بسبب نقص النقد الأجنبي.. مصر تواجه أزمة اقتصادية

تداولت وسائل الإعلام العالمية خبرًا عن تحرك مصر وكينيا للتبادل التجاري بينهما بنظام المقايضة، حيث تشتري مصر الشاي من كينيا مقابل شراء كينيا بعض السلع الأخرى من مصر.

وزير الخزانة الكيني نغوغونا ندونغو، تحدث أمام لجنة في العاصمة الكينية نيروبي، وقال إن الطلب جاء من السفير المصري في كينيا.

ونقل ندونغو عن السفير المصري قوله: “ليس لدينا دولارات لندفعها، سوف نحصل على الشاي الكيني، ويأتي الكينيون أيضاً ويقررون ما سيحصلون عليه من المنتجات المصرية”.

شراء الشاي بالمقايضة.. لماذا لجأت مصر وكينيا إلى نظام التجارة القديم؟

ولم يخرج أي تصريح أو بيان رسمي من الجانب المصري يؤكد هذه الخطوة، وإن كانت مصر معتادة على القيام بها مع دول العالم مؤخرًا.

لماذا طلبت مصر هذا الطلب؟

منذ عدة سنوات، وتمر مصر بأزمة بسبب نقص النقد الأجنبي، وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، بعد خروج الاستثمارات الأجنبية في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، وما تلاها من سحب الأموال الساخنة من الدول النامية، مما رفع فاتورة الاستيراد في مصر.

بسبب هذه الأزمة اضطرت الحكومة المصرية لخفض قيمة الجنيه أمام الدولار لأكثر من النصف، وبدأت عقد اتفاقيات مقايضة مع عدد من دول العالم.

منذ عدة أسابيع، وقعت مصر اتفاقية مع دولة الإمارات العربية المتحدة تتيح للطرفين مقايضة الجنيه المصري والدرهم الإماراتي بقيمة إسمية تصل إلى 42 مليار جنيه مصري أي نحو 1،4 مليار دولار، و5 مليارات درهم إماراتي.

كما انضمت مصر لتجمع البريكس وهو ما يعتبره اقتصاديون خطوة من شأنها أن تخفف الضغط على العملة الصعبة في العديد من الاقتصادات الوطنية.

وفي يونيو الماضي، قالت مصادر لوكالة “رويترز” إن الهند تبحث اقتراحا لبدء اتفاق مقايضة سلع مثل الأسمدة والغاز مع مصر في إطار اتفاق أشمل ربما يشهد تمديد نيودلهي خط ائتمان إلى القاهرة بقيمة مليارات الدولارات.

وفي يوليو الماضي، درست مصر العمل بنظام مقايضة السلع مع روسيا بشكل مؤقت، بحيث يتم إتاحة عدد من السلع الرئيسية الروسية لمصر، مقابل تصدير منتجات مقابلة، للتغلب على المعوقات المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية، والابتعاد عن المقترح الخاص بسداد قيمة السلع المصرية المُصدرة إلى موسكو بالروبل.

شراء الشاي بالمقايضة.. لماذا لجأت مصر وكينيا إلى نظام التجارة القديم؟

هل تقبل كينيا؟

يأتي الطلب المصري في وقت تعاني منه كينيا والعديد من دول العالم نقصًا في الدولارات الأمريكية، وحيث أن كينيا تعتبر أكبر دولة مصدرة للشاي الأسود في العالم، فهذا يمكنها من قبول المقايضة بمنتجات أخرى.

كما أن كينيا تعاني من نقص شديد في الدولار، مما زاد من التضخم ورفع فاتورة استيراد الغذاء والوقود، خصوصًا أنها مطالبة بسداد سندات بقيمة ملياري دولار في يونيو 2024.

تعد مصر ثاني أكبر مشتر للشاي من كينيا بعد باكستان، وانخفضت الصادرات إلى السوقين في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023 بنسبة 23% و13% على التوالي، وفقاً لبيانات مجلس الشاي الكيني.

وقال ندونغو إن الرئيس ويليام روتو أرسل وزير الزراعة للتفاوض على ترتيبات مقايضة مماثلة مع باكستان.

وأضاف: “ما زلنا نعاني من نقص عالمي في الدولار، ولهذا السبب تريد دول مثل مصر وباكستان القيام بتجارة المقايضة”.

شراء الشاي بالمقايضة.. لماذا لجأت مصر وكينيا إلى نظام التجارة القديم؟

هل يحل أزمة مصر؟

يقول الدكتور عمرو الهلالي، المحلل الاقتصادي، إن العالم اتجه خلال العشر سنوات الماضية للبعد عن التعامل النقدي المباشر، وأن البنوك العالمية تستبدل العملات فيما بينها بنظام أشبه بالمقايضة دون التبادل النقدي.

وعن اتجاه مصر للمقايضة أو التبادل بالعملات المحلية، يؤكد الهلالي في تصريح خاص لـ”أخبار الآن”، إن مصر انضمت إلى تكتلات عالمية مثل “بريكس”، تقوم في أساسها على هذه الأنظمة التبادلية، وبالتالي

توسع مصر نظاق تعاملها بنظام المقايضة أو التبادل بالعملات المحلية استفادة من هذه الفكرة.

شراء الشاي بالمقايضة.. لماذا لجأت مصر وكينيا إلى نظام التجارة القديم؟

وقال الهلالي إن ميزة هذه الأنظمة التبادلية أنها تبعدنا عن الاستيراد بالعملة الصعبة التي أصبحت تمثل أزمة في مصر، وتتيح لمصر التبادل بالعملات المحلية مع بعض الدول، لكن هناك دولاً أخرى ليس متوفر.

لديها العملات المحلية الخاصة بالطرف الأخر بكميات كبيرة، فيكون الحل هو المقايضة.

ويوضح الهلالي أن هذا يصلح مع الدول التي بينها وبين مصر تبادل تجاري للمنتجات الأساسية، مثل الشاي الكيني، واللحمة التشادية، ويكشف أنه حتى وإذا كانت السلع بينها فروق في الأسعار، فإن قيام أحد أطراف

المقايضة باستكمال باقي التكلفة نقدًا، يكون أوفر بكثير من دفع ثمنها كاملاً بالعملة الصعبة.

ووصف الهلالي هذا الاتجاه بأنه “حل من أحسن الحلول الممتازة التي لجأت إليها الحكومة المصرية لحل الأزمة”، لكنه طالب بضرورة زيادة السلع المصرية القابلة للتصدير”.

متوقعًا أنه في ظل الوضع الحالي فإن هذا الاتجاه لن يحل سوى 10-15% من أزمة مصر المالية، وزيادة فاعليته متعلقة بزيادة المنتجات المصرية المصدرة، حتى تقوى مكانة مصر أمام الدول الأخرى.