يكثّف الوسطاء جهودهم لتمديد الهدنة بين الطرفين

أفرجت حماس ليل الأربعاء، عن دفعة سادسة من الرهائن الذين تحتجزهم في قطاع غزة مقابل إفراج إسرائيل، عن 30 أسيرًا فلسطينيًا، بينما يكثّف الوسطاء جهودهم لتمديد الهدنة بين الطرفين قبيل ساعات من انتهائها صباح الخميس.

وتأكيدًا على إلحاح الوضع، وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل لإجراء محادثات حول زيادة المساعدات المرسلة لقطاع غزة وتمديد الهدنة التي من المقرر أن تنتهي في الساعة السابعة من صباح الخميس بعدما أوقفت القتال لمدة ستة أيام.

لكن في إشارة إلى التحديات التي تواجه المفاوضين، قال مصدر في حماس إنّ الحركة الفلسطينية غير راضية عن المقترحات الإسرائيلية بشأن تمديد جديد.
وصرّح المصدر لوكالة فرانس برس أن ما تمّ اقتراحه لتمديد الهدنة “ليس الأفضل” في هذه المرحلة، مضيفا أن “المباحثات تتواصل وجهود الوساطة مكثفة بهدف تمديد الهدنة ليومين أو أكثر”.

وذكرت تقارير إعلامية أنّ مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي اجتمع في وقت متأخر من الأربعاء لبحث مقترحات لتمديد الهدنة.

ومع استمرار النقاشات، عاد من غزة 10 رهائن إسرائيليين إلى إسرائيل، من بينهم خمس نساء وثلاثة أطفال وشابان يبلغان 18 عامًا، بحسب ما ذكر مكتب رئيس الوزراء.

في المقابل، أفرجت إسرائيل عن 30 فلسطينيًا، هم بحسب الوسيط القطري 14 امرأة و16 قاصرًا.

وكان في استقبال السجناء المفرج عنهم حشد من أقاربهم الذين احتفلوا بعودة أحبائهم إليهم، لكن على غرار ما يحصل منذ ليال عدّة، اندلعت صدامات بين المحتفلين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية خارج سجن عوفر الذي أطلق منه الأسرى.

الإفراج عن الرهائن والمعتقلين في آخر أيام الهدنة.. ومفاوضات حثيثة لتمديدها

الناشطة الفلسطينية عهد التميمي بعد الإفراج عنها

وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إنّ خمسة أشخاص أصيبوا بالرصاص الحيّ، أحدهم حالته خطرة، خلال الصدامات التي دارت خارج السجن ليل الأربعاء-الخميس.
وهذه هي المجموعة السادسة من الإسرائيليين والحاملين لجنسيات أجنبية الذين يتم إطلاق سراحهم بموجب اتفاق الهدنة الذي توسطت فيه قطر ومصر والولايات المتحدة.

كما أفرجت حماس خارج إطار الصفقة الأربعاء، عن أربعة رهائن تايلانديين وامرأتين إسرائيليتين تحملان أيضًا الجنسية الروسية.

ووصفت الحركة إطلاق سراح المرأتين بأنه جاء تقديرا “لجهود” الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأدّى اتفاق الهدنة إلى وقف مؤقت للقتال الذي بدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول عندما هاجم عناصر من حماس إسرائيل من قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وخطف حوالى 240 آخرين، وفق السلطات الإسرائيلية.

وأدّت حملة القصف الجوي والبري والبحري الإسرائيلي في غزة إلى مقتل ما يقرب من 15 الف شخص، معظمهم أيضًا من المدنيين، وفق مسؤولي حماس، وحولت أجزاء كبيرة من شمال القطاع إلى أنقاض.

الإفراج عن الرهائن والمعتقلين في آخر أيام الهدنة.. ومفاوضات حثيثة لتمديدها

كارثة إنسانية هائلة

ومع تكثيف الجهود لتمديد وقف القتال، طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ”وقف إنساني فعلي لإطلاق النار”.

وقال غوتيريش الأربعاء في اجتماع لمجلس الأمن الدولي إن سكان قطاع غزة يعيشون “كارثة إنسانية هائلة” بعد سبعة أسابيع من القصف الذي أدى إلى تسوية مبان بالأرض ونقص في الغذاء والماء والدواء.

ومنذ بدء الهدنة في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، تم إطلاق سراح 70 رهينة إسرائيلية مقابل إطلاق سراح 210 أسرى فلسطينيين.

وتم إطلاق سراح حوالى 30 أجنبيا، معظمهم عمال تايلانديون في إسرائيل، خارج إطار الصفقة.

ومما يزيد الأمور تعقيدا أن بعض الرهائن المتبقين في غزة موجودون في أيدي فصائل فلسطينية مسلحة أخرى من بينها حركة الجهاد الإسلامي.

وقال المتحدث باسم الجهاد الإسلامي مصعب البريم لوكالة فرانس برس الثلاثاء إن الحرب مستمرة الآن في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل.

وأضاف أن حركته وحماس “ملتزمتان” باحترام اتفاق التهدئة “طالما أن المحتل يفعل ذلك، ونحن مستعدون لاتباع طريق سياسي لجعل المحتل يدفع الثمن”.

إعلان مقتل رهينة رضيع

وإلى جانب لم الشمل العاطفي، كانت هناك تذكيرات جديدة بالآثار المأسوية للنزاع.

فقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يحقق في إعلان كتائب عز الدين القسام، لجناح العسكري لحركة (حماس)، عن مقتل رضيع عمره عشرة أشهر وشقيقه البالغ أربع سنوات وأمهما في قصف إسرائيلي في غزة.

وقال الجيش في بيان إنه “يتحقّق من صحة المعلومات”، مشيرا إلى أن “حماس تعرّض حياة جميع الرهائن في قطاع غزة ومن بينهم تسعة أطفال للخطر وهي مسؤولة عن أمنهم”.

ومع تصاعد التوترات رغم الهدنة، قالت وزارة الصحة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة إن الجيش الإسرائيلي قتل بالرصاص صبيا يبلغ من العمر ثماني سنوات وفتى في جنين الأربعاء.

وقال الجيش إن قواته “ردت بالذخيرة الحية” بعد إلقاء عبوات ناسفة عليها.

مستعدة لتمديد الهدنة

وبعد أن دخل وقف الأعمال القتالية يومه السادس، قال مصدر مقرب من حماس لوكالة فرانس برس، طلب عدم الكشف عن هويته، إن الحركة “أبلغت الوسطاء موافقة فصائل المقاومة على تمديد الهدنة الحالية ما بين يومين إلى أربعة أيام”.

وقالت حركة حماس في تصريح “تسعى حركة المقاومة الإسلامية حماس لتمديد الهدنة بعد انتهاء مدة الأيام الأربعة، من خلال البحث الجاد لزيادة عدد المفرج عنهم من المحتجزين كما ورد في اتفاق الهدنة الإنسانية”.

وقال بلينكن الأربعاء على هامش اجتماع لحلف شمال الأطلسي في بروكسل “سنركّز خلال اليومين المقبلين على بذل كلّ ما في وسعنا لتمديد الهدنة حتى نتمكّن من مواصلة إخراج المزيد من الرهائن وتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية”.

من جهته، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن “ما زلنا مصمّمين على إطلاق سراح كلّ شخص تحتجزه حماس رهينة”.

وأضاف أنّ اتّفاق الهدنة المؤقتة “أسفر عن نتائج مهمّة”.

ورغم وصول مئات الشاحنات إلى غزة منذ 24 تشرين الثاني/نوفمبر فإنّ برنامج الأغذية العالمي حذر من أن الوضع يبقى “كارثيا” في القطاع، مشيرا إلى “خطر كبير بحصول مجاعة”.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في القطاع أشرف القدرة لوكالة فرانس برس الأربعاء، إن الأطباء عثروا على خمسة أطفال خدّج متوفيين في مستشفى النصر بمدينة غزة.

الإفراج عن الرهائن والمعتقلين في آخر أيام الهدنة.. ومفاوضات حثيثة لتمديدها

الوضع صعب

وقال أشرف سليم أحد سكان غزة لوكالة فرانس برس “ليس لدينا ماء ولا طعام ولا طحين منذ عشرة أيام، الوضع صعب، صعب جدا”مضيفا”نعيش هنا، لكننا لا نشعر بأننا نعيش. ليس لدينا ماء للشرب ولا أحد يساعدنا”.

وأفادت منظمة الصحة العالمية عن “زيادة كبيرة” في الإصابات ببعض الأمراض المعدية، مشيرة بصورة خاصة إلى زيادة حالات الإسهال بين الأطفال بـ45 مرة، في حين أن معظم مستشفيات قطاع غزة توقفت عن العمل.

وأعلن مسؤول في البيت الأبيض أن “كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة ازدادت ودخلت حتى الآن الفا شاحنة من الطعام والوقود والأدوية والمعدات الضرورية لتشغيل منشآت تحلية مياه البحر”.

وقال “وصلنا خلال أربعة أسابيع ونيف إلى وتيرة 240 شاحنة في اليوم بصورة متواصلة”مضيفا”أبلغنا بوضوح كبير بأنه عند انتهاء مرحلة إطلاق سراح الرهائن هذه، يجب الإبقاء على الوتيرة الحالية (لإدخال المساعدات) وفي أفضل الأحوال زيادتها”.

ونزح 1,7 مليون شخص من سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة من الشمال، المنطقة الأكثر دمارا، إلى الجنوب، فيما تضرّرت أكثر من 50% من المساكن أو دُمّرت بالكامل جرّاء الحرب، وفق الأمم المتحدة.