أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (BBC)

تسعى مختلف البلدان حول العالم إلى تطبيق سياساتٍ للحفاظ على البيئة والكائنات الحيّة الموجودة. يكون ذلك من خلال إجراءات عديدة تتخذها الحكومات لمنع قتل الحيوانات، وذلك بعدما باتت أنواع كثيرة منها مهدّدة بالإنقراض.

إلاّ أنّ هذا الأمر يختلفُ تماماً في نيوزيلندا، التي تعمل على خطةٍ للحفاظ على البيئة، أساسها “القتل”.

كيف ذلك؟

في العام 2016، أعلن رئيس وزراء نيوزيلندا في ذلك الوقت جون كي أن “بلاده تسعى إلى أن تكون خاليةً من الحيوانات المفترسة بحلول 2050، ويندرج ذلك في إطار مبادرة تحت عنوان: “خالية من الضواري 2050”.

وفي الدخول في صميم الحملة، فقد تبيّن أنها تهدف لحماية الطيور التي تعد نيوزلندا موطنها الأصلي، بما في ذلك الكيوي الذي يُعتبر طائراً ورمزاً وطنياً للبلاد، وكذلك ببغاء البومة أو كاكابو. فهذان النوعان غير القادرين على الطيران، لم يتأقلما ويتكيفا على نحوٍ يكفل لهما حماية نفسيهما، نظراً إلى أنهما نشآ في بيئة خالية من الضواري. وواقعياً، فقد تراجعت أعداد طيور هذين النوعين بشكلٍ يعرضهما للخطر، بل وأصبح طائر الـ “كاكابو” الآن مُدرجاً على قائمة الكائنات المُعرضة بشدة لخطر الانقراض.

وتشكل نيوزلندا حالياً موطناً لـ3 أنواع من الكائنات الحية، التي تمثل خطراً مُدمراً على الطيور المحلية، وهي الجرذان وحيوان “ابن عرس قصير الذيل” وحيوان الـ “أبسوم”. وقد جُلِبَ الحيوانان الأخيران إلى نيوزيلندا لغرضين مُحددين، أولهما يتعلق بـ “الأبسوم” وتمثل في تأسيس تجارة للفراء عام 1837، أما الثاني فكان من نصيب حيوان “ابن عرس قصير الذيل” في عام 1879، وكان عبارةً عن محاربة الدمار الذي تلحقه الأرانب بمراعي ومروج الأغنام. كذلك، تتمتع حيوانات “ابن عرس قصير الذيل” بقدرةٍ رائعةٍ على السباحة، فبوسعها أن تسبح لمسافة كيلو ونصف الكيلومتر قبل أن تحتاج لنيل قسطٍ من الراحة.

ومع ذلك، فإنّ لهذين النوعيْن من الحيوانات تأثيرٌ سلبيٌ فادحٌ على الطيور المحلية. وانطلاقاً من هذا الأمر، يتضمن الهدف المرحلي الذي تسعى مبادرة نيوزيلندا “خالية من الضواري 2050” لتحقيقه بحلول عام 2025، القضاء على كل الحيوانات المفترسة المجلوبة من الخارج، والتي تعيش في المحميات الموجودة قبالة سواحل نيوزيلندا، وكذلك التوصل إلى ابتكارٍ علميٍ من شأنه الإجهاز الكامل على أحد الأنواع الحيوانية المُستهدفة. وتحظى المبادرة بدعمٍ شعبيٍ واسعٍ، كما كشفت عن ذلك دراسةٌ استقصائيةٌ أجرتها إدارة المحافظة على البيئة في نيوزيلندا، وشملت 8 آلا شخص. وأظهرت نتائج الدراسة أن 84% من المستطلعة آراؤهم، وافقوا على أن الكائنات الحية الضارة التي تُعتبر بمثابة آفاتٍ، تشكل خطراً كبيراً على جهود الحفاظ على البيئة في البلاد.

لكن موقف الرأي العام حيال هذه أساليب القتل ليسَ موحداً تماماً، إذ تحتاج بعض المجموعات على استخدام “سم 1080” (فلوروأسيتات الصوديوم)، وهو مادةٌ محظورةٌ في غالبية دول العالم، في ضوء الخطر الكبير الذي تُشكله على الحيوانات الثديية التي تعيش على البر، بما فيها القطط والكلاب. ولا يُستخدم هذا النوع من السموم سوى في ست دولٍ هي استراليا وإسرائيل واليابان وكوريا والمكسيك ونيوزيلندا.

ورغم أن المنظمات المعنية بحماية حقوق الحيوان تشن حملاتٍ ضد مواصلة استخدام ذلك السم، فإن إدارة المحافظة على البيئة في نيوزيلندا أعادت مؤخراً التأكيد على دعمها للاستعانة به. وفي هذا الصدد، اعتبرت الإدارة أن “اللجوء إلى استخدام هذا السم ضروريٌ للتعامل مع الحيوانات المفترسة المجلوبة من خارج البلاد، في المناطق التي يصعب الوصول إليها”.

وفكرة رش سمومٍ تختص بإبادة أنواع بعينها من تلك الكائنات لم تحظ بقبول سوى 52% من السكان. كما أن من رحب من النيوزيلنديين باللجوء إلى أساليب المكافحة الجينية لم تتجاوز نسبتهم 32%.

وتتضمن هذه الأساليب التلاعب بجينات الحيوانات، لتسريع حدوث تغييراتٍ بين قطعانها يُفترض أن تستغرق في الأحوال العادية أجيالاً متعددةً، والتحكم في هذه التحولات كذلك. كما أن اتباع مثل هذه الطرق الجينية محل جدال محتدم في الأوساط العلمية، في ضوء ما يقوله بعض العلماء من أن المضي على هذا الدرب سيخلق سابقةً خطيرةً، وسيقود على نحوٍ شبه حتمي إلى عواقب غير متوقعة.

مصدر الصورة: BBC

للمزيد:

كلبان يتقاضيان راتبا شهريا مقابل نشر صورهما على الإنترنت