أخبار الآن | ردلب – سوريا (تطبيق خبِّر)

مع غياب فرص العمل في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري راح الأهالي يبحثون عن وسائل يجنون من خلالها ما يسدون به رمقهم وحاجاتهم الأساسية التي باتت تثقل كاهلهم نتيجة لارتفاع كبير في الأسعار وغالبا ما تتعثر عملية البحث وتصطدم بعدم وجود فرص للعمل إلا لمن يملك رأس مال يمكّنه من افتتاح مطعم أو محل تجاري وهذا الأمر يقتصر على فئة قليلة فيما لا تملك الفئة الكبيرة من رأس مالها سوى تعب يدها.

 

أم سومر سيدة من ريف حماة الشرقي نزحت من بلدتها إلى منطقة جبل الزاوية جنوبيّ إدلب، ثم أجبرتها الظروف للنزوح مرة أخرى الى مدينة أرمناز شماليّ إدلب إبّان تقدّم قوّات النظام السوري على المنطقة وسط ظروف معيشية صعبة تعيشها عائلة أم سومر على الرغم من عناء البحث الطويل لأبو سومر عن فرصة عمل يؤمن من خلالها قوت عيش عائلته، فما كان من زوجته إلا أن اقترحت عليه العمل في صناعة خبز التنور والفطائر على حافظة الطرقات الرئيسية وبيعها للمارين علّها تُخفف وطأة هذه المعاناة القاسية.

وفي هذا الإطار قال “أبو سومر” لمراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في إدلب محمد العمر: “بعد أن نزحنا من بلدتنا إلى منطقة جبل الزاوية ثم إلى الشمال، واجهتنا مصاعب كثيرة منها البحث عن منزل يأوينا ومستلزمات المنزل الأساسية وبعض الحاجيات، وكل ذلك يحتاج إلى المال، وعلى الرغم من بحثي عن عمل إلا أنني لم أحظى بفرصة واحدة تساعدني في معيشتي وتكون عونا لي على قضاء حوائجي المنزلية”.

وتابع: “اقترحت عليَّ زوجتي أن نعمل في صناعة الخبز والفطائر وبيعها للمارّة، وهو الخيار الوحيد الذي بقيَّ أمامنا للعمل به من أجل تأمين أدنى احتياجات العيش”.

من مرارة النزوح إلى ويلات العيش.. "أم سومر" تفتتح تنوراً لسد رمق عيش عائلتها شمالي إدلب

 

استأجر “أبو سومر” تنورا يقع في المدخل الشمالي لمدينة أرمناز شمالي ادلب، وبعد تجهيزه بدأت “أم سومر” تصنع الخبز والفطائر وبيعها للمارة وبعض الزبائن بشكل يومي، ومن خلاله أصبحت العائلة تجني ما تيسّر لها من المال.

بدورها “أم سومر” قالت لمراسل “تطبيق خبِّر“: “بعد أن وجدنا تنورا بموقع جيد على الطريق الرئيسي الذي يمرُّ منه المسافرون والسيارات، ما يجعل الحركة التجارية جيدة بالنسبة لنا خصوصًا عند ساعات الصباح، إضافة الى توافد بعض الزبائن إلينا لنؤمن لهم طلبات يومية”.

تعمل “أم سومر” خلف هذا التنور لعدة ساعات فهي تخصص كمية من الطحين تقوم بعجنها، وما إن انتهت من خبزها تعود إلى بيتها لترتاح ثم تبدأ يومها التالي على غرار ما سبقه، وسط معاناة تُرافقها بشكل يومي في سعر الطحين الذي تقوم بصناعته خبزًا نتيجة لتقلّب السعر بين الحين والأخر لارتباطه بالدولار الأمريكي، وغالبًا ما يُحلّق سعر الطحين وينعكس سلبًا على ربح مادتي الفطائر والخبز الذني يُباعا للمارة، وقليلًا ما ترضى بنسب قليلة من الربح لكسب الزبائن وليكون السعر متناسبًا مع دخلهم بحسب قولها.

من مرارة النزوح إلى ويلات العيش.. "أم سومر" تفتتح تنوراً لسد رمق عيش عائلتها شمالي إدلب

 

وأكملت “أم سومر” حديثها، مردفة “ربما اعتدت على التعب الذي يحصل لي بساعات العمل الطويلة لكن ما يزيد من المعاناة هو ارتفاع سعر الطحين بشكل يومي وهو ما يجبرني في بعض الأحيان على رفع الأسعار ولكن بقيم بسيطة على حساب الربح الذي أجنيه، وسط مخاوف من فقدان الزبائن نتيجة لارتفاع الأسعار التي من الممكن ألا تتناسب مع قدرتهم الشرائية”.

عادة ما يقصد تنور “أم سومر” أصحاب الدخل المحدود من فئة العمال الذين يعملون في عدّة مصالح بغية تأمين قوت يومهم وهي ما تتناسب مع أسعار سلع مادتي الخبز والفطائر على عكس محال بيع السندويش وغلاء أسعارها التي تُرهق جيوب الفقراء.

من مرارة النزوح إلى ويلات العيش.. "أم سومر" تفتتح تنوراً لسد رمق عيش عائلتها شمالي إدلب

 

وفي اطار متصل، كشف غانم “أبو محمد”، نازح من ريف إدلب الشرقي الى مدينة أرمناز ويعمل عتالًا في أحد المستودعات الغذائية، لمراسل “تطبيق خبِّر“: “أعمل نحو 8 ساعات يوميا بإجور متواضعة لا تتجاوز ثلاثة ألاف ليرة سورية، وهو مبلغ لا يُلبي أدنى احتياجات المنزل نتيجة الغلاء الفاحش، وأضاف: “أذهب بين الحين والآخر في أوقات راحة العمل الى تنور “أم سومر” لشراء بعض الفطائر لأفراد عائلتي، لافتًا الى أن نصف المبلغ الذي يتقاضاه ينفقه على عائلته المؤلفة من أربعة أشخاص بشراء الفطائر وخبز التنور بينما النصف الأخر يذهب إلى إيجار المنزل الذي يقطنه”.

وأشار “أبو محمد” الى أن تنور “أم سومر” هو نعمة للفقراء الذين لا يستطيعون شراء أدنى أنواع السندويش الباهظة الثمن في ظلِّ الغلاء الفاحش، ولأن الفقير لا يشعر به إلا الفقير، حافظت أم سومر على أسعارها وبأرباح بسيطة ربما لا تتجاوز 2 بالمائة من أجل إطعام الفئة الأشد فقرًا في المنطقة”.

ليست “أم سومر” وزوجها وحدهم من يعانون من أوضاع معيشية صعبة في ظل انعدام فرص العمل، بل هناك آلاف العائلات في شمال غرب سوريا ليس لديها مصدر للرزق وإن وجد فهو بالكاد يسد حاجاتهم الأساسية في ظل ضعف في الاستجابة من قبل المنظمات العاملة في الشمالي السوري.

للمزيد:

النظام السوري يستملك الأراضي والمنازل في اللاذقية بأسعار بخسة ويفرض التهجير القسري

سوريا.. قطع الإتصالات نتيجة فشل النظام السوري في ضبط الغش بالإمتحانات الرسمية

لاجئة من مخيم اليرموك في دمشق تعود لمنزلها فتجده مقر تعذيب لـ”داعش”