أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (نهاد الجريري)

بخلاف مناطق أخرى يتناحر فيها داعش والقاعدة على الأرض والنفوذ، تبرز منطقة الساحل في غرب إفريقيا جبهة هادئة نسبياً يسودها نوع من “التعايش” بين التنظيمين. لكن في العدد الأخير من صحيفة داعش الأسبوعية، النبأ، أُفردت نصف صفحة لتفاصيل هجمات قام بها تنظيم القاعدة ضدهم في المثلث الواصل بين مالي، والنيجر وبوركينا فاسو. 

هذه التفاصيل تأتي استكمالاً لحملة داعش الأخيرة التي تهدف إلى استمالة أنصار القاعدة على أساس أنهم منحرفون عقائدياً وتنظيمياً مستغلين الغياب الكامل للظواهري والاضطرابات التي تعصف بجماعات القاعدة في سوريا واليمن وأفغانستان. 

تقول النبأ إن إياد غالي وأمادو كوفا، أبرز زعيمين في جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي تشكلت من ائتلاف جماعات قاعدية، يُعدّان لهذه “الحرب” منذ فترة، وأنهما استغلا حملة “تاكوبا” العسكرية المساندة لحملة برخان والمؤلفة من تحالف جيوش أوروبية وأمريكية وإفريقية. 

هجمات غير معلنة

الهجمات التي أشار إليها داعش بدأت منذ منتصف أبريل الماضي وكان آخرها هجمة في الثالث من رمضان الموافق ٢٦ أبريل. إلا أن أياً من هذه الهجمات لم يرد ذكره في الأخبار اليومية عبر قناة داعش الرسمية، أعماق، أو في أخبار الزلاقة، الجناح الإعلامية لنصرة الإسلام والمسلمين. 

ومن الوصف، يبدو أن هذه الهجمات كانت عنيفة. في إحداها، هاجم مقاتلو القاعدة داعش في بلدة نامبالا جنوب مالي، وظلوّا يدفعوهم جنوباً حتى أوصلوهم الحدود مع بوركينا فاسو. في هجمة أخرى، قام انتحاري داعشي بالتصدي لهجوم “كبير” شنته القاعدة في نفس المنطقة بعد الهجوم الأول بعشرة أيام تقريباً. وزاد داعش أن القاعدة بدأت تضيّق الخناق عليهم، فمنعت الشاحنات المتوجهة إلى بوركينا فاسو من حمل الوقود حتى لا يشتريه مقاتلوهم, “بل قاموا حتى بتفتيش قرب الماء التي يحملها البدو الرحل للتأكد من أنها لا تحمل الوقود،” وأسروا عدداً من سكان المنطقة ناصروا داعش. 

التنافس على النفوذ

تُعد الجماعات الموالية للقاعدة – القاعدة في المغرب الإسلامي ونصرة الإسلام والمسلمين – أكثر تنفذاً في المنطقة التي تغطي مساحات واسعة من مالي وبوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا وتشاد وحتى موريتانيا. الصحفي وسيم نصر المتخصص في الجماعات المسلحة ولا سيما في غرب إفريقيا والساحل، قال لبرنامج مرصد الجهادية: “كل قنوات التهريب تمر عموماً في مناطق سيطرة القاعدة. وحتى إن لم يكونوا هم المهربين، فهم يستفيدون من الأتاوات. مثل عملية الخطف التي وقعت في (بنين) والعملية التي قُتل فيها عضو من القوات الخاصة الفرنسية في بوركينا فاسو. نظن أن الدولة (داعش) قامت بالاختطاف لكنها أعطت أو باعت المخطوفين للقاعدة لأن جماعة الدولة تنقصهم القدرة اللوجستية لإبقاء الرهائن أحياء وما يترتب على ذلك.”

تطبيق الشريعة! 

تعرضت جماعات القاعدة في غرب إفريقيا والساحل لانتقادات شديدة من جانب أنصار داعش لما قالوا إنه مخالفة في تطبيق الشريعة، ومحاولة لمهادنة القوات الحكومية. 

أما بالنسبة للأولى، فيأخذ داعش وغيره من المنتقدين على القاعدة أنهم لا يطبقون الحدود ولا يقيمون المحاكم الشرعية في المناطق التي يسيطرون عليها. استجابة لذلك، نشرت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في يناير الماضي كُتيباً بعنوان “الرد على شبهة أنكم لا تطبقون الشريعة” لأبي النعمان الشنقيطي الذي قال: “إن ترك إقامة الحدود في حال الغزو والجهاد وتأخيرها أمر شعري لا غبار عليه،” وهو ما اعتبره أنصار داعش “فضيحة.” 

وأما الثانية، وأسوة بنموذج الاتفاق بين طالبان وواشنطن الموقع في فبراير الماضي، نشرت نصرة الإسلام والمسلمين بياناً في مارس توافق فيه على مفاوضات اقترحتها حكومة مالي شريطة أن تطلب الحكومة من القوات الفرنسية الانسحاب من البلاد. البيان الذي حمل الرقم ١٥٢ صيغ بعناية فائقة حتى ليبدو أن الجماعة لديها اليد العليا وأن اقتراح الحكومة التفاوض جاء نتيجة ضغط شعبي مؤيد للجهاديين، وبالتالي فليس أمام الجهاديين إلا أن ينزلوا عند رغبة الشارع من أجل “تحسين ظروفه عيشه في جميع مناحي الحياة”.

الصورة: رويترز

للمزيد:

مرصد الجهادية 20| جماعات القاعدة وداعش تتقاسم الموارد في غرب إفريقيا مستفيدة من “تعايش مؤقت”

إصدار جديد لداعش في اليمن عن فشل القاعدة في استثمار الربيع العربي