أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة  (الغارديان) 

“على الرغم من الانتهاكات المروعة لشعب الإيغور، لا يزال العالم يتابع بصمت. يجب أن نتحد لنعبر عن رفضنا وغضبنا. “هكذا بدأ تيموثي غروز مقالته في صحيفة الغارديان البريطانية.

تيموثي غروز وهو أستاذ الدراسات الصينية ولديه خبرة في السياسة العرقية بمعهد روز هولمان للتكنولوجيا في ولاية إنديانا كتب مقالا مطولا يقول فيه:  “خطف فعلياً 12 مليون مسلم في وطنهم، في  منطقة في شمال غرب الصين يشار إليها رسمياً باسم شينجيانغ، والتي تعني “السلطنة الجديدة”.

في شينجيانغ الحياة حرفياً سجن بالنسبة لعشرات الآلاف، يقدر البعض أن عددهم قد يصل إلى مليون .

ويضيف: “لقد ساعد الباحثون والمهتمون بما يحدث في  شينجيانغ، مثلي، في توثيق وعرض الأزمة التي تتكشف هناك من خلال أبحاث بسيطة ولكنها تتطلب مئات الساعات من البحث في الوثائق الحكومية الصينية وصور الأقمار الصناعية، حيث تم الكشف عن شبكة من “مراكز إعادة التثقيف المركزة ” مراكز ضخمة موجودة في الصحراء، يصر المسؤولون الحكوميون الذين كانوا حتى وقت قريب ينكرون وجودها، على أن هذه المراكز تقدم تدريباً مهنياً أساسياً للأفراد المتأثرين بما يسمى “قوى الشر الثلاثية ” للتطرف والراديكالية والإرهاب”  الذي يقال إنه يهدد الاستقرار في المنطقة. 
لكن الحجم  الكبير والهائل لمراكز الاحتجاز  يقول عكس ذلك”.

الغارديان.. لا يمكن ترك احتجاز الصين لـ "الإيغور" دون مساءلة

ويرى غروز، أن الحقيقة تتناقض بشكل صارخ مع سياسية الحزب الشيوعي الصيني. إذ كشف تحقيق عن وجود 44 منشأة احتجاز على الأقل في المنطقة، وتقديرات أخرى  تقول بأن العدد أكبر من ذلك.
ووفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، فإن منشأة واحدة ، في دابانتشينغ ، يمكن أن تحتجز 130 ألف شخص إذا استخدمت بكامل طاقتها.
ولندرس هذه الأرقام على نحو أبسط، فإن عدد المسلمين الذين تعتقد وكالات الاستخبارات أنهم قد يشكلون “خطراً” وأنهم متطرفون  في المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا مجتمعة، عددهم أقل من 125،000.
ومن بين السجناء في هذه المعسكرات، هناك بعض الأكاديميين والرياضيين والشعراء، بالإضافة إلى عدد لا حصر له من الرجال والنساء العاديين – بما في ذلك بعض أصدقائي.
ومع ذلك، فإن الغالبية العظمى من المعتقلين لم يدانوا بأي جريمة، بل  يعتمد الحزب الشيوعي على تصنيفهم على نحو اجتماعي اعتباطي – يُشار إليه رسميًا باسم “نظام الائتمان الاجتماعي” – لتحديد الأهداف.
فالمقاييس حسب هذا النظام تعتمد على معايير مثل السن والإيمان والممارسات الدينية والاتصالات الخارجية والخبرة في الخارج، وعلى أساسها يتم  تصنيف المسلمين إلى ثلاثة مستويات: “آمن” أو “طبيعي” أو “غير آمن”.
ويواجه المصنف “غير الآمن” خطرًا وشيكًا بالاحتجاز.
إن أقلية الإيغور، الذين يشكلون الغالبية العظمى من السكان المسلمين في المنطقة، يسقطون في بيئة تسعى إلى محو ثقافتهم، يجب أن يتقيد المعتقلون بمظهر واحد اي ارتداء زي موحد، في حين يُحظر بشدة ارتداء الـحجاب على  الرأس أو إطالة اللحية أو حتى ارتداء القبعة البيضاء الصغيرة .

الغارديان.. لا يمكن ترك احتجاز الصين لـ "الإيغور" دون مساءلة

وبحسب غروز: “هم مطالبون بدراسة اللغة الصينية الرسمية، وحفظ مقتطفات من نص كونفوشيوسي من القرن الثالث عشر، وتلاوة الأمثال الوطنية. كما يجب أن يحضر المعتقلون محاضرات حول المثل العليا الاشتراكية والممارسات الدينية “غير القانونية”، و في هذه الأثناء، يتم تعليمهم “المهارات المهنية” – ومعظمهم من العمال المنهكين من تغليف أوراق الشاي – كل هذا حتى يصبحوا جاهزين لإطلاق سراحهم في نهاية المطاف.
“خلف الحبس الجماعي للبالغين الشباب آلاف الأطفال من الإيغور الذين يعاملهم الحزب الشيوعي على أنهم أيتام ويضعهم في “مراكز توجيه رعاية الأطفال”. تحت رعاية الدولة، حيث يتم حرمانهم من الاتصال المنتظم بأسرهم  بالاضافة إلى إبعادهم عن المجتمعات الاسلامية”.


أما العائلات القليلة الباقية، التي لم تحتجز في معسكرات التدريب القسري، فيعيشون حالة أخرى مما يسمى إعادة التعليم، فهم خاضعون لبرنامج حكومي، يجبرهم على العيش جنباً إلى جنب مع الصينيين من قومية الهان. 

فالحكومة الصينية أرسلت أكثر من مليون مدني من الهان ليعيشوا إلى جانب أو حتى مع الإيغور في أماكن الإقامة القسرية”.

حضانة افتراضية .. 

إضافة إلى ما سبق، يتحمل كل الإيغور الحضانة الافتراضية التي  تمارسها الحكومة عليهم والتي يمكنها عبر نظام عالي التقنية من تسجيل كافة  التحركات البشرية

 على عكس الصينيين الهان في شينجيانغ، إذ يخضع الإيغور، إلى جانب مسلمي كازاخستان فقط  لتفتيش أكثر شدة – بما في ذلك فحص الوجه وفحوص الهوية – في نقاط التفتيش التي تم بناؤها في كل مدينة، حيث تضمن الآلاف من الكاميرات الأمنية عالية الدقة عدم وجود أي ثغرات أو نقاط عمياء غير مراقبة.

على الرغم من هذه الانتهاكات المروعة، والجهود التي يبذلها عدد من الصحفيين والمنظمات – بما في ذلك لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة والسيناتور الأمريكي ماركو روبيو وكريس سميث – لا يزال العالم غير مدرك لهذه الأزمة أو غير راغب في التحدث عنها خوفًا من عواقب سياسية أو اقتصادية محتملة بحسب تعبير غروز.
لكن يجب علينا أن نوحد أصواتنا لإدانة ما يحدث. 

لقد بدأ الوقت ينفذ لإنقاذ مسلمي الإيغور من الأضرار التي  لحقت بثقافتهم. في مراجعته للرواية التاريخية الشهيرة “المدينة المدفونة بالرمال” ، قال عبد القادر جلال الدين – الذي كان محتجزًا منذ ذلك الحين: “إذا قمت ببناء جحيم خاص بي، بغض النظر عن مدى رعب اللهب الذي أراه، فسوف أسميه الجنة. لكن الجنة التي بناها الآخرون سوف تتسبب في أن تتلاشى أشجاري”. 
يعيش الإيغور الآن في الجحيم الذي بناه الآخرون لهم بالضبط ، وسوف يستمرون في القيام بذلك ما لم نتصرف.

مصدر الصور : الغارديان 
 

اقرأ أيضًا : 

مجلة “الاتلانتيك”: الصين تعامل الإسلام كمرض نفسي

السلطات الصينية تلاحق أقلّيّة الإيغور داخل البلاد و خارجها