كيف يمكن التعامل مع الأطفال؟
من المهم الحديث مع الأطفال وتشجيعهم على الانفتاح والحديث في حال وجود أي قلق حول صحتهم العاطفية أو النفسية. قد يكون من الصعب معرفة نقطة البدء بهذه الأحاديث أو معرفة وقت حاجة الطفل لها، أو إذا ما كان يمر بأزمة من هذا النوع.
تقدم لكم هذه المقالة أساسيات الحديث مع الأطفال وتشجيعهم على الحديث عن مشاعرهم.
صحة الأطفال النفسية
من المهم إيلاء أهمية كبيرة لصحة الأطفال النفسية والعاطفية بشكل خاص عند وجود مشاكل عائلية مثل خلاف الوالدين أو طلاقهما أو وجود حالة وفاة لأحد المقربين حيث يمكن في هذه الحالة أن يصبح الأطفال انعزاليين وأن ينسحبوا من حياتهم الاجتماعية.
في بعض الحالات قد يكون من المهم للأطفال الحديث عن ما يدور في خلدهم أو ذهنهم مع أحد المقربين غير الأب والأم مثل الجد أو أحد الأعمام والأخوال أو المعلمين أو حتى مستشار نفسي لأن ذلك قد يقدّم لهم الدعم النفسي اللازم لهم.
ملاحظة الإشارات والمفاتيح في لعب الأطفال
يعبر الأطفال عن نفسهم عبر اللعب أكثر ما يعبرون بالكلمات، ويمكن للكبار معرفة الكثير عن مشاعرهم عبر إمضاء الوقت معهم ومراقبة أنماط لعبهم.
من الشائع أن يلجأ الأطفال الذين يعانون من الشدة النفسية إلى لعب ألعاب عنيفة بواسطة ألعابهم.
ينصح الأطباء النفسيون والمختصون أن يعلق الشخص البالغ الذي يشارك الطفل باللعب في هذه الحالة بقول “هناك عنفٌ كبيرٌ في هذه اللعبة” أو “تبدو هذه اللعبة مخيفة”، لأن ذلك قد يحفزهم على الحديث الأمور العنيفة التي تزعجهم.
حتى لو لم تحفّز هذه الجمل الطفل على الحديث بشكل واضح، فهي كفيلة بجعله يشعر براحة أكبر مع الشخص البالغ ويمهد الطريق لكي يكون صريحاً حول مشاعره ومشاكله.
في حال بدا الطفل مستعداً للحديث، يمكن سؤاله بشكل لطيف عن الأمر الذي يزعجه، وإذا لم يرد الطفل الحديث فعلى الشخص البالغ أن يترك الموضوع يمضي دون محاولة حثيثة ويحاول أن يعيد الكرة في مناسبة أخرى في وقت لاحق.
كيف تتعامل مع الشدة النفسية لدى الأطفال؟
خوف الأطفال من الحديث عن مشاعرهم
قد يواجه الطفل خوفاً كبيراً عندما يتعرض للتحرش أو الإساءة الجسدية، وفي هذه الحالة على الشخص البالغ أن يوجه سؤالاً بسيطاً مثل “هل يغضب منك والدك/ والدتك/ جدك/ عمك كثيراً؟ يمكنك إخباري عن ذلك إذا أحببت”.
في بعض الأحيان لا يدرك الطفل أنه يتعرض للتحرش في المقام الأول وقد يعتقد أن هذه الممارسات جزء من التأديب أو ناتجة عن غضب الشخص المسيء منه.
كما أنه من الشائع أن يمتنع الأطفال الذين يتعرضون للتحرش عن الحديث عن الأمر لأن الشخص المتحرش عادة ما يحاول إقناعهم أن الأمر “سرّ خاص” أو أن الأمر عادي.
في حال أخبرك الطفل عن سلوك تحرشي يتعرض له وسألك إذا كنت ستفشي سرّه، كن حريصاً على عدم الكذب وأخبره أنك لن تخبر الناس بالأمر إلا أنك قد تضطر لإخبار شخص يمكنه تقديم العون.
السلوك الشقي وغير المؤدب والعنيف لدى الأطفال
في حال وجود سلوك عنيف وحاد لدى الأطفال فقد يكون نابعاً من سبب عميق يمكنك محاولة التعرف عليه عبر الحديث معهم عنهم.
يمكن البدء عبر إخبار الطفل العنيف والشقي أن سلوكه غير مقبول لأنه قد يعرض الآخرين للأذى ويسبب الفوضى، ثم يمكن سؤال الطفل عن سبب غضبه وعنفه.
لا تتوقع أن يصارحك الطفل على الفور بالسبب الحقيقي خلف غضبه لأن الأطفال الغاضبون يصعب شد انتباههم بالدرجة الأولى إلا أنه لا يجب الاستسلام مباشرة. الأطفال أذكياء، وهم يعرفون جيداً متى يكون سلوكهم سيئاً إلا أنه من الضروري معرفة الأسباب.
قلق الأطفال من الأخبار السيئة أو المخيفة
يصعب في عصرنا الرقمي أن نخفي الأخبار السيئة عن الأطفال مثل الحروب والأعمال العسكرية أو الجرائم البشعة التي يمكن أن تؤثر معرفة تفاصيلها بهم بشكل سلبي للغاية وتسبب قلقاً لهم. يفيد أخصائيو علم نفس الأطفال أنه يمكن اتباع النصائح التالية في مثل هذه الحالات:
- لا تحاول أن تحجب إطلاع الطفل على الأخبار بشكل كامل لأن ذلك سيفشل في الغالب ويمكن أن يسبب زيادة الخوف والقلق لديه.
- حاول أن تكون صريحاً وصادقاً حول الأمور والأخبار التي يسمعها الطفل.
- أخبر الطفل أنه من الطبيعي أن يتأثر الشخص بالأخبار السيئة وأنك أنت أيضاً متأثر.
- شجع الأطفال على توجيه الأسئلة إليك حول أي شيء لا يفهمونه مما سمعوه في الأخبار وحاول تبسيط الأمور إلى مستوى يمكنهم فهمه.
- أكّد للطفل أنك ستفعل كل ما بمقدوره فعله لحمايته وإبقائه بأمان.
الحديث مع الطفل الحزين على فقدان أحد المقربين
لا يفهم الأطفال الصغار بالضرورة معنى الموت ولذلك من المهم أن يشرح لهم الكبار هذا المفهوم بطريقة بسيطة ولطيفة، على سبيل المثال يمكن قول “لقد توفيت جدتك وهذا يعني أنها لن تأتي لزيارتنا أو العيش معنا بعد الآن”.
من المهم مراقبة الأطفال عن كثب في حال فقدان أحد المقربين، إذا بدا أنهم انعزاليون بعدها فمن الممكن تشجيعهم للحديث أو سؤالهم عن مشاعرهم عن الشخص الذي توفي.
كيف تخلق بيئة إيجابية للصحة النفسية والعاطفية لدى الأطفال؟
تعويد الأطفال على الحديث عن مشاعرهم
يستلزم بناء بيئة عاطفية إيجابية العمل على الأمر عائلياً وعادة ما يبدأ من سن صغيرة جداً للأطفال. إن أفضل طريقة لتعويد الأطفال على الحديث عن مشاعرهم تتمحور حول الإفصاح عن مشاعر الأب والأم أمامهم لأن ذلك يجعله أمراً اعتيادياً في المنزل على عكس ما هو شائع في العائلات المنغلقة التي قد تعتبر الحديث عن المشاعر أمراً مخجلاً.
ليس من الضروري أن تكون المشاعر التي يتحدث عنها الوالدان أمام الأطفال عميقة أو سلبية دائماً، وإنما يمكن أن يخبراهم بأمور مفرحة حصلت معهم أو أنهما اليوم منزعجان أو مرتاحان بسبب أمر حصل معهما بالعمل، كما أنه من الضروري إخبار الأطفال عن عواطف الأهل تجاههم وتجاه إنجازاتهم الصغيرة اليومية.
الوقوف بصف الطفل دائماً وأبداً
قد تبدو هذه النصيحة غير منطقية في البداية، إلا أن المقصود فيها دعم الطفل حتى عندما يكون مخطئاً في مواقف صغيرة أثناء اللعب مع الأصدقاء أو الأخوة على سبيل المثال عبر الحديث معه بلطف وهدوء وإخباره بخطئه وتشجيعه على الاعتراف به والاعتذار والتأكيد على محبة الوالدين حتى في هذه الحالة.
قد تساعد معرفة الطفل أن والديه يدعمانه سبباً في إنقاذه من العديد من المواقف الحرجة خصوصاً في حال التحرش به لأن الأطفال عادة ما يلقون اللوم على أنفسهم عند التحرش بهم.
استخدام الكتب في معرفة الحلول
يمكنك الاستعانة بالكتب والقصص المصورة لإرشاد الأطفال لطرق معالجة المشاكل والمخاوف التي يمكن أن يعانوا منها. من الضروري انتقاء الكتب المناسبة للفئة العمرية للأطفال والتي تتحدث عن مشاكل يعاني منها الطفل مثل التنمر في المدرسة أو الملعب أو فقدان أحد المقربين.
إذا كان الطفل صغيراً جداً بالعمر فيمكن اختيار الكتب المصورة أو التي تحتوي على أشكال ثلاثية الأبعاد لشد انتباههم وإيصال الفكرة لهم كما يمكن أن يساعد أحد البالغين في قراءة القصص.