طرفا النزاع في السودان يتهمان بعضهما بخرق الهدنة

تواصلت المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان لتدخل يومها الرابع، رغم هدنة بوساطة دولية كان يفترض أن يلتزم بها الطرفان لمدة 24 ساعة اعتباراً من المساء لكنّهما لم يفعلا بدليل استمرار دويّ الانفجارات وأزيز الرصاص ولا سيّما في الخرطوم.

وكانت قوات الدعم السريع أعلنت على تويتر صباح الثلاثاء “الموافقة” على مقترح دولي بالتزام هدنة إنسانية لـ 24 ساعة اعتباراً من عصر الثلاثاء، لكنّ الجيش قال في تغريدة إنّ “لا علم له” بأيّ هدنة.

ومساء الثلاثاء أكّد الجيش في بيان أنّه “تمّ عرض مقترح هدنة من أطراف دولية لمدة 24 ساعة للنواحي الإنسانية وافقت عليها القوات المسلّحة، إلا أنّ مليشيا التمرّد لم تلتزم بها ولم تتوقف مناوشاتهم” ولا سيّما في محيط القيادة العامة للقوات المسلّحة ومطار الخرطوم.

ونفّذت وحدات الجيش طلعات جوية لإسكات نيران مصفّحات قوات الدعم السريع في العاصمة.

وبعيد الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي موعد بدء الهدنة، كانت أصوات تبادل إطلاق النار لا تزال تُسمع في أنحاء عدة من العاصمة حسب شهود عيان.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الثلاثاء “حتى الآن يتواصل القتال في السودان بما في ذلك الخرطوم ومواقع أخرى مختلفة.. لا يوجد مؤشر إلى تراجع حقيقي للقتال”.

السودان.. معارك مستمرة وهدنة هشّة وسط اتهامات بخرقها

 

اشتداد المعارك

ويشتدّ القتال بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للسودان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه الجنرال محمد حمدان دقلو. وتشهد العاصمة حالة من الفوضى رغم نداءات دولية ملحّة لوقف المعارك التي أوقعت حتى الآن قرابة 200 قتيل.

وقالت نقابة أطباء السودان الثلاثاء إنّه تمّ “قصف مستشفى الشعب بالطيران”، موضحة أنّ القصف أصاب “المبنى الإداري ومبنى الحوادث وصهريج المياه وسكن الممرضات بمستشفى ابن سينا الجامعي”.

وأضافت “تم الاعتداء على العديد من المرافق الصحية في العاصمة الخرطوم و الأقاليم وخروج بعضها من الخدمة وإغلاق البعض الآخر”.

وأفاد شهود بأنّ شاحنات تحمل مدافع مضادّة للطائرات – تتمركز في مناطق سكنية في الخرطوم –  تمّ تزويدها بذخائر جديدة.

ولم تؤت النداءات الدولية إلى وقف القتال ثمارها، تماماً كما حصل مع كلّ الاتصالات الدبلوماسية التي أجريت بطرفي النزاع منذ اندلاعه.

مساءً أوردت وكالة الأنباء السعودية “واس” أن وزير الخارجية فيصل بن فرحان تلقى اتصالاً هاتفيًا من نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، مشيرة إلى أن الجانبين أكدا “أهمية وقف التصعيد العسكري وإنهاء العنف، وتهدئة التوترات، مع ضرورة حماية المدنيين السودانيين ومواطني الدول الأخرى”.

كان بلينكن أكد أنّه أجرى محادثات مع الجنرالين السودانيين و”شدد على الحاجة الملحة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار”.

كما أكّد بلينكن تعرّض موكب دبلوماسي أمريكي في السودان لإطلاق نار الاثنين، من دون إصابات، في ما وصفه بالعمل “المتهور”.

دعوات إنسانية

دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية الأطراف المتنازعين إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.

وأكّد رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر فريد أيوار أنّه “لدينا سيارات إسعاف وأفراد قادرون على تقديم الإسعافات الأولية والدعم النفسي والاجتماعي، لكن هذا لن يكون ممكناً إلا بضمان الممرّات الإنسانية”.

بدوره، أكّد المدير العام لمنظمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس أنّ “الإمدادات التي وزّعتها منظمة الصحة العالمية على المرافق الصحية قبل التصعيد الأخير للنزاع نفدت الآن”.

وأضاف: “هناك تقارير مثيرة للقلق عن تعرّض بعض المرافق الصحية لأعمال نهب واستخدام مرافق أخرى لأغراض عسكرية. كما وردت تقارير عن أنّ بعض المستشفيات أغلق بالفعل أو على وشك الإغلاق بسبب الهجمات ونقص الكوادر البشرية والإمدادات الطبية”.

السودان.. معارك مستمرة وهدنة هشّة وسط اتهامات بخرقها

 

ويشير محلّلون إلى أنّ القتال الدائر في عاصمة الدولة التي تعاني عدم استقرار منذ مدة طويلة، غير مسبوق وقد يطول أمده، رغم الدعوات لوقف النار وتكثيف النشاط الدبلوماسي.

ويقضي سكان الخرطوم الذين يعيشون حالة ذعر، آخر أيام رمضان وهم يشاهدون من نوافذهم دبّابات تجوب الشوارع بينما تهتزّ مبان ويتصاعد الدخان نتيجة الحرائق التي تسبّبت بها المعارك.

ويجد المضطرون لمغادرة منازلهم أنفسهم وسط طوابير طويلة للحصول على الخبز والوقود في متاجر ومحطات ما زالت تفتح أبوابها، في ظلّ انقطاع الكهرباء.

وفيما تحذّر محلات البقالة التي ما زالت مفتوحة من أنّ ما لديها من بضائع سينفد سريعا، بدأ رجال ونساء يحملون أكياسًا كبيرة بمغادرة العاصمة إلى حيث لا توجد معارك في مناطق متاخمة للعاصمة جنوبا.

وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرثيس إنّ 185 شخصا على الأقل قُتلوا في المعارك حتى الآن فيما أصيب 1800 بجروح.

ولم تعلن أيّ جهة حصيلة للضحايا المحتملين من الجيش وقوات الدعم السريع.

تحركات إقليمية

وكان ثلاثة من موظفي برنامج الأغذية العالمي من بين الأشخاص الذين قتلوا السبت في دارفور، حيث تم نهب موارد طبية وغير ذلك تابعة لمجموعات إغاثة، حسب منظمتي “أنقذوا الأطفال” وأطباء بلا حدود.

وعلّقت منظمات عدة عملياتها موقتا في البلاد حيث يحتاج ثلث السكان إلى مساعدات.

وأعلنت مصر أنّها ناقشت مع السعودية وجنوب السودان وجيبوتي الحاجة لبذل جهود حفاظا على الاستقرار.

وبينما دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طرفي النزاع لاستئناف المفاوضات، قال إنه يعمل على إعادة قوة مصرية “رمزية للتدريب المشترك” احتجزت قوات الدعم السريع عناصرها في قاعدة جوية السبت.