية الألماني "توماس ديمزير" ودعا إلى عدم ربط الجدل الدائر في البلاد حول موضوع اللاجئين بالجريمة الإرهابية التي وقعت في فرنسا .

ويرى "أيمن مزايك" رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بأنه يجب انتقاد المبررات الدينية التي يرددها مرتكبو هجمات باريس حتى لا يسهموا في تكريس اختطاف القتلة للإسلام.

يذكر أن هناك تحذيرات رسمية بعدم ربط الإرهاب بالمسلمين واللاجئين القادمين إلى ألمانيا كما جاء على لسان نائب المستشارة الألمانية "سيغمار غابرييل" وأكد أن اللاجئين لا ذنب لهم باستخدام قتلة لدينهم لتهديد البشر وأوروبا .