حرفة تراثية قد تؤدي لإصابات ووفيات

أقام نادي الاستغوار والنشاطات الجبلية بالقرارة بولاية غرداية جنوبي الجزائر تظاهرة لتعليم الأطفال حرفة الاهتمام بالنخيل تحت شعار “السلامة في تسلق النخلة، رياضة تمارسها، وحرفة تتقنها”، استفاد منها أكثر من 40 مشاركًا من منطقة وادي ميزاب، إذ تعد هذه الحرفة إحدى الحرف التراثية التي يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد.

بدأت فكرة هذه التظاهرة بعد أن كانت تسجل سنويًا حوادث وفاة متسلقي النخل في المنطقة، بعد سقوطهم حين جني التمر من أعالي النخيل، وتم لحد الآن إصابة ستة أشخاص منذ بداية السنة بعد سقوطهم من أشجار النخيل ما أدى إلى إحداث إصابات متفاوته بينهم.

دفع ذلك القائمون على نادي الاستغوار والنشاطات الجبلية بالقرارة إلى التفكير بتقديم دورات وتدريبات في كيفية استعمال الحزام لتسلق النخلة بهدف تجنب الإصابات والوفيات لدى أصحاب هذه الحرفة.

تعوّد أصحاب هذه الحرفة، خصوصًا من صغار السن في منطقة القرارة، تسلق النخيل دون استعمال الحزام، ما أدى إلى فقدان الكثير منهم، لذا قرر أصحاب النادي تدريبهم على استعمال الحزام حتى يتفادوا السقوط والإصابة في غالب الأحيان.
‎أكثر من 40 طفلًا يتدربون على تسلق النخيل في القرارة بالجزائر

‎أكثر من 40 طفلًا يتدربون على تسلق النخيل بالقرارة

تم الإعلان عن هذه الدورة في مساجد المدينة وفي صفحة النادي الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، وتم غلق القائمة التي وصلت إلى 40 متربصًا في الأيام الأولى من نشر الإعلان.
في تصريح لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني في الجزائر عبد المؤمن لعرابي، صرح رئيس فرع الاستغوار بالنادي حريز بهون أن التظاهرة التي أقيمت في مركب الأجيال شارك فيها أطفال تراوحت أعمارهم بين 9 سنوات و16 سنة.
أطفال يتعلمون حرفة تسلق النخيل في القرارة بالجزائر

تدريب على حرفة تسلق النخيل لتجنب الإصابات والوفيات

وأضاف أن الأطفال تدربوا فيها على كيفية إعداد حزام الأمان الخاص بتسلق النخلة، وهو ما يسمى في المنطقة ب”تزديت” باللغة المزابية، وطريقة استعمالها في التسلق، تحت إشراف عدد من المدربين من بينهم قليل عمر خفياني، وبعض الممارسين المساهمين في التأطير والتكوين.

مسابقة لأسرع متسلق

انقسم البرنامج التدريبي على عدة أقسام. في اليوم الأول، تدرب الأطفال على التعامل مع النخلة وطرق التسلق صباحًا، بينما نظمت مساء مسابقة أسرع متسلق، شارك فيها 40 ممارسًا بهدف التعارف فيما بينهم وتشجيعهم ورد الاعتبار لمثل هذه الرياضات التقليدية لدى نفوس الناشئة.
‎أكثر من 40 طفلًا يتدربون على تسلق النخيل في القرارة بالجزائر

محاضرات عن الاهتمام بالنخيل وتبادل الخبرات

استفاد أعضاء النادي والحضور في نهاية اليوم من جلسة لتبادل الخبرات مع متسلقين ونوادٍ في المجال، قدموا من أربع “قصور”- وهو مصطلح يطلق على المدن القديمة بمنطقة وادي ميزاب، غرداية، وهي : اتمليشت، ات ايزجن، أت بنور، تغردايت.
امتدت التظاهرة لليوم الثاني، وفيه استفاد الحضور من ندوة عامة عن مستجدات الحرفة، ومعلومات حول حال النخيل وحال متسلقيها في بلدة القرارة، وتم توزيع بعض الجوائز لممارسي هذه المهنة الذين تجاوزو ستين عامًا من العمر.
‎أكثر من 40 طفلًا يتدربون على تسلق النخيل في القرارة بالجزائر

تعتمد المنطقة على النخيل لذلك فالاهتمام به وتسلقه يؤمن رزق كثيرين

يعتبر فرع تسلق النخيل أحد أهم الحرف والمواد التعليمية الميدانية التي يتعلمها الأطفال في مدرسة “الحياة” التي يتعلم فيها أبناء المنطقة العلوم الشرعية وبعض العلوم الميدانية، إذ بدأ تدريس هذه الحرفة سنة 2017.
وتعتبر حرف تسلق النخيل، إحدى الحرف التي تشكل مصدرًا للرزق في واحة القرارة، حيث النخيل من أهم مواردها الاقتصادية، فضلًا عن أنها تعتبر إحدى مظاهر التراث اللامادي في المنطقة، بتقنياتها وطرقها المبتكرة والتي تتطور من جيل لجيل، كما تصاحبها أهازيج خاصة بأهل المنطقة .
ويعد تسلق النخيل أحد المهن الشاقة التي ليست مهيئة للكل، إذ تجد بعض الحرفيين من يتسلق أكثر من عشرين نخلة في اليوم لجني التمر، بينما حرفي آخر لا يقدر على نفس العدد.
وفي وقت بدأ الاهتمام بهذه المهنة ينقص مع تعاقب الأجيال، أوضح حريز بهون لمراسل “تطبيق خبّر” أن أعضاء النادي فكروا في إحياء هذا التراث بتعليم الأطفال وتكريم كبار السن ممن قضوا سنوات طويلة في هذا المجال.
‎أكثر من 40 طفلًا يتدربون على تسلق النخيل في القرارة بالجزائر

تشتهر منطقة غرداية بنوادٍ مهمتها تعليم الاهتمام بالنخيل وتسلقه

تشتهر منطقة غرداية بنواديها الخاصة بتعليم حرفة الاهتمام بالنخيل خلال المحطات السنوية الثلاث المعروفة في المنطقة، وكذا تعليم مهارات التسلق والتكيف مع شتى الظروف. تعمل النوادي على الحفاظ على مهنة الآباء بطريقة منهجية، فالتعامل مع النخلة يتم عن طريق مراحل طيلة السنة.
أولها تسمى “آجال”، وهي خدمة تلقيح النخل، وتتم في بداية أشهر الربيع، والثانية تسمى “أفراق” وهي عملية إنقاص وزن العراجين ووضعها في ثقل متوازن لكي لا ينكسر ويفسد التمر، والثالثة تسمى بلغة أهل المنطقة “أنكاض”، وتكون بعد جاهزية التمر للأكل، إذ تقطع العراجين ويتم إرسالها عبر خيط بتقنيات أخرى إلى الأرض.