في ظلّ الأزمة السياسية الكبيرة التي تعيشها تونس، والتي تتمثل بالصراع بين الفرقاء السياسيين في البلاد حيث اتخذ الرئيس قيس سعيّد قرارات جريئة مؤخراً، قضت بتجميد عمل البرلمان لمدّة شهر وحل الحكومة برئاسة علي المشيشي التابع لجماعة الأخوان، يتزايد الواقع التونسي تردياً ليطال شرائح المجمتع كافةً. 
أوّل حلّ بالنسبة للشباب التونسي، أنّهم باتوا يفكّرون بالهجرة إلى الخارج، في الدرجة الأولى، سواء مَنْ يملك منهم الشهادات، أو مَنْ هم من الطبقة العاملة. فالشكوى إذاً لا تفارق أحداً في تونس.
وطأة الوضع الإقتصادي السيئ وآثاره تسيدت الموقف خصوصا وان الشريحة الأكبر والمتمثلة بفئة الشباب لم تعد تنتظر دورها في دخول مرحلة البطالة هذه المرة، إذ أن ذلك الأمر طالها وأصاب المتعلمين من أصحاب الشهادات العليا أيضاً.
تونس.. شباب واعدون يفقدون الأمل ويوجهون رسالة إلى السياسيين

رجل مسن يعبر من امام نقطة تفتيش للشرطة في العاصمة تونس

 
ولتسليط الضوء أكثر على الواقع المرير الذي تعيشه النخب في تونس، جالت كاميرا “أخبار الآن” في شوارع العاصمة التونسية، حيث التقت إثنين من حملة شهادة الدكتوراه اللذين تحدثا عن الواقع الأليم الذي يعانون منه.
 منال السالمي، وهي باحثة تونسية حاصلة على درجة الدكتوراه في الكيمياء، عاطلة عن العمل، تقول لـ”أخبار الآن“، إنّ عدد المعطلين عن العمل تفاقم في تونس بشكل كبير ليطال قرابة ربع السكان الناشطين. وأضافت أنّ البطالة مسّت كلّ الشرائح ووصلت حتى لأصحاب أعلى شهادة وطنية في وزارة التعليم العالي، وهم الدكاترة الباحثين الذين درسوا لمدّة 16 عام بعد مرحلة البكالوريا.
 
وأكّدت الباحثة، وفقاً للتجارب التي خاضتها في حربها ضدّ البطالة، أنّ الدولة لا تملك استراتيجية للإستثمار بالشباب التونسي كثروة بشرية قادرة على النهوض بالبلاد ورسم مستقبل أفضل لتونس جديدة تؤمن بالعلم والمعرفة.
ولفتت السالمي إلى أنّ هناك مشكلات اجتماعية كبيرة تعاني منها الدولة التونسية جرّاء البطالة، ما يوجب إيجاد استراتيجية واضحة لحل هذه المشكلة، من خلال فتح الآفاق أمام أصحاب الشهادات العليا للحصول على عمل، ما يساهم بضخ الأموال لفتح مشاريع تساهم في توفير فرص عمل لكلّ شرائح المجتمع، مؤكّدة في الوقت ذاته وجوب أن تكون هناك استراتيجية ورؤية للإستثمار في كلّ الطاقات البشرية في البلاد.
تونس.. شباب واعدون يفقدون الأمل ويوجهون رسالة إلى السياسيين

الواقع الاجتماعي في تونس يزداد تدهوراً مع ارتفاع نسبة البطالة

 
من جانبه، قال فتحي السعدي، الشباب التونسي الحاصل على شهادة الدكتوراه في اللغة العربية، وهو أيضاً عاطل عن العمل، إنّ موضوع البطالة في تونس شائك بالنسبة لغالبية القطاعات، ونحن الدكاترة عاطلون عن العمل، وقد بلغ عددنا نحو  4000 شخص.
تونس.. شباب واعدون يفقدون الأمل ويوجهون رسالة إلى السياسيين

نسبة الفقر في تونس تواصل الازدياد مع تردّي الوضع الاقتصادي

 
وأوضح أنّ أسباب البطالة عديدة، إذ أنّ الدولة التونسية أصبحت تهمّش الكفاءات، مؤكّداً أنّ الكفاءات باتوا اليوم على قارعة الطريق. وأضاف أنّ البطالة تتفاقم أكثر فأكثر، واليوم هناك 4000 دكتور وغداً سيصبحون 7000 أو 10 الاف. وتابع: هناك مؤشرات على خطورة البطالة، وهي أنّ التلامذة الذين يدرسون اليوم لا يستمعون للنصحية بأن يهتموا بدراستهم، إذ أنهم يقولون: انظروا الى أنفسكم أنتم الدكاترة أين وصلتم… بالاضافة الى هجرة الادمغة جراء الوظائف الشاغرة التي لا يتم تعينهم بها… وقد وجه السعدي في الختام رسالة إلى السياسيين في تونس، داعياً إيّاهم إلى العمل بضمير من أجل خير تونس وشبابها.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد، قال في وقت سابق، إنّه “تحمل الأمانة باتخاذ التدابير الاستثنائية في إطار الدستور بهدف تكريس سيادة الشعب والحفاظ على الدولة ووضع حدّ لكل مظاهر العبث بمؤسساتها وتعطيل سيرها”. وفق بيان للرئاسة التونسية.

شاهدوا أيضاً: شباب تونس.. بين فساد الداخل وأنياب الصين