أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة (البيان)

في سياسة جديدة، وربما هي ترحيب بالعنصرية في ملاعب كرة القدم، أصدر الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" قراراً بإنهاء خدمات فريق العمل الخاص بمكافحة العنصرية، مدعياً أن المهمة التي تم تكليفه بها قد أنجزت، وأن ما تبقى "خطوات صغيرة" ستشرف عليها إدارة "فيفا"، وهي خطوة اعتبرتها الكثير من الأوساط العالمية بمثابة الوجه القبيح للفيفا، معتبرة أن الاتحاد الدولي أعلن الاستسلام في مواجهة أكبر مشكلة تواجه كرة القدم.

أقرأ أيضا: الفيفا تتخلى عن الكرة الذهبية… تعرف على البديل

وشكل القرار صدمة لأوساط كرة القدم، التي تعتبر أن محاربة العنصرية في الملاعب يجب أن تكون الهدف الأول للاتحاد الدولي، خاصة وأن العالم يتجه إلى مونديال 2018 الذي سيقام في روسيا أكثر أعضاء "فيفا" إثارة للعنصرية، حتى وصل الأمر أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" هدد بإبعاد المنتخب الروسي عن بطولة الأمم السابقة في فرنسا، إذا استمرت أعمال الشغب والعنصرية التي نظمها مشجعو الدب الروسي خلال متابعتهم للمنتخب.

أقرأ أيضا: تشيفرين يتفوق على منافسه الوحيد فان ويعين رئيسا للاتحاد الأوروبي لكرة القدم

ولكن يبدو أن "فيفا" أراد أن يمنح الدب الروسي الضوء الأخضر لإعلان الفشل في محاربة ظاهرة العنصرية، مع تحميل المشجعين الذاهبين إلى روسيا 2018 لمتابعة منتخباتهم تبعة تعرضهم للتصرفات العنصرية المتوقعة من جمهور البلد المضيف.

رسالة
وكان "فيفا" قد وضع رسالة واضحة من قبل "قل لا للعنصرية" وهو شعار يحمله اللاعبون قبل كل مباراة دولية، في إشارة إلى أن الهدف الأسمى للاتحاد الدولي لكرة القدم، هو مكافحة هذه الآفة التي بدأت في السيطرة مجدداً على ملاعب كرة القدم، خاصة في الناحية الشرقية من أوروبا، وتحديداً في الملاعب الروسية المنتظر استضافتها للمونديال.

ولكن يبدو أن "فيفا" تخلى عن هذه الرسالة، وقام بحل قوة مكافحة العنصرية، تخفيفاً للضغط على الدب الروسي، الذي فشل فعلياً في إيجاد حلول لإيقاف عنصرية جماهيره، ويأتي استمرار فريق عمل مكافحة العنصرية بمثابة الشوكة في خاصرة الدب الروسي، حيث سيكثر الحديث دائماً ومع اقتراب الحدث العالمي، عن المشكلة الأولى التي تعاني منها بلد الاستضافة.

وربما هدف "فيفا" بهذا القرار إلى تركيز الأنظار في تلك الفترة على أشياء أخرى، حيث إن استمرار فريق عمل مكافحة العنصرية سيعني انتظار الإعلام الدائم لبيانات صحافية شبه أسبوعية من فريق العمل لمدى تقدم البلد المنظم في مكافحة العنصرية.

وهو الأمر الذي لن يكون في صالح روسيا أو "فيفا" من واقع تصاعد العنصرية بين الجماهير الروسية إلى أعلى مستوياتها بدلاً عن انخفاضها كما وعد الاتحاد الروسي مرات ومرات وهو يتحدث عن خطة محكمة لمكافحة العنصرية، ولكن يبدو فعلياً أن هذه الخطة فشلت بشكل واضح.

دراسة
وأثبتت دراسة أجراها معهد الدراسات الروسية "سوفا" بالتضامن مع مجموعة كرة القدم ضد العنصرية في أوروبا "فاري" التابعة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، عن تصاعد حالات العنصرية في الملاعب الروسية، بدلاً من انخفاضها منذ أن أعلن الاتحاد الروسي لكرة القدم عن خطته لمكافحة العنصرية في الملاعب الروسية، بل ولم تزد الحالات العنصرية بشكل بسيط، بل كانت زيادة مضاعفة تماماً، حيث وصلت حالات العنصرية في الملاعب الروسية إلى 92 حالة في موسم 2014 – 2015، وهو أكثر من ضعف الحالات في الموسمين السابقين.

حيث بلغت في الفترة من 2011 وحتى 2013، 85 حالة، وكشف باريرا باور الأمين العام لـ "فاري" عن تخوفه من المستقبل، وأضافت في تصريحات إعلامية بعد نشر التقرير، من المتوقع حدوث الكثير من الحوادث العنصرية داخل ملاعب مونديال 2018، وفي محيط هذه الاستادات، وواصل يبقى السؤال المهم جداً عن الاستعداد الروسي لمواجهاتها، ولكن الأهم مدى جدية الدولة المنظمة في مواجهة هذه الظاهرة القبيحة.

أقرأ أيضا: فان باستن يعين مديرا لقسم التطوير الفني في الفيفا

ومضى باور: الاتحاد الروسي ينسق مع الأندية، والتي فرضت عقوبات في بعض الحالات، ولكن مرت حالات أكثر من غير أن يتم اتخاذ أي إجراء، مواصلاً، العقوبات على الأندية والتنسيق معها يمكن أن يساعد في تخفيف حدة العنصرية، ولكن الأزمة الكبرى في عدم نجاح الاتحاد الروسي أو أنديته في غرس ثقافة ضد العنصرية بين الجماهير، وهي التي تتسبب في هذه الحوادث.

معاناة
وكشف البرازيلي هالك النجم السابق لسان بطرسبيرغ عن معاناته في كل مباراة تقريباً من عنصرية الجمهور، مرجحاً أن هذه العنصرية كانت أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت به إلى الرحيل إلى الدوري الصيني، بعد أن فقد القدرة على التحمل والتعامل مع هذه الآفة.

ومضى هالك: أصوات القرود تتردد في أرجاء الملعب مع كل كرة استلمها، بل ومنذ دخولي إلى أرض الملعب، كنت أتعامل بغضب مع هذه الحالة، ولكنني قررت أن أتعلم الهدوء، كنت أرسل التحية لجمهور فريقي بعد كل لحظة أتعرض فيها لهتاف عنصري.

وأواصل التركيز على المباراة، الأزمة الأكبر إذا حدث هذا خلال المونديال، حالياً الأمور محصورة داخل روسيا، ولكن مع وصول المنتخبات الملونة وجمهورها في المونديال ستظهر هذه الظاهرة الكريهة بشكل واضح وحينها لا يمكن معرفة ما يمكن أن يحدث.

فحتماً ستحدث الكثير من الاحتكاكات بين العصريين الروس، وبين الجماهير القادمة من مختلف قارات العالم، مواصلاً ستكون المعاناة الأكبر في العاصمة موسكو، التي أتعرض فيها لهتافات عنصرية باستمرار حتى أن قطبي المدينة سبارتا وتوربيدو موسكو تعرضا لعقوبة بعد أن أطلقت الجماهير صيحات القرد في وجهي خلال المباراتين.

ومضى: الأكثر أسفاً أنه حتى بعض حكام المباريات يتعاملون بعنصرية مع اللاعبين، حيث تقدمت بشكوى ضد الحكم أليكسي موتينين الذي تفوه ضدي بعبارات عنصرية خلال مباراة زينت أمام موردوفيا في موسم 2014 – 2015، ولكن لجنة القيم التابعة للاتحاد الروسي لم تتخذ إي إجراء ضده، متعللة بالنقص في الأدلة.

ويعتبر هالك واحداً من مجموعة كبيرة من اللاعبين تعرضت لهذه الصيحات، بل كان الأمر ملاحظاً للغاية عندما التقطت أجهزة الصوت للنقل التلفزيوني أصوات القرود الصادرة من المدرجات عند دخول الغاني إيمانويل فرويبونغ في مباراته الأولى مع أف سي يوفا ضد سبارتاك موسكو بشكل طغى حتى على أصوات التشجيع والأجواء الأخرى في الملعب.

دفاع
ودافع فاتيلو موتكو وزير الرياضة الروسي، حينها، والذي يشغل المنصب الآن عن الإجراءات التي تتخذها بلاده للحد من الظاهرة قائلاً: لقد أصدرنا قراراً بمعاقبة الأندية التي تتسبب جماهيرها في أحداث عنصرية، ولكن ينبغي للجميع الاعتراف بأن المشكلة ليست محصورة على روسيا وحدها بل هي مشكلة عالمية ويسعى "فيفا" بكامل قوته على القضاء عليها.

ليظهر السؤال الجوهري، هل نجح فيفا خلال الفترة الماضية في القضاء على ظاهرة العنصرية التي عانى منها النجوم السمر في الدوري الإيطالي والإسباني والإنجليزي، بل أن قائد منتخب إنجلترا السابق جون تيري أجبر على الاعتزال دولياً بعد اتهامه باستخدام ألفاظ عنصرية تجاه أنطون فيردناند الشقيق الأصغر لقلب دفاع منتخب إنجلترا المعتزل ريو فيردناند.

كما أوقف لويس سواريز ثماني مباريات عندما كان لاعباً في ليفربول بعد عبارات عنصرية في حق باتريس إيفرا لاعب يوفنتوس الحالي عندما كان المدافع الفرنسي في صفوف يونايتد، وقرر إيفرا حينها عدم مصافحة سواريز في اللقاء التالي بين الفريقين، وهتفت جماهير الناديين معتذرة لإيفرا ومساندة له عندما نفذ هذا القرار.

10
تم الاعتداء على 10 من الجماهير الملونة في سنة 2015 من قبل جمهور روسي عنصري مقابل 5 حالات اعتداء خلال السنوات السبع السابقة، مما يعكس ارتفاعاً رهيباً في نسبة العنصرية كلما اقترب المونديال، الذي يبدو أنه سيشهد حالات أكثر.

200
أكدت مجموعة كرة القدم ضد العنصرية في أوروبا "فاري" أن هناك 200 حالة عنصرية في الملاعب الروسية خلال موسم 2014 – 2015، إلا أنها أجبرت على تأكيد 95 حالة فقط في التقرير بعد أن رفض الاتحاد الروسي لكرة القدم الاعتراف بالحالات الأخرى.