أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة

لا يُخفى على المراقبين لمسيرة تنظيم القاعدة منذ تولي الظواهري قيادَتها ان خطَ حياتها البياني بدأ بالانحدار تدريجيا منذ 2011 فغيابُ القائد، يضاف إليه الفسادُ والإيديولوجية المفلسة، وأيضا تحويل التنظيم إلى عصابات، كان كفيلا لإعلان محتوم عن موت التنظيم الأكثر تطرفا في العصر الحديث.

الظواهري اليائس ومنذ الالفين وثمانية عشر بدأ يتحدث بنبرة أضعف من تلك التي تحدث بها سابقا وعن مظلومية التنظيم الذي يجابه العالم أجمع، دون ان ينسى طبعا حث أتباعه على تنفيذ هجمات فردية.

خطابات الظواهري الأخيرة هذه دفعت المنظمة العالمية لخريجي الأزهر لتفنيد ما جاء فيها وقالت إن العناصر الإرهابية قد فقدت بريقها الخادع في التأثير على الشباب المسلم، واستدعاء الأنصار والمتعاطفين من شتى البقاع، بعد الهزائم المتتالية التي مُنيت بها في شتى المواقع، وأنها قد أفلست تمامًا.

فعلا كان ذلك إفلاس، فالضربات التي تلقاها خلال 2019 كانت كفيلة لدخوله مرحلة الموت السريري، فلطالما عولّ أيمن الظواهري على إعادة أحياء التنظيم بتلميع حمزة بن لادن واستعادة إرث أسامة بن لادن في استعطاف المناصرين والممولين على حد سواء.

يبدو أن مقتل الريمي كان بمثابة إعلان موت القاعدة من الناحية العملية في اليمن إلا ان الظواهري كان قد بدأ ينظر إلى افريقيا على أنها الملاذ الجديد لتنظيمه وكلنها لم تكن أحسن حالا حتى بعد أن وضع يده بيد عدوه السابق تنظيم داعش.

وضع يد الظواهري بيد داعش الذي قال عنه في ألفين وخمسة عشر أنه ذاك التنظيم الذي قام من خلال “القوة والتفجيرات والسيارات المفخخة عوضا عن ترغيب الناس وتخييرهم. على حد زعمه هاهو يعود ويضع يده من جديد بيد هذا التنظيم في غرب افريقيا.

خسر الظواهري على ما يبدو كل موظئ قدم أراد أن ينتقل إليه حول العالم حتى حليفه التاريخي تنظيم طالبان في أفغانستان وقع اتفاق مع الولايات المتحدة وكان من أبرز شروطه عدم السماح للقاعدة باستخدام الأراضي الأفغانية، مادفع الظواهري المترنح لمباركة هذا الاتفاق وكأنه يريد فقط التمسك ببيعة طالبان التي رفضت باتفاقها الجديد أي ارتباط مع الظواهري.

إذن هي ضربة قاضية وجهتها طالبان لتنظيم القاعدة في البلاد التي اعتبرها الظواهري الملاذ الأكثر أمانا هاهو اليوم أصبح منبوذا فيها بل قد يتحتم عليه قتال الحليف التقليدي.

ولعل أمل أي مريض بالنجاة هو ترياق يعيده إلى الحياة وكأي غريق يتمسك الظواهري بآخر قشة تنجيه من الغرق، إلا أنه وكعادته لا يجد إلا الهجمات المنفردة كمخلص من أزماته، إولكنه حتى الآن لم ينجح في ذلك ولم يجد له مجيب، ما دفع لانطواء على ذاته اذ أنه منذ أعوا لم يخرج الظواهري في الفين وعشرين لحض أنصاره على استغلال شهر رمضان في تنفيذ هجمات ارهابية ككل عام.

وهنا يمكن التوقف قليلا عند اختفاء الظواهري لشهور والذي تسربت أنباء عن مرضه الشديد آواخر ألفين وتسعة عشر ثم ظهر مجدادا مرة وأختفى بعد ذلك فقد يكون الآن وبحسب مراقبين قد عاد المرض إليه وقد يكون ذلك مرضه الأخير والسؤال هنا إذا مات الظواهري هذه المرة من سيكون الخليفة؟

لم يتبق من المرشحين لخلافة «الظواهري» سوى أبي محمد المصري وسيف العدل، وهما من أبرز قادة تنظيم القاعدة المؤسسين ولكن هل ستنجوا القاعدة بهما

بالفعل تعيش القاعدة حالة من الانفصال والنزاع فيما بين فروعها ولم يعد يربط من تبقى من مناصريها إلا اسم الظواهري وليس الأوامر والتعليمات التي اعتاد على اطلاقها سنويا عشرات المرات

يبدو أن أحداث العامين الأخيرن والخسائر التي تكبدها الظواهري خلالهما كانت كفيلة لدخول التنظيم في غيبوبة طويلة، ورغم ما أبداه الظواهري من قوة كاذبة، إلا أن ذلك لا يعدو أن يكون صحوة ما قبل الموت فهل ستكون الصحوة الأخيرة أم أن الظواهري سيستمر بالمقاومة حتى يلاقي مصيره المحتوم.