منتخب إسبانيا للسيدات.. تمرد انتهى بالتتويج باللقب

أُسدِل الستار على منافسات بطولة كأس العالم للسيدات 2023، بتتويج المنتخب الإسباني بطلاً للعالم لأول مرة في تاريخه، بعد الفوز في النهائي على إنكلترا بهدف دون رد، لتكتب الإسبانيات تاريخًا جديدًا في المونديال المميز الذي أقيم في أستراليا ونيوزيلندا.

ودخلت إنكلترا نهائي مونديال السيدات وهي تحلم بالسيطرة على العالم وإضافة اللقب إلى تتويجها الأوروبي، لكن خسارتها أمام إسبانيا 0-1 والطريقة التي لعبت بها، كانتا بمثابة عودة إلى أرض الواقع ستطاردها ومدربتها الهولندية سارينا فيخمان، فيما شكلتا انتصارًا كبيرًا في وجه ”المتمرّدات“ لمدرب ”لا روخا“ خورخي فيلدا.

وجاء انتصار إسبانيا المستحق على أبطال أوروبا رغم أنها افتقدت للعديد من اللاعبات المؤثرات جدًا بسبب تمرّدهن في خطوة احتجاجية ضد الاتحاد الإسباني لكرة القدم والمدرب فيلدا.

وكان هناك استياء منذ فترة بين العديد من اللاعبات والاتحاد الإسباني للعبة وفيلدا بسبب مسائل عدة، بينها أجواء المعسكر التدريبي، صرامة المدرب وعدم توفيق الفريق تحت قيادته منذ بدء مشواره عام 2015، والخلافات حول ترتيبات السفر وأعداد الطواقم.

وانفجر الوضع في أيلول/سبتمبر الماضي حين أرسلت 15 لاعبة رسالة إلكترونية إلى الاتحاد الإسباني طالبن فيها بعدم استدعائهن إلى المنتخب الوطني بسبب المشاكل التي تؤثر على ”الحالة العاطفية“ للاعبات.

قصة منتخب إسبانيا للسيدات.. من التمرد على المدرب إلى التربع على عرش العالم

وأشارت وسائل إعلام إسبانية حينها إلى أن عددًا من اللاعبات يرغبن في رحيل المدرب خورخي فيلدا.

وفي المقابل، أكد الاتحاد المحلي أنه لن يسمح ”للاعبات بالتشكيك في استمرارية المدرب الوطني وطاقمه الفني، لأن اتخاذ هذه القرارات ليس من اختصاصهن“.

وأضاف مندداً بما حصل: ”(نحن) لن نستدعي اللاعبات اللواتي لا يرغبن في ارتداء قميص إسبانيا. سيشرك الاتحاد فقط اللاعبات المتحمسات، حتى لو كان ذلك يعني اللعب مع شابات“.

وتابع: “هو وضع غير مسبوق في تاريخ كرة القدم، إن كان لدى الرجال أو السيدات، في إسبانيا أو في كل أنحاء العالم“.

ورد فيلدا في حينها بالقول: ”هذه مهزلة على المسرح العالمي. هذا يضر بالكرة النسائية“.

قصة منتخب إسبانيا للسيدات.. من التمرد على المدرب إلى التربع على عرش العالم

وحينها ذكرت إذاعة كوبيه الإسبانية، أن من بين اللاعبات اللواتي يطالبن برحيل المدرب لاعبات برشلونة كل من باتري غويجارو، مابي ليون، ساندرا بانوس، ايتانا بونماتي، كلوديا بينا وماريونا كالدينتي.

مضيفة أن قائمة الأصوات المعارضة تضم أونا باتيي ولوسيا غارسيا من مانشستر يونايتد الانكليزي، بالإضافة إلى لاعبتي مانشستر سيتي ليلى أواهابي ولايا أليكساندري.

وغابت باتري غويخارو التي سجلت هدفين في فوز برشلونة على فولفسبورغ الألماني 3-2 في نهائي دوري أبطال أوروبا، وزميلتاها في الفريق الكتالوني مابي ليون وساندرا بانوس.

قصة منتخب إسبانيا للسيدات.. من التمرد على المدرب إلى التربع على عرش العالم

وكانت هناك ثلاث لاعبات من المجموعة المحتجة المكوّنة من 15 لاعبة، وهن أيتانا بونماتي وماريونا كالدينتي وأونا باتلي وجميعهن من برشلونة أيضًا، لكنهن عدن إلى المنتخب لأنهن يشعرن بالرضا، أقله ظاهريًا، حيال التحسينات في المجالات التي طالبت بها اللاعبات.

وعلى الرغم من ذلك، قد يقول منتقدو فيلدا إن إسبانيا فازت بلقب المونديال الذي استضافته أستراليا ونيوزيلندا، بالرغم منه وليس بسببه.

وبالنسبة لفيلدا، البالغ 42 عامًا، فإن الفوز باللقب العالمي كان انتصارًا شخصيًا، لاسيما بعد التشكيك بمؤهلاته من قبل ”المتمرّدات“.

قصة منتخب إسبانيا للسيدات.. من التمرد على المدرب إلى التربع على عرش العالم

اللاعبات يحملن فيلدا بعد التتويج. مصدر الصورة: رويترز

وأشار فيلدا الذي رفض الإفصاح عما إذا كان سيبقى في منصبه، إلى أن الهزيمة المذلة التي تلقاها فريقه ضد اليابان (0-4) في دور المجموعات، كانت بمثابة ”نقطة تحول“، مضيفًا: ”جعلتنا نقوم برد فعل. تغيَّر الفريق، حَسَّنت اللاعبات أداءهن. ذهنيتهن باتت أقوى“.

وتابع: ”كانت (الهزيمة أمام اليابان) أحد الأسباب التي دفعتنا للوصول الى النهائي والفوز به“.

قصة منتخب إسبانيا للسيدات.. من التمرد على المدرب إلى التربع على عرش العالم

فيلدا يحتفل باللقب العالمي. مصدر الصورة: رويترز

تتويج منتخب إسبانيا رغم الخلافات التي نشبت بين اللاعبات والمدرب، جاء خلافًا لما جرت عليه عادات كرة القدم، إذ يخبرنا التاريخ عن انفراط عقد أي فريق، سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات، عندما يشتعل الخلاف بين اللاعبين والمدرب، وفي العادة أيضًا ينتهي الأمر برحيل المدرب وبقاء اللاعبين، على عكس ما حدث في حالة المنتخب الإسباني للسيدات.

وللتعليق على الأمر، قال الصحفي الرياضي خالد مصطفى لـ ”أخبار الآن“: ”منتخب إسبانيا بات خامس فريق يفوز بكأس العالم للسيدات، بعد الولايات المتحدة البطلة في أربع مناسبات، وألمانيا البطلة مرتين، مع فوز واحد لكل من النرويج واليابان، وهذا الفوز لم يكن مفاجئًا فقط بسبب التاريخ المتواضع للفريق في البطولة، ولكن أيضًا بسبب الاضطرابات خارج الملعب، بعد رفض 15 لاعبة المشاركة مع المنتخب العام الماضي، مطالبات برحيل المدرب خورخي فيلدا، غابت منهن 12 لاعبة عن المونديال بالفعل، وبقي فيلدا وقاد الفريق للتتويج“.

قصة منتخب إسبانيا للسيدات.. من التمرد على المدرب إلى التربع على عرش العالم

فيلدا قاد المنتخب الإسباني لإنجاز تاريخي. مصدر الصورة: رويترز

وأضاف: ” فوز إسبانيا سيشجع اللاعبات الإسبانيات على محاولة تكرار الإنجاز، خاصة مع التفوق على مستوى الشابات وجمع مونديال الكبار مع موندياليّ تحت 17 و20 عامًا، وإجمالاً فمنتخبات الدول الكبرى في عالم اللعبة سيصبح هناك اهتمام أكبر بها في بلدانها، أيضًا بعد تأهل أستراليا لأول مرة في تاريخها لنصف نهائي البطولة، التي باتت الآن أكبر“.

وعن تألق لاعبات إسبانيا، قال: ” ورغم تسجيل تسع لاعبات مختلفات لأهداف في البطولة من جانب منتخب إسبانيا، لم تكن من بينهن أفضل لاعبة في العالم آخر سنتين أليكسيا بوتياس، التي غابت عن التهديف في كل مباريات منتخب بلدها السبع في كأس العالم 2023، إلا أن لاعبات أخريات تألقن، منهم أيتانا بونماتي التي فازت بجائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعبة، مع حصول زميلتها جينيفر هيرموسو بالكرة الفضية كثاني أفضل لاعبة، كما فازت سلمى بارايويلو ذات الـ 19 عامًا بجائزة أفضل لاعبة شابة“.