أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (تطبيق خبِّر)

يعتمد الأهالي في ريف إدلب الجنوبي بشكل عام على الزراعة كمصدر للرزق، فمنهم من يملك أرضًا يعتني بها ويجنى ثمارها ومحصولها، ومنهم من يعمل في الأراضي كعامل بها وبأجور يومية، وغالباً ما يكون العمل موسمياً ابتداءً بتعشيب الأرض وحراثتها انتهاء بجني محصولها وثمارها، وجميع تلك الاعمال تنتهي بأجر بسيط ويكون الإنتاج لصاحب الأراضي بينما يتلقى العامل أجره فقط، إلا في موسم الشفلّح “القبار” وهي نبتة طبية تنمو في الجبال وعلى أطراف الطرق العامة، دون أن تعود ملكيتها لأحد وهي لا تحتاج رعاية وثمارها لمن يجنيها.

 

أبو أحمد ذو الـ 55 عاماً وهو من أهالي منطقة جبل الزاوية، يقوم في متابعة المواسم مع اسرته في المنطقة كمواسم (الكرز، المحلب..) ويعمل في جني المحاصيل مع أطفاله ليؤمن قوت عائلته وما يحتاجونه من متطلبات الحياة، ومع انقضاء المواسم الرئيسية في جبل الزاوية، يلجأ أبو أحمد إلى جني ازهار الشفلّح وبيعها للتجار المحليين ليتم تصديرها فيما بعد، إذ يُعتبر هذا الموسم من افضل المواسم لكونه لا يحتاج إلى رأس مال، انما فقط تعب الأيادي العاملة في القطاف.

في ريف إدلب.. "أبو أحمد" وأطفاله يقاومون أشواك الشفلّح لتأمين عيشهم

 

وفي هذا الشأن، يقول أبو أحمد لمراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في إدلب محمد العمر: “بعد أن انتهى موسم الكرز والمحلب في جبل الزاوية، بدأ موسم الشفلّح وهو الموسم الأفضل إذ لا يحتاج لرعاية وينمو في المناطق العامة دون أن يكون مملوكا لأحد فما تجنيه منه لك دون أن يشاركك أحد فيه فرأس ماله التعب من عملية القطاف وربحه ما تبيعه من محصول”.

في ريف إدلب.. "أبو أحمد" وأطفاله يقاومون أشواك الشفلّح لتأمين عيشهم

 

يتجول أبو أحمد بسيارته في الطرق الواصلة بين القرى والبلدات وبرفقته أولاده بحثا عن الشفلّح، وما إن يجد مكاناً ينمو فيه الشفلّح حتى يحط رحاله فيه ويبدأ القطاف، فما يُجنى من الشفلّح أزهاره غير المتفتّحة، وبعد جمعها، تباع للتجار المحليين بسعر يعتبره أبو أحمد مقبولا. ويتابع حديثه قائلًا: “في الصباح الباكر من كل يوم اخرج انا واطفالي في رحلة البحث عن الشفلّح بين القرى والبلدات اذ ينتشر على اطراف الطرق العامة بشكل كبير وعندما اجد نبتة الشفلّح اركن سيارتي ونتجمع على كل نبتة لجني الأزهار الغير المتفتّحة منها، لافتًا الى أن “حجم النبتة كلما كانت أصغر كانت أفضل وأغلاها ثمنًا”.

في ريف إدلب.. "أبو أحمد" وأطفاله يقاومون أشواك الشفلّح لتأمين عيشهم

 

وأضاف: “يستغرق عملنا في جني محصول زهرة الشفلح منذ ساعات الصباح الأولى حتى ساعات الظهيرة، ثم نرتاح قليلًا ونعاود العمل في أوقات العصر حتى غروب الشمس، مشيرًا الى أنه يجني خلال تلك المدة من العمل نحو 3 أو 4 كيلوغرام من أزهار الشفلّح ويبيعها في الأسواق المحلية بسعر 3000 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد وهو سعر مقبول نسبيًا مقارنة مع الظروف المعيشية”.

في ريف إدلب.. "أبو أحمد" وأطفاله يقاومون أشواك الشفلّح لتأمين عيشهم

 

إن جني محصول زهرة الشفلّح لا يعتبر أمرًا سهلًا، إذ أن النبتة كثيفة الأغصان ولها اشواك حادة بشكل كبير، ورغم هذه الصعوبات اعتاد أبو محمد” على هذه الحال، ويقول لمراسل “تطبيق خبِّر“: “إن الاشواك في هذه النبتة الكثيرة الأغصان كثيفة ومتشابكة وعندما أحاول قطف الازهار من بين هذه الاغصان اتعرض غالبا لبعض الجروح أو الخدوش بسبب كثرة الأشواك، وهذا أمر مؤلم جداً إذ تنغرس بعض الأشواك في يدي وتبقى لحين انتزاعها، وقد اعتدنا على هذه الأشياء”.

في ريف إدلب.. "أبو أحمد" وأطفاله يقاومون أشواك الشفلّح لتأمين عيشهم

 

من جهة اخرى، يقول أبو أحمد: “يساعدني الأطفال كثيرا وأرى ما يعانوه من الآلام اثناء القطاف لكن لا خيار لدي، فإن عملت وحدي لن أستطيع جني الكم الكافي من الازهار الذي يمكنني من قضاء حاجتي ومستلزمات العيش خصوصا ان هناك 10 افرد من اسرتي ينتظرون ان اعود إليهم وبحوزتي ما يكفيهم من المال”.

يسعى أبو أحمد من خلال هذا العمل مع اطفاله الذين اجبروا على ترك مدارسهم بسبب تعليق العملية التعليمة في مناطق ريف إدلب الجنوبي نتيجة القصف من أجل الحصول في نهاية اليوم على ما يسد حاجات اسرتهم في ظل الوضع المعيشي المتردي في مدينة إدلب وريفها لاسيما لذوي الدخل المحدود إن وجد.

للمزيد:

“أسود بالوردي”.. أول بودكاست جزائري يقدمه زوجان طبيبان بفترة الحجر الصحي

من مرارة النزوح إلى ويلات العيش.. “أم سومر” تفتتح تنوراً لسد رمق عيش عائلتها شمالي إدلب

مبادرة شبابية لتعقيم المساجد والكنائس لاستقبال المصلين في مصر