أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٩ إلى ١٥ مايو ٢٠٢٢. إلى العناوين:

  • ما المطلوب من هيئة تحرير الشام حتى تُرفع من قوائم الإرهاب؟ قراءة في دراسة معمقة أعدّها آرون زيلين من معهد واشنطن
  • من السيناريوهات المطروحة: اعتزال القادة التاريخيين في الهيئة؛ فالانتهاكات لا تسقط بالتقادم أو تغيير الاسم 
  • ولاية الشام في داعش تتدخل لحل خلافات بين نساء التنظيم في مخيم الهول
  • تتر القِرم المسلمون يقاتلون مع أوكرانيا ضد الغزو الروسي

وضيف الأسبوع، نيرودا الحسين، الصحفي في موقع Exvar المتخصص بالتقنية. يحدثنا عن ”البصمة الرقمية، كيف تمحو آثارك على الإنترنت ”

المرصد 140 | ما المطلوب من هيئة تحرير الشام حتى تُرفع من قوائم الإرهاب؟ قراءة في دراسة معمقة أعدّها آرون زيلين من معهد واشنطن

نيرودا الحسين، الصحفي في موقع Exvar المتخصص بالتقنية

هيئة تحرير الشام ومعضلة الاعتراف

نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى دراسة مهمة للباحث الدكتور أرون زيلين بعنوان: عصر الجهادية السياسية  – نموذج هيئة تحرير الشام. زيلين من أشهر الباحثين في الجماعات الجهادية وله موقع Jihadology الذي يُعد موسوعة فريدة لإصدارات هذه الجماعات. 

الدراسة تبحث في سؤال واحد: هل فعلت هيئة تحرير الشام ما يكفي حتى ترفع من قوائم الإرهاب؟ هل هجرت الجهادية التقليدية وخطت نوعاً جديداً من الجهادية يقوم على الدبلوماسية والتفاوض وبالتالي أخذت شكلاً لكيان يمكن أن يتعاطى معه المجتمع الدولي بالتعاون والحوار بدل الملاحقة والقتال؟ 

في البداية، مهم جداً توضيح أن الدراسة لا تقول إن ”الأمريكان رضوا عن الهيئة“ كما جاء في بعض تعليقات السوريين على التلغرام. بالعكس، قد تبدو نتائج الدراسة ”محبطة“ لبعض أنصار الجماعة كما سيأتي لاحقاً.

يقع هذا البحث في ٩٢ صفحة و ٨ فصول. بعد المقدمة، في الفصول من ٢ إلى ٦ يستعرض زيلين أمرين متصلين. الأول، كيف تحوّلت هيئة تحرير الشام منذ ظهورها في سوريا قبل ١٠ أعوام تقريباً من ”جماعة إرهابية تقليدية إلى كيان أقرب إلى غيره من كيانات سلطوية في المنطقة.“ فالهيئة، بنسختيها السابقتين ”فتح الشام وجبهة النصرة“ فكت الارتباط مع القاعدة وداعش؛ وبالتالي ”لم تعد جزءا من الجهاد العالمي.“ 

التحوّل في الجماعة ظهر في تحول زعيمها أبي محمد الجولاني من السرية إلى العلنية ”والتعاطي المباشر مع المحليين، ثم مع المنطقة العربية؛ والآن مع الجمهور الغربي“ في إشارة إلى ظهور الجولاني في مقابلات مع صحفيين أجانب ورغبته الواضحة في الحصول على اعتراف دولي. 

يشرح زيلين أن الجولاني كان في ٢٠١٢، يخفي وجهه ويغير صوته، أما اليوم فها هو يتجول في إدلب بحرية وهو ما ”يمثل مرحلة جديدة من تطور الحركة الجهادية تجاه هدفها باستحداث حوكمة مستدامة، ومؤشر على قبول أطراف دولية معينة لهذه الحالة.“ وهنا يشير زيلين إلى أن أمريكا عدلت عن استهداف الجولاني بدءاً من أغسطس ٢٠١٨. ”فلم يعد الجولاني قائد جماعة إرهابية أو فصيل متمرد؛ إنه رأس كيان ناشئ. ومع ذلك تأتي مسؤوليات تتعدى الحكم العسكري.“ 

الأمر الثاني الذي تناوله زيلين في هذه الفصول الأولى هو أن سلوك الهيئة في الماضي لن يُمحى بتغيير الاسم أو حتى النهج. فلا تزال الهيئة متهمة بتسهيل مهمة داعش في المنطقة. ولا تزال انتهاكات الهيئة حقوق الأقليات تشكل معضلة أمام المُشرّع الأمريكي؛ ومن ذلك انتهاكات ضد الدروز والمسيحيين وحتى العلويين؛ بالإضافة إلى تنفيذ اغتيالات مثل اغتيال رائد الفارس الذي يعتبر ”رمز الثورة.“ 

وهنا، يؤكد الباحث أنه لا يكن أي تعاطف مع النظام السوري عندما يستعرض نشاط الهيئة ضد المناطق العلوية مثلاً. بحثه يتعلق بما قد يُعتبر إشكالية قانونية. 

ومن سلوك الهيئة، دعمها جماعةً أو فرادى هجمات إرهابية خارجية رغم خروجها من دائرة ”الجهاد العالمي.“ فمثلاً، في جريمة قتل المدرس الفرنسي صامويل باتي، وجد المحققون الفرنسيون أن القاتل أنزوروف الشيشاني كان تواصل مع فاروق الشامي وهو من الضاجيك المنتمين إلى الهيئة.  المحققون الفرنسيون يعتقدون أنه ربما أثر على انزوروف لينفذ الهجوم. وعليه،“ فمن غير المحتمل ان الهيئة – كتنظيم – لها علاقة بالهجوم ولكن قد يكون لأفرادٍ منتمين إليها علاقات مع آخرين في الخارج وقد يحرضونهم من خلالها على تنفيذ هجمات.“ 

ويزيد زيلين أن ”واحدة من أدوات الإعلام المساند التابعة للهيئة وهي (شموخ) لا تزال فيها مقاطع صوتية لأسامة بن لادن زعيم القاعدة وأبي يحيى الليبي وعبدالله عزام ما يعني أنه بينما قطعت الجماعة علاقتها مع القاعدة بنسختها الحالية إلا أنها … لا تزال تتمسك بالإرث التاريخي لحركة الجهاد الأوسع. ”

الفصل السابع يستعرض مسائل قانونية تتعلق بتوصيف الجماعة أو الشخص الإرهابي: ما هي الشروط التي إن تحققت توضع جماعة على قوائم الإرهاب الأمريكية؟ 

يقول زيلين: ”ومنذ قطعت الهيئة علاقتها مع القاعدة، بقيت خمسة أجزاء من التعريف القانوني تنطبق على الهيئة.“ 

وبالتالي، كيف يمكن لأمريكا أن تتعامل مع هذه العناصر الخمسة المتبقية فترفع الهيئة من قوائم الإرهاب؛ أم أن ثمة سيناريوهات أخرى؟ 

يستعرض زيلين خيار فرض عقوبات على الهيئة أو أفراد فيها بناء على سجل انتهاكات حقوق الإنسان التي لا تسقط بالتقادم. الأمر الذي سيتيح المجال أمام المجتمع الدولي للتعامل مع الهيئة دون التغاضي عن تاريخها أو تاريخ أفرادها. فقد تقرر الخارجية الأمريكية توسيع النشاطات الإنسانية في إدلب لتسهيل تدفق العون للمحتاجين. وبالرغم من أن الأفراد الذين اعتبروا إرهابيين سيظلون في إدلب، إلا أن الفائدة من هذا الإجراء ضد الهيئة هو أن هؤلاء لن يتمكنوا من الإستمرار في إجرامهم وانتهاكاتهم؛ ”بل إن توسيع النشاطات الإنسانية قد يشجع الهيئة على تحييد هؤلاء الأفراد.“ 

من محاذير هذا السيناريو هو: ”تعزيز قوة الهيئة (ما) سيجعلها مع الوقت الفاعل الوحيد تماماً على نحو تعامل المجتمع الدولي مع نظام الأسد في الكارثة الإنسانية التي تعصف بمناطق النظام. وعليه، فإن شرعنة الهيئة (على هذا النحو) تشبه تطبيع العلاقات مع نظام الأسد.“ 

ثمة سيناريو آخر وهو فرض شروط على الهيئة إن طبقتها خرجت من التصنيف؛ ومنها ”حلُّها وتحويلُ بنيتها التحتية إلى حكومة الإنقاذ (واجهة الهيئة المدنية) التي يجب أن يكون انتخاب مجلس شوراها متاحاً للجمهور ومنهم النساء.“

ويشرح زيلين أن الكيانات المقاتلة التابعة للهيئة قد تدخل فيما يشبه وزارة الدفاع ضمن حكومة الإنقاذ هذه؛ حيث أن ”السيطرة المدنية على القوات المسلحة هي من أهم عناصر الحكومة المستقرة.“ 

وقد يُفرض على الهيئة شرط أن يستقيل قادة تاريخيون فيها بطواعية. ”فيقضون أحكاماً بالسجن على جرائمهم السابقة ومن ثم يعتزلون الحياة السياسية.“ وكحل توافقي يمكن قضاء فترة الأحكام هذه في بلد مثل تركيا الذي يُعتبر حليفاً ”غير رسمي“ للهيئة. 

يقرّ زيلين بتعقد المسألة فيعرض لبعض جوانب جدل مع باحثين سوريين يرون أن ”أي نوع من استيعاب الهيئة هو سياسة ضعيفة يحكمها مثالية إنسانية أو واقعية جيواستراتيجية تتعدى على الأمل ببناء سلام دائم في سوريا موحدة.“ 

يرد الباحث إن ”أفضل سياسة هي بأن تظل الهيئة على قوائم الإرهاب إلى أن تُغيّر في ذاتها. مع هذا، من الجيد اختبار ما إذا كانت الهيئة مستعدة لفتح نظامها السياسي وقبول مساءلتها على جرائمها السابقة – مهما ظهر أنها لن تفعل ذلك. باختصار، تحويل وضع الهيئة إلى نظام عقوبات آخر غير ممكن في هذه اللحظة وإن كان مجدياً أن نُفصّل أدوات سياسية محتملة (في هذا الإطار) قد تستخدمها واشنطن بناء على أولوياتها.“

المرصد 140 | ما المطلوب من هيئة تحرير الشام حتى تُرفع من قوائم الإرهاب؟ قراءة في دراسة معمقة أعدّها آرون زيلين من معهد واشنطن

الهيئة والمعارضون

تناقل معارضو هيئة تحريرالشام ما قالوا إنه ”تسريب من سجون الجولاني“ يتعلق ب أبي يحيى الجزائري، الجهادي الذي كان سابقاً عضواً في حراس الدين قبل فصله من التنظيم في قضية الخلاف الداخلي الشهير مع قيادة التنظيم بسبب تقاربه مع الهيئة. اعتزل التنظيم وظل معارضاً للهيئة، فاعتقل في يوليو ٢٠٢٠ ضمن الانقضاض الكبير الذي قضى على ممثل القاعدة في الشام. التسريب يقول إن مدير السجن في حارم ”يشبحه“ خمسة أيام متواصلة ”ويريحونه فقط عند الإفطار والسحور.“ 

وفي مسألة المعارضين المعتقلين، نقل منظر الجهادية أبو محمد المقدسي في حسابه على التويتر ”التوحيد أولاً،“ أن تركيا قبل شهر سلمت أبا اليمان الوزاني إلى هيئة تحرير الشام وأعادته إلى إدلب.“ على الأرجح أن الوزاني المقصود هو المسؤول القضائي سابقاً في حراس الدين، والذي أقيل مع أبي يحيى وغيره في ذلك الخلاف صيف ٢٠١٩. بعد إقالته، انشق مع جماعة ”أنصار الحق“ وظل في إدلب. اعتقلته الهيئة في نوفمبر ٢٠١٩، بتهمة ”الغلو والتكفير.“

وبحسب المشرف على قناة مزمجر الثورة السورية، فعلى الأرجح أطلق سراح الوزاني في النصف الأول من ٢٠٢١ بعد أن أمضى أكثر من عام في السجن. 

يقول المقدسي إن الوزاني خرج من إدلب بعد إطلاق سراحه وعمل مع ”أخوة أتراك ثقات“ ليتكسب عيشه إلى أن ”اعتقلته الاستخبارات التركية وسلمته لهتش.“ المقدسي واثق من معلوماته بدليل أن للوزاني جزء من راتبه لم يستلمه بعد. 

أبو محمود الفلسطيني الموالي للهيئة كذب المقدسي. وقال إنه أفرج عن الوزاني ”بعد أن تعهد بترك الغلاة ومن ثم تبين أنه متورط بقضايا أمنية كثيرة، فسلم نفسه للأتراك كي يهرب من القضايا، فسجن في تركيا، ثم خرج من السجن وبعدها سلم نفسه للمغرب وهو الآن في سجن المغرب.“ 

فضائح مخيم الهول

نشرت ”قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي“ رسالة حديثة بتاريخ مايو الجاري صادرة عن مكتب شؤون المخيمات في ولاية الشام التابع لداعش، موجهة إلى سجينات التنظيم في مخيم الهول. 

الرسالة تحذر من التعامل مع اثنين: رجل وامرأة متهمين بالطعن في السجينات واستغلالهن. تعلّق القناة: ”ليس المهم … الأسماء والاتهامات … المهم … هو خروج ولاية الشام ببيان تعترف فيه بشكل علني (بوجود خلافات بين السجينات في الهول) وهذا يعني أن بعضها خرج عن السيطرة واقتضى ان يتدخل التنظيم بشكل رسمي … ما يجهله عامة الناس هي الخلافات المضمرة بين نساء تابعات لولاية الشام واخريات تابعات لولاية العراق داخل المخيم وخروج هذا التعميم من ولاية الشام تحديداً هو من إرهاصات تلك الخلافات …سنسمع عنها في المستقبل القريب.“

داعش النفط

ونبشت القناة تعميماً موقعاً من اللجنة العامة المشرفة موجهاً إلى ”مسؤول ديوان الركاز والمعادن“ بتاريخ نوفمبر ٢٠١٤. أوضحت القناة أن المرسِل هو أمير اللجنة، التي أصبحت لاحقاً اللجنة المفوضة، وهو أبو معتز التركماني الذي كان نائب البغدادي وأن المرسل إليه هو حجي حامد العجوز (أبو آسيا) الذي اعتقلته القوات العراقية في أكتوبر ٢٠٢١. التعميم ”يحدد ضوابط تعويض المصابين والمقتولين إثر قصف التحالف لآبار النفط التي كانت تحت سيطرة التنظيم.“ فتصرف ٥٠٠٠ دولار تعزية لذوي العامل الذي يُصاب بإعاقة نتيجة القصف مع قطع راتبه. بينما يُصرف ٨٠٠ دولار لذوي العامل الذي يُقتل مع قطع الراتب. 

تُعلّق القناة: ”بينما كان أمراء التنظيم يصرفون الفتات للمعاقين وذوي الشهداء، كانت مداخل النفط الشهرية وبشهادة حجي حامد تناهز ٣٧ مليون دولار شهرياً. عن الخدلان نتحدث.“ 

الحوثي والقاعدة

نقلت قناة أخبار الآن اليمن على التلغرام أنباء عن اتفاق جديد بين تنظيم القاعدة ومليشيا الحوثي في البيضاء.” وفيه أن قيادات في مليشيا الحوثي الموالية لإيران التقت أبا القعقاع الريامي الذي وُصف بأنه ”قيادي بارز في تنظيم القاعدة بمحافظة البيضاء؛“ بهدف الاتفاق على ”إطلاق مليشيا الحوثي عشرات من عناصر تنظيم القاعدة مقابل تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية في المحافظات المحررة.“ 

تتر القرم يقفون ضد روسيا

نشرت مجلة New Lines الأمريكية مقابلة مع مصطفى جيميليف، أحد زعماء التتر المسلمين في أوكرانيا. تتر القرم هم مسلمو أوكرانيا وأكبر أقلية فيها. بالرغم من أن روسيا احتلت جزيرة القرم في ٢٠١٤، إلا أن الفارين منها انضموا إلى الحرب ضد الغزو الروسي الذي بدأ في فبراير الماضي. هؤلاء يخدمون في الجيش الأوكراني كمتطوعين يقدمون المساعدة الإنسانية. 

يتحدث جميليف عن ”ترويس“ المجتمع التتري في القرم ؛ فليس الدين وحده المستهدف وإنما الهوية واللغة. فيمنعون من التحدث بلغتهم الأم ويعانون من التمييز فيُعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية. 

الرئيس الروسي بوتين، في إحدى تبريراته الواهية لغزو أوكرانيا، قال إنه أراد الانتصار لحق الأقليات في الاحتفاظ بإرثها.