لمَ فشلت مسيرات إيران بالعثور على طائرة الرئيس الإيراني؟

يندرج حادث تحطم مروحية الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي ضمن قائمة الحوادث التاريخية التي سوف يكون لها انعكاسات على الوضع الإيراني، وسوف تكون محط نقاش وتساؤل لسنوات قادمة.

وكان فُقد الاتصال مع رئيسي، ظهر الأحد، ولم تصل عمليات البحث عنه، التي زادت عن 12 ساعة، إلى أي نتيجة حتى فجر يوم الاثنين، بعدما تمت الاستعانة بالمسيرة التركية “بيرقدار أقنجي” لتحديد موقع حطام الطائرة.

هذه التطورات تناقضت، بشكل نافر، مع حقيقة “أن الحرس الثوري الإيراني يزود روسيا بطائرات بدون طيار من طراز شاهد لمهاجمة البنية التحتية المدنية في أوكرانيا”، بحسب ما أعلنته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين العام الماضي. فما سرّ هذا التناقض في صورة إيران؟ وهل تصحّ المقارنة في هذه الحالة؟

يؤكد رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية سمير راغب في حديث خاص لموقع “أخبار الآن” أن المسيرات الهجومية التي تصنّعها إيران تختلف من حيث التكنولوجيا عن سائر المسيرات، لافتاً إلى أنه هناك أنواع عديدة من هذه الطائرات الذكية.

وأشار إلى أن برنامج المسيرات الإيراني هو مسيرات انتحارية هجومية وبالتالي لا تحمل أجهزة الاستشعار، بل أجهزة الملاحة التي تسمح لها بالوصول إلى هدفها.

خبير عسكري لـ"أخبار الآن": تحطم طائرة الرئيس الإيراني مؤامرة كبرى أو إهمال غير مسبوق

وكان وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف قد حمّل الولايات المتحدة مسؤولية الحادث الذي تعرّض له رئيسي، معتبراً أن خطأ تحطم المروحية الرئاسية يقع على أميركا التي حظرت بيع الطائرات وقطع غيار الطيران لبلاده، على الرغم من قرار محكمة العدل الدولية، حسب ما نقلت عنه وسائل إعلام إيرانية.

في هذا السياق، أوضح العميد سمير راغب أن العقوبات الغربية المفروضة على إيران تحد من قدرتها على تصنيع المسيرات المجهزة بأنظمة اتصالات الأقمار الصناعية والرادار، ولكنها لا تحد من قدرتها على تصنيع مسيرات هجومية، وذلك لأن المسيرات الهجومية تُصنع بطريقة “بدائية”، بحسب راغب، بما أنها مؤلفة من بدن معدني خفيف، ومحرك رباعي الأشواط يعمل بالبنزين بالاضافة إلى المروحية، والقنبلة التي تُركب فوقها والـGPS الذي يجعلها تصل وجهتها، وهذا الأمر مختلف تماما عن المسيرات الأخرى، بحسب راغب.

ولفت الخبير العسكري، عبر “أخبار الآن”، إلى أن القيود على التكنولوجيا هي التي تقف عائقاً أمام التنويع في تصنيع المسيرات، وهذا ما لا يحصل مع تركيا التي يمكنها شراء المواد الأولية الضرورية للمسيرات خصوصاً أنها عضو في حلف الناتو.

خبير عسكري لـ"أخبار الآن": تحطم طائرة الرئيس الإيراني مؤامرة كبرى أو إهمال غير مسبوق

وقال: إما أننا نتحدّث عن مؤامرة كبرى، إما عن إهمال غير مسبوق، لا أرى أن الوضع طبيعي.

وأضاف: موضوع العقوبات مبالغ فيه، لأنه من السهل جداً أن يتم شرء طائرة رئاسية جديدة من السوق المحلي، ووارد جداً أن يكون هناك عطل في الطائرة.

وتحدّث راغب عن جهاز ELT electronic locator transmit وهو الذي يقوم بإرسال إحداثيات الطائرة عندما تكون في حالة طوارئ، ولفت إلى أن هذا الجهاز لم يكن يعمل في طائرة الرئيس الإيراني، قائلاً إلى أنه من الممكن أن يكون ذلك عن عمد أو يمكن أن يكون عن سوء صيانة واهتمام.

إيران في موقف محرج

في المقابل، يرى محلل الدفاع في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في بريطانيا، فابيان هينز، أن ما شهدته عمليات البحث والإنقاذ عن رئيسي، مع عدم تسجيل أي دور فاعل لمسيرات إيران “أمرٌ محرج بعض الشيء”.

ويستند على فكرة “الحرج” بقوله لإحدى وسائل الإعلام العربية: “عندما تستثمر بكثافة في برنامج الطائرات من دون طيار الخاص بك وتستخدمه كمصدر فخر لبلدك، ثم يتعين عليك بعد ذلك استخدام مساعدة الأتراك (بطائرة أكنجي) للمساعدة في العثور على الحطام!”.

خبير عسكري لـ"أخبار الآن": تحطم طائرة الرئيس الإيراني مؤامرة كبرى أو إهمال غير مسبوق

الخبير الأمني المتابع بدقة لآخر صرعات الطائرات من دون طيار، يعتقد أن إحدى المشكلات الرئيسية للزج بالمسيرات في جهود البحث والإنقاذ أن الجهة التي تريد ذلك “يجب أن تحتاج إلى أجهزة استشعار عالية الجودة”.

ويوضح أن “الطائرة من دون طيار شيء، وأجهزة الاستشعار المستخدمة فيها شيء مختلف”، خاصة عندما يتعلق الأمر، على سبيل المثال، بكاميرات التصوير الحراري، وكاميرات التصوير بالأشعة تحت الحمراء.

ولا تتمتع الطائرات المسيّرة الإيرانية بجودة على صعيد أجهزة الاستشعار، قياسا بغيرها من الطائرات من دون طيار الأخرى، وفق الباحث.

وفي حين يضع هينز هذه القضية كأحد الأسباب التي تقف وراء غياب دور “المسيرات الإيرانية” يشير إلى عوامل أخرى أيضًا.

مسيرات لفرض الحجاب

وقبل أيام من حادثة تحطم طائرة الرئيس الإيراني، نفذت السلطات الإيرانية مراقبة بطائرات بدون طيار على جزيرة كيش في الجنوب الإيراني لفرض قوانين الحجاب الإلزامية في البلاد، كما ظهر في مقطع فيديو نشرته وسائل الإعلام الإيرانية.

وتُظهر اللقطات رجال إنفاذ القانون يواجهون النساء ويوقفونهن في الأماكن العامة، مما يؤدي إلى تصعيد تطبيق الحجاب الإلزامي.

وأثارت أخبار المراقبة ردود فعل عنيفة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أدان العديد من المستخدمين تكتيكات الحكومة.

وقد عقد المنتقدون أوجه تشابه بين استخدام الطائرات بدون طيار الإيرانية لأغراض عسكرية في أوكرانيا وضد إسرائيل – واستخدامها المحلي الحالي ضد النساء الآن لفرض قواعد اللباس، في حين انضمت حادثة طائرة رئيسي إلى محور الانتقاد بعدما اضطرت إيران للجوء إلى تركيا بحثاً عن تكنولوجيا تحدد موقع الرئيس الراحل.