أنصار القاعدة يقللون من المقدسي بعد إعادة نشر بيان قديم ينتقد حماس

صباح يوم الأربعاء ٢٤ أبريل، نشر الداعية طارق عبدالحليم في حسابه على تليغرام بياناً لمنظّر الجهادية أبي محمد المقدسي قال إنه رده على تعزية تنظيم القاعدة للقيادي في حماس إسماعيل هنية المنشور في ٢١ الجاري.

في البيان، يقول المقدسي: ”انقضت فتنة داعش التي طبَّل لها كثيرٌ من الأحبار والرهبان … ثمّ جاء دور حماس الإسلامقراطيّة لتشتعل فتنتها… التي قال عنها ابن لادن: “حماس باعوا دينهم، ولم تسلم لهم دنياهم”، وقال عنها الظواهري: “حماس لم يأبهوا برأي إخوانهم، واستمرّوا فيما اندفعوا فيه من دخول الانتخابات ملتزمين بالدّستور العلمانيّ.”

ثم يتحدث المقدسي عن أحداث ٧ أكتوبر، وعلاقة حماس بإيران ويقول: ”إذن (حماس) جماعة وطنيّة منحرفة مبتدعة على أقلّ تقدير، نفرح بقتالها لليهود… دون أن نزكّيَها ونغرّر بالنّاس أونضلّلهم بها وبمنهجها!“.

لكنه في نفس الوقت يستنكر أن يكون ”قتال اليهود“ هو المعيار الوحيد ”للتزكية والمديح المطلق.“ وإلا ”فوجب عليهم إذن التطبيل أيضاً لإيران“ ووكلائها من حزب الله إلى الحوثيين.

وينتهي بالقول: ”فلا تُضللوا الأمّة ولا تُضيّعوا ثوابتكم … ولا تسمحوا لأبي عبيدة ولا الدّويري ولا الجزيرة أن يتلاعبوا بكم.“

بيان قديم

المقدسي، الذي تغيب حساباته عن وسائل التواصل الاجتماعي، لم يأتِ بجديد في توصيفه لحماس وأحداث ٧ أكتوبر.

فموقفه معلوم حتى منذ قبل الأحداث، المهم في البيان هو أنه لم يأتِ رداً على بيان القاعدة الأخير. فالبيان قديم نُشر أول مرة في ٨ يناير ٢٠٢٤.

كان هذا مخرجاً لبعض أنصار القاعدة الذين ما من شك شعروا بالخجل من بيان القاعدة، فإن كان ثمة لبس في الموقف من حماس في ظروف الحرب الدائرة في غزة، فإن الموقف من قيادييها يُفترض أنه محسوم خاصة بالنظر إلى اللغة المستخدمة في بيان القاعدة المشار إليه؛ حيث أغدق التنظيم المديح والتبجيل على هنية حتى يُخيّل للمرء أنه ”إمام مجدد.“ وعليه، ظنّ بعض الأنصار أن عدم نشر المقدسي بياناً يرد فيه على القاعدة سيخفف المصاب، على الأقل الآن.

أنصار القاعدة يقللون من المقدسي

آخرون ذهبوا إلى حدّ التقليل من المقدسي وقيمته بالنسبة للقاعدة، فالبنسبة لهم الرجل لا ينتمي إلى القاعدة ولا يُعتبر مرجعية عندهم وبالتالي كلامه يعبر عن شخصه ولا يعبر عن موقف ضمن صفوف القاعدة وبالتالي يجب ألا يعني شيئاً للقاعدة وأنصارها، هذا الموقف من المقدسي عززه السؤال عن فتوى الرجل فيما إذا كانت حماس كافرة أم مرتدة.

والحقيقة أن هذا الأمر محسوم بالنظر إلى فتاوى الرجل المنشورة في موقعه منبر الجهاد والتوحيد، فالثابت عند استعراض ردّ أبي محمد المقدسي على السائلين هو أنّه كفّر حماس؛ وإن كان يتنصل من ذلك.

المقدسي وتكفير حماس

في إجابة عن سؤال ”ما هو حكم حركة حماس، وأنصار حماس، والقسام“ بتاريخ ٢٨ أكتوبر ٢٠١٠، قال المقدسي: ”نحن لم نكفر حماس وعموم أفرادها كحركة لا أنا ولا أحد من أعضاء اللجنة الشرعية وهذا قسم الفتاوى من ادعى وكذب علينا خلاف ذلك فليأتنا به.. والكلام في بعض الفتاوى كان على تكفير حكومة حماس وأنصارها من الأجهزة الأمنية ونحوهم، ولفظة الأنصار والنصرة لفظة شرعية تعني التولي فمن ناصرها على قوانينها وظاهرها وتولاها على الموحدين والمجاهدين فهو منها وحكمه حكمها.“

لكنه في تاريخ ٢٣ سبتمبر ٢٠٠٩، ردّ على سؤال يتعلق بكتائب القسام بالتالي: ”فمن كان من كتائب القسام لا ينصر الحكومة التي تعطل شرع الله وتحكم بالقوانين الوضعية وتتخذ الديمقراطية التشريعية منهجا ولا يعين أنصار القوانين على قتال إخواننا الموحدين (جماعة السلفي أبي النور المقدسي)؛ أقول مثل هذا إن وجد فلا نكفره؛ لكن معظم إخواننا في غزة يقولون أن مثل هذا لا يمكن أن يوجد إلا باعتزاله العمل وبقائه تحت كتائب القسام بالاسم فقط وأن القساميين قد شاركوا جنبا إلى جنب في قتال إخواننا الموحدين ويعملون ليل نهار في نصرة الحكومة المعطلة لشرع الله والحاكمة بغير ما أنزل.“ العبرة في جملة ”مثل هذا إن وجد فلا نكفره؛“ فاللغة واضحة ولا تحتاج إلى تأويل – التكفير حاصل لكن ثمة استثناء؛ إلا أن هذا الاستثناء لم يتحقق أو قد لن يتحقق!

من هم مرجعية القاعدة؟

وهكذا قلل بعض أنصار القاعدة من قيمة المقدسي باعتبار أنه ليس مرجعية عندهم؛ فمن هم مرجعية القاعدة؟

أحد الأنصار نشر كلاماً لعطية الله الليبي، القيادي الرفيع في القاعدة والمقتول في ٢٠١١. في إجابات الليبي عن أسئلة أعضاء شبكة الحسبة في يونيو ٢٠٠٦، حذّر من التكفير وصرّح أنه لا يجوز اعتبار حماس كافرة أو مرتدة.

في تلك الردود كان الليبي معنياً أكثر بمشاركة حماس في الانتخابات التشريعية آنئذ وهو ما تعتبره القاعدة رديفاً للكفر، لكن هل تكون حماس بذلك كافرة؟ الليبي لا يعتقد ذلك، بل يقول هنا إنه ”يعذر“ حماس في تلقيها الدعم من إيران.

لكن الليبي يستنكر هذا ”العذر“ في مقال طويل كتبه في ٢٠٠٧ عن حزب الله وتوظيفه القضية الفلسطينية لتنفيذ الأجندة الإيرانية، ومما كتبه تحت عنوان: ”حزب الله اللبناني والقضية الفلسطينية: رؤية كاشفة،“ أنه ”لا ينفع الاعتذار بالحاجة الشديدة أو الضرورة، فلا ضرورة تلجئ إلى أمثال هؤلاء (إيران) … إن هناك فرقاً شاسعاً بين أن تتلقى دعماً مالياً او عسكرياً من أمثال هؤلاء في حال الشدة… وبين أن يتنازل المرء عن ثوابت عقيدته ويسمح لأهل الشرك والضلال أن ينفذوا من خلاله إلى المسلمين وأجيالهم، فهذا ضلال مبين وتفريط في الدين.“

وفي موقع آخر يقول: ”ويكفي أن نتذكر أن خالد مشعل في العام الماضي ٢٠٠٦ زار إيران وقدم طقوس العزاء عند ضريح الخميني، ثم قال في تصريح للإعلام: ‘إن حركة حماس تعتبر نفسها الابن الروحي للإمام الخميني‘! فالمشكلة إذاً هي مشكلة منهجية فكرية دينية قبل كل شيء.“

لماذا يتجنب المقدسي القاعدة؟

وسط هذا الأخذ والرد بين أنصار التنظيم ، نشر حساب باسم ”الخوستي“ على تليغرام – وكان نشر سابقاً للمقدسي – مؤكداً أن البيان قديم ولا يمكن أخذه رداً على تعزية التنظيم ؛ لكنه استطرد وقال: ”ووالله أن الشيخ (المقدسي) نصحني بعد بيان السحاب بعدم الإساءة للقاعدة.“ فهل خرج المقدسي من المأزق؟

فوضى أنصار القاعدة بعد بيان تعزية ”آل هنية“

حساب قاعدي حاضر دائماً في أوساط الأنصار باسم فؤاد الخطيب – أو بدون عنوان – يعيش صاحبه في غزة، تحلى بشجاعة نادرة واستنكر هو بيان التنظيم قائلاً: ” تنظيم القاعدة بقيادته العامة الجديدة وسياسته الحالية يفرق صفوف المسلمين وخاصة أبناء السلفية الجهادية بغزة والآن انتهت فتنة الدواعش حتى لا يبق لأحد عذر وتعليق كل شيء على شماعة الدواعش. التنظيم له فضل وأسبقية وجهاد وعلم وهذا لا شك فيه ولكن لا نتابعهم على بياناتهم ومواقفهم في الآونة الأخيرة.“

سيف العدل وجهاد طروادة

وهنا مربط الفرس. ما هي هذه القيادة الجديدة؟ القاعدة لم تحسم بعد مصير زعيمها أيمن الظواهري حياً كان أم ميتا. في المقابل، معلوم أن الزعيم الفعلي للتنظيم هو سيف العدل ربيب إيران. ولا شك أن سلوك القاعدة في العامين الأخيرين على أقل تقدير يخدم إيران بكل جوارح التنظيم ولا أدل على ذلك من سلوك التنظيم في اليمن حيث يحمي الحوثيين المدعومين إيرانياً مقابل إشغال اليمنيين الجنوبيين السنة المدعومين عربياً.

طارق عبدالحليم ردّ على بيان التعزية الذي نشرته القاعدة وأقرّ بتأثير إيران الواضح فيه. يقول: ”ولا أرى هذا اللون من التطبيل الذي خرجت به ‘السحاب‘ إلا انعكاساً لتوجه مصطفى حامد المعروف بأبي الوليد المصري (صهر سيف العدل)، صاحب العلاقات المتينة مع دولة المجوس، والمسيطر حاليا على الإعلام في تلك المؤسسة، التي هي الذراع الإعلامي للتنظيم … لعل دور التنظيم على أرض الواقع قد انتهى بنهاية حياة رائِدَيه الأوائل.“

فوضى أنصار القاعدة بعد بيان تعزية ”آل هنية“