تنظيم القاعدة في اليمن والحوثيين.. طريق مشترك في عمليات الاختطاف
مثّلت الفدى المالية واحدا من أهم مصادر تمويل تنظيم القاعدة في اليمن منذ تأسيسه عام 2009. حصل التنظيم، منذ العام 2011، على أموال طائلة من هذا المصدر بعدما نجح في خطف العديد من رعايا الدول الغربية والمنظمات الدولية. لم يتوقف الأمر عند الأموال، وإنما تجاوزه إلى مكاسب أخرى، تمثّلت في الضغط لإطلاق سراح سجناء تابعين له بينهم قيادات كبيرة.
نوعية الأهداف
يختار التنظيم أهدافه التي يثق بأنه سيحصل من ورائها على المال. غالبا ما تكون الأهداف من دول أوروبا، كون هذه الدولة حريصة على إعادة رعاياها سالمين، وبأي ثمن. بالنسبة إلى الولايات المتحدة، لن تدفع للتنظيم مقابل الإفراج عن رعاياها المختطفين.
كقائد للحرب الدولية على الإرهاب، تتعامل واشنطن بصرامة مع كل ما يتعلق بهذا الملف. حين اختطف تنظيم القاعدة في اليمن الصحافي الأمريكي “لوك سومر” من العاصمة صنعاء عام 2012، رفضت واشنطن التجاوب مع مطالب التنظيم، وحاولت تحريره بعملية أمنية وعسكرية في حضرموت وشبوة، جنوب شرق اليمن. على رغم أنها كانت تدرك أن هذه المحاولة محفوفة بالمخاطر، وقد تنتهي بمقتله، إلا أنها جازفت، لينتهي الأمر بتصفيته فعلا.
إلى جانب الأموال، هناك عمليات اختطاف لأجل الضغط بغرض تحقيق مكاسب أخرى، كتحرير سجناء.
الوصول إلى الضحية
عقب كل عملية خطف، تتداول وسائل الإعلام روايات مختلفة، بعضها يتحدث عن التنظيم كفاعل مباشر، وبعضها يتحدث عن استخدامه للقبائل مقابل مبالغ مالية، وذلك لسهولة تحركها. حدث هذا في أكثر من عملية خطف.
لكن الحقيقة هي أن التنظيم وقف في بعض الأحيان وراء شائعة وجود دور للقبائل في عمليات الخطف للأجانب. لأن وجود الضحية لدى القبائل يرفع الحرج عن الجهات التي ستتكفل بدفع الفدية، كونها لن تُدفع لـ “إرهابيين”.
تشير المصادر أيضا إلى أنّ التنظيم قد يشتري مختطفا من القبائل إن قامت هي بذلك بشكل منفصل، لكنه لن ينسق معها للقيام بأمر كهذا، كما تزعم المصادر.
إخفاء الجهة الخاطفة
حين اختطف تنظيم القاعدة المعلمة السويسرية “سيلفاني ابراهارت” في العام 2011 من محافظة الحديدة، وجد صعوبة في الحصول على فدية مقابل إطلاق سراحها، رغم المناشدات المصورة لها.
مع أن التنظيم لم يعلن مسؤوليته عن خطفها في بادئ الأمر، إلا أنّ طريقة ظهورها في المناشدات، أكدت ذلك، حيث ظهرت بالحجاب، وبملابس محتشمة.
بعد وصولها إلى بلدها، كشفت المعلمة السويسرية تفاصيل اختطافها من قبل التنظيم، وكيف تعامل عناصره معها طوال فترة الإخفاء التي زادت على عام. ما يعني أن التنظيم كشف لها عن نفسه كجهة خاطفة.
نَفَس طويل
على رغم أن تنظيم القاعدة يرفق مناشدة الرهائن بتهديدات على ألسنتهم تتعلق بحياتهم، إلا أنه يتعامل بسياسة النفس الطويل، لأنّ الهدف الرئيسي من وراء الخطف هو الحصول على المال، أو مكاسب أخرى.
في حالة عدم التجاوب، يلجأ تنظيم القاعدة إلى الضغط على بلدان الرهائن من خلال ظهورهم المحرج لها.
تنسيق بين الحوثيين والقاعدة
في سياق الحديث عن المكاسب السياسية الحوثية من وراء الإفراج عن رهائن غربيين، أكدت مصادر مطلعة لـ(سوث24) أن جماعة الحوثي اشترت من القاعدة بعض الرهائن الذين تم الإفراج عنهم.
المصادر، لم تسمّ الرهائن الذين حصلت عليهم الجماعة من القاعدة، لكنها أشارت إلى أن هناك تواصلا بين الطرفين منذ إطلاق سراح الملحق الثقافي الإيراني لدى سفارة طهران بصنعاء عام 2014، الذي كان مختطفا لدى تنظيم القاعدة.
ووفق المصادر، فقد يكون حصول جماعة الحوثي على رهائن من القاعدة جاء مقابل مبالغ مالية، وقد يكون مقابل الإفراج عن قيادات وأعضاء من التنظيم في سجون الجماعة.
كما أنّ عدد من تم الإفراج عنهم من سجون جماعة الحوثي، أقل بكثير من أسرى الجماعة لدى التنظيم، حيث تم إطلاق سراح ما يزيد على 300 معتقل بينهم قيادات كبيرة. ولم تستبعد المصادر وجود تنسيق أوسع بين الطرفين لإدارة عمليات الخطف يتجاوز موضوع البيع والشراء، كما تزعم.
اتساع دائرة عمليات الخطف وأثرها
بالنظر إلى نجاح تنظيم القاعدة وجماعة الحوثي في إدارة عمليات الخطف والحصول على أموال طائلة تقدر بملايين الدولارات من ورائها، من غير المستبعد أن تدخل عصابات أخرى على الخط، لا سيما مع استمرار الحرب، وضعف نفوذ الحكومة اليمنية، وتعدد سلطات الأمر الواقع.
من غير المستبعد أيضا أن تدخل هذه العصابات الجديدة في شراكة مع القاعدة أو مع جماعة الحوثي لإدارة هذا النوع من العمليات، بغرض الحصول على الأموال، أو المكاسب السياسية.