أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (مها رباح)

بعد تهدم بيتها ومقتل أحد أبناءها جراء غارة جوية خرجت "فاطمة" تبحث عن مأوى لها ولمن تبقى من عائلتها. لم تجد فاطمة  من يأويها في منزل عند أقربائها لعدم وجود مكان فارغ.

فقررت أن تطرق باب المسؤولين عن مبنى الشقق السكنية للمتضررين الكائن في كفرنبل، ومنهم "محمد الهاجر" المسؤول الأبرز في "جمعية الهدى".

لم تجد فاطمة شقه فارغة فجميع الشقق السكنية في هذا المبنى مشغولة. رغم ضعف حالتها المادية اضطرت فاطمة أخيرا لأخذ بيت بالإيجار.

وحدات سكنية غير كافية

المسؤول "محمد" يقول أنهم قاموا ببناء هذه الوحدة منذ أكثر من سنة وهي مأهولة بالسكان منذ عام تقريبا، لذلك لا توجد شقق فارغة بسبب كثرة النازحين وكثرة البيوت التي تتهدم في المناطق الواقعة على خطوط الاشتباك. ونظرا لتزايد الحاجة لمثل تلك الشقق ومع استمرار القصف والتهدم الذي يصيب المباني السكنية في المنطقة وجد محمد الحاجة ماسة لإقامة مشروع بناء آخر لوحدة سكنية في منطقة أخرى مجاوره لكفرنبل، وهو الآن على وشك الانتهاء منه حيث تم تجهيزه بالتمديدات الصحية إضافة للكهرباء والبلاط مع السيراميك وكل ما يلزم، وبحسب الهاجر فأيام قليلة ويصبح جاهزا للسكن.

"أحمد" من قرية "الفطاطرة" في سهل الغاب أحد الذين سجلوا للسكن في هذه الوحدة، يسكن الآن بالإيجار بعد استقراره في المنطقة بسبب تعرض قريته للقصف المتكرر بشتى أنواع الأسلحة.

يفيد الهاجر بأن كل وحدة سكنية تتألف من ستة أبنية، وكل بناء يحوي على ثمان شقق سكنية تحوي الشقه الواحدة غرفة مع منافع وشقق أخرى تتألف من غرفتين ومنافع بالإضافة لمسجد ومدرسه صغيرة لاستيعاب التلاميذ من أبناء الوحدة.

"غصون" بنت معرة النعمان 35 عاما، تقول بأن الدمار الذي أصاب مدينتها كان كبيرا بسبب القصف الذي أدى لتهدم الكثير من المباني السكنية وأن هناك أحياء بأكملها قد دمرت.

تفيد غصون أنه تم استخدام بيوت العائلات المهاجرة للسكن فيها من قبل الآخرين ممن تهدمت بيوتهم بسبب القصف مما أدى للتخفيف من وطأة التشرد في مدينتها حسب وصفها، مشيرة إلى أن منطقتها تخلو من أية مشاريع إعمار سكنية بسبب استهدافها المتكرر من الطيران الحربي.

مشاريع سكنية جديدة وفوائد متعددة

"عبد الناصر" 47 عاما، من كفرنبل، مسؤول آخر في جمعية الوفاء الخيرية، يتبنى حاليا مشروع بناء شقق سكنية في ريف ادلب أيضا وهو عبارة عن بناء لوحدتين سكنيتين في أماكن مختلفة من الريف وفي قريتين متباعدتين نسبيا لتحقيق أكبر قدر من الفائدة، حيث يقدر المسافة بين الوحدة السكنية والأخرى بـ 25 كم حسب قوله، ويشير إلى أن هذه الأبنية لا زالت في طور الإنشاء والتعمير ولم ينتهوا من بنائها بعد.

يعتبر عبد الناصر أن مثل هذه المشاريع مهمة في هذا الوقت الحالي بسبب ازدياد النزوح وازدياد التهديم في البيوت السكنية وأيضا لا تخفى أهميتها على الصعيد الاقتصادي وإنعاش اقتصاد البلد وتوفير فرص العمل للعمال الذين بات معظمهم يرحل إلى تركيا للبحث عن عمل. في حين يرجع سبب قلة هذه المشاريع بسبب كلفتها العالية التي تقدر بـ 800 مليون ليرة سورية لكل وحده سكنية تقريبا في الوقت الحالي.

يسكن "أبو أحمد"  60 عاما، مع  زوجته  وأولاده في "مخيم النقير" جنوب معرة حرمة، وهو مخيم كبير يتسع لأكثر من ألف خيمة، معظم سكانه نزحوا من ريف حماه الشمالي وتحديدا من كفرنبوده واللطامنة وكفرزيتا بسبب الاشتباكات الدائرة هناك.

تقول زوجته "أم أحمد" أنها تعاني من آثار مياه الأمطار التي تسبب الطين باستمرار، وتوضح بأنها تعتمد على الحطب في التدفئة وعلى يديها في الغسيل وتعاني من صعوبة في العيش والتأقلم مع الحياة في الخيمة فهي تشعر أنها تعيش عيشة الإنسان البدائي بكل تفاصيلها، حسب وصفها.

كل ما تأمله أم أحمد أن تنتهي الاشتباكات على أطراف مدينتها اللطامنة لتعود إلى بيتها. من جهته، يقول أبو أحمد أنه ليس لديه المال الكافي ليستأجر بيتا وبنفس الوقت ليس لديه أمل بالحصول على شقه سكنية من الوحدة السكنية التي تبنى حاليا بسبب كثرة أعداد المشردين قياسا بعدد المباني السكنية.

وهكذا يبقى إيجاد مكان ومأوى سكني هو الهاجس الأكبر لدى السوريين هنا، لذلك يبدو من الضرورة العمل على دعم مشاريع الإعمار كمحاولة للتخفيف من آثار النزوح والتشرد الداخلي.