قصف وانفجارات وجوع بعد شهر على بدء الحرب في السودان

يحصد مزارعون سودانيون المحاصيل في منطقة القلعة بولاية نهر النيل، ويبيع الباعة الجائلون في سوق كسلا المركزي الخضار والفواكه ويواجه المزارعون والبائعون في المناطق آثار القتال الدائر في السودان وسط غلاء الأسعار ونقص الوقود والظروف المعيشية المتردية.

وتقول منظمة أطباء بلا حدود إن نازحي دارفور في المخيمات “باتوا يأكلون وجبة واحدة يوميا بدلا من ثلاث وجبات”.

وحذرت الأمم المتحدة من أن الجوع سيطال 19 مليون سوداني في غضون ستة أشهر، إذا استمرت الحرب.

وفقًا لوكالة الأمم المتحدة الإنسانية، ارتفعت أسعار السلع الأساسية مثل المواد الغذائية الأساسية والمياه بنسبة 60 في المئة أو أكثر بسبب تحديات الإمداد.

جعفر، وهو ناشط سوداني، يشيد بصمود وتضامن أهل ولاية كسلا الشرقية.

وأضاف: “اليوم في ولاية كسلا كانت هناك محاولات للاستفادة من الأزمة ولكن الحمد لله المجتمع في كسلا وحقيقة أن الناس يعرفون بعضهم البعض منع الاستغلال والجشع في السوق. أتمنى أن يعود الوضع إلى طبيعته. معلوماتنا أن هناك إمدادات كافية من الضروريات الأساسية في ولاية كسلا”.

أوقعت الحرب بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو أكثر من 750 قتيلا وآلاف الجرحى، إضافة الى قرابة مليون نازح ولاجئ.

قال علي فيرجي، الباحث في جامعة جوتنبرج السويدية، إن القتال تسبب في “تراجع جزئي للصناعة” في البلاد، مما يعني أن “السودان في المستقبل سيكون أكثر فقرًا لفترة أطول”.

في جميع أنحاء السودان، أحد أفقر بلدان العالم، يعيش 45 مليون مواطن في الخوف ويعانون من أزمات غذائية تصل الى حد الجوع.

ارتفاع حادّ في الأسعار

وأصبحت السيولة نادرة. فالبنوك، التي تعرض بعضها للنهب، لم تفتح أبوابها منذ الخامس عشر من نيسان/أبريل، فيما سجلت الاسعار ارتفاعا حادا وصل إلى أربعة أضعاف بالنسبة للمواد الغذائية و20 ضعفا بالنسبة للوقود.

ويعيش سكان الخرطوم الخمسة ملايين مختبئين في منازلهم في انتظار وقف لإطلاق نار لم يتحقق حتى الآن، فيما تستمر الغارات الجوية والمعارك بالأسلحة الثقيلة ونيران المدفعية التي تطال حتى المستشفيات والمنازل.

بحسب الأمم المتحدة تخطّت حصيلة النازحين داخليا هربا من المعارك 700 ألف شخص، واللاجئين إلى بلدان مجاورة 200 ألف شخص.

بالإضافة إلى الخرطوم ودارفور اتّسع نطاق الاشتباكات إلى مناطق أخرى. وأسفرت أعمال عنف عرقية في ولايتي غرب كردفان والنيل الأبيض، حيث أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين شخصا، بحسب الأمم المتحدة.

وتثير الاشتبكات في السودان مخاوف على الاستقرار في المنطقة.

واشتكى حمدان محمد الذي فر من المعارك الدائرة في الخرطوم إلى بورت سودان “نحن متروكون في الطريق تحت الشمس”، مضيفا “نطالب المنظمات بإجلائنا من السودان لأن البلد مدمّر بالكامل. ليس هناك طعام ولا عمل… لا شيء هناك”.

بعد شهر على المعارك أعلن البرهان تجميد أصول قوات الدعم السريع التي يقول محللون إن اهتماماتها تشمل مناجم الذهب في السودان.

بين النيران وارتفاع الأسعار.. كيف يتعامل مزارعو السودان بعد نحو شهر من الحرب؟

هجرة وانحسار التصنيع

وكل يوم، يدخل آلاف اللاجئين الى مصر وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان وهي الدول الحدودية مع السودان، ما يثير قلق القاهرة التي تعيش أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، فيما تخشى الدول الأخرى أن تنتقل عدوى الحرب الى حركات التمرد فيها.

لم يعد هناك في الخرطوم لا مطار ولا أجانب بعدما تم إجلاؤهم جميعا على عجل في الأيام الأولى للقتال، ولا مراكز تجارية إذ تعرضت كلها للنهب.

كذلك، أغلقت الإدارات الحكومية “حتى إشعار آخر” ولم يتحدث الجنرالان إلا لتبادل الاتهامات عبر وسائل الإعلام.

وانتقلت بقية إدارات الدولة إلى بورتسودان، على بعد 850 كيلومتر شرقا على ساحل البحر الأحمر.

هناك، يسعى فريق مصغر من الأمم المتحدة للتفاوض على مرور المساعدات الانسانية، ويعقد بعض الوزراء وكبار المسؤولين مؤتمرات صحافية يومية يحرصون فيها على توجيه رسائل طمأنة.