شعره كيرلي وأسمراني وحلو ومش مرتزق
بالأمس نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية تقريرا ذكرت فيه أن النسخة الإنجليزية من “روسيا اليوم” نشرت تقريرا نادرا منذ عدة أيام عما أسموها بالكتائب الأممية بديلا عن مرتزقة فاغنر على جبهة الحرب مع أوكرانيا، كشفت فيه للمرة الأولى تفاصيل في هذا الشأن.
رغم أن التقرير موجه للقارئ الغربي وهدف إلى إظهار اتساع نطاق «التعاطف الأممي» مع روسيا، وفقا للعنوان الذي وضعته الشبكة التلفزيونية، وذكر بمصطلحات سوفيتية «جيش أممي حقيقي.. مقاتلون من النيجر ومصر وسوريا يحاربون إلى جانب روسيا».
وفي نفس التوقيت بث حساب موقع “السويداء 24” مقطع فيديو حصري لمتطوعين سوريين ومصريين يرتدون الزي العسكري في أحد معسكرات التدريب الروسية.
وجه مبتسم كوجوه الشباب في قريتي وعلى المقاهي المجاورة لمنزلي بشارع المبتديان بوسط القاهرة، ملامح مصرية يملؤها الدفء في بلد قاس لا ينضح قلبه إلا الصقيع، شاب مصري يرتدي زيًا عسكري مموهًا، ولكنها ليست تمويهة جيش بلده، بل تمويهة المرتزقة في صفوف الجيش الروسي.
يناديه أحدهم يا محمود، فيبتسم محمود ويكمل ارتداء الزي بما فيه قناع الوجه الذي سيخفي تلك الملامح السمراء واللون القمحي لون خيرها الذي كان.
في ظل أزمة اقتصادية عاصفة تطحن الأمل في قلوب صغار الشباب والصبايا في وطني، أشاهد بعضهم وهم يذهبون للموت المحقق بلا هدف، إلا حفنة من الدولارات ربما يكون فقد الأمل في الحصول عليها بأي حال من الأحوال.
ولكنه الموت يا محمود, الموت من أجل لا شئ.
الموت بلا هدف
على الجبهة الأوكرانية يحارب المسلمون التتار من أجل وطنهم المحتل بالقرم، من أجل الثأر لتشريد جدودهم على يد ستالين واعتقال آبائهم وتعذيب أبنائهم بالسجون، ويحارب المسلمون الشيشان من أجل أكثر من 200000 قتيل قتلهم الروس وقسموا وطنهم وأعانوا طغاتهم عليهم.
فمن أجل ماذا تقاتل أنت؟
أتعلم يا محمود أن مقاتلا سوريا تواصل معي لأساعده على الذهاب إلى أوكرانيا من أجل قتال الروس هناك، كنت أعلم أنه يريد الذهاب وجمع أصحابه معه من أجل المال، فناشدته أن يظل في وطنه، يدافع عنه كيفما شاء وأخبرته أنني لست سمسارا للدماء.
فلا تكن بائعا لدمك يا ولدي فإنه غالي، فلا دمٌ دافئٌ بهذه البقعة من الأرض أيها الصبي.
الصف الأول للمرتزقة
أتعلم ماذا ينتظرك ورفاقك يا محمود؟
ينتظرك الصف الأول على جبهة باخموت وسوليدار ومثيلتيهما، أتعلم ماذا يعني ذلك، يعني الجحيم أيها الصبي.
أخبرني أسير روسي من عناصر فاغنر في اوكرانيا أنهم كانوا يلقون بهم في الصف الأول كوكمة من اللحم تدهسها الدبابات الأوكرانية يا ولدي؟ لقد أصبحت في كتيبة كبش الفداء يا محمود، حيث تختلط الأجساد المهشمة بالثلج وطين الراسبوتيستا دون دفن، دون تراب دافئ يهدهد أرواحنا بعد الرحيل من أرضنا الجنة المزروعة ورد وحنة.
أنا لن أخاطب المسؤولين عن الوضع الذي بعث بك إلى هناك لينقذوك، ولكني أخاطبك، إن كان لابد من الموت يا محمود فمت من أجل قضية تؤمن بها من أجل عيون سود مثل عيون أمك، وظهر منحني كظهر أبيك، لا تمت غريبا يا فتى، والأجدر بك أن تبحث عن سبيل للحياة، فالموت ليس خيارا أفضل، إنزع ذلك المموه فإنهم لا يخافون منه.
أرجوك يا محمود إرجع، عد أنت ومن معك لا تفتحوا الطريق إلى الموت الهدر أمام باقي الورود من مثل عمرك في وطننا.