جثث بالشوارع وصراعات متجددة.. كيف يبدو المشهد في الجنينة السودانية؟

في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور في السودان، يستذكر أبكر هارون، عضو مجموعة مكلفة بدفن جثث الضحايا بأنه عمل من الساعة 8 صباحًا حتى 6 مساءً مع زملائه لدفن الناس في مقبرة بحي الشاطئ.

هذه المقبرة، وغيرها من المقابر الجماعية جاءت نتيجة القتال العنيف بين القبائل في الجنينة، والذي أدى مطلع تموز 2023 إلى نزوح آلاف الأشخاص إما إلى تشاد، إما إلى بلدة أرداماتا حيث تعرض كثر إلى إطلاق النار  بينما كانوا على الطريق المؤدي إلى تلك البلدة.

تروي سامية عثمان هو اسم مستعار لسيدة سودانية، أنها أحصت 117 جثة أمام بيتها، وقالت: “كنا نقفز فوق الجثث للوصول إلى منازلنا”.

وسط هذه الأجواء، تبدو الجنينة وكأنها مدينتان في مدينة واحدة، إذ تنتشر في أجزاء منها مقابر جماعية ومركبات مدرعة مهجورة وأطفال بلا مأوى، بينما تتواجد في مناطق أخرى مطاعم وأسواق، وسيارات حديثة الصنع يطلق عليها اسم “كينجانجيا”، أي “المسروقة” باللهجة المحلية، بسبب عدم وجود لوحات أرقام عليها.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بزعامة، محمد حمدان دقلو في منتصف أبريل من العام المنصرم، شهدت مدينة الجنينة “مجزرتين كبيرتين”، وفقا لتقرير لصحيفة “غارديان” البريطانية.

وقد أصبحت بعض المناطق في وسط المدينة شبه مهجورة بعد أن كان النازحون بسبب الصراع في أماكن أخرى من دارفور، يتجمعون في المباني الحكومية فيها، فيما تحمل المباني آثار الحرائق وثقوب الرصاص على جدرانها، نتيجة القتال.

ولمدة شهرين من منتصف أبريل، ثم مرة أخرى لمدة أسبوع في أوائل نوفمبر، عانت الجنينة من القتال الذي تطور بسرعة على الخطوط القبلية.

وفي ديسمبر الماضي، خلصت الولايات المتحدة، إن الأطراف المتحاربة في السودان “ارتكبت جرائم حرب”، معتبرة أن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها “متورطة في التطهير العرقي” في غرب دارفور.

وحينها، أكدت سفيرة الولايات المتحدة المتجولة للعدالة الجنائية العالمية، بيث فان شاك، أنه استنادا إلى مراجعة دقيقة للحقائق وتحليل قانوني، خلص وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مؤخرا إلى أن أفراداً من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ارتكبوا جرائم حرب.

رائحة الموت تفوح من الشوارع.. الجنينة السودانية تعاني من آثار القتال العنيف

كما أكد بلينكن أن أعضاء قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معهم ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً في دارفور.

وحاليا، يأتي التهديد الأكبر في الجنينة من الجو، ففي الوقت الذي يكافح فيه لوقف تقدم قوات الدعم السريع، شن الجيش حملات قصف على الأراضي التي تسيطر عليها تلك الميليشيات، مما أدى إلى نزوح جماعي جديد للسكان المدنيين.

وقالت ليني كريستيان، من برنامج الأغذية العالمي: “الوضع في السودان اليوم أقل ما يوصف به أنه كارثي”.

وتابعت: “لقد تأثر ملايين الأشخاص بالنزاع ويكافحون من أجل إطعام أسرهم. إننا نتلقى بالفعل تقارير عن أشخاص يموتون جوعا، لكن تحديات الوصول تجعل من الصعب للغاية الدخول إلى المناطق التي يحتاج فيها الناس إلى مساعدتنا العاجلة”.