حرب غزة.. الفلسطينيون بين المغادرة لبر الأمان وتمسّك بأرضهم
في إطار عملية السلام في الشرق الأوسط، تعتبر مسألة إعادة توطين سكان غزة خارج القطاع حساسة للغاية بالنسبة للفلسطينيين ومعظم الدول العربية وحتى في ظل القصف العنيف غير المسبوق، إذ يخشى سكان غزة من أنهم إذا غادروا الآن، فلن يتمكنوا أبدًا من العودة.
هذه الحساسيات ليست معلومة لدى المواطنين الأوروبيين حيث لا تزال الهجرة واحدة من القضايا الاجتماعية والسياسية الأكثر إثارة للانقسام وبالتالي، فعندما يتطرق المسؤولون والساسة الغربيون إلى قضية قبول اللاجئين من غزة، فإنهم يتحدثون في سياق مختلف تماماً عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
تعرب بعض الدول الغربية استعدادها لاستقبال اللاجئين من غزة لإنقاذهم من القصف الإسرائيلي، لكن الدول العربية تخشى أنه بمجرد مغادرة الفلسطينيين غزة، فإنهم لن يعودوا أبداً.
ومن بين أبرز الأصوات التي نادت بإخراج الفلسطينيين ألى بر الأمان، كان صوت رئيس وزراء اسكتلندا، حمزة يوسف Humza Yousaf الذي قال في خطاب الأسبوع الماضي: “في الماضي، فتح الاسكتلنديون وجميع مواطني المملكة المتحدة قلوبهم وبيوتهم ورحبوا بالقادمين من سوريا وأوكرانيا والعديد من البلدان الأخرى. وعلينا أن نفعل ذلك مرة أخرى”.
من الواضح أن حمزة يوسف، وهو باكستاني الأصل وله عائلة تعيش حالياً في غزة، لديه حسن النية إذ يريد إنقاذ الناس العالقين في الحروب كالسوريين والأوكرانيين، وكذلك الفلسطينيين فرسالته دائما: ” أنقذوا الناس من الحروب”.
ولكن الرأي السائد في العالم العربي مختلف تمام الاختلاف وهم أيضاً يتمتعون بنوايا حسنة إذ أكد العاهل الأردني الملك عبد الله مؤخرا خلال مؤتمر صحفي في عمّان: “هذا خط أحمر، لا لاجئين إلى الأردن، ولا لاجئين إلى مصر أيضاً”.
من جهته أوضح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سبب اتفاقه مع الملك عبد الله: “إن نزوح الفلسطينيين من غزة إلى مصر يعني أن نزوحا آخر سيحدث للفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن”، مضيفا أن “تحقيق وإرساء دولة فلسطينية سيصبح من المستحيل، لأن الأرض موجودة، ولكن مواطنيها قد غادروها، لذلك أحذّر من خطورة هذا الأمر”.
وأضاف: إذا بقي أهل غزة فقد يُقتلون ولكن إذا غادروا إلى بر الأمان، فلن يتبقى أحد ليعيش في الدولة الفلسطينية المستقبلية المحتملة”.
وقال دبلوماسي هولندي: “كل هذا يتحول إلى معضلة ضخمة هناك أربع وجهات نظر مختلفة حول هذه القضية: إذ يريد اليسار الأوروبي إخراج سكان غزة إلى بر الأمان والترحيب بهم في أوروبا، أما اليمين السياسي فيرفض اللاجئين من غزة إلى أوروبا، فيما يريد الاتحاد الأوروبي أن يغادر سكان غزة مؤقتا إلى مصر ولكن لا يسافروا إلى أوروبا، أما العالم العربي فيريد أن يبقى الفلسطينيون في غزة لحماية فكرة الدولة الفلسطينية المحتملة، لكن في الحقيقة فإن الأمر برمته عبارة عن فوضى كبيرة”.
وفي غضون ذلك، صرح رئيس الوزراء الاسكتلندي، حمزة يوسف، أنه “يجب على المملكة المتحدة أن تبدأ على الفور العمل على إنشاء خطة لإعادة توطين اللاجئين لأولئك الذين يريدون المغادرة من غزة والذين يستطيعون المغادرة”.
كما اقترحت السياسية الأمريكية اليسارية، ألكساندريا أوكاسيو كورتيز Alexandria Ocasio-Cortez، أن تستقبل الولايات المتحدة سكان غزة وقالت إن الولايات المتحدة لها “دور تاريخي” في قبول اللاجئين.