مع غزو روسيا لأوكرانيا، وقفت غالبية تتار القرم إلى جانب أوكرانيا، لينخرط الكثير من مسلمي التتار في القتال إلى جانب القوات الأوكرانية، وهم اليوم يلعبون أدواراً مختلفة أيضاً تمتد من الأمور القتالية إلى اللوجستية وغيرها… تلك الحرب دفعت الكثير من المسلمين التتار إلى تشكيل كتائب مدنية للقتال ضدّ القوات الروسية، يقاتلون الآن لتحرير كلّ الأراضي التي احتلها الروس، حتّى يتمكنوا من إيجاد طريق للعودة إلى ديارهم، شبه جزيرة القرم. ذلك المسار التتاري تلقفته أوكرانيا على الصعيد المؤسساتي السياسي كما على الصعيد الشعبي، وقد كان تعيين رستم أوميروف (Rustem Umerov) من قبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (Volodymyr Zelenskyy)، في منصب وزير الدفاع مؤخراً، خطوة لافتة، إذ أنّ الرجل هو من تتار القرم الذي صعد من خلال القطاع الخاص ولعب دوراً رئيسياً في بعض المفاوضات الأكثر خطورة في الحرب.

سيرفير باكيروف.. المقاتل التتاري

في قلب العاصمة الأوكرانية كييف، وفي مقهى شيبوريك (Cheburek) الذي يرتاده التتار في لعادة، التقينا المقاتل التتاري سيرفير باكيروف (Server Bekirov). يتحدر الرجل من شبه جزيرة القرم التي يضع العودة إليها كهدف من قتاله إلى جانب الأوكرانيين.

سيرفير باكيروف.. مقاتل تتاري حرمته روسيا من تشييع أمّه وأصرّ على قتالها رغم مرضه

أخبار الآن تلتقي المقاتل التتاري سيرفير باكيروف في كييف

تحدّث باكيروف لـ”أخبار الآن” عن تجربته في تلك الحرب والأسباب التي دفعته للإنخراط فيها، يعتليه الأمل في النصر والعودة إلى موطنه شبه جزيرة القرم. يقول: “تاريخ تتار القرم هو عبارة عن قتال، فنحن نقاتل من أجل البقاء، ونقاتل من أجل استعادة أرضنا، لذا لم يكن أمامي خيار، فإمّا القتال أو الإستسلام، وبالتالي اخترت القتال طبعاً”.

يتابع: “لقد شاركت في القتال منذ بدء الغزو في 27 فبراير العام 2022، كنت في صفوف الجيش وكنت حينها قد أديت اليمين، خضعنا أوّلاً لفترة تدريبية، ثمّ انطلقنا إلى دونباس، وقد شاركت في القتال على كلّ الجبهات. الوضع كان صعباً جدّاً عندما كنت هناك، فقد خسرنا الكثير من الرفاق، وكان هناك العديد من الجرحى، أصيب بعضنا، والبعض دخل المستشفى، لكن تلك خسائر طفيفة أمام ما تمكّنا من تحقيقه هناك”.

سيرفير باكيروف.. مقاتل تتاري حرمته روسيا من تشييع أمّه وأصرّ على قتالها رغم مرضه

رغم إصابة باكيروف بمرض السكري إلا أنّه أصرّ على مواصلة القتال – أخبار الآن

رغم إصابته بالسكري إلّا أنه رفض التراجع

رغم إصابة باكيروف بمرض السكري إلّا أنّه أصرّ على مواصلة القتال وقد تفانى بذلك، حتّى أنّه لم يتمكن من حضور جنازة والدته لتواجده على جبهة القتال: “تم تشخيص إصابتي بمرض السكري، وبات الجميع يسألني ما إذا كنت سأتوقف عن القتال، لكنّني لم أفعل ولن أفعل ذلك. هدفي الرئيسي هو تحرير شبه جزيرة القرم، ربّما لو قالت الحكومة الأوكرانية لندع الآن شبه جزيرة القرم ونركّز قتالنا في أوكرانيا فقط، لم أكن سأشارك في الحرب، أنا لا يهمّني سوى شبه جزيرة القرم، يجب أن أعود إليها، بسبب الروس لم أتمكن من حضور جنازة والدتي، يجب أن أعود إلى هناك يوماً ما”.

سيرفير باكيروف.. مقاتل تتاري حرمته روسيا من تشييع أمّه وأصرّ على قتالها رغم مرضه

 

باكيروف: لا خيار سوى القتال وذلك واجب وطني

وتوجّه باكيروف برسالة إلى الروس قائلاً: “لديّ رسالة واحدة إلى روسيا، أخرجوا من أوكرانيا، أخرجوا من جزيرة القرم، دعوا الناس وشأنهم، حلّوا مشاكلكم بعيداً عنّا… تلك هي رسالتي الوحيدة، لم يكن أمامي خيار سوى المشاركة بالقتال وذلك واجب وطني، لقد عانى شعبي الأمرّين في شبه جزيرة القرم بسبب الروس وليس أمامنا خيار آخر سوى النصر وإخراجهم من أراضينا، وبإذن الله العودة إلى شبه جزيرة القرم وإعادة بنائها، والسبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو الإرادة السياسية لحكومة أوكرانيا وللمجتمع الدولي”.

تاريخياً، لم يكن تتار القرم راضين على بقائهم تحت رحمة السلطة الروسية التي غزت شبه الجزيرة، موطنهم الأصلي، وقد حاولت روسيا استغلالهم أكثر من الروس الأصليين في تلك الحرب، لكنّهم رفضوا الانصياع إلى أوامر بوتين والتعبئة. تعيش تلك الأقلية تحت سطوة الروس وبطشهم، فمنهم مغلوب علبى أمرهم وهم يخضعون للتهديد والترهيب، منهم من حاول الفرار تجنّباً للدخول في تلك الحرب، فيما انضم آخرون إلى القوات الأوكرانية للقتال في صفوفها ضدّ الروس الغزاة. وقصّة باكيروف تعكس قصّة كلّ تتاري واجه تاريخاً طوِيلاً من الاضطهاد والتَّطهير العرقيّ في كلّ أنحاء الإاتحاد السّوفيتيّ، واليوم هم يناضلون من أجل الحرّيّة في أوكرانيا، لكن لا يمكنهم التّسامح مع الحكم الرّوسيّ.

شاهدوا أيضاً: أخبار الآن على جبهة دونيتسك.. مشاهد حيّة لمواجهة حامية مع الروس