حراك دبلوماسي لإقصاء حزب الله عسكرياً عن الحدود الجنوبية اللبنانية
فيما تكثر التكهنات حول مآل الحرب الاسرائيلية على حماس وتتعاظم المخاوف من توسّع رقعتها، يزداد الوضع سخونة في الجنوب اللبناني بين الجيش الاسرائيلي وميليشيا حزب الله التي شكّلت منذ الثامن من أكتوبر الماضي جبهةً مساندة لحلفائها في قطاع غزة.
وفي سياق الحراك الدبلوماسي الساعي لكبح التصعيد، برز في الآونة الأخيرة مقترحاً دولياً يقضي بتنفيذ مندرجات القرار 1701 المتخذ عام 2006 الذي يمنع حزب الله من الاحتفاظ بوجوده العسكري جنوب نهر الليطاني الذي يبعد نحو 30 كيلومتراً شمال الحدود.
وقد أثار وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت هذه النقطة في أحد تصريحاته، حيث تعهد بأن 80 ألفًا من السكان الذين تم إجلاؤهم مع بدء الحرب مع حماس، لن يعودوا إلى ديارهم إلا بعد دفع حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، مهدداً باستخدام القوّة لتحقيق هذا الهدف.
وإذ قّللت بعض التقارير من احتمالية أن تُقدم اسرائيل فعلاً على شن حرب شاملة على لبنان، يكمن السبب وراء هذا التصريح، الرغبة الاسرائيلية في إنشاء منطقة عازلة في منطقة عمليات قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) جنوب نهر الليطاني، نظراً لحاجة سكان مناطق الحدود الشمالية الإسرائيلية الى ضمانات للعودة الى منازلهم من دون الخوف من التعرض لهجمات صاروخية أو توغلات من جانب حزب الله.
وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” الاسرائيلية، أشار مسؤولون إسرائيليون كبار إلى أن الهدف الحقيقي هو دفع حزب الله بشكل دائم بعيدا عن الحدود باستخدام جهود دبلوماسية قوية، تهدف إلى تجنب صراع عسكري على طول الحدود الشمالية.
نوايا لإعادة إحياء القرار 1701
وقد تطرق مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر لهذا الموضوع في مقابلة تلفزيونية، وقال: “وردت بعض التقارير التي تم تعميمها في واشنطن تتحدثت عن النية لإعادة إحياء القرار 1701“.
وأوضح أن هذه المسألة كان قد تم تنفيذها في البداية كجزء من مهام اليونيفيل المتواجدة في المنطقة قبل الحرب، من خلال وجود 1800 عنصر من قوات اليونيفيل والهدف من ذلك هو منع حزب الله من إعادة تجنيد نفسه من خلال العمليات والدوريات.
وأكّد شينكر أن إسرائيل تشعر بالخوف لما يمكن أن يقوم به حزب الله أي كما فعلت حماس في السابع من أوكتوبر.
صفقة على غرار اتفاق ترسيم الحدود البحرية
أما بالنسبة للجانب اللبناني، فقد أشارت بعض التقارير الى أن هناك حراكا دوليا وإقليميا لإيجاد صيغة أخرى غير تلك القائمة للعمل بالقرار 1701، باعتبار الصيغة الحالية للقرار تشكل نقطة خلاف داخلية.
وتشير بعض الصحف اللبنانية إلى وجود ما يشبه صفقة يعمل عليها المنسق الرئاسي الأميركي الخاص بالطاقة آموس هوكشتاين، وهي تقوم على ترسيم الحدود البرية، بعد نجاح مساعيه في إبرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في العام الماضي.
وتقتضي هذه الصفقة على حل مسألة عدد من النقاط الحدودية المتنازع عليها، فضلاً عن انسحاب اسرائيل من الشطر اللبناني لقرية الغجر، وكذلك من مزارع شبعا وتسليمها إلى قوات دولية باعتبارها متنازع عليها.
وتجدر الإشارة الى أن الملف الحدودي اللبناني يرتبط ارتباطاً وثيقاً بملفات داخلية شائكة، على رأسها مسألة التمديد لقائد الجيش الذي تنتهي ولايته مطلع العام الجديد، والذي بات يمثل عنواناً لتنفيذ مندرجات الـ 1701، نظراً لطلب اسرائيل أن تكون منطقة جنوب نهر الليطاني منزوعة السلاح إلا من سلاح الجيش اللبناني.
أما بالنسبة لحزب الله، المعني الأول، وإن لم يكن الوحيد بهذا الملف، يؤكد مسؤولوه أن الحديث عن أي اتفاق حول الحدود لن يحصل إلا بعد توقّف الحرب الاسرائيلية على غزة، هذا في العلن، أما في الكواليس فقد تختلف المعطيات، وقد تتكشّف حقيقة النوايا والاتفاقيات المتبادلة من تحت الطاولة لاحقاً.