أطلقت الشابة المغربية بشرى الصايك أول مشروع لصنع الكنافة وبيعها في مدينة شيشاوة التابعة لجهة مراكش تنسيفت الحوز في المغرب.
 
جاء مشروع بشرى هذا في محاولة منها لإرضاء الأذواق التي أسرها طعم الكنافة المحضرة بطرق مختلفة، كالطريقة المصرية والشامية و الفلسطينية والتركية أيضاً.
 


لا تذخر بشرى الصايك، التي تبلغ من العمر 38 سنة، جهداً لتقديم الأفضل لزبنائها الذين أصبحت لهم وجهة جديدة بالمنطقة يقصدونها كلما حل ضيف جديد، أو في فترات الصباح أو المساء لشراء قطع من الكنافة التي تعد أول نوع من الحلويات والوصفات الشرقية التي تشهدها المنطقة.
 
وبين من يتذوق طعمها معتاداً عليه من قبل في مدن مغربية أو بلدان عربية أخرى، وبين من يكتشف نكهتها وشكلها وأنواعها بعيداً عن شاشات التلفزيون وقنوات الطبخ في يوتيوب، توفر بشرى أنواعاً وأحجاماً متنوعة من الكنافة.
 
إذ تتفنن بشرى في تنويع طعم الكنافة وحشواتها، مثل عش البلبل والكنافة بالقشطة العربية، والكنافة بالجبن، وحلة الخشخش وكنافة الفنجان ذات الأصل التركي.
بشرى الصايك تطلق أول مشروع لصنع وبيع الكنافة بشيشاوة

محل في بيت العائلة صار مقر مشروع بشرى

بشرى التي أطلقت مشروعها يوم الإثنين الماضي في محل  ببيت عائلتها، لا تزال تبحث عن إسم مناسب له لكي يصبح علامة تجارية.
 
وفي حديثها لمراسلة “تطبيق خبّر” في المغرب هدى لبهالة، قالت إن المشروع لقي استحسان السكان، سواء الذين سبق وأن تذوقوا الكنافة أو الذين يتعرفون عليها لأول مرة في محلها. 
 
وبيّنت أن الأسعار التي حددتها لأنواع الكنافة التي تصنعها تعتبر أثماناً محفزة وفي متناول الجميع، وهو ما جعل المبيعات ترتفع بعد أربعة أيام فقذ من الافتتاح.
 
ورأت بشرى أن صغر المدينة قد يكون سمح بسرعة انتشار خبر انطلاق المشروع، ليبدأ بذلك توافد الزبناء.
 
ولفتت النظر إلى أن من بين زبائنها، بعض النساء اللواتي يعملن في تحضير وبيع الحلويات بالمنطقة، اللواتي يشترين عجينة الكنافة لاستعمالها في صنع طبق “البسطيلة المغربية” أو حلويات أخرى.
 
بشرى الصايك تطلق أول مشروع لصنع وبيع الكنافة بشيشاوة

استوردت بشرى آلتي عجن الكنافة وطهيها من مصر

وحول بوادر الفكرة، شرحت بشرى الصايك، لمراسلة “تطبيق خبّر”، أنها بعد مغادرتها المغرب واستقرارها بمصر، اكتشفت أن سعر عجينة الكنافة في المغرب مرتفع جداً، إذ يصل إلى  16 دولاراً.
 
وأوضحت أن سبب ارتفاع أسعارها هو كونها تباع في المحلات التجارية الكبرى التي تستوردها من دول عربية، مشيرة إلى أن سعر عجينة الكنافة في مصر لا يتجاوز سعرها 6 أو 8  جنيهات، أي حوالى نصف دولار فقط.
 
وأضافت بشرى أن ذلك جعلها تفكر في صنع الكنافة وبيعها أيضاً وإتاحتها للجميع. وجاءت فكرتها بالتزامن آنذاك مع ثورة 25 يناير سنة 2011 في مصر، وما تلاها من تردي في الأوضاع الاجتماعية والأمنية.
 
هذا الأمر جعلها متمسكة بقرار العودة إلى المغرب وإنشاء مشروع خاص رفقة زوجها يؤدي إلى تأمين مستقبلهما ومستقبل أبنائهما.
 
أكدت بشرى أن زوجها كان من أول المشجعين لفكرة امشروعها خصوصاً بعد انعدام الأمن وغشاوة الرؤية المستقبلية المتعلقة بالوضع العام بمصر.
 
وواصلت بشرى رواية قصة رحلتها مع مشروعها منذ الفكرة إلى مرحلة التنفيذ والافتتاح. فأوضحت أنها تمكنت بعد أربع سنوات على مرور الثورة في مصر من العودة إلى المغرب. 
بشرى الصايك تطلق أول مشروع لصنع وبيع الكنافة بشيشاوة

بشرى الصايك تطلق أول مشروع لصنع وبيع الكنافة بشيشاوة

 

وأضافت أنها بعد عام على عودتها، استطاعت الحصول على وظيفة كمحاسبة  بإحدى الشركات بالمنطقة، لكن وظيفتها الجديدة لم تغير شيئاً من حلمها في إنشاء مشروعها الخاص.
 
قررت بشرى البدء في العمل على مشروع صنع عجينة الكنافة وخبز حلويات منها خلال شهر آب/ أغسطس العام الجاري، بعد أن تمكنت من جمع 6000 دولار أمريكي هي مصاريف الشحن البحري لآلة عجينة الكنافة وآلة الطهو من مصر إلى المغرب.
 
وأشارت إلى أن زوجها تكلف بشراء هذه المعدات من بلده الأم وبعثها في شهر آب/ أغسطس، واستغرقت مدة وصولها للمغرب وشحنها لمنزل العائلة ثلاثة أشهر ونصف. 
 
لكن بشرى لم تهدر وقت الانتظار، بل خصصت جزءً منه في الحصص التعلمية الخاصة بصنع عجينة الكنافة وأنواعها وحشواتها عبر تقنية الفيديو مع صديق زوجها المقيم في مصر والمختص في صنع الكنافة.
 
قالت بشرى إن صديق زوجها لم يبخل عليها حتى بأدق التفاصيل، وبعد وصول آلة عجينة الكنافة و آلة الطهو، انتقلت إلى الحصص التطبيقية التي تطلبت منها شهراً كاملاً لاتقان الكنافة على طريقة المحترفين.
 
مع مطلع شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بدأت بشرى الصايك بشراء باقي مستلزمات مشروعها، وتجهيز المحل بعد تقسيمه إلى قسمين: قسم خاص بصنع وتحضير الكنافة وقسم خاص بالبيع وتلقي طلبات الزبائن.
 
وأشارت بشرى إلى أنها تعمل حالياً على الحصول على رخصة وشراء مستلزمات إضافية بما فيها واجهة زجاجية للمحل لعرض أنواع الكنافة وأسعارها لتسهيل عملية البيع. 
 
ولفتت النظر إلى أن مشروعها “مكّن أيضا من توفير فرص شغل لسيدتين من المنطقة، واحدة منهما مهمتها تختص البيع و تلقي طلبات الزبائن الخاصة، في حين تعمل الثانية مساعدة لي خلال تشكيل الكنافة وحشوها”.
 
وتتوقع الصايك أن يؤدي انتهاء تبعات جائحة فيروس كورونا المستجد، كالحظر والإقفال، وانطلاق مواسم الأعراس والحفلات والمناسبات بالمنطقة ، إلى ارتفاع نسبة المبيعات وإقبال الناس على إدخال الكنافة ضمن الحلويات التي يعدونها جزءاً من مناسباتهم ومائداتهم.
آفاق بشرى لا تقتصر على مشروع صغير في محل بمنزل العائلة، بل تنوي بعد أن يلتحق بها زوجها للاستقرار في المغرب، أن توسع المشروع وتفتح مطعماً صغيراً مختصاً في الأكل الشرقي.
 
أوضحت لمراساة “تطبيق خبّر” أنها ترغب في “تمكين سكان منطقة شيشاوة من الانفتاح على الثقافة الشرقية انطلاقا من المطبخ”.
 
وأشارت أن التزايد السكاني الذي أصبحت تشهده المنطقة مؤخراً بسبب الهدوء الذي تتميز به وصغر مساحتها وطيبة أهلها، يجعلها وجهة مفضلة للراغبين في الهروب من ضوضاء المدن الكبرى وازدحامهم.
 
قالت بشرى بذكاء “هذا سيجعل الحاجة لمشاريع جديدة ومختلفة أمراً لا بد منه”.