ChatGPT .. تحول بين عشية وضحاها إلى أداة سهلة في يد الطلاب حول العالم

عندما تم إطلاق روبوت الدردشة الشهير ChatGPT في أواخر العام الماضي، سارعت بعض المدارس الثانوية إلى تطوير سياسات صارمة لمنع الطلاب من استخدام أداة الدردشة الآلية القوية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بسبب مخاوف من الغش في الواجبات الدراسية.

وتحول برنامج ChatGPT بين عشية وضحاها، إلى أداة سهلة في يد الطلاب حول العالم، تمكنهم من إنجاز واجباتهم الدراسية بمختلف أنواعها فقط بكبسة زر.

هذا التحول غير المسبوق في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الأكاديمية حول العالم، خشية استغلال هذه الأداة ذائعة الصيت كوسيلة للغش والانتحال الأكاديمي وسرقة الأفكار.

لكن الآن وبعد أكثر من عام من إطلاقه، تكشف دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة ستانفورد أن النسبة المئوية لطلاب المدارس الثانوية الذين يغشون تظل دون تغيير إحصائيًا مقارنة بالسنوات السابقة بدون ChatGPT.

ووجدت الجامعة، التي أجرت استطلاعًا بين الطلاب في 40 مدرسة ثانوية أمريكية، أن حوالي 60% إلى 70% من الطلاب انخرطوا في سلوك الغش في الشهر الماضي، وهو رقم مماثل أو حتى انخفض قليلاً منذ ظهور ChatGPT لأول مرة، بحسب الباحثين.

حالات فردية

من جانبه، قال فيكتور لي، رئيس هيئة التدريس في الذكاء الاصطناعي والتعليم بجامعة ستانفورد والذي ساعد في الإشراف على الاستطلاع: “على الرغم من وجود حالات فردية مثيرة للقلق في الأخبار حول استخدام ChatGPT في الغش، إلا أننا لا نرى سوى القليل من الأدلة على أن هذه الحالة منتشرة بالنسبة لطلاب المدارس الثانوية بشكل عام”، وفق شبكة “سي إن إن” الأمريكية.

وتأتي هذه النتائج في الوقت الذي أفاد فيه مركز “بيو” للأبحاث في الولايات المتحدة مؤخرًا أن 19٪ فقط من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عامًا استخدموا المنصة في الواجبات المدرسية، وقد سمع ثلثا المراهقين فقط عن ChatGPT.

وقال لي إن عدد الطلاب الذين يصلون إلى ChatGPT يمكن أن يتغير في المستقبل عندما يتعلمون المزيد عن التكنولوجيا.

ChatGPT

وكشف الاستطلاع أيضًا أن الطلاب يعتقدون أنه يجب السماح باستخدام الأداة لأغراض “البداية” في المهام، مثل مطالبتها بإنشاء مفاهيم أو أفكار جديدة لمهمة ما.

ومع ذلك، اتفق معظم المشاركين على أنه لا ينبغي استخدامه لكتابة ورقة بحثية.

فيما قال دينيس بوب، وهو محاضر كبير في كلية الدراسات العليا للتعليم بجامعة ستانفورد والذي ساعد أيضًا في الإشراف على الاستطلاع. : “يُظهر هذا أن غالبية الطلاب يرغبون حقًا في التعلم ويرون أن الذكاء الاصطناعي وسيلة لمساعدتهم”.

وتتضمن بعض الأسباب الرئيسية المذكورة التي تجعل الطلاب يغشون، صعوبة فهم مادة الموضوع، وعدم توفر الوقت الكافي لأداء الواجبات المنزلية، والشعور بالضغط من أجل أداء جيد، وفقا للباحثين.

تحويلات مستقبلية

فيما أشار فيكتور لي إلى أنه : “لم يمض سوى ما يزيد قليلاً عن عام على نجاح ChatGPT في جذب انتباه الجمهور، لذلك يجب علينا جميعًا أن نتوقع بعض التحولات بمرور الوقت في المدارس والعمل والحياة اليومية”.

وأضاف: “يعتمد الكثير على كيفية اختيار المدارس للتعامل مع الذكاء الاصطناعي كموضوع وأداة، مما قد يحرك الأمور في أي من الاتجاهين”.

وفي الوقت الحاضر، هناك المزيد من المدارس التي تشجع الطلاب بل وتعلمهم كيفية استخدام هذه الأدوات على أفضل وجه.

على سبيل المثال، تعد جامعة فاندربيلت من أوائل المؤسسات التعليمية التي اتخذت موقفًا قويًا في دعم الذكاء الاصطناعي التوليدي من خلال تقديم التدريب وورش العمل على مستوى الجامعة لأعضاء هيئة التدريس والطلاب.

وتم تقديم دورة تدريبية عبر الإنترنت مدتها ثلاثة أسابيع مدتها 18 ساعة هذا الصيف وشارك فيها أكثر من 90 ألف طالب.

خبرة لا يمكن تجاهلها

ومع توقع المزيد من الخبراء استمرار تطبيق الذكاء الاصطناعي، يخشى الأساتذة أن يؤدي تجاهله أو تثبيط استخدامه إلى الإضرار بالطلاب وترك الكثيرين وراءهم عند دخولهم سوق العمل.

“لا يمكن تجاهل ذلك”، قال جولز وايت، الأستاذ المشارك في علوم الكمبيوتر بجامعة فاندربيلت، لشبكة “سي إن إن”.

وأضاف: “أعتقد أنه من المهم للغاية أن يصبح الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والخريجون خبراء في مجال الذكاء الاصطناعي لأنه سيحدث تحولًا كبيرًا في كل الصناعات المطلوبة، لذا فإننا نقدم التدريب المناسب.”

ChatGPT

وعلى الرغم من أن المخاوف بشأن الغش لا تزال موجودة، إلا أن وايت قال إنه يعتقد أن الطلاب الذين يرغبون في السرقة الأدبية لا يزال بإمكانهم البحث عن طرق أخرى مثل ويكيبيديا أو البحث على غوغل.

وبدلاً من ذلك، قال إنه يجب تعليم الطلاب أنه “إذا استخدموها بطرق أخرى، فسيكونون أكثر نجاحًا بكثير”.

وتقدم جامعة ستانفورد أيضًا مركزًا عبر الإنترنت يحتوي على موارد مجانية لمساعدة المعلمين في شرح لطلاب المدارس الثانوية ما يجب فعله وما لا يجب فعله عند استخدام الذكاء الاصطناعي.

وفي غضون ذلك، قال الباحثون إنهم سيستمرون في جمع البيانات طوال العام الدراسي لمعرفة ما إذا كانوا يجدون دليلاً على أن المزيد من الطلاب يستخدمون ChatGPT لأغراض الغش.

وقال بوب: “لم يتم التوصل إلى قرار بعد، لكن بياناتنا الحالية تظهر أن الطلاب لا يريدون بالضرورة استخدامها لاختصار عملية التعلم بقدر ما يريدون استخدامها لتعزيز تعلمهم”.

دليل المعلمين لاستخدام ChatGPT بأمان

وسط استمرار حالة عدم اليقين، والاهتمام المتزايد التي تحيط باستخدام ChatGPT في الفصول الدراسية، أصدرت “OpenAI” في سبتمبر الماضي، دليلًا جديدًا للمعلمين حول كيفية استخدام الروبوت في الفصول الدراسية، لمساعدة المعلمين على دمج أداة الذكاء الاصطناعي التوليدية بشكل فعال في تعلم طلابهم.

ويوفر الدليل معلومات حول كيفية استخدام ChatGPT لدعم التخطيط للدروس، والمساعدة في توفير التعليقات، والتفاعل مع الطلاب.

ويتضمن الدليل ردًا على مجموعة من الأسئلة الشائعة للمعلمين حول استخدام ChatGPT في الفصول الدراسية، مثل كيف يمكن للمعلمين البدء باستخدام ChatGPT؟ وهل روبوت الدردشة يقول الحقيقة؟ وهل هو آمن لجميع الأعمار؟ وغيرها.

يأتي ذلك بالإضافة إلى مطالبات تعليمية لدعم المعلمين المهتمين الذين يبحثون عن طرق لدمج ChatGPT في بيئات التعلم أو تخطيط الفصول الدراسية الخاصة بهم.