ناسا تعلن وصول أكبر عينة للتربة على الإطلاق جُمعت من كويكب

أعلنت وكالة الفضاء والطيران الأمريكية “ناسا“، وصول أكبر عينة للتربة على الإطلاق جُمعت من كويكب ليستفيد منها العلماء، في حدث علمي “تاريخي”.

واخترقت كبسولة تابعة لـ”ناسا” الغلاف الجوي للأرض وهبطت في صحراء ولاية يوتا الأمريكية، الأحد، حاملة على متنها ما وُصف بـ”أخطر صخرة معروفة في النظام الشمسي” إلى الأرض.

وانفصلت الكبسولة عن المركبة الروبوتية “أوزيريس ريكس”، بينما كانت الأخيرة تمر على ارتفاع 67 ألف ميل من الأرض، لتضع رحالها داخل منطقة هبوط محددة غرب سولت ليك سيتي في منطقة الاختبار والتدريب التابعة للجيش الأمريكي بولاية يوتا.

وجاء هذا الهبوط للكبسولة، الذي أذاعته وكالة “ناسا” في بث مباشر، ليتوج مهمة مشتركة لدراسة الصخرة بين “ناسا” وجامعة أريزونا.

وجُمعت العينات من سطح الكويكب “بينو” في عام 2020 بواسطة المركبة الفضائية “أوزيريس ريكس”.

تُعد مهمة “أوزيريس ريكس” مهمة لفهم الكويكبات ومخاطرها المحتملة على الأرض. من خلال دراسة كويكب بينو، سيتمكن العلماء من معرفة المزيد عن تكوين الكويكبات وتاريخها وكيفية تطورها.

المهمة الأكبر على الإطلاق

وانطلقت مهمة “أوزيريس ريكس” من الأرض في سبتمبر 2016 وحلقت أعلى كويكب “بينو” في ديسمبر 2018 وأمضت عدة أعوام في تحليل سطحه ودراسته بدقة.

وهذه العينة هي الثالثة التي تُنقل من كويكب إلى الأرض لتحليلها وذلك بعد مهمتين مماثلتين لوكالة الفضاء اليابانية انتهيتا في 2010 و2020، لكن هذه العينة هي الأكبر على الإطلاق.

ما هو الكويكب “بينو”؟

يُعتبر الكويكب “بينو” هوَ الهدف الأساسي المركبة أوسيريس-ريكس والتي تَهدف لِجلب عينات من الكُويكب ثُم العودة إلى الأرض لدراستها عام 2023.

وجمعت المركبة “أوزيريس ريكس” عينتها قبل 3 سنوات من كويكب بينو وهو كويكب صغير غني بمركبات الكربون اكتشف في 1999.

ويتشكل “بينو” فيما يبدو من مجموعة مفككة من الصخور ويبلغ عرضه 500 متر فقط، لكنه صغير مقارنة مع كويكب “تشيكسولوب” الذي ضرب الأرض قبل نحو 66 مليون عام وقضى على الديناصورات.

ويقع كويكب “بينو” في حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري، ويدور “بينو” حول الشمس ويقترب من الأرض كل 6 سنوات، إلا أن احتمالات الاصطدام بعيدة.

وثمة خطر ضئيل (نسبته واحد من 2700) أن يصطدم “بينو” بالأرض سنة 2182، وهو ما قد يُحدث تأثيراً كارثياً.

وقد يكون توفير مزيد من المعطيات عن تكوينه مفيداً. وفي العام الفائت، تمكنت “ناسا” من حَرف كويكب عن مساره من خلال اصطدام مركبة به.

ما حجم العينة؟

وحسب “ناسا”، يُقدر حجم العينة التي تم جمعها من “بينو” بنحو 250 غرامًا، وهو ما يتجاوز بكثير العينة المنقولة من كويكب ريوجو عام 2020 وبلغت 5 غرامات تقريباً والعينة الضئيلة التي جاءت من كويكب إيتوكاوا في 2010.

وقد لُفت الكبسولة ووضعت في شباك رفعتها مروحية لنقلها إلى “غرفة نظيفة” مؤقتة.

كما ينبغي تعريض الكبسولة إلى رمال الصحراء الأمريكية لأقصر فترة ممكنة، وذلك لتجنب أي تلوث للعينة يمكن أن يشوه التحليلات اللاحقة.

وبمجرد تأمين الكبسولة، ستنقل العينة جواً إلى “غرفة نظيفة” بمنطقة الاختبار والتدريب في يوتا للفحص الأولي.

ومن المقرر نقل العينة، إلى مركز جونسون للفضاء التابع لـ”ناسا” في هيوستن بولاية تكساس، حيث سيُفتح الصندوق، في غرفة أخرى محكمة الإغلاق، في عملية ستستغرق أياماً.

ولن تخضع كل العيّنات للتحليل فوراً، بل سيُترك قسم منها لتمكين الأجيال المقبلة من دراستها بتقنيات جديدة، وهذا ما طُبّق أيضاً على العيّنات التي أحضرها من القمر رواد الفضاء في بعثات “أبولو” والتي يُحفظ معظمها في مركز جونسون للفضاء.

وسيُستخدم حوالى 25% من العينة على الفور لإجراء تجارب، كما سيُشارَك جزء صغير مع اليابان وكندا، وهما شريكتان في المشروع.

وسيتم تقسم العينة إلى عينات أصغر كي يستفيد بها نحو 200 عالم في 60 مختبرًا حول العالم.

هل العينة كافية؟

وقد لا يبدو هذا الحجم كبيرًا، لكن بالنسبة لأنواع الاختبارات التي تريد فرق “ناسا” إجراؤها، فهي أكثر من كافية.

وقال دانتي لوريتا، الباحث الرئيسي في مهمة “أوزيريس ريكس”: “بعض أدواتنا تفحص الذرات التي تشكل البلورات داخل هذه الصخور”.

وأضاف لـ”بي بي سي نيوز”: “عندما تعمل على هذا النطاق، فإن الحجر الواحد يمثل مساحة لا نهاية لها لاستكشافها. وسنعمل على هذه المواد لعقود وعقود من الزمن في المستقبل”.

ما أهمية دراسة تلك العينة؟

من جانبه، أكد رئيس وكالة “ناسا” بيل نيلسون، أن العينة القادمة من كويكب “بينو” من شأنها أن “تساعدنا على فهم أفضل لأنواع الكويكبات التي يمكن أن تهدد الأرض”، وتلقي الضوء على “البداية الأولى لتاريخ مجموعتنا الشمسية”.

فيما قالت العالمة في “ناسا” إيمي سايمون لوكالة الأنباء الفرنسية إن “وصول هذه العينة أمر تاريخي حقاً”، مضيفة “ستكون هذه أكبر عينة ننقلها إلى الأرض منذ الصخور القمرية” ضمن برنامج أبولو الذي انتهى في عام 1972″.

وتحظى الكويكبات بالاهتمام لأنها تتكون من المواد الأصلية للنظام الشمسي منذ 4,5 مليارات سنة. وبينما لحق تغيّر بهذه المواد على الأرض، بقيت الكويكبات سليمة.

وقال كبير علماء المهمة في جامعة أريزونا دانتي لوريتا إن “بينو” غني بالكربون، والعينة التي أُحضرت “قد تمثل بذور الحياة التي حملتها هذه الكويكبات في بداية كوكبنا، والتي أدت إلى هذا المحيط الحيوي المذهل”.