أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٦ إلى ١٢ يونيو ٢٠٢٢. إلى العناوين:

  • في كتاب تبنّاه زعيم طالبان: الجهاد محصور في أفغانستان؛ والمرأة في المراتب الدنيا تعليماً وعملاً
  • دروز إدلب لا أمان لهم من مجزرة قلب لوزة إلى بئر جبل السماق
  • ماذا قال الزرقاوي في رسالة سرية بعثها إلى ”معلمه“ المقدسي مقاطعاً؟ 
المرصد 144| في كتاب تبنّاه زعيم طالبان: الجهاد محصور في أفغانستان؛ والمرأة في المراتب الدنيا تعليماً وعملاً

الدكتور مروان شحادة الخبير في الجماعات الجهادية والمسلحة. يحدثنا عن القطيعة بين الزرقاوي والمقدسي. ماذا قال الزرقاوي للمقدسي في رسالة شفهية سرية. وعلاقة تنظيم الزرقاوي بإيران.

الدكتور مروان شحادة يكشف لنا عن ذلك. الدكتور مروان الخبير في الجماعات الجهادية والمسلحة؛ حاصل على شهادتي دكتوراة في الإعلام والجماعات الجهادية. أشرف على إنتاج وتحقيق وثائقيات عن أبي مصعب الزرقاوي والسلفية الجهادية في وقت مبكر.

منها: ”الزرقاوي من هيرات. إلى بغداد“ ومنها سلسلة: ”الزرقاوي: الصعود السريع إلى قمة الإرهاب“ مع الصحفي

الاستقصائي السويسري أورس غيرغر. وللدكتور مروان مؤلفات آخرها اسرار اعلام وايديولوجيا تنظيم ألدولة الاسلامية.“ و(رسل تحت أزيز الرصاص): عن العاملين في المهمات الإنسانية في وسط ساحات يسيطر عليها الجهاديون. و ”الخطاب السلفي: الحركات الجهادية من ١٩٩٠ إلى ٢٠٠٧.“

الإمارة

صدر في أفغانستان كتاب لعبدالحكيم حقاني قاضي القضاة في حكومة طالبان بعنوان ”الإمارة الإسلامية ونظامها.“ الكتاب صدر بالعربية مؤرخاً في رمضان الماضي. قدّم له زعيم طالبان هبة الله أخوندزادة الذي وصف حقاني بأنه ”سند فقهاء العصر“ وكتابه بأنه ”مؤيدٌ“ عنده. 

الكتاب هو شرح تفصيلي للإدارة أو السياسة الشرعية التي تسعى إليها طالبان. ونود أن نتوقف عند ثلاثة أمور لافتة في هذا الكتاب. 

أولاً، الجهاد. يعتبر حقاني أن الجهاد لا يتوقف بخروج أمريكا من أفغانستان، لكنه يحصره في ”إقامة الدولة الإسلامية في أفغانستان.“ هذه نقطة هامة تقع في صلب اتفاق الدوحة مع الأمريكيين الذي أعاد طالبان إلى كابول.

فلا طموح لدى طالبان في شن هجمات ضد أي جهة أخرى خارج حدود دولة أفغانستان. في المقابل، يشكل هذا خلافاً مع جهاديي الشرق. 

ثانياً، يركز الكتاب على الإدارة الداخلية، ولا يتطرق للتعامل مع الدول الأخرى التي لها أديانها وسياساتها وأنظمة حكمها التي قد لا تتوفق مع مفهوم الجماعة للشرع. وهذه نقطة خلافية أخرى بالنظر إلى علاقة طالبان مع دول إشكالية مثل روسيا والصين والهند من حيث تعاملها مع المسلمين. 

المسألة الثالثة التي نحب أن نتوقف عندها هي ما كتبه حقاني عن تعليم المرأة وعملها. وهنا يفصل حقاني بين المفهوم والكيفية. 

أما في التعليم، فيرى حقاني أن تعليم المرأة يكون في العلوم الدينية أولاً، أما العلوم الدنيوية فيقتصر على ”ما يناسب النساء كصنع الخياطة وعلم الطب؛ وأما ما لا يناسب النساء كالكيمياء والهندسة ونحوهما فلا يحتاج إلى خروجهن لها.“ وعليه إن خرجت المرأة للعلم فيكون ضمن الضوابط المعهودة: مراعاة الآداب الشرعية وعدم الاختلاط. 

أما في العمل، فيقتصر عمل المرأة على المناصب الدنيا التي يُطلق عليها ”المأمورية“ في الوزارات أو في المكاتب التي لا تتبع وزارات. فلا تتولى المرأة منصباً فيه ولاية أو قرار. ومرة أخرى الخروج يكون ضمن الضوابط أعلاه. 

الدروز لا أمل لهم

انشغل معارضو هيئة تحرير الشام هذا الأسبوع بما قاله زعيمها أبو محمد الجولاني أثناء افتتاح مشروع في منطقة درزية في جبل السماق شمال إدلب. 

ما حدث هو أن طلب عجوز درزي ألّا يُعاملوا كطائفة وقال إنهم مسلمون؛ فردّ الجولاني إن الهيئة لا تجبر أحداً على تغيير معتقده. 

كما ألمح الجولاني إلى مجزرة قلب لوزة التي وقعت في مثل هذه الأيام من يونيو ٢٠١٥ والتي أسفرت عن قتل ما لا يقل عن ٢٤ درزياً. المسؤول عن المجزرة كان سفينة التونسي أحد قادة جبهة النصرة في ذلك الوقت. 

الآن، المعارضون التقطوا هذه الحادثة من وجهتين.  مزمجر الثورة السورية استنكر أن يتناسى الجولاني ذاك ”التاريخ الأسود“؛ فيتقرب من شيوخ الدروز بعد أن قتل شبابهم. لم يعجبه أيضاً أن يتحدث الجولاني عن العدل بينما المظالم في ”المحرر“ تتكاثر.

لكن معارضين آخرين استنكروا أن يقول الجولاني ”لا إكراه في الدين.“ واعتبروا أنه بذلك يشجع الطوائف على أن تبقى على دينها. واستنكروا أن يسعى ألرجل إلى عدم التمييز بين الطوائف السورية، عندما قال إن ”الثورة السورية“ لم تأتِ للتمييز بين الطوائف في سوريا وإنما لرد ظلم النظام. 

أبو العلاء الشامي المنشق عن الجولاني كتب في قناته ”وحي وخواطر“ أن هذا الكلام ”تمهيد“ لمصالحة مع ”النصيرية“ أي العلويين الذين ينتمي إليهم بشار الأسد. كما اعتبر أن الدروز هم شركاء في حزب البعث الحاكم. 

وفي إشارة جادة، ذكّر أبو العلاء بدراسة آرون زيلين عن هيئة تحرير الشام بعنوان ”عصر الجهادية السياسية“ التي قال فيها إن الهيئة لا تزال متهمة بانتهاكات ضد الأقليات ومنهم الدروز. وبالتالي، اعتبر أبو العلاء أن الجولاني بزيارته الدروز وقوله ما قال كان يتقرب من أمريكا ليثبت أنه يحمي الأقليات. 

لماذا كل هذا مهم؟ لأنه يدل على أن ”الحكم“ الذي يرغب به الجولاني غير واضح من حيث مكوناته ومرجعيته. والأهم حقيقة أنه غير واضح أين يلتقي معارضو الجولاني وأين يختلفون. هل يريدون جسماً عربياً سنياً خالصاً في إدلب؟ 

في المحصلة، ما مصير غير السنة الذين ظلوا في إدلب مختارين أو مضطرين هل ينتظرون تصفية عرقية من مخلفات ”الثورة“ على نحو ما فعل النظام ويفعل؟ 

سيف العدل

هل سيف العدل هو المرشح الأوفر حظاً لخلافة أيمن الظواهري على هرم تنظيم القاعدة؟ هل سيرضى به الأنصار؟ ليس فقط لأنه يعيش في طهران منذ عشرين عاماً، ولكن لأنه لم يكن يوماً مفضلاً لدى أسامة بن لادن! الباحث أحمد سلطان كتب في موقع ”أخبار الآن“ عن سيف العدل بحسب ما جاء في وثائق أبوت أباد: فهو براغماتي ومتمرد لكنه لا يصلح لقيادة القاعدة. 

صراع منظري الجهادية

عاد منظرو الجهادية وأنصارهم للعراك على الإنترنت. ونلفت إلى أن هؤلاء يستخدمون ألفاظاً يصعب علينا أن نوردها هنا. 

في جانب وقف طارق عبدالحليم الذي يعيش في كندا وأيده أبو محمد المقدسي. وفي الجانب الآخر وقف أبو محمود الفلسطيني الذي يعيش في أوروبا مدافعاً عن أستاذه أبي قتادة الفلسطيني الذي اعتزل الإنترنت. 

عبدالحليم ذكّر بفتوى أصدرها أبو قتادة يجيز فيها – حسب قوله – قتل قرويين في الجزائر إبان العشرية السوداء. كما جدد انتقاده مساندة أبي قتادة لهيئة تحرير الشام و“انحرافَ(ه) في نصرة منهج المميعين والديمقراطيين الخبثاء وممثليهم.“ 

رد أبو محمود على عبدالحليم بأن خصص جزءاً كبيراً من الرد لتصحيح الأخطاء اللغوية الفادحة التي وردت في منشورات الدكتور. 

والأهم أنه نبش من الأرشيف تغريدات له وهو يسب المقدسي. وعلّق: ”الدكتور طارق في الصورة الأولى يصف المقدسي بأنه تكفيري … وفي الصورة الثانية يقول عن حكم المقدسي على الجماعات والشخصيات (أنه) ما جاءت به السنة… فأيهما فيها الكذب أو الصدق؟“

وفي إشارة جادة، دعا أبو محمود زعيم القاعدة أيمن الظواهري إلى ”سحب أي تزكية“ في الرجلين على اعتبار أن ”إبقاء التزكية سيجلب صفة الغلو ويزيد الانحراف داخل التيار الذي انقصم ظهره وتشظى وانشطر.“ 

المقدسي رد على كل هذا ضمناً من دون أن يسمي أحداً مسانداً عبدالحليم وجالداً أبا قتادة وتلميذه. وقال: ”أنّ من يتعصّب لشيخ بالحق والباطل؛ ليس بصادق في حبه للشيخ؛ إنما هو متسلق يرغب بالاستفادة من شهرته.“

ذكرى قتل الزرقاوي

نتذكر يوم الخميس، الثامن من يونيو ٢٠٠٦، عندما أعلنت أمريكا والعراق القضاء على أبي مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، والأب الروحي لداعش؛ وذلك في ضربة جوية على منزل في قرية هبهب في بعقوبة شمال بغداد. 

ذاع صيت الزرقاوي بعد أن ظهر في شريط فيديو وهو يذبح رهينة أمريكي، حتى عُرف بعدها بين أتباعه بالذبّاح. 

سيرة الزرقاوي لا تظهر فقط عنف الرجل الذي أورثه داعش، وإنما تظهر أيضاً خلافات عقدية بين الجهاديين، وتحالفات مركبة بداعي المصلحة لكنها حقيقة تشي بنفاق يقول الجهاديون إنهم مترفعون عنه.