مجمّع الشفاء خرج عن الخدمة بعد اقتحامه
نصب نازحون دُمّرت منازلهم في شمال غزة مئات الخيام البدائية بين أكوام الأنقاض في مجمّع الشفاء الطبّي الذي خرج عن الخدمة بعدما حاصره الجيش الإسرائيلي واقتحمه في تشرين الثاني/نوفمبر.
ويحتمي 30 ألف غزّي على الأقلّ داخل المجمّع الطبّي الذي أخلي من جميع المرضى تقريباً بعدما اقتحمه الجيش الإسرائيلي في 15 تشرين الثاني/نوفمبر ونفّذ فيه عمليات عسكرية استمرت أياماً عدّة.
وتعرّضت المستشفيات، المحمية بموجب القانون الإنساني الدولي، لقصف إسرائيلي مرات عدة في قطاع غزة منذ بدء الحرب مع حماس إثر الهجوم غير المسبوق للحركة الفلسطينية على الأراضي الإسرائيلية في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وفي الإجمال، قُتل 1200 شخص معظمهم من المدنيين في الهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية. وردّاً على ذلك، تقصف إسرائيل قطاع غزة حيث يدور قتال بري أيضا، في مسعى “للقضاء” على حماس.
وقُتل حوالى 18 ألف شخص في القطاع الفلسطيني الصغير والمحاصر، وفق وزارة الصحة التي تديرها حماس.
وجاء في رسالة جديدة بعثها الجيش الإسرائيلي السبت، إلى سكان شمال قطاع غزة، حيث الأوضاع الإنسانية يرثى لها، “من أجل سلامتكم، يحثّكم الجيش الإسرائيلي على الإخلاء (…) إلى المناطق الآمنة”. لكنّ منظمات دولية ندّدت بعدم وجود مناطق لا تتعرض للقصف في القطاع الساحلي الضيق.
وتحدّث صحافي في وكالة فرانس برس الأحد مع نازحين في مجمّع الشفاء قالوا إنهم يفتقرون إلى كل شيء، من حليب الأطفال إلى القماش المشمّع لحمايتهم من المطر والبرد.
ومن بين النازحين سهيل أبو ضلفة الذي نزح من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، حيث يتواصل القصف الذي طاول منزله وأصاب ابنه محمد البالغ 20 عاماً، واحتمت إثره الأسرة بالمستشفى.
“الموت يلاحقنا”
ويشرح رب الأسرة البالغ 56 عاماً “وضَعنا قماشة وعملنا خيمة ولا نعرف هل سيقتحمون الشفاء مجدّدا، أينما نذهب الموت يلاحقنا، إسرائيل دمرت غزة وتريد قتل وتهجير كلّ سكان غزة”.
واضطر نحو 1,9 مليون غزّي، أي ما يقرب 80% من سكّان القطاع، إلى النزوح عن منازلهم منذ بداية الحرب، وفق الأمم المتحدة. ويُعتقد أنّ مئات الآلاف ما زالوا موجودين في الشمال، حيث يستعر القتال.
أمّا محمد دلول الذي وصل إلى الشفاء “بصعوبة كبيرة”، فيؤكّد أنّ “القصف وإطلاق النار” لم يتوقف طوال الطريق إلى المستشفى الذي يأمل الآن أن يكون “آمناً”.
وبحسب الرجل البالغ 38 عاماً الذي فرّ مع زوجته وأطفاله الثلاثة، فإنّ القصف المدفعي لم يتوقف منذ “عدّة أيام”.
ويضيف لوكالة فرانس برس “حياتنا جحيم صارت، لا كهرباء ولا ماء ولا طحين ولا خبز ولا دواء للصغار كلهم مرضى، ما في مسكّن ألم ولا حرارة”.
ويؤكّد أنّ “كلّ ما يشغل بالنا هو كيف نبقى أحياء”، موضحاً أنه لم يتمكن من حمل أيّ شيء من منزله في حي الزيتون بالبلدة القديمة في غزة، والذي دمّر بالكامل.
“لا أحد يشفق علينا”
وتعرّضت المعدات الطبية والمباني في المجمع الطبي لأضرار بالغة، بحسب صحافي في وكالة فرانس برس، وصار من المستحيل عملياً علاج الجرحى فيه.
وبعد سيطر على المجمّع الطبّي في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، دعا الجيش الإسرائيلي الصحافيين لزيارة نفق في محيط الشفاء، لكنّ المكسب الاستراتيجي من اقتحام المؤسّسة الصحّية لا يزال غير واضح في الوقت الحالي.
كما تم اعتقال عدد من الأشخاص من مجمع الشفاء واستجوابهم، من بينهم مدير المؤسسة محمد أبو سلمية.
رائد، الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملا، ينام على بطانية قديمة تحت درج قرب قسم الطوارئ القديم، ويؤكد أنّ عائلته المكونة من تسعة أفراد “ليس لديها مال” لشراء خيمة.
وبنبرة ملؤها الحزن يضيف الشاب البالغ 24 عاماً “لا أحد يشفق علينا”.
ويوضح أنّ الجيش الإسرائيلي أجبرهم على مغادرة منزلهم الواقع في ساحة الشوا بحي الدرج.
ويقول “دخل الخميس ليلاً الجيش على بيتنا واعتدوا علينا وأنا جردوني من الملابس وعصبوا عينيّ وربطوا يديّ وفي الصباح تركونا وقالوا لنا اذهبوا”.
تنام شقيقته منال، البالغة ثماني سنوات، وهي تسند رأسها على بعض الملابس. تجلس والدتهما قربهما، وتضع إلى جانبها بعض الخبز وعلبة جبن في صندوق كرتوني صغير وقارورة ماء غير ممتلئة.