فقدت مصر نحو 50.7% من إجمالي عائدات قناة السويس منذ بداية العام

بمجرد أن أعلنت هيئة قناة السويس عن مشروعها المرتقب لازدواج قناة السويس، أثار هذا الخبر جدلاً في مصر، من حيث توقيته وأهميته.

تم الإعلان عن المشروع في وقت فقدت فيه مصر نحو 50.7% من إجمالي عائدات القناة منذ بداية العام، بعد أن تراجعت أعداد السفن المارة إلى 2300 سفينة، مقابل نحو 3900 سفينة الفترة نفسها من عام 2023، بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

ازدواج قناة السويس.. هل تتحمل مصر مشروعًا ضخمًا في هذه المرحلة؟

هذا الخبر أثار جدلاً، البعض بدأ يستفسر عن المشروع، وآخرون هاجموه.

في حين اعتبره البعض مشروعًا هامًا للحفاظ على مكانة مصر في مجال التجارة البحرية.

توضيح رسمي

هذا الوضع تسبب في خروج رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، لتوضيح بعض النقاط حول المشروع، فقال في تصريحات تليفزيونية إن قلق المصريين على القناة طبيعي، مشيرا إلى أن الأحداث الجارية في البحر الأحمر، هي من صدرت القلق، إضافة إلى مشروع ازدواج قناة السويس.

وقال ربيع، أن هناك دراسة جدوى حول مشروع ازدواج هيئة قناة السويس، مؤكدا أن الدراسة تشير إلى تواجد زيادة في نمو التجارة العالمية سنويا بنسبة 5.3 %، وبالتالي تزداد أعداد السفن التي تعبر من المجرى الملاحي.

ازدواج قناة السويس.. هل تتحمل مصر مشروعًا ضخمًا في هذه المرحلة؟

وتابع رئيس هيئة قناة السويس، أن الدراسات الخاصة بالمشروع ستأخذ وقتا حوالي 16 شهرا، مؤكدا أن مشروع الازدواج الكامل الملاحي في قناة السويس تحت الدراسة، مضيفا أننا نعمل على الزيادة المتوقعة في التجارة العالمية.

وأكد ربيع، أن ما أثير حول أن قناة السويس الجديدة كانت تكلفة إنشاؤها مرتفعة، وهي من سببت أزمة توفر الدولار في مصر؛ غير صحيح، مشيرا إلى أن تكلفة إنشاء قناة السويس الجديدة وصلت إلى 22 مليار جنيه، ونجحت الدولة في استعادتها خلال 4 أشهر.

وأضاف “نجحنا في رد الأموال التي دفعها المواطنون في الشهادات، بإجمالي 64 مليار جنيه، وأوضح أن باقي الأموال (42 مليار جنيه) استخدمت في إنشاء الأنفاق أسفل قناة السويس، ومدينة الإسماعيلية الجديدة، وجميع الطرق والكباري التي تخدم المناطق الاستثمارية في شرق بورسعيد وغيرها”.

وأكد أن إنشاء قناة السويس الجديدة تم من ميزانية الهيئة، ولم يتم الاعتماد على الصندوق السيادي للدولة، وستستخدم كراكات قناة السويس في عمليات الحفر للانتهاء من المشروع بين عامي 2025 و2033.

يأتي المشروع في وقت تمر فيه مصر بأزمة مالية، وتحاول الخروج منها من خلال طرح مشاريع ضخمة للاستثمار العالمي، وكان آخرها مشروع “رأس الحكمة“.. فهل المشروع مجدي اقتصاديًا؟

شكل من أشكال الاقتراض

حول هذا الموضوع، يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور وائل النحاس، إنه لا يرى أي جدوى اقتصادية لتوسعة قناة السويس في الفترة الحالية، لأن الممر الملاحي شبه مغلق بسبب اضطرابات الملاحة في البحر الأحمر، ومن المفترض الانتظار حتى يعود لوضعه الطبيعي قبل التفكير في أي توسع.

وأضاف النحاس، في تصريح خاص لـ”أخبار الآن“، إن الحديث عن تمويل المشروع ذاتيًا من هيئة قناة السويس، يعني استقطاع جزء من موارد الهيئة التي كانت تذهب لميزانية الدولة من أجل المشروع، وهذا أمر لا يناسب الوقت الحالي والظروف التي تمر بها مصر.

وفجر النحاس مفاجأة، حيث توقع أن يكون الغرض من المشروع هو تمويل المشروع، أي الحصول على موارد نقد دولارية بهدف القيام بالمشروع، كشكل من أشكال الاقتراض أو الحصول على تمويل بشكل مختلف.

ازدواج قناة السويس.. هل تتحمل مصر مشروعًا ضخمًا في هذه المرحلة؟

ورجح النحاس أن يكون هذا هو الهدف من المشروع، خصوصًا مع عدم جدوى بيع السندات أو طرح أدوات الدين، ففكرة الحصول على تمويل بهذه الصورة تعني الحصول على مليارات الدولارات من الخارج، وإنفاقها بالجنيه لإقامة المشروع.

وطالب الخبير الاقتصادي الهيئة بالتوسع في الخدمات اللوجستية في هذه المرحلة، بدلاً من توسعة القناة، خصوصًا أنه لم يتم تقييم توسعة 2015 وتقييمها بشكل علمي حتى الآن.

وقال النحاس إن: “هناك مشاكل من التوسعات، ومن بينها حدوث دوامات أدت لجنوح عدة سفن في السنوات الماضية، فهل القناة ستسوعب اتساعًا جديدًا؟”، مطالبًا بإجراء دراسات جيولوجية وجغرافية للمكان قبل التفكير في المشروع.

واختتم النحاس: “كان الأولى نكمل مشروع القاهرة – كيب تاون، لأنه سيفتح لنا أبواب لإفريقيا بالكامل من خلال الطريق البري، والنقل البري هو مستقبلنا في إفريقيا في الفترة المقبلة، أما توسعة قناة السويس ربما يكون توقيته بعد عدة سنوات، وعلينا أن نراجع نفسنا، لأن الوضع صعب”.

أزمة غياب معلومات

من جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور، عمرو الهلالي، إن الأزمة في مصر هي أزمة غياب معلومات، فأي مشروع لابد أن يكون هناك معلومات، معتبرًا أن دراسات الجدوى في مصر هي دراسات جدوى سياسية وليست اقتصادية.

وأضاف الهلالي، في تصريح خاص لـ”أخبار الآن“، أن مشروع توسعة القناة عام 2015 قيل إنه سيدر على مصر 100 مليار، لكنه لم يحقق أكثر من 9 مليارات.

واستشهد الهلالي بأن دراسات الجدوى قالت إنه التوسعة ستسهل حركة السفن وتسرع مرورها ساعتين أو ثلاث ساعات، لكن هذا ليس ذا أهمية بالنسبة لسفن تسير في عرض البحر لمدة أسبوعين وثلاثة أسابيع.

ازدواج قناة السويس.. هل تتحمل مصر مشروعًا ضخمًا في هذه المرحلة؟

وقال الهلالي إن المسؤولين توقعوا أن الانتظار لمدة أقل في القناة سيجذب سفنًا أكثر لكن هذا لم يحدث، وأوضح أن زيادة الإيرادات كانت بسبب زيادة التعريفة وليس بسبب زيادة عدد السفن المارة في القناة.

وأشار الهلالي إلى أن الأمر نفسه ينسحب على التوسعة الجديدة، فالازدواج الكامل للقناة سيوفر ساعتين في المرور، وهو أمر لن يؤثر مع السفن المارة التي تقضي في رحلاتها عدة أسابيع، مؤكدًا أن الجدوى الاقتصادية غير معروفة.

وطالب الهلالي الدولة بأن تبدأ في المناطق اللوجستية حتى تبقى السفن في القناة وقت أطول، من خلال منطقة حاويات، ومنطقة تبادل تجاري، وهذا أفضل من سرعة المرور، لأنه سيدر دخلاً أعلى للقناة.

وقال الهلالي إنه يجب على الجميع انتظار الانتهاء من دراسات الجدوى، والتي قال رئيس هيئة قناة السويس إنها ستحتاج 16 شهرًا، حتى يتم تقييم المشروع.

وتوقع أن يكون الإعلان عن المشروع، جزءًا من خطة الدولة الإعلامية بنشر أخبار تثبت سيرها في الطريق الصحيح، وأن لديها مشاريع كبرى تنفذها خلال هذه المرحلة، بجانب المشاريع الاستثمارية مثل رأس الحكمة وغيرها، بهدف تحجيم السوق السوداء للعملة.