لم يكن مفاجئا إصدار الخارجية الامريكية قرارا يضع جماعة الحوثي اليمنية على رأس قائمة المنظمات أو الجماعات الإرهابية الدولية.

فهذا القرار كان يدرس منذ اكثر من عامين بشكل جدي داخل أروقة البيت الأبيض وتم تأجيل صدور القرار عدة مرات لاعتبارات سياسية وإنسانية وسط ما اعتبر تجاوز وتمادي الجماعة الحوثية في الاستمرار بارتكاب الانتهاكات والخروقات وجرائم حرب ضد الانسانية وانتهاكات حقوق الانسان وحرية الصحافة والتعبير واختطاف المعارضين والصحفيبن ومحاكمتهم على أيدي عناصر من الحوثيين طالت فيها هذه الأحكام رؤوس الكثيرين بالحكم عليهم بالاعدام دون جريرة

وكان آخرها جريمة استهدافهم مطار عدن الدولي بعدة صواريخ بالستية لتصفية الحكومة اليمنية وإنهاء وسد أي أفق نحو حلول سياسية للحرب في اليمن، طان نتيجة تلك العملية ، قتل العشرات من الأطفال والنساء والشباب وعدد من الأجانب التابعين للمنظمات الدولية العاملة في اليمن ، ذلك إلى جانب تنفيذ أنصار الله عدة ضربات صاروخية على دول الجوار لقتل المدنيين وضرب البنى التحتية باستخدام صواريخ بالستية وطائرات مسيرة وأسلحة صنعت في إيران.

تداعيات تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية على وضع أنصارها في اليمن

استهداف مطار عدن. أ ف ب

لذا جاء هذا القرار الأمريكي وان كان متأخرا حسب وصف العديد من المراقبين بعد ان أتى برغبة وضغط وطلب من الحكومة الشرعية والتحالف العربي ولذلك كانت أهميته بعد توحيد جبهة الشرعية والمعارضة الممثلة في المجلس الانتقالي الجنوبي بموجب اتفاق الرياض وإعلان الحكومة قبل نحو شهر للتفرغ في جبهة عريضة وموحده لمواجهة جماعة الحوثي وتحرير الاراضي المسيطر عليها وانهاء الانقلاب الحوثي على السلطة الشرعية.

تداعيات تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية على وضع أنصارها في اليمن

الحكومة اليمنية الجديدة. رويترز

تأثير القرار الأمريكي على إيران وكوريا الشمالية لــ جماعة الحوثي في الحرب اليمنية

صدرت عدة تقارير أممية من قبل لجان الامم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها بشكل متوالية ومتتالية ومنذ اندلاع الحرب اليمنية تؤكد تورط إيران بشكل كبير وواضح بالإضافة عن تورط كوريا الشمالية المعروفه بعدائها للولايات المتحدة والمصنفة أمريكيا ضمن الدول الداعمه للإرهاب وذلك من خلال تزويد الجماعة الحوثية بالأسلحة والصواريخ وكان ابرز تلك التقارير ، تقارير للبحرية الامريكية وتقارير خبراء تابعة للأمم المتحدة في الاعوام اغسطس 2018م و2019م و2020م وعرضت تقارير الخبراء الدوليين صور و أدلة متعددة ومتنوعة عن تورط نظام طهران وبيونغيانغ في تدريب وتأهيل المجموعات الحوثية على اعادة تركيب الصواريخ القصيرة والبعيد المدى وأطلاقها وتوفير العديد من الأسلحة المتطورة والتقليدية وهي عبارة عن المئات من رؤس صاروخية بالستية وطائرات مسيرة قاذفة واستطلاعية وقناصات ومناظير ليلية وموجهة وصواريخ مضادة للدبابات والطيرات وهي ما اظهرتة صور ايقاف احد السفن في ميناء الشحر جنوب شرق اليمن في عملية استخباراتية اماراتية امريكية بالتعاون مع خفر السواحل التابعة للنخبة الحضرمية ضمن عشرات القوارب والسفن التي يتم رصدها وايقافها ومصادرة محتوياتها.

كما كشفت مؤخرا في بيان للقوات الامريكية بمشاركة البحرية الاماراتية عدة سفن شراعية تحمل اسلحة ومعدات عسكرية منها صواريخ و قطع الصواريخ البلاستية بعيدة المدى والمدمرة كان اخرها في فبراير العام 2020م في كشف سفينة تحمل 150صاروخ وطائرات مسيرة وصواريخ ارض جو تصنيع وتصميم ايراني واخرى كورية شمالية.

وعملت الولايات المتحدة منذ فترة على وضع عدة قيادات حوثية وسفير ايران في صنعاء لدى الحوثيين على قائمة الارهابيين المطلوبين في إطار التهيئة لمعاقبة ومحاصرة أنصار الله وايقاف تماديها في ارتكاب المزيد من الجرائم ومنع تمددها غلى الاراضي اليمنية وانهاء التعاون والتعامل مع الدول الداعمة للإرهاب حسب الوصف و التصنيف الامريكي.

 

القرار يجعل الولايات المتحدة الأمريكية طرفا في الحرب مع جماعة الحوثي

ظلت الولايات المتحدة الأمريكية طوال الاعوام الست للحرب اليمنية غير مشاركة بشكل مباشر واقتصرت مشاركتها غير مباشرة مع التحالف العربي بتقديم الدعم اللوجستي والاستشارات عبر خبراء في قيادة العمليات المشتركة للتحالف وتقديم مايلزم من دعم في حالات طلب ذلك.

وبعد قرار اعتبار “الحوثيون” جماعة ارهابية ووفق القانون الامريكي أصبحت واشنطن ملزمة للمشاركة المباشرة عسكريا ميدانيا واستخباراتيا واصبحت طرف مباشر في الحرب اليمنية بجانب الشرعية والتحالف العربي.

تداعيات تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية على وضع أنصارها في اليمن

مقاتلين حوثيين. رويترز

ويتوقع ان يشارك الطيران والبحرية الامريكية في توجية ضربات عسكرية غير محدودة ضد الاهداف العسكرية الحوثية وفي نطاق المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون وسيتم معاقبة كل الجهات المتعاونة والمتحالفة معهم سياسيا وعسكريا واقتصاديا.

 

كيف سيتحول الحوثيون من سلطة أمر واقع مسيطرة على كل مفاصل الدولة إلى جماعة إرهابية يحظر التعامل معها

منذ اندلاع الحرب اليمنية واحتلال ” الحوثيون ” العاصمة صنعاء 21 ستنمبر 2014، أطلق عليهم سلطة الأمر الواقع وهذا ما جعل العديد من مؤسسات الدولة اليمنية الكبرى وشركات النفط العاملة وغيرها من المنظمات الدولية تتعامل معهم على اساس سلطة الامر الواقع على مدى ست سنوات ماضية وظلت مكاتبها الرئيسية في صنعاء لم تنقل للعاصمة المؤقتة عدن منذ إعلانها في العام 2015 كعاصمة مؤقتة بعد سيطرة الجماعة الحوثية على العاصمة صنعاء في ستنمبر 2014 وكان لهذا الأمر العديد من المردودات والمكاسب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الكبرى لـ أنصار الله وستتحول الى خسائر العديد من الايرادات والمبالغ تقدر بمليارات الدولارات تفقدهم مصادر التمويل الحربي والاستراتيجي للحرب وكانت الجماعة قبل القرار الامريكي تمتلك عدة قنوات مفتوحة تواصل دائم وتفاهم واسع مع العديد من الدول والمنظمات الدولية لجوانب انسانية او لجوانب سياسية تعمل نحو ايجاد الحل النهائي للحرب اليمنية وسيؤدي القرار الامريكي لخسائر فادحة للجماعة على المدى القريب والبعيد على مستوى جوانب عدة.

تداعيات تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية على وضع أنصارها في اليمن

عناصر من مليشيا الحوثي. رويترز

وكما يبدو ظاهرا بعد ساعات فقط من إعلان مايك بومبيو وزير الخارجية وضع “الحوثيون” على قائمة الإرهاب أعلنت عدة شركات أو مؤسسات كبرى نقل مقراتها الرئيسية من صنعاء المسيطر عليها من قبل الحوثيون إلى عدن العاصمة المؤقتة للشرعية اليمنية وأبرزها إعلان شركة الخطوط الجوية اليمنية نقل مقرها والكنترول الرئيسي إلى عدن وتمهد شركات النفط الكبرى العاملة في اليمن خلال أيام قريبة جدا لنقل مقراتها ومكاتبها الرئيسية إلى عدن وحضرموت وتتبعها العديد من المنظمات الدولية الانسانية وسيفرض القرار عزلة كبيرة على أنصار الله سياسيا وعسكريا واقتصاديا

كيف سيحد القرار من سلطات جماعة الحوثي على ملف الغذاء وتورطهم في المجاعة باليمن

على مدار الأعوام الثلاثة الأخيرة خرجت العديد من التقرير تفيد بتعرض ملايين اليمينيين للمجاعة ، ومعاناتهم الشديدة من نقص الغذاء، وذلك رغم سيل من المعاونات الغذائية التي تمد بها الجهات الدولية والدول المانحة لإعادة الإعمار السلطان في اليمن ،ولكن وجود جماعة أنصار الله على رأس السلطة في اليمن أرغم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ولامعني بانقاذ الأرواح في الدول التي تعاني من المجاعات ، على التعامل مع الحوثيين كسلطة للبلاد تساعد في توزيع الأغذية على المواطنين باليمن ، ولكن ما كان يحدث أن الحوثيون حولوا هذه الأغذية إلى تجارة فباتت أجولة القمح والأرز تباع بمئات الدولارات في السوق السوداء بدلا من توزيعها ، كما كان يحصل أعضاء جماعة أنصار الله على العديد من الكوبونات بأسماء أشخاص آخرين للحصول علىا حصتهم في الغذاء وهو ما اثبتته التحقيقات الدولية التي أجريت في وقائع فساد ببرنامج الغذاء باليمن.

سيمنع القرار التعاون مع الحوثيين في هذا الملف كسلطة أمر واقع بالبلاد ، فليس من حق الجماعات الارهابية الدولية التحكيم في قوت الشعوب التي اتخذتهم رهائن لتحقيق أهدافها غير المشروعة في حكم غير مستحق.

 

القرار الأمريكي ضد الحوثيين بين مخاوف وترحيب محلي ودولي

رحبت الحكومة الشرعية اليمنية ودول التحالف العربي وبعض الدول بقرار الإدارة الأمريكية باعتبار أنصار الله جماعة إرهابية مؤكدة أنهم يستحقون هذا التصنيف ليس فقط لما ارتكبوا فقط من جرائم ارهابية بحق الشعب اليمني والجارة الكبرى السعودية وتهديد للملاحة الدولية في باب المندب والبحر الاحمر فهم ايضا يسعون بشكل دائم للمزيد من التسلح وتوسيع رقعة الحرب والتسبب في اكبر كارثة انسانية عالمية واكدت جميعها على التعاطي مع اي حلول سياسية لانهاء الحرب اليمنية تتوافق مع القرارات الاممية والمرجعيات الثلاث حسب وصف بيان الحكومة اليمنية .

 

من جانب اخر عبرت عدة منظمات دولية انسانية واغاثية عن مخاوفها من استمرار عملها بعد القرار الامريكي كونها لن تحصل على تصاريح لعملها من الجماعة الحوثية في نطاق سيطرتها وعدم قدرتها على التعامل مع العاملين في التحويلات المالية لتسير اعمالها مؤكدة ان اليمن يواجه ازمة انسانية كبرى ومجاعة ويعتمد 80% من السكان اعتماد كليا على الإغاثة التي تقدمها هذه المنظمات كما تعتقد المنظمات ان القرار الامريكي اغلق الباب امام اي حلول سياسية لانهاء الحرب في اليمن لانه لايمكن أن يكون هناك أي سلام مع جماعات ومنطمات ارهابية.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن