حرب كلامية متواصلة بين القاعدة وداعش في منطقة الساحل

في كلمة صوتية صدرت مؤخرًا بعنوان “الخوارج: شر الخلق تحت أديم السماء”، أطل أبو ياسر الجزائري، المنظّر البارز بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ليبعث برسالة تشجيع إلى الجناح الساحلي للتنظيم، جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM).

إذ يشير إلى أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تحارب أيضًا “الصليبيين (إشارة إلى القوات الغربية) والمرتدين (في إشارة إلى الحكومات المحلية) والملاحدة الروس (يقصد مرتزقة فاغنر)”، ومع ذلك يوضح الجزائري أن “الخوارج” (أي داعش)، هم أسوأ أعداء الجماعة وأكثرهم شرًا.

ويعدد الجزائري جرائم تنظيم داعش في منطقة الساحل بما في ذلك مهاجمة وقتل أعضاء القاعدة والسكان العاديين، ويقول إنه من واجب المجاهدين (في إشارة إلى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) شرعًا محاربة داعش ويؤكد أنهم سيعتبرون شهداء إذا ماتوا في هذا القتال.

واستحضر الجزائري ظروف نشوء الجماعة السلفية للدعوة والقتال عام 1998 التي أصبحت فيما بعد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في أوائل عام 2007، إذ قامت آنذاك بتسويق نفسها على أنها جماعة تعارض العنف الوحشي للجماعة الإسلامية المسلحة ضد المدنيين والتوسع في تكفير الآخرين، وأعلنت نفسها كجماعة تسعى لتبني شكل أكثر اعتدالًا من الممارسات الجهادية.

حرب الكلمات

هدف القاعدة من هذا الإصدار توفير التبرير الديني والعقائدي لكل من جنود التنظيم وعامة الناس لدعم جانب جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الأخيرة في معاركها ضد ما يسمى بـ”ولاية الساحل” التابعة لداعش، مع تكرار دخول الطرفين المتنافسين في مواجهات عسكرية عنيفة خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة لا سيما في منطقة ميناكا شمال مالي.

وبالتالي أصبح فرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يشعر أنه من الضروري رفع معنويات جنوده وحشد رجاله لمواجهة تقدم داعش، ويستعين بأدبيات فقهية قديمة ويركز على المذهب المالكي تحديدًا باعتباره المذهب المنتشر في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل.

هدف القاعدة من هذا الإصدار توفير التبرير الديني والعقائدي لكل من جنود التنظيم وعامة الناس لدعم جانب جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الأخيرة في معاركها ضد ما يسمى بـ"ولاية الساحل" التابعة لداعش

وتضم منطقة الساحل بشكل أساسي أراضي دول بوركينا فاسو والنيجر وتشاد ومالي وموريتانيا وأجزاء من نيجيريا، ورغم هذه التسمية الخادعة إلا أن أغلب هذه المنطقة صحراوية ولا تطل على أية سواحل.

وتمثل رسالة الجزائري أحدث إضافة إلى الحرب الكلامية بين القاعدة وداعش في منطقة الساحل، وقد بدأ هذا الجدل الأيديولوجي إلى حد كبير في نفس الوقت الذي بدأ فيه الجانبان في الاشتباك مع بعضهما البعض في المنطقة.

فطوال السنوات الأربع الماضية قدم المنظرون من كلا الجانبين حججًا دينية ضد بعضهم البعض؛ فعلى سبيل المثال في فبراير 2020، حاولت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين منع أي انشقاقات في صفوفها لصالح داعش، من خلال إصدار كتيبات تهدف للرد على الانتقادات الدينية التي يوجهها الدواعش للقاعدة، ومع ذلك، فإن هذه الكتيبات لم تمنع الجانبين من الانخراط في حرب مفتوحة على شبكة الإنترنت وعلى الأرض.

وقد بدأت هذه الحرب الكلامية عام 2020 عندما انتقدت نشرة النبأ الأسبوعية الداعشية فرع القاعدة علنًا، وألقت باللوم على قيادة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وقائدها إياد أغ غالي، في بدء الحرب بين الطرفين.

في وقت لاحق من ذلك العام صاغ أبو الوليد الصحراوي، أمير الجناح الساحلي لتنظيم داعش آنذاك، نقده الخاص للقاعدة، وأبرز معاناة فروعها الأفريقية من مشاكل القيادة والتماسك، مبينًا أن هذا الخلل التنظيمي أدى إلى عدم قدرتهم على محاربة الفرنسيين بشكل فعال، مما دفعهم للعمل مع فصائل الطوارق المحلية، وبالطبع بدت هذه التحالفات القبلية غير مقبولة بالنسبة للصحراوي.

تداعيات كلمة الجزائري

شهد الفضاء الإلكتروني سجالات حامية عقب هذا الإصدار القاعدي، فقد روج أنصار القاعدة للرسالة الصوتية للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وأوصوا بشدة بالاستماع إليها قائلين إنها تحتوي على حجج قوية ومقنعة لصالح محاربة داعش، وتقدم ذخيرة أيديولوجية مهمة يمكن استهداف التنظيم بها.

وعلى الجانب الآخر نشر أنصار داعش على المنتديات، وقنوات تليغرام انتقادات للقاعدة التي بررت شن الحرب عليهم وقتلهم، ودعا بعضهم المقاتلين الدواعش في منطقة الساحل إلى عدم الرحمة بمقاتلي القاعدة، وربط آخرون بين تلك الرسالة وبين النكسات التي ألمّت بفرع القاعدة في الساحل على يد داعش، وأنهم بدأوا في الشكوى والصراخ بسبب هزائمهم.

ونشروا إصدارات مرئية توثق المعارك التي حقق فيها الدواعش تقدمًا ميدانيًا وتمجد الهجمات ضد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، بينما حاول آخرون دحض الاتهامات الموجهة ضد داعش بما في ذلك وصفهم بأنهم خوارج، ووجهوا اتهامات لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين ببدء القتال ضدهم بالتعاون مع “المرتدين”، مع تلميحات بأن الرسالة الصوتية للقاعدة هي نداء يستهدف استدرار تعاطف ودعم الولايات المتحدة ضد داعش على غرار طالبان التي يتهمونها أيضًا بتلقي المساعدة الأمريكية في محاربة داعش في أفغانستان.

كما اتهم بعض مؤيدي داعش تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين بأنهما يسيران على خطى الفصائل المتمردة التي قاتلت داعش في سوريا، باعتبار أنهم يعتبرون الآن محاربة داعش أولوية على محاربة الأعداء الآخرين، مع اتهام القاعدة بالتعاون مع أجهزة استخبارات معادية ضد تنظيم داعش.

خرائط الدماء.. صراع النسخ الساحلية من القاعدة وداعش

ورفض أنصار داعش الاتهامات بقتل مسلمين أبرياء، واعتبروا بدلاً من ذلك أنه يدافع عن هؤلاء المسلمين، واتهموا تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بالفشل في تطبيق الشريعة الإسلامية في مناطق سيطرته، على عكس داعش، وفق مزاعمهم.

ميادين الساحل الملتهبة

على الرغم من شراسة المعارك بين الجماعتين واستخدام جماعة نصرة الإسلام والمسلمين أساليب مرعبة كالتفجيرات الانتحارية بالسيارات المفخخة ضد خصمها، فإن الكفة يبدو أنها تميل لصالح ولاية الساحل التابعة لداعش (ISSP) في شمال مالي بعد توغلها في منطقة ميناكا، وهو أكبر مكسب إقليمي لفرع تنظيم داعش منذ تأسس.

وبصفة عامة تشهد منطقة غرب أفريقيا تنامياً ملحوظاً في الحضور الإرهابي، وذلك مع الانتشار الكبير للتنظيمين، ويتزايد النشاط الإرهابي بشكل لافت في حوض بحيرة تشاد الذي يضم أجزاء من الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا ومنطقة الساحل الوسطى على طول حدود بوركينا فاسو ومالي والنيجر.

وخلال العام الماضي عانت تلك الدول من تصاعد هذا المد الإرهابي، مع حالة الانفلات الأمني التي تسود المنطقة في ظل تأزم الحالة الاقتصادية، ما يزيد من قدرة الجماعات المتطرفة على تجنيد مزيد من العناصر، ووفق مؤشر الإرهاب العالمي تتصدر هذه المنطقة دول القارة السمراء من حيث عدد التنظيمات الإرهابية.

ويعد تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين أحد أخطر التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل، لسيطرته على أكبر تحالف تابع لتنظيم القاعدة؛ ممثلا في كتيبة المرابطون، وإمارة منطقة الصحراء الكبرى، وجماعة أنصار الدين، وكتائب تحرير ماسينا، ويتمركز نشاط هذا التحالف بشكل أساسي في مالي، وتسعى “ولاية الساحل” الداعشية للتمدد على حسابه.

كما تحاول “ولاية غرب أفريقيا” الداعشية أيضًا التمدد في منطقة بحيرة تشاد التي تضم نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد.

وبالرغم من التشابه الظاهري الكبير بين الطرفين فإن الحرب الميدانية والكلامية بينهما لا تهدأ، مع ضرورة الإشارة إلى أن الخلافات الأيديولوجية في الحقيقة قد لا تمثل دافعًا مستقلا لدى أتباع الجماعتين للقتال والتناحر؛ فالفروق العقدية والفقهية قد لا تصل لإدراك أغلب المقاتلين بقدر ما يهتم بها المنظرون الشرعيون في الجانبين، بل تكون الولاءات الشخصية والقبلية والتطورات الميدانية أكثر وضوحًا وتأثيرًا، ومع ذلك تُسهم الإصدارات الإعلامية التحريضية في حفز همم الجنود للقتال وعدم اعتباره قتال فتنة مع الأشقاء بل واجب شرعي مقدم على قتال أي طرف آخر.

وبينما يعتمد داعش على الترويج لمزاعم امتلاكه دولة خلافة عالمية واعتماده على الإفراط والتوسع في استخدام العنف والمفاصلة مع جميع الأطراف والمزايدة على الجماعات الأخرى، فإن القاعدة تصور نفسها أقل تطرفًا وتحاول التمدد في البنى الاجتماعية المحلية والتوسع الجغرافي ومحاولة حشد القوى المحلية ضد الجيوش النظامية وداعميها الدوليين.

وتلقي حدة المعارك الميدانية بظلالها على السجالات بين أتباع القاعدة وداعش فتزداد حدة هذه السجالات كلما زادت المواجهات على الأرض؛ إذ يسعى الطرفان لحشد قواهما في تلك المعارك وتوفير التبريرات الفقهية لاستحلال دماء الخصوم رغم انتمائهم إلى نفس الملة، وكذلك انتمائهم في السابق إلى نفس الجماعات في بعض الأحيان، وبالتالي تزداد الحاجة لدى الجانبين إلى إعطاء الغطاء الشرعي للمقاتلين لخوض تلك الحروب.

ويؤكد منير أديب، الباحث المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن داعش في الأصل وجوده ضعيف في أفريقيا ووجود تنظيم القاعدة هو الأقدم والأكثر قوة في تلك المناطق وهذا يرجع بشكل جزئي إلى طبيعة الشخصية الأفريقية المسالمة غير الميالة إلى المبالغة في العنف والتطرف لذلك تجد من يتجهون إلى التطرف يميلون إلى التنظيمات الأقل عنفًا وحدة، كما أن كون القاعدة سبقت وجود داعش في تلك المناطق أعطى لها ميزة تنافسية جعلتها تسبق لتجنيد الكثيرين.

خرائط الدماء.. صراع النسخ الساحلية من القاعدة وداعش

وأضاف الباحث المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي في تصريحاته لـ”أخبار الآن” أن عملية تغيير الانتماءات في هذه البيئات لا تتم بسرعة بل إن الفكر الذي ينتشر أولًا يصبح الفكر السائد .

وتابع أن تنظيم القاعدة هو الأكثر قوة وخطورة ويسيطر على مساحات أكثر اتساعا لكن تنظيم داعش هو الأكثر عنفًا ووحشية وصخبًا.

وأشار أديب إلى أنه مع تدهور الأوضاع الأمنية في السودان فإن الخطر الإرهابي الأكبر الذي يتهدده هو خطر تنظيم القاعدة لأن السودان محاط بمنطقة ينشط فيها هذا التنظيم لهذا تمتلك القاعدة هناك ميزة تنافسية في مواجهة داعش.

وتابع أديب أنه ربما نجد أن أغلب المنتمين إلى تلك التنظيمات لا يدركون بشكل واضح الفروق الأيديولوجية الدقيقة بينها ولكن الصراعات بينها صراع ولاءات أما الذين يدركون الأبعاد الفكرية وتفاصيل الخلافات الأيديولوجية فهم قلة قليلة، وبالنسبة للقاعدة وداعش فكلا منهما يكفر الآخر ويرى أن محاربته أولى من قتال أي طرف آخر، كما أنه من المتوقع أن يستمر الصراع بين التنظيمين لأن القاعدة ترى في الدواعش دخلاء على مناطق نفوذها التقليدية، كما يرى داعش نفسه مضطرًا لمواجهة القاعدة في إطار سعيه إلى التمدد في تلك المناطق الأفريقية.

خرائط الدماء

وعلى عكس الحال في شرق القارة، يتصاعد نفوذ داعش بسرعة في غربها حتى أصبحت هذه المنطقة أكثر الأقاليم اكتواءًا بالهجمات الإرهابية؛ فبحسب مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2022، الصادر عن مركز الاقتصاد والسلام (IEP) بسيدني فإن قرابة نصف وفيات الأعمال الإرهابية في العالم كانت من نصيب إقليم جنوب الصحراء.

وفي أواخر مارس الماضي أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه العميق بشأن المكاسب التي تحققها التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل ومحاولات توسيع نفوذها هناك.

وقد رصدت تقارير زيادة أعداد تنظيم داعش الإرهابي في منطقة بحيرة تشاد، فضلا عن حصول هذه العناصر على أسلحة متطورة وانتشارهم بكثافة في المنطقة منذ مطلع شهر أبريل.

وبصفة عامة تشهد المنطقة منذ العام الماضي تصاعدًا لافتا في عمل هذه التنظيمات؛ وتمثل هذه الظاهرة استمرارا للمنحنى الذي بدأ في الصعود العام الماضي؛ فقد شهدت منطقة بحيرة تشاد عودة ظهور بوكو حرام بعدما كانت تراجعت وانقسمت ما بين القاعدة وتنظيم داعش في غرب إفريقيا بالتزامن مع انتشار جغرافي للهجمات خارج ولاية بورنو في شمال شرق نيجيريا، فشن داعش العام الماضي هجمات في ولايات كانو وكوجي والنيجر وتارابة النيجيرية.

كما شهدت حوالي ثلثي المناطق الإدارية في مالي وبوركينا فاسو وغرب النيجر، هجمات إرهابية بدرجات مختلفة عام 2022، بينما كان هذا الرقم في 2017 مثلا أقل من الثلث.

كما شهدت منطقة الساحل تضاعفًا تقريبًا في الوفيات، وأكثر من ضعف عدد الأحداث العنيفة التي تورطت فيها الجماعات المتشددة منذ عام 2020، حتى أستأثر الساحل وحده ب 40 في المائة من مجموع الأنشطة العنيفة التي تقوم بها الجماعات المتشددة في جميع أنحاء أفريقيا، مما تسبب في نزوح أكثر من 2.6 مليون شخص معظمهم في بوركينا فاسو التي شهدت أكثر من 1.8 مليون نازح.

مركز النشاط الإرهابي في العالم

بحسب رئيس جزر القمر والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، غزالي العثماني، فإن الإرهاب “انفجر” في أنحاء القارة عام 2011، عندما اندلعت الأزمة الليبية فتدفق آلاف المحاربين الأجانب إلى منطقة الساحل وانتشرت الأسلحة بشكل لا يمكن السيطرة عليه.

وكانت ليبيا مدخل داعش إلى أفريقيا، في أول انتشار للتنظيم خارج منطقة العراق والشام، وتعد درنة أول مدينة ليبية تدرب فيها عناصر التنظيم، وفي أوائل عام 2014 عاد إلى البلاد بعض الليبيين الدواعش الذين كانوا ينتمون إلى وحدة كتيبة البتار الداعشية في سوريا، وفي يونيو 2015، استولى داعش على سرت، وفي نفس الشهر استطاعت جماعة مجلس شورى المجاهدين، المتحالفة مع القاعدة، طرد داعش من درنة، واحتفت القاعدة بهذا الإنجاز في بيان أصدره فرعها في بلاد المغرب الإسلامي.

وبينما كان العالم يحبس أنفاسه وهو يشاهد صعود التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق، شهدت تلك السنوات تمددًا آخر في مجاهل أفريقيا لم يسترع ذلك الانتباه الدولي.

ففرع داعش الذي يُعرف اليوم باسم “ولاية الساحل” تأسس منذ سنوات على يد أبو الوليد الصحراوي، القيادي الذي انقلب على القاعدة، وبايع تنظيم داعش، لكن الأخير لم يعترف به علناً حتى أكتوبر 2016. ولم يتم إظهار وجوده في الساحل رسميًا حتى مارس 2019، من بوركينا فاسو، والأدهى أن داعش لم يمنح فرعه هذا لقب “ولاية الساحل” إلا بعد مقتل الصحراوي في 17 أغسطس 2021، إذ كان فرع “ولاية غرب أفريقيا” يعلن مسؤوليته عن العمليات في منطقة الساحل.

ومن المفارقات أن هذه المنطقة تحديدًا من العالم ظلت بمنأى عن أي مواجهة بين داعش والقاعدة، وما إن انتهى هذا الهدوء الحذر عام 2020 حتى انفجرت شلالات الدماء في حرب طاحنة بين الجانبين لم تتوقف تطوراتها منذ سنوات.

وأصبح الجزء الوحيد من العالم الذي تجنب فيه الجماعتان قتال بعضهما البعض أشد ساحات المعارك بينهما بشكل لا يُقارن بأي ساحة أخرى اليوم، وأصبح قضاء كل منهما على الآخر هدفًا له الأولوية على ما عداه، وعلق السكان المدنيون بينهما ولم يُترك لهم خيار الحياد والنأي بأنفسهم عن تلك الحرب دون الانحياز إلى أحد الجانبين، بل من لم تحرقه الحرب مباشرة ناله شررها وشرها.

وحتى اليوم لم تستطع القاعدة وقف تمدد داعش ولا هو استطاع اقتلاع نفوذها من الساحل لتصبح المنطقة مركز اشتعال الأنشطة الإرهابية على مستوى العالم، ويستمر التحريض المتبادل من الجانبين عبر الإنترنت لإذكاء هذه الحرب العبثية التي أهلكت الحرث والنسل وأذاقت سكان الساحل ويلات صراعات لا شأن لهم بها.