مقتل هنية يعيد إلى الذاكرة سلسلة من الاختراقات التي تعرضت لها إيران
أعاد مقتل إسماعيل هنية في طهران الذاكرة للكثير من الحوادث الأمنية لا سيما الاغتيالات التي حصلت في إيران، وطرحت أسئلة عديدة حول الموضوع.. وأبرزها هل إيران آمنة لمن يرغب في الاحتماء بظلها؟
لفترات طويلة من الزمن، استهدفت إسرائيل العلماء واللاعبين الرئيسيين في برامج الأسلحة النووية والصواريخ الإيرانية، وكانت أشهر هذه العمليات هي اغتيال محسن فخري زاده، أكبر عالم نووي إيراني، في عام 2020.
وكان فخري زاده، المعروف منذ فترة طويلة لدى وكالات الاستخبارات في جميع أنحاء العالم، في قلب برنامج إيران النووي. ولم يكن له دور فعال في التخطيط العلمي لبرنامج الأسلحة النووية الإيراني فحسب، بل كان أيضاً عنصراً رئيسياً في تصدير إيران للتكنولوجيا النووية، وقد تم رصده من قبل الاستخبارات الأمريكية في كوريا الشمالية.
وعلى الرغم من أن المسؤولين الإسرائيليين عادة ما يرفضون التعليق على عمليات القتل المستهدف، فقد اختار أحد الأشخاص في المخابرات الإسرائيلية مشاركة الرواية الكاملة لاغتيال فخري زاده مع صحيفة “نيويورك تايمز”، وصولاً إلى أدق التفاصيل: “لقد كان موكب فخري زاده في الطريق، وكنا نعرف أنه مع بعض أصدقائه، فيما مرت بمحاذاته شاحنة صغيرة مزودة بمدفع رشاش، يتم التحكم فيه عن بعد. أطلق المدفع الرشاش دفعة من الرصاص أصابت مقدمة السيارة أسفل الزجاج الأمامي ومات الجميع”، وكانت الرسالة الموجهة إلى طهران واضحة: نحن نعرف مكانك، ونعلم ما تفعله، ويمكننا القضاء عليك في الوقت الذي نختاره”.
لا نتحدث هنا فقط عن الاغتيالات التي تطال الشخصيات الإيرانية فحسب، بل كل ما يحيط في فلكها من علاقاتها، والرموز المرتبطة بها.
أبو محمد المصري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة
قتل أبو محمد المصري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في 7 آب/أغسطس 2020 إثر مهمة سرية دبرتها واشنطن، وقام بتنفيذها عملاء إسرائيليون على الأراضي الإيرانية، وفق ما نشرته الصحيفة الأمريكية نيويورك تايمز في عددها ليوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني.
وأضافت الصحيفة أن ابنته مريم التي كانت متزوجة أحد أولاد أسامة بن لادن قتلت هي الأخرى في نفس العملية، وفق المعلومات التي أدلى بها مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية.
هذا، وعرف أبو محمد المصري بالمشاركة والتخطيط في الاعتداءات، التي استهدفت السفارتين الأمريكيتين في تنزانيا وكينيا في 1998 والتي تسببت بمقتل 224 شخصا وجرح 4000 آخرين.
مسعود علي محمدي
اغتيال مسعود علي محمدي، أستاذ الفيزياء بجامعة طهران، في انفجار قنبلة تم التحكم فيها عن بعد مزروعة على دراجة نارية. وانفجرت العبوة الناسفة أثناء مغادرته منزله في شمال طهران متوجهاً إلى العمل.
ووصفت الحكومة الإيرانية علي محمدي بأنه عالم نووي، لكنها قالت إنه لا يعمل في منظمة الطاقة الذرية الإيرانية. وحملت وسائل الإعلام الرسمية إسرائيل والولايات المتحدة مسؤولية الاغتيال.
اختراق محطة بوشهر النووية
في يونيو 2010 تم اكتشاف فيروس Stuxnet، الذي يُزعم أن إسرائيل والولايات المتحدة طوّرته، في أجهزة الكمبيوتر في محطة بوشهر للطاقة النووية. ثم انتشر الفيروس إلى مرافق أخرى. وبحلول سبتمبر، ورد أن 30 ألف جهاز كمبيوتر في 14 منشأة على الأقل -بما في ذلك منشأة نطنز- قد تعرضت لاختراق.
تسبب الفيروس في زيادة سرعة محركات أجهزة الطرد المركزي IR-1 وانفجارها في النهاية. وقد تم تدمير ما لا يقل عن ألف جهاز طرد مركزي من أصل 9 آلاف جهاز تم تركيبها في نطنز، بحسب تقديرات معهد العلوم والأمن الدولي. وبعد إجراء التحقيقات، ألقت إيران باللوم على إسرائيل والولايات المتحدة في انتشار الفيروس.
ماجد شهرياري
في 29 نوفمبر 2010 تم اغتيال البروفيسور ماجد شهرياري، عضو كلية الهندسة النووية بجامعة بهشتي في طهران، داخل سيارته وهو في طريقه إلى العمل. وأصيبت زوجته في الانفجار.
وقال علي أكبر صالحي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إن شهرياري كان عضواً مهماً في أحد أكبر المشاريع النووية في البلاد.. وتباينت روايات الاغتيال. وقال خبير استخبارات غربي إن عبوة ناسفة كانت مزروعة في السيارة مسبقا، وتم تفجيرها عن بعد.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن رجالاً على دراجات نارية ألصقوا قنابل بسيارات تابعة لشرياري وعالم آخر هو فريدون عباسي دواني، في نفس اليوم. وأصيب عباسي دواني، مستشار وزارة الدفاع والأستاذ بجامعة الحسين، وزوجته في انفجار منفصل.
وحمل الرئيس الإيراني آنذاك محمود أحمدي نجاد الولايات المتحدة وإسرائيل المسؤولية عن الهجمات.لالالالالالا
فيروس النجوم
في أبريل 2011، اكتشفت وكالة الدفاع السيبراني الإيرانية فيروساً يُطلق عليه اسم “النجوم” مصمماً للتسلل إلى منشآتها النووية وإتلافها. وقال غلام رضا جلالي، رئيس منظمة الدفاع الإيرانية، إن الفيروس يحاكي الملفات الحكومية الرسمية، وألحق “أضرارا طفيفة” بأنظمة الكمبيوتر. وألقت إيران باللوم على الولايات المتحدة وإسرائيل.
داريوش رضائي نجاد
في 23 يوليو 2011 تم اغتيال داريوش رضائي نجاد، مهندس كهربائي يعمل في منشأة أبحاث للأمن القومي، على يد مسلحين يستقلان دراجة نارية في طهران.
حددت وسائل الإعلام الحكومية في البداية أن الرجل هو داريوس رضائي، أستاذ الفيزياء. وبعد ساعات، تراجعت وسائل الإعلام الرسمية، وقالت إن الضحية هو داريوش رضائي نجاد، وهو طالب إلكترونيات.
وادعى نائب وزير الداخلية سفرالي باراتلو أنه لم يكن منخرطاً في البرنامج النووي. لكن مسؤولاً حكومياً أجنبياً ومفتشاً نووياً سابقاً في الأمم المتحدة زعما أن رضائي نجاد كان يعمل على مفاتيح الجهد العالي، وهي الأجزاء اللازمة لبدء التفجيرات اللازمة لإطلاق رأس حربي نووي. وألقت إيران باللوم على الولايات المتحدة وإسرائيل في عملية الاغتيال.
مصطفى أحمدي روشان
في 11 يناير 2012، اغتيل مصطفى أحمدي روشان، خريج الهندسة الكيميائية، بعد أن قام شخصان على دراجة نارية بوضع قنبلة على سيارته في شمال طهران. توفي روشان والسائق، وأصيب شخصان آخران على الأقل في مكان الحادث.
وحددت إيران أحمدي روشان كمشرف في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم. وحملت إسرائيل والولايات المتحدة المسؤولية عن الحادث. وزعم نائب محافظ طهران سفر علي باراتلو أن “القنبلة كانت مغناطيسية وهي نفسها التي استخدمت سابقاً لاغتيال العلماء”.
هجومان في الوقت ذاته
في 7 يونيو 2017، حدث هجومان في نفس الوقت ضد البرلمان الإيراني وضريح الخميني، مما أسفر عن مقتل 17 شخصًا وإصابة 40 بجروح. وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجومين. وكانت عمليات إطلاق النار هي أول الهجمات العدائية في طهران منذ أكثر من عقد من الزمان، وكان آخر هجوم كبير في البلاد بعد تفجيرات زاهدان 2010.
وذكر مسؤولون حكوميون في وقت لاحق أنّهم أحبطوا هجوما ثالثا في ذلك اليوم. وأفادت أجهزة الأمن الإيرانية في 8 يونيو أنها حددت خمسة مسلحين مسؤولين عن الحدثين التوأمين، وكشفوا عن أسماء الرجال الأولى، وتفصيلا أنهم دخلوا إيران خلال الفترة من يوليو إلى أغسطس 2016 ويقال إن المهاجمين خدموا في خلية سرية.
عملية مداهمة للموساد في طهران
في 31 يناير 2018، داهم فريق من الموساد مستودعاً في طهران يضم أرشيفاً ضخماً للبرنامج النووي الإيراني. استخدم العملاء المشاعل لاختراق 32 خزانة. وقام الفريق بتهريب نحو 50 ألف صفحة و163 قرصاً مدمجاً إلى خارج البلاد.
في 30 أبريل، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل حصلت على نحو 100 ألف “ملف سري يثبت” وأن إيران كذبت في وقت سابق بشأن عدم امتلاكها برنامجاً للأسلحة النووية.
إسرائيل تزرع قنبلة بمنشأة إيرانية
في 2 يوليو 2020، تسبب انفجار في أضرار جسيمة لموقع التخصيب النووي الرئيسي الإيراني في نطنز، وأدى إلى تأخير البرنامج أشهراً. وألحق الانفجار أضرارا بمصنع ينتج أجهزة طرد مركزي متقدمة من طراز IR-4 وIR-6 يمكنها تخصيب اليورانيوم بشكل أسرع من أجهزة الطرد المركزي IR-1 المسموح بها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.
وقال بهروز كمالوندي المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية: “من المحتمل أن يؤدي هذا الحادث إلى إبطاء تطوير وتوسيع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة”. وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” أن إسرائيل زرعت قنبلة في المنشأة.
داعش يخترق إيران مرة أخرى
في 3 يناير 2024، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن تفجيرين أسفرا عن مقتل ما يقرب من 100 شخص وإصابة العشرات في مراسم أقيمت في جنوب إيران لإحياء ذكرى قاسم سليماني الذي قتل بطائرة أمريكية مسيرة في 2020.
وأشار التنظيم إلى أن الهجوم نفذه انغماسيان يرتديان حزامين ناسفين.
وقتل نحو 100 شخص وأصيب أكثر من 170 آخرين في تفجيرين وقعا قرب مدفن القائد الراحل لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بمحافظة كرمان، أمس الأربعاء.