كادت الخلافات السياسية والصراعات الشخصية أن تكلّف يفغيني بريغوجين موقعه المتميّز في دائرة ثقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فعلى مدار الحرب في أوكرانيا، أزالت وزارة الدفاع الروسية تدريجياً الحدود بين المرتزقة والجيش. وقد سيطرت القوّات المسلّحة بشكل أساسي على شبكة التجنيد التي أنشأتها مجموعة فاغنر، والتي استبعدت نفسها إلى حدّ كبير من الغزو الأوّلي لأوكرانيا في فبراير 2022.

كادت الخلافات السياسية والصراعات الشخصية أن تكلّف يفجيني بريغوجين موقعه المتميّز في دائرة ثقة بوتين

كان آداء الجيش الروسي وجماعات المرتزقة الأخرى سيئاً للغاية في ساحة المعركة، ومع ذلك، فقد استدعت موسكو في نهاية المطاف موظفي فاغنر النظاميين، وأعادت بذلك بريغوجين إلى نِعم بوتين الطيبة.

القادة العسكريون الروس توصّلوا إلى فكرة في العام 2010 لإنشاء مجموعة مرتزقة يمكنهم السيطرة عليها. وقد قامت هيئة الأركان المشتركة باستغلال الأوليغارش يفجيني بريغوجين في تقديم الطعام لإدارة العملية، باستخدام الأموال المكتسبة من العقود الحكومية المربحة، لتزويد القوّات المسلّحة بالطعام. ومقرّ الشركة الخاصة الجديدة في كراسنودار، قرب اللواء العاشر لمديرية المخابرات الرئيسية. ومع العلم أنّ مجموعة فاغنر مازالت تعتمد بالكامل على البنية التحتية للجيش الروسي والمعدّات التابعة لها، إلّا أنّها أنشأت شبكة مستقلة من المجنّدين، وفق ما قالت مصادر قريبة من الشركة.

قبل غزو أوكرانيا، وكجزء من جهودها الأوسع لإدارة مجموعات المرتزقة مباشرة بشكل أكثر، سيطرت وزارة الدفاع على شبكة الإنترنت التي استخدمتها مجموعة فاغنر للإعلان عن الوظائف الشاغرة. وقال شخص مقرّب من إدارة الشركة لموقع “ميدوزا”: “نحن بحاجة إلى علامتك التجارية لأنّها معروفة جيّداً، لكنّنا سنقوم بالتجنيد بأنفسنا، باستخدام علامتك التجارية”، قائلاً إنّ “الجيش أضرّ بسمعة فاغنر عن طريق خفض المعايير”. وأضاف: “إنّهم يوظفون من دون حتّى اختبار المخدرات”.

منافسات وصراعات

وحتّى عندما تمّ تجنيدهم بتلك الطريقة، لم تصل مجموعة فاغنر إلى الخطوط الأمامية في أوكرانيا حتى أواخر مارس 2022. وقبل أشهر، وبينما كانت روسيا لا تزال تستعد للغزو، كان النفوذ السياسي ليفجيني بريغوجين يعاني. وفي الواقع، ذكرت مصادر متعدّدة أنّ بريغوجين معرّض لخطر التراجع والإبتعاد عن الإدارة الرئاسية ووزارة الدفاع الروسية.

”طباخ بوتين“ يفغيني بريغوجين كاد يخسر موقعه المتميّز لدى بوتين.. فكيف استعاده؟

مقتل جندي روسي خارج خاركيف

بريغوجين رفض قبل بدء حرب روسيا على أوكرانيا في فبراير تعبئة مرتزقته من دون أوامر مباشرة من بوتين

عشية 24 فبراير، كان بريغوجين يحاول من دون جدوى الوصول إلى معارفه في المديرية الرئيسية لهيئة الأركان العامة، كما يقول المدير التنفيذي لشركة بيلينغكات كريستو غروزيف، لكنّه لم ينجح إلّا بعد بدء الغزو.  وقال مصدر مطلع على الأمر إنّ بريغوجين رفض قبل بدء الحرب في فبراير تعبئة مرتزقته لأوكرانيا من دون أوامر مباشرة من بوتين.

وفقاً لمصدرين مقرّبين من الكرملين وإثنين آخرين على صلة بالأوليغارشية، فإنّ بريغوجين لا يوافق على سيرجي كيرينكو (قيصر السياسة الداخلية لبوتين)، لا سيّما لدعمه حاكم بطرسبورغ الكسندر بيغلوف. وقد أصبح الخلاف بين بريغوجين وبيغلوف جدلاً عاماً في الشتاء الماضي عندما بدأ بريغوجين في انتقاد حكومة بطرسبورغ الإقليمية لفشلها في إزالة الثلوج والقمامة. (زُعم أن بريغوجين استأجر زعيم فرقة لمدينة لينينغراد سيرجي شنوروف لكتابة وآداء أغنية تسخر من الحاكم). وكذلك اشتمل الإشتباك على المال والسياسة، بالإضافة إلى الوصول إلى الإقتراع في العام 2021 لمرشحي الجمعية التشريعية المحلية المفضّلين لدى بريغوجين.

على الرغم من الحرب في أوكرانيا، إلّا أنّ بريغوجين لم يتراجع.. ففي 5 يوليو 2022، وفي مقابلة مع إحدى وسائل الإعلام التي يسيطر عليها، وصف بيغلوف بأنّه حاكم طاغية ولا يريد إنجاز أيّ شيء. مع افشارة إلى أنّ مشكلة بريغوجين الرئيسية ترتبط بالعقود الحكومية لتطوير منطقة جورسكايا السياحية على خليج فنلندا. ففي العام الماضي، وقّعت شركة تابعة لبريغوجين اتفاقية مع سلطات سانت بطرسبورغ لإكمال ذلك المشروع، لكن المسؤولين في النهاية استأجروا شركة أخرى، رافضين خطط بريغوجين لبناء مصانع داخل المنطقة السياحية.

تشاجر بريغوجين أيضاً مع وزير الدفاع سيرجي شويغو، متهماً مكتبه باستخدام “أساليب عفا عليها الزمن” غير فعّالة في سوريا. وفي تلك الأثناء، يقال إنّ شويغو كان غير راضٍ عن خدمات بريغوجين  للتموين، وذلك على ما يبدو سبب خسارة بريغوجين للعديد من عقوده العسكرية في السنوات الأخيرة. (ممثلو بريغوجين ووزارة الدفاع الروسية رفضوا التعليق على تلك المزاعم).

كما أثار بريغوجين غضب القيادة العسكرية العليا لروسيا في فبراير العام 2018 عندما هاجمت مجموعة فاغنر مصنعاً لمعالجة الغاز في دير الزور في سوريا، ما أدّى إلى ردّ أمريكي كبير أسفر عن مقتل العشرات من المرتزقة الروس. وقد أورد الصحافيون في موقع “ذا بال” (The Bell) لاحقاً أنّ مجموعة فاغنر تصرفت من دون الرجوع إلى وزارة الدفاع الروسية، حيث نفّذت صفقة خاصة مع نظام الأسد منحت الشركة ربع إجمالي عائدات النفط والغاز المنتجين في المنشآت المحررة في المنطقة.

”طباخ بوتين“ يفغيني بريغوجين كاد يخسر موقعه المتميّز لدى بوتين.. فكيف استعاده؟

جنود أوكرانيون ودمار آلات الحربية الروسية في بوتشا، المدينة التي أصبحت الرمز الرئيسي لفظائع الحرب الروسية.

 

الموجة الأولى

في الأسابيع الأولى من الغزو، كان معظم المرتزقة الروس الذين يقاتلون في أوكرانيا من شركة عسكرية خاصة تسمى “Redoubt”. تم نشر مئات المقاتلين من تلك المجموعة في وحدات مختلفة تحمل أسماء  “مثيرو الشغب”، “الذئاب” و “الفؤوس” وفق ما أكّدت خمسة مصادر لموقع ميدوزا. وتمّ تشكيل تلك الوحدات وإرسالها إلى أوكرانيا بسرعة فائقة. ولملء تلك المناصب، جنّدت شركة “Redoubt” جنوداً وضبّاطاً سابقين مدرجين في القائمة السوداء على مرّ السنين لأسباب متنوعة، منهم رجال تمّ رفضهم في المقابلات السابقة أو تمّ تعيينهم ثم طردهم.

كان أحد هؤلاء المجنّدين إيفان ميخيف، قائد سرب سابق منح قيادة جديدة مع “Redoubt”. في الأيّام الأولى من الغزو ، عبرت مجموعة ميخيف الصغيرة الحدود إلى أوكرانيا عبر بيلاروسيا وتوجهت إلى كييف. لكن سرعان ما تعرضت تلك المجموعة من المرتزقة لنيران صديقة، وقد أصيب ميخيف الذي أُعيد إلى روسيا، حيث توفي بينما كان يخضع لعملية، إثر جلطة دموية، وذلك بعد 3 أسابيع بحسب زملائه في المرتزقة. وقد شارك اتحاد متطوعي دونباس وحفنة من الأصدقاء نعياً على وسائل التواصل الاجتماعي. ليتمّ دفنه في 28 مارس.

شركة “Redoubt” التي لا يزال لديها عدد كبير من المقاتلين في أوكرانيا، تخضع للسيطرة الكاملة لوزارة الدفاع الروسية، كما تقول 4 مصادر، بما في ذلك أحد القادة السابقين في Redoubt. يقع المقر الرئيسي للمجموعة في بلدة كوبينكا، خارج موسكو على الأرض المتاخمة لقاعدة اللواء 45 المحمول جواً. أخبر قدامى المحاربين الذين عملوا في القاعدة، والعديد من المرتزقة لموقع ميدوزا، أنّ جنوداً من اللواء مسؤولون عن إدارة الشركة العسكرية الخاصة.

مجرد مسؤول عسكري غبي

عندما أدّت الخسائر الفادحة في ساحة المعركة إلى إعاقة شركة “Redoubt” فعلياً ، أعادت وزارة الدفاع الروسية تجميع المجموعة في القاعدة في كوبينكا. في تلك المرة، دعا الجيش المقاتلين إلى توقيع عقود قصيرة الأجل للخدمة الرسمية في القوات المسلّحة. وقال أحد المرتزقة لميدوزا إنّ نائب وزير الدفاع يونس بك يفكوروف نظّم ذلك الإنتقال. (تجدر الإشارة إلى أنّ يفكوروف لم يستجب للمكالمات بغية الإستسفار).

وعلى الرغم من أنّ العديد من المقاتلين وقّعوا عقوداً برضاهم، إلّاّ أنّ العمل المباشر في وزارة الدفاع لم يضمن كفاءة أكبر. فقد اشتكى العديد من المرتزقة المجنّدين إلى من أنّ وزارة الدفاع فشلت حتى في دفع الرواتب والمكافآت كما وعدت. وقال أحدهم: “أريد مستحقاتي… الآن أنا مجرّد لقيط فقير بلا حقوق! وكل ما بقي لي لأؤمن به هو نفسي وبندقية AK-47 الخاصة بي”.

يقول أحد المرتزقة المخضرمين في شركة “Redoubt” إنّ الحالة المتدهورة للقوات النظامية الروسية والخسائر الفادحة التي تكبدتها في المعركة، صدمته عندما كان في أوكرانيا. وأضاف: “أشعر بالأسف لهؤلاء الأطفال الذين يبلغون من العمر 18 عاماً والذين وقعوا عقداً للقتال إذ أنّهم يؤمنون بالدولة وقادتهم، فقط لأعلم أنّ القائد مجرّد مسؤول عسكري غبي، متحدثاً كيف صُدم الجنود الشباب لرؤية المرتزقة المحترفين يتقدمون في المعركة من دون خسائر تعيقهم. وتابع: إنّهم يرسلون المقاتلين إلى الموت من أجل لا شيء، فالقوّات المحمولة جواً لم تعد موجودة ولم يتبقَّ سوى عشرات الأشخاص أو نحو ذلك في شركات بأكملها”!

”طباخ بوتين“ يفغيني بريغوجين كاد يخسر موقعه المتميّز لدى بوتين.. فكيف استعاده؟

مقاتل متطوع في قوات الدفاع الإقليمية الأوكرانية ينظر لجثة جندي ميت خارج خاركيف.

يستخدم الجيش الروسي مقاتلي فاغنر كقوّة هجوم رئيسية في أوكرانيا، وقد قُتل وجُرح العديد من جنود الشركات العسكرية الخاصة في أوكرانيا

في 11 من مايو، شهدت عناصر مرتزقة شركة “Redoubt” خسارة أخرى، تمثّلت بتدمير المدفعية الأوكرانية مجموعة تكتيكية من لواء البندقية الآلي 35 للحرس الروسي، عندما حاولت عناصر اللواء عبور نهر سيفيرسكي دونيتس في منطقة لوهانسك. آنذاك، تحدّثت التقارير عن حالة الفوضى المطلقة، إذ اشتعلت النيران في صفوف المركبات القتالية للمشاة، واحترق مشغلوها أحياء، فيما كانت هناك دبابات متروكة عند جسر عائم مدمّر، والجنود يهربون في المياه.

في النهاية، كلّف الفشل الذريع في النهر روسيا فرصة لتطويق ما يقرب من 15000 جندي أوكراني في ليسيتشانسك وسيفيرودونيتسك. (استولت القوات الغازية في النهاية على تلك المدن، ولكن ليس قبل أن يتمكن الجيش الأوكراني من التراجع).

كما عانت وحدات شركة “Redoubt” في أوكرانيا من الخسائر، إذ أخبر أحد المرتزقة التّابعين للشركة موقع ميدوزا أنّ مجموعته تمكنت “من دون تعب” من الإستيلاء على بلدة خارج كييف والسيطرة عليها في وقت مبكر من الحرب، لكنّها واجهت مقاومة شرسة في منطقة دونيتسك عندما حاولت قطع خطوط الإمداد الأوكرانية. فقال: “أعادونا الى هناك.. الخسائر التي تكبدناها… كان الوضع جنونياً… لو كان الوضع مثل ما يعرضونه على التلفزيون لكنّا احتلينا بولندا بالفعل ناهيك عن كييف”.

انضمت عناصر المرتزقة الذين جنّدتهم شركة “Redoubt” أيضاً إلى جنود آخرين من المرتزقة في فرق تمّ نشرها في أوكرانيا. ويوجد حالياً ما لا يقل عن مجموعتين، لكل منها 200 رجل، تعمل في منطقة دونباس، ويتولى قادة مجموعة فاغنر السابقون المسؤولية عن كليهما.

الفاغنر إلى الواجهة من جديد

في 16 أبريل 2022، نشر نائب مجلس الدوما فيتالي ميلونوف صورة مع يفجيني بريغوجين. كان الرجلان يرتديان ملابس مموهة ويبتسمان أمام مدرسة في بيرفومايسك في منطقة لوهانسك في أوكرانيا. على بعد أميال قليلة إلى الشرق، كانت عناصر مرتزقة بريغوجين يقاتلون بأسنانهم وأظافرهم للقبض على بوباسنا. ( في ما أصبح بعد شهرين أكبر اختراق للمجموعة حتى الآن في الغزو، استولت على البلدة الصغيرة).

”طباخ بوتين“ يفغيني بريغوجين كاد يخسر موقعه المتميّز لدى بوتين.. فكيف استعاده؟

يفجيني بريغوجين مع نائب مجلس الدوما فيتالي ميلونوف (الصورة نشرها الأخير) يرتديان ملابس مرقطة في منطقة لوهانسك في أوكرانيا

في فترة الربيع، ربّما لمعالجة الآداء القتالي البائس للقوات النظامية الروسية والمقاتلين “المجنّدين على القائمة السوداء”، أمرت وزارة الدفاع مجموعة فاغنر بإعادة نشر بعض فريقها الأساسي في أوكرانيا، والذي كان يعمل في ذلك الوقت في أفريقيا وسوريا، وليبيا.

وقال مصدر يعرف العديد من هؤلاء الرجال إنّ بعض “محترفي فاغنر” ذهبوا إلى أوكرانيا لأسباب إيديولوجية بحتة. العديد من المرتزقة في الشركة لهم جذور أوكرانية. وأوضح: “إنّهم من ليسيشانسك، بوباسنا، سلوفيانسك، “لقد جاؤوا لسحق الأوكرانيين بفكرة تصفية حساباتهم للذين قُتلوا في عامي 2014 و 2015.

اليوم، يستخدم الجيش الروسي مقاتلي مجموعة فاغنر كقوّة هجوم رئيسية في أوكرانيا، “يستأجر” المرتزقة لتوجيه وحدات الجيش. ونتيجة لذلك، قُتل أو جُرح العديد من جنود الشركات العسكرية الخاصة في أوكرانيا. في حالة واحدة على الأقل، أمر قائد فرقة فاغنر رجاله بالخوض في معركة من دون مدفعية أو غطاء جوي. وأكّدت 3 مصادر أنّ قائد الفرقة سرعان ما مات، على الرغم من وجود خلاف حول ما إذا كان قد مات في ظروف غامضة بعد عودته إلى روسيا أو أعدمه جنوده “بموجب قوانين الحرب” في الميدان.

”طباخ بوتين“ يفغيني بريغوجين كاد يخسر موقعه المتميّز لدى بوتين.. فكيف استعاده؟

المعدات الثقيلة الأوكرانية بالقرب من لوهانسك

فشل الجيش الروسي في تزويد مرتزقة فاغنر بالمؤن المناسبة أدّى إلى تفاقم الخسائر في ساحة المعركة بأوكرانيا

كما أدّى فشل الجيش في تزويد مرتزقة فاغنر بالمؤن المناسبة إلى تفاقم الخسائر في ساحة المعركة. على سبيل المثال، قال أحدهم إنّ المقاتلين الذين أرسلوا لاحتلال بوباسنا كانوا مسلّحين بالحد الأدنى من الذخيرة. فقال: “أربع جولات لرجل! إذا لم أكن في نفس القرف بنفسي، فلن أصدق ذلك أبداً “.

على الرغم من تلك النضالات، من الواضح أن القبض على بوباسنا أدى إلى رفع مستوى مجموعة فاغنر في نظر السلطات الروسية. بعد أسبوعين، في اعتراف علني نادر، ألمح مراسل تلفزيوني حكومي إلى بي م سي (PMC) في إذاعة وطنية ، قائلاً: “يمكنك دائماً العثور عليها حيث يكون الجو حاراً للغاية، ولكن لا توجد كلمة واحدة عنها”.

وتجاهل المراسل أن يذكر أن مسؤولين في أوكرانيا وأفريقيا اتهموا مرتزقة مجموعة فاغنر بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين.

على الرغم من أن الجيش الروسي قد تحول مرة أخرى إلى مرتزقة النخبة من يفجيني بريجوزين إلاّ أن المشاعر الحقيقية لحكم الأوليغارشية بشأن دوره في الغزو لا تزال غير واضحة. أخبر أحد معارفه في سانت بطرسبرغ موقع ميدوزا أن بريغوجين يتخيّل في الواقع نفسه أمير حرب، لكن زميلاً آخر يصرّ على أنه أكثر اهتماماً بالحفاظ على العقود والتزامات وزارة الدفاع في سوريا وإفريقيا.

مهما كانت دوافعه، يبدو أن بريغوجين حصل على ميدالية النجمة الذهبية واللقب الفخري لبطل روسيا لإيصال رجاله إلى الخطوط الأمامية في أوكرانيا. أخبر مصدران مقربان من الإدارة الرئاسية موقع ميدوزا أن الجائزة صدرت بعد أن أثبتت مجموعة فاغنر نفسها من خلال تأمين المستوطنات في منطقة لوهانسك.

وبفضل تلك المآثر على الأرض، ارتفع مخزون بريغوجين مع فلاديمير بوتين الآن، وفق ما قال مصدران مطلعان على الإدارة لميدوزا، زاعمين أن قطب المطاعم ينتمي الآن إلى “الدائرة الداخلية” للرئيس في زمن الحرب.

تجنيد وزارة الدفاع من خلال الشركات العسكرية الخاصة كان بمثابة شكل من أشكال التعبئة السرية، ما سمح للكرملين بتجميع المزيد من الجنود من دون الإخلال بالوضع المحلي في البلاد

اتفق كل من تحدّث إلى ميدوزا في تلك القصة على أنّ تجنيد وزارة الدفاع من خلال الشركات العسكرية الخاصة، كان بمثابة شكل من أشكال “التعبئة السرية”، ما سمح للكرملين بتجميع المزيد من الجنود من دون الإخلال بالوضع المحلي في البلاد. وقد أدّت العملية إلى محو الحدود بين مجموعات المرتزقة والقوات النظامية والمتطوعين تماماً.

ابتداءً من فترة الربيع، بدأت المناطق في كلّ أنحاء روسيا في تجنيد جنود متعاقدين (ليسوا دائماً من السكان المحليين) لتشكيل “كتائب متطوعين” للقتال في أوكرانيا. ظهرت كتائب في الشيشان، تتارستان، باشكيريا، بيرم، كيروف، ونيجني نوفغورود.

وقد عُلم أنّ وحدة أخرى تتواجد في العاصمة الروسية موسكو، وهي معروفة بشكل غير رسمي للمجندين والمرتزقة باسم “فوج سوبيانين” (اسم غريب نظراً لجهود العمدة سوبيانين لإبعاد نفسه عن الحرب). وقد حصل موقع ميدوزا على رقم هاتف المجند في فوج سوبيانين، وهو أحد قدامى المحاربين في الجيش، وتم الإتصال به.

نامباستر (NumBuster) وغات كونتاكت (Get Contact) تحت إسم رومان فلاديميروفيتش فيسوتسكي. الرجل الذي يحمل ذلك الاسم الدقيق هو أيضاً المسؤول التنفيذي السابق لفوج البندقية الآلية الهجومية المنفصلة التاسع في جمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة ذاتياً. يُعرف أيضاً باسم “البلغاري”، ويقدم فيسوتسكي نفسه على أنّه “قائد كتيبة” في “فوج سوبيانين”. بدأ التوظيف في وحدته مؤخراً، بدءاً من 1 يوليو.

عندما اتصل صحافي من موقع ميدوزا بالرقم، متظاهراً بأنّه مرتزق مهتم، قال المجنّد إنّه ستكون هناك فترة تدريب لمدّة شهر قبل النشر. كما وعد براتب عسكري قياسي من وزارة الدفاع بالإضافة إلى تعويض إضافي لا يقل عن 200000 روبل (أكثر من 3400 دولار)، وسيتمّ تحويله على 4 دفعات من ميزانية مدينة موسكو. ستصل الأموال على بطاقات الخصم VTB الخاصة. يجب على المتقدّمين التسجيل في مكتب التجنيد العسكري في منطقة تشيرتانوفو بموسكو بحلول 15 يوليو.

شاهدوا أيضاً: بوتشا تحولت إلى مقبرة كبيرة وجثث كثيرة مازالت مطمورة…