هل أُبعد كأس الحرب عن لبنان؟

لبنان الواقع في أزمات لا متناهية منذ سنوات، يكتوي منذ السابع من أكتوبر من تداعيات الحرب الدائرة في غزة، وتأثيرات دخول حزب الله على جبهة مساندة القطاع.

لكنّ الرد الإيراني على هجوم إسرائيل الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق، نقل النزاع إلى مستوى آخر، ورفع حدّة الخطر من احتمال نشوب حرب موسّعة وشاملة، تجرّ معها لبنان إلى ما لا يحمد عقباه.

في هذا السياق، كان لرئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي تصريح رأى فيه أن إسرائيل تجر المنطقة إلى الحرب، واعتبر أن على المجتمع الدولي التنبه لذلك ووضع حد لهذه الحرب.

ونقلت رئاسة الوزراء اللبنانية عن ميقاتي قوله خلال اجتماع حكومي: “رغم أننا أكدنا مراراً وتكراراً أننا لسنا دعاة حرب، إلا أن الاعتداءات الإسرائيلية لا يمكن السكوت عنها، ولا نقبل أن تستباح أجواؤنا”.

وأكد ميقاتي أن “هذه الاعتداءات نضعها برسم المجتمع الدولي، ونقدم دائماً شكاوى إلى مجلس الأمن بهذا الصدد”.

وفيما يترقّب العالم ردة فعل إسرائيل حيال الهجوم الإيراني، ويحبس الشرق الأوسط أنفاسه بانتظار ما ستؤول إليه الأمور، رأى السياسي والكاتب اللبناني الدكتور خلدون الشريف في حديث خاص لموقع “أخبار الآن” أن ما أبعد كأس الحرب الشاملة عن لبنان ولو لحين، كان قرار إيران بالرد على إسرائيل مباشرةً دون تدخل أي طرف إقليمي مدعوم منها مثل حزب الله أو الحوثيين في اليمن أو الحشد الشعبي في العراق.

وسط حالة الغليان الإقليمي.. هل يتجرّع لبنان كأس الحرب؟ سياسي لبناني يجيب

وشدد على أن اي حرب تشمل لبنان ستنعكس حكمًا دمارًا وقتلًا. وقال: يجب أن يدرك الإسرائيليون أن دمارًا وقتلاً سيصيبهم وبأن لبنان ليس غزة وحزب الله ليس حماس بالمعنى التذخيري والقتالي واللوجيستي والجغرافي والتمدد.

ودعا إلى عدم الانزلاق إلى حرب شاملة، مشيراً إلى أنها “تبقى خيارًا على طاولة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يريد إطالة أمد الحرب لأطول وقت ممكن.

تحذيرات غربية للبنان

كانت صحف لبنانية قد نقلت عن مصدر دبلوماسي قوله إن “رسالة عاجلة وصلت الى السلطة السياسية في لبنان تحذّر من مغبة انخراط “حزب الله” في أية مواجهة بين إسرائيل وإيران، حتى لا يكون تدمير لبنان هو الثمن لتحقيق تسوية للحرب المستمرة منذ الثامن من تشرين الأول”. وقالت الرسالة للمعنيين “عليكم توجيه النصح وممارسة الضغوط على “حزب الله” لكي يقدم مصلحة لبنان على أي مصلحة أخرى”.

عن هذا الموضوع، أكّد الشريف لـ”أخبار الآن” أن الولايات المتحدة وتحديدًا آموس هوكشتين، موفد الرئيس جو بايدن، زار لبنان مرتين للحث على عدم الانزلاق إلى حرب بعد أن ذهب الى اسرائيل لنفس الغرض.

وقال الشريف: الكل يعلم أن وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان مارس بدوره ضغوطًا على حزب الله لعدم توسعة الحرب. وأضاف: أعتقد أن هذه الضوابط والضغوط ستستمر بعد الضربة الإيرانية لأن الولايات المتحدة وإيران لا زالتا على موقفهما من ضرورة عدم توسع الحرب.

ورداً على سؤال عما إذا كانت الأجواء تتجه نحو التصعيد أم التهدئة، تابع: الرد الإيراني انتهى كما فهمنا وفهمنا أيضًا أن إيران أبلغت الولايات المتحدة ودول في الإقليم بردها قبل ثلاثة أيام من حدوثه وكما صرح وزير خارجية إيران فإن حكومته لم ترغب بحرب شاملة بل بتأديب إسرائيل، بحسب قوله، لا أكثر.

وسط حالة الغليان الإقليمي.. هل يتجرّع لبنان كأس الحرب؟ سياسي لبناني يجيب

وأوضح الشريف أن الطابة الآن في ملعب نتنياهو، لافتاً إلى أنه لا يستطيع وحده أن يتخذ قرار الحرب مع إيران لذلك تتوجه الأنظار إلى الولايات المتحدة الأميركية لمعرفة توجيهاتها المقبلة.

وأشار إلى أن اعتقاده بأن واشنطن لا تريد خيار توسّع الحرب، ولا ترغب بصراع كبير، وقال إن الرد الإيراني جاء بحيث لا يتحتم على اسرائيل الرد، أي كل خطوة محسوبة إلى الآن.

وكان موقع “أكسيوس” الأمريكي قد نقل عن ثلاثة مسؤولين أميركيين قولهم إنه بعد يوم من الهجوم الإيراني غير المسبوق على إسرائيل، تُواصل إدارة بايدن حث إسرائيل، سرًا وعلنًا، على عدم التسرع في الرد على طهران.

وكشف مسؤول أميركي كبير للموقع، إن التقييم الأمريكي هو أن إيران سترد على أي ضربة إسرائيلية كبيرة وعلنية على الأراضي الإيرانية بجولة جديدة من الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار.

وأضاف المسؤول ذاته، أن ذلك سيؤدي على الأرجح إلى تصعيد إقليمي، مشيرًا إلى “خطر ألا تكون الجهود المبذولة للدفاع عن إسرائيل ضد المزيد من الهجمات الإيرانية ناجحة مثل الدفاع المنسق، الأحد، والذي اعترض تقريبا جميع المسيرات والصواريخ التي أطلقتها إيران”.

حراك لكبح التصعيد؟

كشف الشريف عبر “أخبار الآن” أن ميقاتي على تواصل مع حزب الله ومسؤوليه، في محاولة لكبح التصعيد وحثّه على ضبط النفس.

مع ذلك، أشار إلى أن “الحكومة اللبنانية مع الأسف هي الطرف الأضعف في هذا النزاع”، موضحاً أنها اصلًا ذات صلاحيات محددة بحكم الدستور.

وسط حالة الغليان الإقليمي.. هل يتجرّع لبنان كأس الحرب؟ سياسي لبناني يجيب

وتحدّث عن المشاكل التي لا تعد ولا تحصى، بحسب توصيفه، والتي يعاني منها الداخل اللبناني أكان على المستوى الصحي أو التربوي أو الأشغال أو الأمن الداخلي فضلاً عن الوضعين المصرفي والمالي.

وإذ اعتبر أن “الحكومة اليوم لا يعول كثيراً عليها”، دعا إلى إجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت وتأليف حكومة فاعلة تبدأ بعملية الإصلاح وتشرَع بتطبيق القرارات الدولية بما يتناسب مع حاجة البلاد والوحدة الوطنية.

وكان ميقاتي قد استبدل جلسة لمجلس الوزراء كانت مقررة بالأمس إثر الضربة الإيرانية على إسرائيل، بجلسة “تشاورية”، قال الشريف في شأنها إن جلسات التشاور لا يتخذ قرارات وتاليًا لا مخرجات يعوّل عليها على إثرها.