بيان القاعدة سيعمّق الخلاف حول حماس في أوساط التنظيم
مساء الأحد 21 أبريل 2024، نشرت مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامية للقيادة العامة في تنظيم القاعدة، بيانًا بعنوان “تعزية وتهنئة لآل هنية”.
البيان الذي جاء في صفحة واحدة قدم العزاء لرئيس المكتب السياسي في حماس، إسماعيل هنية، في وفاة أبنائه في غارة إسرائيلية على قطاع غزة في 10 أبريل الجاري.
خاطب البيان هنية بلفظ “أبي العبد إسماعيل” و”فضيلة الشيخ” من دون الإشارة إلى دوره في حماس أو حتى ذكر اسم الجماعة.
وكان لافتًا تعظيم وتفخيم اللغة المستوحاة من الأثر المقدس التي وضعت هنية في مصاف عليا! فنقرأ في البيان عبارات وجملًا مثل: “فضيلة الشيخ وآله وصحبه” و”صبرًا آل هنية، والدعاء “بأن يجعلك للمتقين إماما، وأن يفتح على أيديكم أبواب الخيرات على هذه الأمة”.
لا شك في أن هذا البيان سيعمّق الخلاف حول حماس في أوساط القاعدة – قيادةً ومشايخ وأنصارا. ينبع هذا الخلاف من تبعية حماس المعلنة لنظام الحكم في إيران؛ ومن تنكيل الجماعة بالسلفية في غزة في وقائع عام 2009 عندما قتلت حماس إمام السلفية أبا النور المقدسي بعد أن أعلن “إمارة إسلامية” في القطاع؛ بالإضافة إلى مشاركة الجماعة في انتخابات 2006 تحت شعار “الديموقراطية” وهو ما تعتبره أدبيات الجهاديين عمومًا ضربًا من الكفر.
لكن المعضلة تكمن في أن أي اقتتال بين الفلسطينيين وإسرائيل في قطاع غزة يُعزى إلى حماس. فكيف تتعامل القاعدة إذًا مع من يقاتل إسرائيل؟ وكيف يتعاطى الجهاديون مع هذا السلوك وهم يرفعون شعار “قادمون يا أقصى”؟
وجد منظرو القاعدة، وتحديدًا أبا محمد المقدسي، مخرجًا بالتمييز -خطأ- بين جناحي حماس السياسي والعسكري. فعندهم حماس الحركة تختلف عن حماس المكتب السياسي والاثنتان تختلفان عن كتائب القسام. كتائب القسام “مجاهدون” والمكتب السياسي غير ذلك.
ولهذا نرى في أدبيات القاعدة – قيادة وأفرادًا – تفاوتًا في الإشارة إلى الجماعة بلفظ حماس. ويظهر هذا جليًا في بيانات تأييد القاعدة على “طوفان الأقصى”.
في 13 أكتوبر 2023، نشرت القيادة العامة للتنظيم بيان تأييد لعملية حماس من دون أن تذكر الجماعة أو الكتائب واكتفت بالإشارة إلى “مجاميع المجاهدين في فلسطين”.
ومثله بيان جماعة الشباب في الصومال وبيان حراس الدين في الشام. كلاهما لم يذكرا لا حماس ولا كتائب القسام. أما البيان المشترك لفرع التنظيم في بلاد المغرب الإسلامي ونصرة الإسلام والمسلمين، فأشار إلى كتائب القسام من دون أن يذكر تبعيتها لحركة حماس. بل حذّر من أن يُترك “المجاهدون في فلسطين وحدهم” ليظلوا تحت سيطرة “الرافضة”.
لكن يتعاظم الخلاف عندما ننظر إلى ما نشره أبو محمد المقدسي منذ 2009 حول جدلية حماس/الكتائب. في سبتمبر 2009، أطلق المقدسي الكفر على حماس حكومة باعتبارها “تعطل شرع الله وتحكم بالقوانين الوضعية” ومن يناصرها من كتائب القسام مستدركًا أن “معظم إخواننا في غزة يقولون إن (وجود قسّامي لا يناصر الحكومة) لا يمكن أن يوجد إلا باعتزاله العمل وبقائه تحت كتائب القسام بالاسم فقط. ” يتضح من هذا الكلام أن الكفر انسحب على القسام أيضًا.
يُضاف إلى هذا أن نعت القيادة العامة لتنظيم القاعدة قائد لواء غزة في كتائب القسام، باسم عيسى أبا عماد، الذي قُتل في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في مايو 2021.
وقتها، غرّد المقدسي غاضبًا أن “كثيرًا من الإخوة المجاهدين والمشايخ والدعاة (استاؤوا) من تمجيد بيان السحاب؛ للقائد القسامي الذي قُتِل في الحرب الأخيرة في غزة؛ وتعجّبوا متسائلين: هل يخفى على إخواننا انحراف حماس وقيادتها عن منهج التوحيد إلى منهج الديمقراطية؟ وانحيازها إلى حزب اللات وبشار وإيران؛ … وما فائدة الثناء على مثل هذا القائد الذي لا يعرفون حاله وتمجيده؛ إلا تغبيش ما بناه مشايخ القاعدة من وضوح تجاه حماس وأمثالها من الجماعات الإسلامقراطية؟
هذا الخلاف في أوساط القاعدة يؤشر إلى خلل في بوصلة التنظيم قيادة وتنظيرًا ومناصرة؛ بل وتحايلًا على النص والترقيع بما يناسب الخرق. وبذلك، لا يختلف الجهاديون عن غيرهم ممن يحاربون ويتهمون باختلال المنهج.
مسألة أخرى مهمة في هذا الجدل هو الأثر الإيراني في القاعدة بالنظر إلى علاقة طهران مع سيف العدل، الزعيم الفعلي للتنظيم.