بين التحفيز والتهديد.. قائمة من أساليب بوتين للتلاعب في الانتخابات الرئاسية

من الطعام المجاني والترفيه داخل مراكز الاقتراع إلى التهديدات والقمع، بهذه الحيل استطاعت السلطات الروسية من حشد الناخبين إلى صناديق الاقتراع للتصويت لصالح فلاديمير بوتين في الانتخابات الرئاسية.

وأظهرت وثائق مسربة من الكرملين أن الأخير يريد أن يفوز بوتين بنسبة 80% من الأصوات على نسبة مشاركة عالية لإثبات أن الروس يدعمون حربه في أوكرانيا، بحسب ما نقلت صحيفة “التلغراف” البريطانية.

وللقيام بذلك، أكّد المحللون أن السلطات الروسية قامت ببناء مجموعة أدوات للتلاعب بالأصوات.

أساليب بوتين للتلاعب بالانتخابات الرئاسية.. وأصوات معارضة رغم القمع

وقال بن نوبل، الأستاذ المشارك في الدراسات الروسية في جامعة كاليفورنيا: “تستخدم السلطات عناصر مختلفة من قائمة التلاعب الخاصة بها لتأمين النتائج التي تريدها”.

يمكن تقسيم هذه التقنيات إلى ثلاث فئات: تحديد المرشحين؛ تحديد الناخبين؛ وتثبيت النتيجة.

وتشتمل الفئة الأولى على تقليص عدد المرشحين إلى قائمة “يوافق عليها الكرملين” ويرأسها بوتين بطبيعة الحال. ففي هذا العام تم استبعاد اثنين من المرشحين المناهضين للحرب في أوكرانيا لأسباب قيل إنها فنية، الأمر الذي سمح لبوتين بالتغلب على المعارضين المزيفين الذين يدعمون سياساته على أية حال.

والأمر الأكثر تعقيداً هو المرحلة الثانية من خطة الكرملين: سحب الأصوات.

هنا، أمر الكرملين مراكز الاقتراع بالبقاء مفتوحة لمدة ثلاثة أيام اعتبارًا من يوم الجمعة، وخلط أسلوبه المفضل المتمثل في توجيه ملايين موظفي الدولة إلى صناديق الاقتراع مع حل التصويت الإلكتروني التكنولوجي.

وقالت ممرضة تعيش في روسيا لصحيفة التلغراف إنها تلقت أوامر بالتصويت، تمامًا كما فعلت في الانتخابات الرئاسية لعام 2018. وإذا لم تتمكن من إثبات أنها صوتت، فسيتم خصم أجرها.

أساليب بوتين للتلاعب بالانتخابات الرئاسية.. وأصوات معارضة رغم القمع

وقالت عن انتخابات 2018: “كان علينا أن نرسل صور بطاقة اقتراعنا إلى قائد فريقنا”.

والآن، أصبح الناخبون ملزمين بالتسجيل في مراكز الاقتراع الخاصة بهم باستخدام جوازات سفرهم، وكذلك إبلاغ الموقع الإلكتروني الذي أنشأه حزب روسيا المتحدة، حزب بوتين السياسي، بأنهم أدلوا بأصواتهم.

وينظر الكرملين أيضًا إلى التصويت الإلكتروني باعتباره أمرًا حيويًا لتعزيز نسبة الإقبال، وذهب إلى حد نشر مقطع فيديو لبوتين وهو يصوت على جهاز الكمبيوتر الخاص به في الكرملين عندما جرب النظام في سبتمبر/أيلول في الانتخابات الإقليمية.

وقالت مجموعات مراقبة الأصوات إن التصويت الإلكتروني من السهل التلاعب به، وهو الآن ركيزة حيوية لاستراتيجية الكرملين الثالثة للتلاعب بالتصويت: التلاعب بالنتيجة.

وقال ستانيسلاف أندريشوك، الرئيس المشارك لمنظمة “جولوس” المستقلة لمراقبة التصويت في روسيا، إنه على الرغم من الادعاءات بأنها مخزنة في شبكة بلوكتشين غير قابلة للكسر، إلا أن مبرمجي الكرملين يمكنهم تزوير الأصوات.

وقال: “يمكن للمبرمجين التدخل في عمل النظام أثناء التصويت”.

لكن الأمر لم يكن سهلاً بالنسبة للكرملين. لم تعتبر تجربة التصويت الإلكتروني في سبتمبر ناجحة، حيث ذكر تقرير في قناة ميدوزا، وهي قناة إخبارية روسية معارضة في المنفى، أن الكرملين يواجه صعوبات في بناء النظام بسبب العقوبات الغربية.

أساليب بوتين للتلاعب بالانتخابات الرئاسية.. وأصوات معارضة رغم القمع

لكن تزوير التصويت لا يقتصر على التصويت الإلكتروني فحسب. كما أنها تنطوي على حشو صناديق الاقتراع، والضغط، وساعات من الدعاية المتشددة. وذكرت التقارير الواردة من مراكز الاقتراع الإقليمية بالفعل أن المراقبين يطلبون من الناس التصويت لصالح بوتين.

وقال فلاديمير جيلمان، أستاذ الدراسات الروسية في جامعة هلسنكي، في ورقة بحثية على الإنترنت للمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، إنه على الرغم من أنه لم يتقن فن التلاعب بالأصوات، فقد حقق الكرملين تقدمًا هائلاً منذ فوز بوتين بمنصبه في الانتخابات الأولى في عام 2000.

وقال: “تمثل روسيا المعاصرة مثالا رئيسيا على الاستبداد الانتخابي: نظام غير ديمقراطي، تستمد شرعيته من إجراء انتخابات غير حرة وغير عادلة ومتعددة المرشحين ومتعددة الأحزاب”.

صبغة ونار.. اعتراضاً

رغم أساليب التلاعب والقمع الذي نفذته السلطات الروسية، خرجت بعض الأصوات الروسية المعارضة من داخل مراكز الاقتراع.

فقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديوهات لسيدة تصب الصبغة أو الحبر فوق صندوق الاقتراع، في العاصمة الروسية موسكو.

وفي مركز اقتراع آخر، أضرمت إحدى السيدات النيران بالعازل المخصص للتصويت، وقد نشرت فيديوهات لاحقة تظهر أنه تم اعتقالها من قبل الشرطة الروسية.

وفي حين سُجلت حالات إضرام النيران في مراكز انتخاب أخرى، ظهرت امرأة في أحد المقاطع المصورة أثناء رميها لقنبلة مولوتوف على مركز للاقتراع في سان بطرسبيرغ، فيما تم اعتقاله لاحقاً.