إسرائيل وحزب الله.. مخاوف من حرب جديدة قد تكون نتائجها كارثية على لبنان

يوما بعد يوم تزداد المخاوف من التصعيد العسكري الحاصل بين إسرائيل وحزب الله على الحدود الجنوبية للبنان، حيث يتبادل الطرفان القصف ويقومان بإخلاء البلدات القريبة، ما يزيد من احتمالات توسع رقعة الصراع وفتح جبهة ثانية للحرب في غزة.

قصف وإخلاء بلدات حدودية.. هل اقتربت الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟

جنود إسرائيليون يسيرون على طريق بالقرب من الحدود الإسرائيلية مع لبنان. رويترز

ماذا يحدث؟

وفي وقت متأخر، الأحد، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي استهداف “خليتيْن تخريبيتيْن تم رصدهما داخل لبنان حيث يشتبه في نية الخلية الأولى إطلاق صواريخ مضادة للدروع نحو الأراضي الإسرائيلية بينما الخلية الثانية كانت تنوي إطلاق قذائف صاروخية” وأنه “تم استهداف الخليتيْن قبل تنفيذهما للعمليات”.

وكان أدرعي نشر مقطع فيديو عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “إكس”، يظهر قيام قوة إسرائيلية باستهداف “خلية مخربين تم رصدها تحاول إطلاق قذيفة مضادة للدروع نحو الأراضي الاسرائيلية في منطقة أفيفيم على الحدود اللبنانية”.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان أن الطيران الحربي الإسرائيلي شن غارة على الأطراف الجنوبية لبلدة عيترون، وسمع صداها في أنحاء الجنوب، ولم تذكر أي تفاصيل أخرى.

وفي المقابل، أعلن حزب الله أن مقاتليه قصفوا بالأسلحة الصاروخية والقذائف المدفعية 5 مواقع للجيش الإسرائيلي قبالة الحدود الجنوبية للبنان في القطاعين الشرقي والأوسط.

قصف وإخلاء بلدات حدودية.. هل اقتربت الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟

نظام القبة الحديدية الإسرائيلي المضاد للصواريخ يطلق النار على حدود إسرائيل مع لبنان في شمال إسرائيل، 19 أكتوبر. رويترز

وقال الحزب، في بيانات متتالية، إن مقاتليه حققوا إصابات مباشرة ومؤكدة في مواقع رويسات العلم والعبّاد ومسكاف عام وبيّاض بليدا والمالكية، وردت المدفعية الإسرائيلية بقصف استهدف بلدات ميس الجبل وعيترون وبليدا، فيما شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة في محيط بلدتي عيترون وبليدا.

ونعى حزب الله خمسة من مقاتليه سقطوا خلال المواجهات مع القوات الإسرائيلية، كما نعت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد في بيان مقاتلاً سقط في جنوب لبنان خلال قيامه بواجبه حسب ما جاء في البيان.

الجيش الاسرائيلي: حزب الله "يجر لبنان إلى حرب"

تشييع أحد مقاتلي حزب الله الذي قُتل خلال اشتباكات ضد الجيش الإسرائيلي على الحدود الجنوبية للبنان. غيتي

وترافق القصف المدفعي مع تحليق للطيران الإسرائيلي فوق العاصمة بيروت والمناطق الساحلية والبقاع الشمالي والهرمل، كما تم إطلاق قنابل مضيئة فوق بلدات كفرشوبا والماري والمجيدية، وفي ميس الجبل ألقى الجيش الإسرائيلي كما ذكرت “الوكالة الوطنية للإعلام” قنابل مضيئة و”قام بإطلاق النار من موقع العاصي باتجاه البلدة، مما أدى إلى إصابة مواطن بطلقة نارية نقل إثرها إلى المستشفى”.

قصف وإخلاء بلدات حدودية.. هل اقتربت الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟

قنابل مضيئة ألقتها إسرائيل على الحدود مع لبنان. رويترز

ومنذ اندلاع القتال على طول الحدود، قُتل أربعة أشخاص على الأقل في إسرائيل، هم ثلاثة جنود ومدني واحد. وفي لبنان، أسفر التصعيد حتى الآن عن مقتل 36 شخصًا، غالبيتهم من مقاتلي حزب الله، إضافة إلى خمسة مقاتلين من فصائل فلسطينية وأربعة مدنيين بينهم مصور في وكالة رويترز للأنباء.

قصف وإخلاء بلدات حدودية.. هل اقتربت الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟

رجل يساعد والده المسن في ركوب السيارة حتى يمكن إجلاؤه من كريات شمونة، بالقرب من حدود إسرائيل مع لبنان ، في شمال إسرائيل. رويترز

عمليات إجلاء متبادلة

ووسّعت إسرائيل الأحد من عمليات إجلاء السكان من المستوطنات القريبة من لبنان مع تصاعد الاشتباكات عبر الحدود مع حزب الله اللبناني، وبعد تفعيل خطة في الأسبوع الماضي لنقل السكان من 28 بلدة بينها كريات شمونة، قالت وزارة الدفاع الإسرائيلية إنها ستضيف 14 بلدة إلى قائمة الإخلاء.

من جهتها قالت الوكالة اللبنانية للأنباء، إن ليلة الأحد تعد من الليالي الأكثر سخونة منذ بداية الحرب، موضحة أن الرقعة الجغرافية للعمليات الإسرائيلية اتسعت لتتعدى عمق خمسة كيلومترات داخل لبنان من الخط الأزرق.

قصف وإخلاء بلدات حدودية.. هل اقتربت الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟

عائلة لبنانية هربت من قرية بيت ليف بجنوب لبنان بالقرب من الحدود الإسرائيلية، تسكن داخل مدرسة إليها في صور. رويترز

وحسب الوكالة، فقد ازدادت حركة النزوح للسكان في القرى المتاخمة للخط الأزرق تجاه المناطق الأكثر أمنا، حيث يتواجد في مدينة صور أكثر من 1500 عائلة لبنانية وسورية، توزعوا على عدد من مراكز الإيواء في المدارس الرسمية والخاصة أعدتها وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات صور، والتي أعلنت أكثر من مرة عن ضعف الإمكانيات أمام تأمين حاجات النازحين.

قصف وإخلاء بلدات حدودية.. هل اقتربت الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟

خريطة تظهر الحدود بين لبنان وإسرائيل تحدد موقع مدينة كريات شمونة التي سيتم إخلاؤها بحسب الجيش الإسرائيلي.

ما هي نقاط التماس بين حزب الله وإسرائيل؟

خاض حزب الله واسرائيل حرباً مدمّرة صيف 2006، خلّفت أكثر من 1200 قتيل في الجانب اللبناني معظمهم من المدنيين، و160 قتيلا في الجانب الإسرائيلي معظمهم من العسكريين، وتسبّبت الحرب التي استمرت 34 يوماً بنزوح نحو مليون لبناني من بلداتهم.

وعقب هذه الحرب جاء القرار الأممي رقم 1701 ليوقف إطلاق النار بين الطرفين، ويقسم منطقة جنوب لبنان إلى شمال الليطاني وجنوبه، وجعل القرار منطقة جنوب الليطاني منزوعة السلاح وتحت سيادة الجيش اللبناني بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية.

وتنقسم منطقة جنوب الليطاني بدورها إلى ثلاثة قطاعات، الغربي والأوسط والشرقي، وتضم عدة نقاط تماس بين مقاتلي حزب الله والجيش الإسرائيلي، ويضم القطاع الغربي منطقة الناقورة التي تبعد نحو 3 كيلومترات على الحدود مع إسرائيل وتنتشر فيها قوات الطوارئ الدولية والجيش اللبناني، ويعد هذا القطاع منطلقًا لعمليات حزب الله الأخيرة باتجاه المواقع الإسرائيلية.

قصف وإخلاء بلدات حدودية.. هل اقتربت الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟

خريطة للمنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل، بما في ذلك المنطقة التي أغلقها الجيش يوم الأحد أمام المدنيين على الجانب الإسرائيلي.

أما القطاع الأوسط فيعد معقل حزب الله شعبيًا وعسكريًا، ويضم نقاطًا إستراتيجية على غرار عيتا الشعب ومارون الراس وبنت جبيل وعيترون.

بيد أن بلدة مارون الراس تعد النقطة الأهم لحزب الله، حيث تطل على مستوطنة “أفيفيم”، ويشهد هذا القطاع توتًرا مستمرًا بسبب المناوشات بين الطرفين.

أما القطاع الشرقي فيضم أيضًا نقاطًا إستراتيجية تبدأ من منطقة ميس الجبل وحولا ومركبة وغيرها، وهي مناطق تشكل منطلقًا أساسيًا للعديد من العمليات التي ينفذها حزب الله حاليًا، كونها تشرف على نقاط مراقبة ونقاط عسكرية تابعة لإسرائيل، إضافة إلى بلدة كفركلا القريبة من بلدة المطلة.

كما يضم القطاع الشرقي جزءًا من بلدة الغجر المحتلة، وتحديدًا الجزء الشمالي منها الذي يقع ضمن الأراضي اللبنانية في منطقة ماري.

وليس بعيدًا عن بلدة الغجر، تقع مزارع شبعا، وهي منطقة تحتلها إسرائيل وتشهد اضطرابات هذه الأيام بعد استهداف الطيران الإسرائيلي نقاط تمركز لحزب الله فيها، إضافة إلى بلدة كفرشوبا الحدودية.

سيترحمون على حرب لبنان الثانية

حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الأحد، حزب الله اللبناني من فتح جبهة حرب ثانية مع إسرائيل، وقال إن ذلك سيدفع إسرائيل لتنفيذ ضربات مضادة وبقوة لا يمكن تخيلها، وسيأتي بدمار وخراب على لبنان، وفق رويترز.

وقال نتانياهو خلال تفقده لقوات إسرائيلية قرب الحدود مع لبنان إن قوات حزب الله “سيترحمون على حرب لبنان الثانية (2006)”، وأضاف “سنضربه (حزب الله) بقوة لا يمكن تخيلها وسيكون أثرها على الدولة اللبنانية مدمراً”.

وفي نص رسمي لإفادة أدلى بها لقوات خاصة قرب الحدود مع لبنان، قال نتانياهو: “لا يمكن أن أقول لكم الآن ما أذا كان حزب الله سيقرر دخول الحرب بالكامل”، مشيرا إلى أن الحرب الدائرة حاليا هي بمثابة “التحرك أو موت” بالنسبة لإسرائيل.

قصف وإخلاء بلدات حدودية.. هل اقتربت الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟

وحذر الجيش الإسرائيلي، الأحد، لبنان، من أن حزب الله “يجر البلاد لحرب” مع إسرائيل، وقال المتحدث باسمه جوناثان كونريكوس عبر منصة “إكس” إن “حزب الله يعتدي ويجر لبنان إلى حرب لن يجني منها شيئا، بل قد يخسر فيها الكثير”، مضيفا أن “حزب الله يلعب لعبة خطرة للغاية، إذ يصعد الوضع بهجمات متزايدة كل يوم”.

وكان نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله حذر السبت بأن حزب الله جزء من هذه المعركة، وكلما تتالت الأحداث ونشأ ما يستدعي أن يكون التدخل أكبر، فسيفعلون ذلك.

قصف وإخلاء بلدات حدودية.. هل اقتربت الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟

وقفة احتجاجية تضامنية مع الفلسطينيين في غزة في بيروت. رويترز

ويبدو أن التصعيد عند الحدود لا يزال ضمن قواعد الاشتباك السارية بين حزب الله وإسرائيل، لكن خبراء يحذرون من احتمال توسع الحرب إلى لبنان عبر تدخل أكبر لحزب الله في حال شنت إسرائيل هجوماً برياً على غزة.

وقال رئيس حكومة تصريف الاعمال اللبنانية نجيب ميقاتي الأحد وفق بيان صادر عن مكتبه إن “الاتصالات الدبلوماسية التي نقوم بها دولياً وعربياً واللقاءات المحلية مستمرة في سبيل وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وجنوبه تحديداً، ومنع تمدد الحرب الدائرة في غزة إلى لبنان”.

وأشار ميقاتي إلى أن حكومته تعمل على وضع خطة للطوارئ من باب الحيطة، مشدداً في الوقت ذاته على أنهم مطمئنون إلى أن أصدقاء لبنان يواصلون معهم بذل كل الجهود لإعادة الوضع إلى طبيعته وعدم تطوره نحو الأسوأ.

ماهو نظام "ثاد" المتطور الذي ترسله أمريكا إلى الشرق الأوسط؟

منظومة بطاريات ثاد الأمريكية المتطورة (أ ف ب)

واشنطن تعزز انتشارها العسكري

وبالتزامن مع الحرب في غزة والتوترات على الحدود الشمالية لإسرائيل أعلنت الولايات المتحدة السبت تعزيز جاهزيتها العسكرية في الشرق الأوسط على ضوء التصعيد الأخير من قبل إيران وقواتها بالوكالة في المنطقة.

وأفاد وزير الخارجية لويد أوستن في بيان أنه سيتم نشر منظومة “ثاد” المضادة للصواريخ وبطاريات “باتريوت” إضافية للدفاع الجوي عبر المنطقة، موضحا كذلك أن عددا إضافيا من القوات في حالة تأهب استعدادا للانتشار في إطار خطة طوارئ احترازية.

قصف وإخلاء بلدات حدودية.. هل اقتربت الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟

وأضاف أوستن أن “هذه التدابير ستعزز جهود الردع الإقليمي وستعزز حماية القوات الأمريكية في المنطقة وتساهم في الدفاع عن إسرائيل”، مشيرا إلى أنه سيواصل تقييم حاجات الجهاز العسكري الأمريكي في المنطقة ويدرس نشر وسائل إضافية في حال الضرورة، وأشار أوستن إلى أنه اتخذ هذا القرار بعد محادثات مع الرئيس جو بايدن، ومن غير أن يوضح عدد القوات الإضافية التي سيتم نشرها.

تحذير إيراني

من جانبه حذر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الأحد، الولايات المتحدة وإسرائيل من أن الوضع في الشرق الأوسط قد يخرج عن السيطرة ما لم توقف إسرائيل وفورًا الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في غزة.

وكان عبد اللهيان قد حذر، في وقت سابق، من اتساع جبهات الحرب، في ظل تحذيرات غربية وإسرائيلية لطهران من الانخراط في الصراع بين إسرائيل وحركة حماس.

وفي الـ 17 من أكتوبر الجاري، شدد المرشد الإيراني علي خامنئي على أنه لن يتمكن أحد من وقف قوى المقاومة في المنطقة إذا تواصلت “جرائم الكيان الصهيوني” في غزة.

دول تطلب من رعاياها المغادرة

ووسط أجواء التوتر والخوف من اتساع رقعة الحرب حثت دول عديدة رعاياها على مغادرة لبنان أو تجنّب السفر إليه، حيث قالت السفارة الأمريكية في تحذير جديد لرعاياها في لبنان “إن وزارة الخارجية تحث المواطنين الأميركيين في لبنان على وضع خطط للمغادرة في أقرب وقت ممكن بينما لا تزال خيارات السفر التجارية متاحة”، وأوصت الراغبين في البقاء بـ”إعداد خطط استعداداً لحالات الطوارئ”.

كما قامت السفارة البريطانية بالمِثل إذ نصحت رعاياها بعدم السفر إلى لبنان وشجّعت مواطنيها الذين يعتزمون مغادرة لبنان على القيام بذلك فوراً، ونبّهت رعاياها بتجني أي تجمعات أو مسيرات أو مواكب واتباع تعليمات السلطات المحلية، مكررة التنبيه بأن “الوضع لا يمكن التنبؤ به ويمكن أن يتدهور بدون سابق إنذار”.

من جانبها طلبت وزارة الخارجية الألمانية من مواطنيها “مغادرة لبنان” داعية إياهم لاستخدام “خيارات السفر المتوافرة لمغادرة البلد بأمان”، وحذّرت من أن وتيرة الاشتباكات في المنطقة الحدودية مع إسرائيل “قد تتصاعد في أي وقت”.

وحثت فرنسا وكندا وإسبانيا وألمانيا وأستراليا كذلك مواطنيها على تجنب السفر إلى لبنان، وحذت حذوهه دول عربية مثل السعودية والكويت وسلطنة عُمان التي دعت رعاياها إلى مغادرة لبنان فوراً، بينما أوقفت عدد من شركات الطيران الغربية رحلاتها إلى بيروت.