زعيم فاغنر بلا دعم.. هل حانت نهايته؟

حققت القوات الأوكرانية بعض الانتصارات الملحوظة في مدينة باخموت شرقي البلاد، وذلك في الوقت الذي زاد فيه زعيم مرتزقة فاغنر، يفغيني بريغوزين، من حدة انتقاداته لمسؤولين عسكريين روس، مما جعل بعض الخبراء يتساءلون عن دوافع سفرجي بوتين في هذا الوقت الحساس من المعارك.

وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز“، قال قادة عسكريون أوكرانيون، إن قواتهم اخترقت مواقع روسية على الجانب الجنوبي لمدينة باخموت المحاصرة، مما أجبر الوحدات الروسية على التراجع عن مواقعها عند رأس جسر في المدينة.

وقال مسؤولون أوكرانيون وزعيم مرتزقة فاغنر الروسية إن القوات الروسية فقدت مساحة تقارب ثلاثة أميال مربعة جنوب غرب المدينة.

وإذا تم تأكيد ذلك، فسيكون هذا أول مكسب كبير لأوكرانيا في القتال على باخموت منذ دفع القوات الروسية عن طريق وصول رئيسي قبل شهرين.

الخيانة تحوم حول بريغوجين.. هل تجاوز زعيم فاغنر الخطوط الحمراء؟

بدورها أوضحت نائبة وزير الدفاع الأوكراني، هانا ماليار، إن القوات الأوكرانية تقدمت نحو كيلومترين في أنحاء مدينة باخموت، وإنها لم تتخل عن أي موقع بالمدينة في ذلك الوقت، بحسب وكالة “رويترز”.

وكتبت ماليار على تطبيق تليغرام “كيف يغطي العدو المعارك في باخموت؟ يثني (العدو) على نفسه ويتحدث عن نجاحات مفترضة و يختلق قصصا حول قيادتنا العسكرية”.

وأضافت: “في الوقت نفسه، يقدم العدو معلومات كاذبة عن نقص الأسلحة الذي من المحتمل أنه يهدف إلى تبرير الوضع الحقيقي”.

وقالت ماليار “فشل العدو في تنفيذ خططه. وعانى العدو من خسائر فادحة في صفوفه. وتقدم مقاتلونا كيلومترين في قطاع باخموت. لم نخسر موقعا واحدا في باخموت هذا الأسبوع”.

وفي منشور منفصل على تليغرام في وقت لاحق، قالت ماليار إن الهجمات الروسية تقابلها عمليات دفاعية وهجمات مضادة، مما يشير إلى أن مثل هذه التحركات لا تعد جزءا من أي هجوم مضاد أوكراني كبير.

وكتبت “هذا الوضع مستمر بالفعل في الشرق منذ عدة أشهر. هذا كل شيء! لا يحدث شيء أكثر من هذا”.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في مقابلة أمس الخميس إن الهجوم المضاد لم يبدأ بعد.

ماذا عن “الخطوط الحمراء؟

دخل زعيم فاغنر في نوبة غاصبة من التصريحات المكثفة عبر وسائل الاجتماعي، وبخاصة عبر قناته على تطبيق تليغرام، إذ شن انتقادات شديدة على قوات الكرملين، قائلا إن كتيبة روسية هربت من الخنادق وتخلت عن قطعة أرض جنوب غربي باخموت.

وبعد ذلك زاد من حدة انتقاداته إذ استخدم، عبارة “الجد السعيد” أو “الجد في القبو” التي اعتاد استخدمها زعيم المعارضة المسجون، أليكسي نافالني، للسخرية من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي تقول بعض التقارير إنه يعيش بما يشبه عزلة أمنية، وفق شبكة “سي إن إن” الإخبارية.

واعتبر البعض أن تلك الانتقادات قد تكون تعدت الخطوط الحمراء وأنها قد ترسم النهاية السياسية والعسكرية لبريغوجين، على الرغم من أنه عاد وألمح إلى أنه ربما قصد رئيس هيئة الأركان الروسية أو حتى وزير الدفاع سيرغي شويغو، أو فاليري غيراسيموف، في محاولة لإبعاد الشبهة عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

الخيانة تحوم حول بريغوجين.. هل تجاوز زعيم فاغنر الخطوط الحمراء؟

ولكن بريغوجين سرعان ما تراجع عن تعليق “الجد”، مسجلاً مذكرة صوتية لاحقة توضح أنه ربما يشير إلى نائب وزير الدفاع السابق ميخائيل ميزينتسيف أو رئيس الأركان العامة، فاليري غيراسيموف، أو حتى المدونة البارزة المؤيدة للحرب ناتاليا خيم.

وقال زعيم فاغنر في رسالة صوتية: “لقد تحدثت عن (الجد) في سياق حقيقة أننا لم نحصل على قذائف متكدسة في المستودعات، ومن يمكن أن يكون هذا الجد؟”.

وتابع: “الخيار الأول هو ميزينتسيف، الذي جرى طرده بسبب إعطائنا قذائف، وبالتالي لا يمكنه الآن منحنا قذائف. وأما الخيار الثاني، فيتمثل برئيس الأركان العام، فاليري فاسيليفيتش غيراسيموف، الذي من المفترض أن يقدم الذخيرة، بيد أننا لا نتلقى ما يكفي من القذائف، وبالتالي لم نحصل إلا على 10 بالمئة من حاجتنا”.

وبريغوجين الذي يقدم نفسه على أنه وطني كفء وعديم الرحمة على عكس المؤسسة العسكرية الروسية “التي لا تتمتع بالكفاءة”، قد تجرأ أيضا على السخرية من وزير دفاع بلاده سيرغي شويغو ، المقرب من بوتين.

ففي رسالة نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الجمعة، واصل رئيس فاغنر إلقاء اللوم على الجيش لفقدانه بعض المواقع في باخموت.

وكتب بريغوجين في رسالة نشرها على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الجمعة: “حاليًا، تسيطر وحدات فاغنر على أكثر من 95% من باخموت وتواصل هجومها لتحريرها بالكامل”.

وتابع: “على الأطراف، حيث توجد وحدات القوات المسلحة الروسية، شن العدو عددًا من الهجمات المضادة الناجحة”، مردفا: “أطلب منكم (وزير الدفاع) القدوم إلى باخموت وتقييم الوضع بنفسه”.

بريغوجين.. هل هي النهاية؟

يبدو بحسب خبراء أن تصريحات يفينغي مفاجئة في بلد يمكن أن يكلف فيه انتقاد الجيش الذهاب إلى السجن، ولاسيما إثر قوانين تمنع “تشويه سمعة القوات المسلحة والإساءة إليها”.

لكن بوتين يترأس ما يوصف غالبًا بـ”نظام المحاكم”، حيث يجري تشجيع الاقتتال الداخلي والمنافسة بين النخب طالما بقيت موالية لرئيس الدولة وتخضع لسلطانه.

بيد أن بعض المراقبين يقولون إن نوبات غضب بريغوجين عبر الإنترنت تتجاوز الخطوط الحمراء لدى بوتين وقد تصل إلى “وصمة الخيانة”.

وفي هذا ذكرت تغريدة لمعهد دراسات الحرب ومقره واشنطن: “في حال تعامل الكرملين مع انتقادات بريغوجين المتصاعدة ضد بوتين، فإن ذلك قد يؤدي إلى تآكل القاعدة التي تسمح لأفراد النخبة فيه بالمنافسة على المناصب، ولكن دون انتقاد رأس السلطة بشكل مباشر”.

من جانبه، يقول مؤرخ الحرب الباردة والأستاذ في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة، سيرغي رادشينكو: “نظام بوتين يسمح للأتباع بمهاجمة بعضهم البعض بشرط عدم محاولة خلخلته أو تقويضه”.