انتخابات روسيا بلا معارضة بعد إغلاق باب الترشح للرئاسة الروسية

أُغلق باب الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في روسيا في مارس، واقتصرت لائحة المرشحين على 4 أشخاص، من بينهم الرئيس الحالي فلاديمير بوتين، في تجلٍّ معهود لانعدام الديمقراطية في البلاد ونجاح حملات القمع والترهيب.

وإلى جانب بوتين المتوقع فوزه، تضم قائمة المرشحين ثلاثة سياسيين يؤيدون، للمفارقة، جميعهم الحرب التي تخوضها موسكو في أوكرانيا.

نتيجة حملات القمع والترهيب.. إقصاء المعارضة من طريق بوتين الذي ينافس 3 مرشحين موالين له

وسجلت لجنة الانتخابات المركزية فلاديسلاف دافانكوف نائب رئيس مجلس الدوما الروسي وعضو حزب الناس الجدد، وليونيد سلوتسكي زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي القومي المتطرف الموالي للكرملين، ونيكولاي خاريتونوف مرشح الحزب الشيوعي.

ومن المتوقع أن يفوز بوتين (71 عاما) بسهولة في انتخابات الشهر المقبل، في حين اختار الأخير خوض الانتخابات كمستقل وليس كمرشح لحزب روسيا الموحدة الحاكم.

لم يغب بوتين عن السلطة منذ عام 2000، رغم تغير منصبه بين رئيس للوزراء ورئيس للبلاد. وإذا فاز مرة أخرى، وأمضى فترة ولايته الكاملة التي تبلغ ست سنوات، يكون بذلك قد أمضى في السلطة ثلاثين عاما، وهي فترة أطول من أي زعيم روسي أو سوفيتي منذ القيصر بطرس الأكبر (توفي عام 1721).

انتخابات من دون معارضة

خلت قائمة المرشحين من المرشح الروسي المناهض للحرب، بوريس ناديجدين، بعد أن منعته لجنة الانتخابات المركزية يوم الخميس من الترشح قائلة إنها وجدت “مخالفات” في جمع التوقيعات المطلوبة لدعم ترشيحه.

وكان ناديجدين المستبعد من خوض الانتخابات قد وصف الحرب في أوكرانيا بأنها “خطأ فادح”، وأكّد أنه سيطعن على قرار لجنة الانتخابات المركزية أمام المحكمة العليا في روسيا.

نتيجة حملات القمع والترهيب.. إقصاء المعارضة من طريق بوتين الذي ينافس 3 مرشحين موالين له

 

ورُفضت ترشيحات شخصيات أرادت الوقوف في معارضة بوتين ــ وفي معارضة الحرب في أوكرانيا على وجه الخصوص ــ لأسباب بيروقراطية مشكوك فيها. ومن بينهم ناشطة السلام إيكاترينا دونتسوفا.

وكانت دونتسوفا من الشخصيات المعارضة البارزة في روسيا لبوتين، وقد وقفت في وجهه وشككت في سلطته، وهي تميل إلى التعامل بقسوة.

وغالباً ما يتم إقصاء المعارضين لبوتين، على سبيل المثال، قُتل الليبرالي بوريس نيمتسوف في عام 2015 خارج الكرملين (على يد عملاء مرتبطين بجهاز الأمن الفيدرالي التابع لبوتين). في حين تم إرسال منتقدي بوتين البارزين الآخرين، مثل أليكسي نافالني وميخائيل خودوركوفسكي، إلى السجن في سيبيريا.

ولا يزال نافالني مسجونا، لكن خودوركوفسكي يعيش الآن في المنفى في لندن.

بوتين يحتاج انتخابات “نظيفة”

ورغم أن بوتين قد ينخرط بلا أدنى شك في بعض الحيل الانتخابية لضمان إعادة انتخابه بأغلبية كبيرة، فإنه رغم ذلك سوف يسعى إلى الحصول على الدعم بتفويض كبير. فهو يريد أن تبدو الانتخابات وكأنها اقتراع حر ونزيه.

إنه يحتاج إلى أن يُنظر إلى الانتخابات على أنها “نظيفة” كوسيلة لترسيخ إرثه كزعيم للدولة الروسية. فهو لا يريد أن يذكره التاريخ كزعيم لا يمكنه البقاء في السلطة إلا كديكتاتور.

نتيجة حملات القمع والترهيب.. إقصاء المعارضة من طريق بوتين الذي ينافس 3 مرشحين موالين له

ويحتاج بوتين أيضاً إلى الفوز، والفوز بسخاء، لدرء أي تحديات لحكمه من داخل قاعدة سلطته المفترضة. tمنذ وصوله إلى السلطة، قام بتطوير شبكة كبيرة من روابط المحسوبية التي تضم أشخاصًا في مختلف “وزارات السلطة” وكبار الشخصيات السياسية والأوليغارشية والقادة العسكريين.

وفي جوهر الأمر، يعتمدون جميعاً في مناصبهم القيادية ــ وخلق الثروة ــ على حقيقة مفادها أن يد بوتين تظل ثابتة على محراث الدولة الروسية.

ولكن إذا بدا الأمر وكأن الناخبين يقررون أن بوتين لا يتمتع بدعمهم الشعبي ــ وأنه بالتالي زعيم ضعيف ــ فإن عدداً كبيراً من هؤلاء الأشخاص في مناصب السلطة ــ “الرجال الأقوياء” ــ قد يشعرون بأن عليهم التصرف. وربما يريدون الإطاحة به من أجل الحفاظ على استقرار الدولة الذي يخدم مصالحهم.

ورغم أن بوتين يبدو الآن وكأنه يتمتع بدرجة عالية من الشعبية في روسيا، ولو أن هذه الشعبية كانت مدبرة إلى حد كبير من خلال وسائل الإعلام، فإن هذا قد لا يدوم. فالحرب في أوكرانيا مستمرة وستتطلب استمرار الخسائر في الدماء الروسية والأموال الروسية، التزام المزيد والمزيد من الرجال الروس.