نقطة سوداء في تاريخ الصومال.. ذكرة هجوم 14 أكتوبر الدموي
في الذكرى السابعة لهجوم 14 أكتوبر 2017 الذي هز العاصمة الصومالية مقديشو، نسترجع تفاصيل واحدة من أكثر العمليات الإرهابية دموية في تاريخ البلاد. شهد ذلك اليوم مقتل أكثر من 512 شخص وإصابة مئات آخرين بجروح خطيرة، حيث هز انفجار ضخم منطقة مكتظة بالسكان نتيجة تفجير شاحنة محملة بمئات الكيلوغرامات من المتفجرات، بما في ذلك متفجرات عسكرية ومحلية الصنع.
الهجوم وآثاره
الانفجار وقع بالقرب من فندق وكان يستهدف وزارة الخارجية الصومالية. ووفقًا للمصادر، كانت الشاحنة محملة بالمتفجرات وتوقفت عند نقطة تفتيش لتفتيشها. عندما زاد السائق من سرعته فجأة، اصطدمت الشاحنة بحاجز وانفجرت، مما أدى إلى اشتعال صهريج وقود كان متوقفاً قريباً، وهو ما تسبب في تكوين كرة نارية ضخمة، ودمر عدة فنادق ومبانٍ مجاورة.
الأضرار المادية والبشرية
الانفجار دمر منطقة بأكملها في وسط مقديشو، وترك الكثير من الضحايا تحت الأنقاض. عمال الإنقاذ كانوا يحاولون انتشال الجثث، واستخدمت البطانيات كنقالات مؤقتة لنقل الجثث من الموقع. وقال أحد الأطباء في مستشفى المدينة: “حصيلة القتلى ضخمة، لم أرَ شيئًا مثل هذا من قبل”.
الجثث غير المعروفة
كثير من الجثث لم يتم التعرف عليها، وتم دفنها من قبل الحكومة آنذاك بحسب الغارديان، بينما دفن باقي الضحايا من قبل عائلاتهم. وكان من بين القتلى موظفون حكوميون ومسعفون وصحفيون، لكن الغالبية العظمى كانوا مواطنين عاديين تصادف وجودهم في أحد أكثر الشوارع ازدحامًا في المدينة.
التحديات الأمنية والسياسية
هذا الهجوم كان بمثابة تذكير بالعنف الذي تمارسه جماعة الشباب، وهي جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة. ووصف مايكل كيتنج، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الصومال، الهجوم بأنه “مثير للاشمئزاز”، بينما وصفت البعثة الأمريكية الهجوم بأنه “جبان” و”يجدد التزام الولايات المتحدة بمساعدة الصومال في مكافحة الإرهاب”.
جماعة الشباب، التي كانت مسؤولة عن هجمات إرهابية أخرى في البلاد، تعهدت في بداية عام 2017 بزيادة وتيرة هجماتها بعد أن أعلنت إدارة ترامب حينها والرئيس الصومالي محمد عبد الله محمد عن تصعيد الجهود العسكرية ضد الجماعة.
استجابة المجتمع الدولي والمحلي
هبطت طائرة إسعاف تركية لنقل 50 من المصابين بجروح خطيرة لتلقي العلاج في الخارج، في حين أعلنت الحكومة الصومالية الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام. دعا الرئيس الصومالي المواطنين للتبرع بالدم للمصابين، مؤكداً التزامه بالقضاء على جماعة الشباب الإرهابية.
خريطة توضيحية لموقع العاصمة الصومالية مقديشو
الوضع الأمني في الصومال
منذ انسحاب جماعة الشباب من مقديشو قبل ست سنوات من الهجوم، كانت الجماعة تسيطر على مناطق ريفية بشكل أساسي، لكنها لا تزال تشن هجمات مؤلمة ضد الحكومة والمدنيين. الهجوم الذي استهدف وزارة الخارجية كان يهدف إلى زعزعة الاستقرار وتعطيل جهود إعادة بناء الدولة، ولكنه تسبب في معاناة كبيرة للمدنيين.
أبعاد الهجوم وتداعياته
كان للهجوم أبعاد واسعة النطاق، حيث أن الانفجار الهائل والدمار الذي أحدثه تسبب في صدمة كبيرة للصوماليين والمجتمع الدولي. بعض التقارير تشير إلى أن المتفجرات المستخدمة في الهجوم ربما تم سرقتها من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي الموجودة في البلاد. تركزت جهود الحكومة والمجتمع الدولي على مكافحة الإرهاب، لكن التحديات الأمنية والاقتصادية المستمرة في الصومال تظل عقبة كبيرة أمام استقرار البلاد.
يظل هجوم مقديشو في 14 أكتوبر 2017 نقطة سوداء في تاريخ الصومال الحديث، حيث أنه أودى بحياة المئات وأثر بشكل كبير على المجتمع الصومالي. في الذكرى السابعة لهذا الحدث المأساوي، تستمر الجهود المبذولة للقضاء على العنف والإرهاب، لكن ذكريات ذلك اليوم ستظل حية في قلوب الصوماليين والعالم.