ثمة ما يتجاوز الصيد في مياه تونس فهل يكون التجسس ومد شبكات الاتصال هدفاً؟

تصطاد أساطيل الصيد الأجنبية في المياه الإقليمية التونسية بحريّة مطلقة فيما تعلو احتجاجات وصرخة البحارة وصيادي الأسماك التونسيين الذين يعتبرون أن هذه الأساطيل تستبيح بحرهم وتسرق ثرواتهم. المعروف عادة أن للبحر وجهان، واحد هادئ وآخر هائج، الواضح على السطح والسري في الأعماق، ولكن ما هو شائع أيضاً أن البحر لا يبقى هادئا إلى الأبد، كذلك أساطيل الصيد البحرية الأجنبية وتحديداً الصينية منها في البحر الأبيض المتوسط، هل لتلك وجهان أيضا؟.

هكذا كانت بداية العمل على هذا التقرير من تونس لكن النهاية اختلفت ولعل الصيد الصحفي في هذا الموضوع تجاوز معاناة كبيرة لدى أكثر من 100 ألف عامل في قطاع الفلاحة والصيد إلى حد الوصول إلى ثروات من نوع آخر، قد تكون أساطيل الصيد هذه وتحديدا الصينية منها تسعى إلى استخراجها أو استكشافها في البحر الأبيض المتوسط، في وقت أن الأنظار في مكان آخر.

تونس

تململ أسماك البحر الأبيض المتوسط قبالة سواحل تونس قابله غموض وصل إلى حد التهرب إن صح التعبير من قبل المسؤولين التونسيين في كل مرة حاولنا فيها الاستفسار أكثر عن حقيقة عدم ترفيع حدود تونس البحرية، ووجود هذه الأساطيل على حدودها الإقليمية وكيفية معالجة آثار صيدها البحري الصناعي على أكثر من 100 ألف بحار ومواطن تونسي يعتاشون بشكل مباشر وغير مباشر من هذا القطاع. تهرّب الغالبية من الحديث متذرّعين بدواعٍ مرتبطة بالأمن القومي لتونس، في وقت أن العنوان هو صيد السمك ودور الدولة في حماية مياهها وحدودها البحرية وثروتها السمكية، فما هو الدور الذي تلعبه الصين في هذا البحر؟.

حاولنا من دون نتيجة البحث عن إجابات لتلك الأسئلة، تواصلنا مع السفارة الصينية في تونس طالبين من المسؤولين فيها مقابلة تجيب عن أسئلتنا وهواجس العديد من الخبراء والمطلعين على هذا الملف وهم قلائل ولكن ذهبت محاولاتنا سدى لذلك عدنا إلى نقطة البداية، إلى نائب رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري نور الدين بن عياد الذي استنكر ترك المياه التونسية مرتعا للأساطير الأجنبية، معللا أن الجزائر رفعت حدودها البحرية إلى 64 ميلا، أما ليبيا فإلى 72 ميلا، إلا أن تونس لا تزال في حدود الـ12 ميلا ما يجعلها مرتعا للأساطيل البحرية، مطالبا بتقنين الترفيع ما بعد المنطقة الاقتصادية الخالصة حتى تتمكن تونس من حماية مياهها وثروتها السمكية.

تونس

وبالنسبة لبن عياد “إذا كنا نسمح لأساطيل صناعية من نوع أساطيل الصين أو كوريا أو اليابان أو غيرها فهذا يعني أنه سيتم استنزاف المخزونات في ظرف سنة أو سنتين”.

فيما يشدّد الصحافي الإقتصادي سميح الباجي عكاز على أن “من يتحكمون بالقرار أو يؤثرون على القرار السياسي التونسي، لا يمكن أن يرضوا بأن تحقق تونس ما يسمى بالسيادة أو الأمن الغذائي ولذلك يتم تهمش الفلاحة”.

التداعيات الاجتماعية للتعديات البحرية

بالنسبة لبن عياد إن “من يتحمّل مسألة التأخير في التقنين وغيره هي الدولة باعتبار أنها صامتة عن تلك المضرّة، وأعني بالدولة وزارة الدفاع ووزارة الخارجية ووزارة الفلاحة والصيد البحري، فعندما نرى استنزاف يضر ببلادنا ولا نوقفه، طبعاً نحن لا نتهم لكن ربما نقول لم يتكلموا، ربما ثمّة عوائق لم نسمع بها نحن وربما ثمة موانع لم نسمع بها ولكن قانونيا لم نفهم لماذا؟ لم نفهم لماذا لا يتمّ إيقافهم عند حدودنا ونبعد الأساطيل التي تستنزف في ثرواتنا؟”.

وبحسب بن عياد “إن ذلك مضر جدا باعتبار أنه لا يجوز أن يكون في دول حوض البحر الأبيض المتوسط أساطيل صناعية باعتبار أنه حوض أي بحر صغير، وإذا كنا نسمح لأساطيل صناعية من نوع أساطيل الصين أو كوريا أو اليابان أو غيرهم أن يستنزفوا فهذا يعني أنه في ظرف سنة أو سنتين سيتم استنزاف المخزونات وذلك لأن الصيد الصناعي غير الصيد التقليدي أو الصيد البحري المتداول في المتوسط يستنزف بشكل كبير وكبير جدا جميع الأصناف ومن كل الأحجام الكبيرة والصغيرة”.

تونس

بدوره يشير المحامي في القانون الدولي وسيم الماجدي إلى أنه وبحسب القانون الدولي يحق للبواخر أن تقترب من المياه الإقليمية إذ يمكنهم المرور ما بعد المياه الإقليمية كما يمكنهم الصيد، لكن ليس بأي طريقة وليس بأي صفة، وإنما هناك قانون دولي عليه ضبط ذلك وضبط طرق الصيد وطريقة استغلال هذه المياه دوليا”.

أما إذا كان هناك من تجاوزات قال: “طبعاً هناك تجاوزات فهذه مسألة عادية لأننا نرى أن بعض الاختراقات تقع ولكن على كل دولة أن تفرض سلطانها وسلطتها في هذا الإطار”.

ويشدد بن عياد على أن “الأمن الغذائي لكل دولة لا بد أن يكون بألا تدخل أساطيل دول أخرى إلى المياه الإقليمية وتستنزف الثروات وتجعل البلاد بدون مخزون متجدد ودائم للأجيال القادمة، أقول دائماً بضرورة إبعاد السياسة عن الاقتصاد لأن الاقتصاد لا يجب أن يكون في صلب السياسة”.

تونس

يحاول عكاز الإجابة على جانب من شكوى نائب رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري حول تلكؤ الدولة التونسية في حماية حدودها البحرية من الأساطيل الأجنبية ومنها الصينية وسط سكوت مريب من المعنيين، وعليه ما هي أحد الاعتبارات الذي قد تمنع تونس من وضع حد للأساطيل الصينية؟.

يقول عكاز “إن دول الجوار مثل الجزائر أو ليبيا رفّعت مجالها المائي كحل لاختراقات وانتهاكات الأساطيل الأخرى، لكن للأسف تونس لم تفعل ذلك لأن المسألة مرتبطة أولا بـالإرادة السياسية، وثانياً إن الوجود الصيني يتكثف في تونس، فلنكن مباشرين إن الصين تلبي حاجات فئة كبيرة من المستهلكين التونسيين الذين تضرروا من حالة التدهور الاقتصادي التي عرفتها تونس خلال العشرية الأخيرة، بمعنى أن الطبقة الوسطى تتآكل، والحكومات المتعاقبة لم تجد حلاً لمعالجة الأزمة الاقتصادية ولتعزيز دخل المواطن التونسي. لذلك هم يعون أن السلع الصينية التي تأتي أثمانها منخفضة، ومنخفضة كثيرا مقارنة بنظيرتها الأوروبية والأمريكية، تخفف نوعا ما من الاحتقان وتمنح بديلا للمستهلك التونسي هو بديل أرخص يمكنه من أن يستهلك ما تستهلكه الطبقات الأخرى، بالإضافة إلى أن كثافة المواد الصينية في تونس تجعل ثمن التصدي لمثل هذه الانتهاكات أو الخروقات هو التخلي عن الوجود الاقتصادي الصيني أو العلاقات التجارية الصينية مع تونس، ولأن ثمن ذلك باهظ فهي تتغاضى عن الأمر للأسف على حساب الدخل ونتحدث هنا عن أكثر من 100 ألف تونسي يستفيد بشكل مباشر من العمل البحري”.

وأضاف “في حال قررت تونس أو الصين، أي أحدهما التخلي عن العلاقة التجارية مع الآخر، وبمعنى أصح إذا قررت الصين عدم تزويد تونس بالمنتجات التي تصدّرها إليها سنويا، فإن الحكومة ستجد نفسها أمام مأزق كبير إزاء الطبقة الفقيرة والطبقة الوسطى فنحن نتحدث عن تآكل الطبقة الوسطى خلال العشرية الأخيرة بنسبة 20%  وتراجع مستوى تدهور المقدرة الشرائيّة أي أن الحكومة ستجد نفسها أمام مأزق كبير فالسلع الأخرى باهظة الثمن، والمواطن التونسي جيبه يعتصر سنة تلو الأخرى، والصين هي التي تلبي احتياجات المواطن التونسي تقريباً من البضائع الاستهلاكية المنخفضة الثمن، لذلك أي حكومة ستشعر أنها في حالة احتقان اجتماعي كبير قد يتطور حتى إلى تحرك احتجاجي أو إلى الشارع لأن الناس عندما لا تتمكن من مواصلة نسقها أو نمطها الاستهلاكي، فإن هذا سيؤثر طبعا على مزاجها السياسي وعلى حالة الاستقرار الاجتماعي الهشة للأسف أصلا في تونس خلال الفترة الأخيرة”.

شركات خاصة تبرم اتفاقات لصالح الصين

قد تجيب هذه المعلومات الاقتصادية والاجتماعية التي تفسر سياسة القوي على الضعيف اقتصاديا على أسباب الحذر بالحد الأدنى للسلطات التونسية في حماية بحارتها ومياهها من الأساطيل الصينية لكن هل يمكن حصر وجود الأسطول الصيني في المياه الإقليمية المقابلة لتونس بالصيد البحري وحسب؟ هل هذا الوجود مختصر بالصيد الوفير في جميع المواسم وتحديدا في موسم التونة الأحمر والجمبري وموسم الأسماك تلك المعروفة بأن لديها قيمة على مستوى الأسواق الدولية وقيمتها باهظة، هل هذا هو السبب الوحيد الذي يجعلهم يأتون من بعيد لصيد هذا المحصول ومشاركة مخزون تونس في الدول الأفريقية المطلة على البحر الأبيض المتوسط التي في الحقيقة لا يجوز للمشرع التونسي منعها بعد الأربعين والخمسين ميل بحري في قبالة السواحل التونسية، بحسب نائب رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري نور الدين بن عياد.

تونس

يقول الخبير في العلاقات الدولية محمد هيثم بلطيف إنه “حقيقة يجب النظر الى وجود الأسطول البحري الصيني حتى في ناحية الصيد البحري في اطار السياسات الصينية الخارجية العامة والخطوط العريضة التي من بينها مشروع الحزام والطريق، واعادة الانتشار الصيني في الممرات التجارية البحرية الكبرى، وفي المناطق التي تسمح للصين برعاية مصالحها الاقتصادية، وبغض النظر عن وسائل حماية ورعاية المصالح”.

في ديسمبر عام 1983، تم التوقيع على الاتفاق المؤسس للجنة المشتركة الصينية التونسية ومنذ ذلك التاريخ بدأت العلاقات الاقتصادية. في السنوات العشر الأولى كان الميزان التجاري بين البلدين مستقر بين الصادرات والواردات ولكن مع بداية الألفية الثانية ومع الغزو الصيني للأسواق التونسية حصل العجز ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا يبقى الميزان التجاري بين البلدين مستقر.

ويتحدث عكاز في تفاصيل تلك العلاقات فيقول “إن الحضور الصيني في تونس وفي السوق التونسية كشريك تجاري من ضمن العشرة الأوائل لم يكن موجودا تقريبا منذ 15 سنة أي أننا نتحدث عن سنة 2000، 2001، 2002، فالصين لم تكن أحد أهم الشركاء التجاريين لتونس، لم تكن أصلاً على قائمة الشركاء العشر الأوائل، لكن اليوم وبعد تقريبا أكثر من 15 سنة إن الصين هي الشريك الثالث التجاري لتونس. الشريك الثالث نعم وقد أزاحت دولاً كبيرة كانت تربطنا معها علاقات شراكة تجارية كبيرة كإيطاليا كالجزائر وغيرهم، لذلك هي اليوم رقم صعب في خارطة الشركاء التجاريين مع تونس”.

ويوضح بلطيف “نعرف أن ثمّة اتفاقية تم إبرامها عام 2013 وتتعلق بالصيد البحري، تحت غطاء تلك الاتفاقية يمكن أن يكون هناك أعمال تتزامن مع العمل العادي والصيد البحري ويمكن للصين استغلال وجود مراكبها هنا لتصحيح وتحسين المعطيات الخاصة بنظام ملاحتها مثلا في المتوسط، هذا عامل من العوامل التي يجب أن نأخذها في عين الاعتبار”.

وأضاف “إن القاعدة عادة في معاهدات التعاون التقني والتعاون الفني، أنها تكون تفصيلية إلى أبعد درجة ممكنة. ما نلاحظه في خصوص بعض المعاهدات المقارنة التي أبرمتها الحكومة الصينية، التي أبرمتها الأطراف الصينية ونقول أطراف صينية لأنه لم يعد من المخفي إذ أصبحنا نعلم بأنه في العديد من الحالات ثمة شركات خاصة حتى وأطراف خاصة صينية، هي في الأصل تبرم معاهدات واتفاقيات لصالح الدولة الصينية، ونرى مثالاً خاصاً على في موريتانيا إذ ثمة شركة في موريتانيا أبرمت عقدا لإنشاء وحدة التعليب للأسماك بقيمة مئة مليون دولار، ليتبين بعد ذلك أن الاتفاقية تتضمن حقا حصريا للصيد بدون رقابة لمدة 25 سنة”.

وفي هذا الإطار يشير بن عياد إلى أنه “في الحقيقة ربما نتساءل إذا ما كان هناك بعض الاتفاقات المندسّة أو الخفية، هذا لا أؤكده بقدر ما نقول إن ثمة غياب للحراسة والسيادة التونسية لهذه الأساطيل ما يجعلك ربما تشك في بعض الاتفاقيات المندسّة. ولكن في تقديري لا أظن أن ثمة اتفاقات إطارية دولية بين تونس والدول هذه التي نتحدث عنها، بقدر ما أن تلك الاساطيل تتغول وتسعى لاستنزاف الثروات في الدول التي فيها ثغرات قانونية والتي لا تمنعها من الصيد. نحن اليوم علينا سد تلك الثغرات وقوننة مناطقنا ومباشرة تطبيق القوانين الدولية في المياه الدولية”.

تونس

صيد أم تجسس وخطط مختلفة؟

يقول المحامي في القانون الدولي وسيم الماجدي أن “المشكلة المهمة بالنسبة لنا في هذا الموضوع في حد ذاته هو السيادة التي تفرضها الدول على المياه الإقليمية التي تطلّ عليها. وفي هدا الإطار سواء وقع التعدي عليها بصفة صارخة أو بصفة غير واضحة أو بصفة شبه واضحة أو بغاية التجسس أو غيره، فما يجب أن نعرفه هو أن التجسس الدي يحصل في البحر وفي الماء وفي الجو هو يقين وموجود، لكن أحياناً يكون مقونن باعتبار أنه خاضع لاتفاقية ثنائية أو دولية أو إقليمية بين بعض الأطراف في إطار مقاومة الإرهاب أو غيره، وإلا يكون التجسس غير قانوني ويحصل في إطار التعدي على السيادة، وهذا يجب التصدي له بأي طريقة كانت سواء بطريقة القوة إن لزم الأمر أو باللجوء إلى الأمم المتحدة بغاية التظلم، علما أن نجاعة القانون الدولي ليست بالنجاعة الكافية”.

في المقابل يشير بلطيف إلى أنه “إذا وضعنا الأمر في إطاره العام، الموضوع وزمن إبرام الاتفاقية والجهة السياسية التي أبرمت الاتفاقية وغيره، نقول إن الاتفاقية بحاجة إلى تدقيق بخصوص تفاصيل تطبيقها”.

أما عن الجهات التي أبرمتها قال: “الجهة كانت حركة النهضة لأن الفضيحة الأولى كانت تتعلق بوزير الخارجية التونسي واختفاء مليون دولار كانت ممنوحة من الجانب الصيني للإعداد لعقد مؤتمر والوزير الذي أبرم الاتفاقية في قطاع الصيد البحري هو في نفس الحكومة وهو وزير الفلاحة الذي ينتمي لحركة النهضة أيضا”.

وأضاف “هنا يجب التدقيق في ما تأسس على الاتفاقية من صلاحيات أعطيت للجانب الصيني بمقتضى هذه الاتفاقية، خصوصا وأننا نعلم أن السياسة الخارجية الصينية تقوم بالأساس على فتح الآفاق للحكومات التي تعاني من مشاكل اقتصادية في مقابل بعض الامتيازات التي تتعلق بمشاريع أو استثمارات أو غيره”.

ويتساءل بلطيف عن أسباب إبقاء تفاصيل اتفاقية الصيد البحري بين تونس والصين سرية مستذكراً ما جرى في جزيرة الكلباغوس الإكوادورية عام 2020 يوم وقع إشكال كبير حول الطريقة الغريبة التي تعتمدها أساطيل الصيد الصينية في جرف ما في المحيط وهذا كان غير منطقيا، خصوصا وأن الصين لم تكن في حاجة إلى مثل هذه الممارسة حتى من الناحية الربحية. السؤال الذي تم طرحه آنذاك هو لماذا أقدمت مراكب الصيد الصينية على هكذا تصرف؟.

وأحد التفاسير لذلك بحسب بلطيف هو أن الصين “كانت تتعمد محاولة الكشف عن إمكانية وجود أسلاك لربط الإنترنت أو غيره في المناطق هذه، وهذا أحد التفاسير التي لا يمكن ولن يتمكنوا من إثباته لأنني كما قلت ثمة ذكاء جدا في طريقة إبرام الحكومة الصينية والدولة الصينية وحتى عن طريق القطاع الخاص للاتفاقيات”.

وجود المراكب الصينية شخصيا نربطه دائما بإمكانية رسم تفصيلي لخارطة المتوسط فيما يتعلق بالثروات البحرية والاتصالات وغيرها

محمد هيثم بلطيف

الخبير في العلاقات الدولية

وأضاف “وجود البحارة الصينيين في المتوسط أولا يخضع لإجابة على هل أن البحارة الصينيين هم بحارة فقط؟ هذا أولا فلنتحدث هنا بدون توجيه حتى اتهام لأي طرف، لكن التثبت يقودنا إلى استنتاجات. نحن نعرف أن المتوسط هو المنطقة الأنشط بحريا ليس في ناحية النقل البحري والصيد فحسب بل هو المنطقة الأنشط جدا حتى من ناحية الثروات الطبيعية، طرق نقل الثروات الطبيعية، شحن الثروات الطبيعية، طرق تمرير خطوط الاتصالات أو غيره. إن وجود المراكب الصينية شخصيا نربطه دائما بإمكانية رسم تفصيلي لخارطة المتوسط فيما يتعلق بالثروات البحرية والاتصالات وغيرها نعلم جيدا أن المتوسط منطقة أمنية ذات أولوية قصوى دولياً”.

وشدد مضيفاً “نحن نعلم أن ثمة حتى نظام خاص للملاحة تعتمده الصين وهو بايدو ولا تعتمد نظام جي بي إس، ما يعني أن هناك إمكانية لوجود نظام بايدو على مراكب الصيد الصينية ما يمكّن الصين من جمع معطيات دقيقة لمنظومة ملاحظتها بخصوص الممرات البحرية، ومبادلات السلع والإذن لإمكانية تطبيق نوع من الرقابة على التحركات البحرية التجارية أو غير التجارية في أماكن تواجد القوارب هذه. هذا معطى لا يمكن تأكيده لأن قوة الصينيين في علاقاتهم الخارجية وفي وجودهم في المناطق لأنه هناك دائما غطاء لاتفاقيات تؤطر وتشرع الوجود الصيني”.

يقول الماجدي “إن القانون هو في حد ذاته مرن والمرونة هذه هي التي تتسبب بهذا الوضع، وما نقوله إن العجز الموجود في القانون الدولي أي الخلل الموجود في تركيبة القاعدة القانونية في القانون الدولي هي نتيجة ما حصل، ومن الموقع هدا أن نقول إنه جاء الوقت لإعادة النظر في ميثاق الأمم المتحدة في حد ذاته وفي القانون الدولي ومحاولة إقحام إضافات أخرى على مستوى القانون الدولي بقراءة جديدة مناسبة للظرف العالمي الحالي بهدف إعادة إرساء الأمن في هذا الكوكب”.

تونس

نزاع على الموارد

يرى بلطيف أن “هناك خلاف مستقبلي قادم لا محالة حول الثروات الطبيعية في شرق المتوسط. الصين تستورد، فهي مورّد ضخم جدا للثروات الطبيعية، ووجودها في المتوسط بالنسبة لي على الأقل، يجعلني لا أستبعد أن يكون من بين أسبابه حتى في حالته المدنية الظاهرة، تأمين خطوط إمداد الطاقة في المنطقة”.

ويتساءل بن عياد عمن يمنع الأساطيل من التعديات ليجيب بأن “القانون هو من يردعها ويمنعها ولكن تونس هي طرف من القانون، وثمة قانون دولي يحمي المتوسط وتونس مساهمة في الجمعية المتوسطية لحماية المتوسط وبالتالي لا بد أن يدافع القانون عن حدودها وعن مخزوناتها”.

أما عن الأسباب التي تحول دون تطبيق القانون حتى اليوم قال: “أنا لست السلطة، ونحن نحث في الحقيقة دولتنا وسلطتنا لتقنين المخزونات وللمزيد من المحافظة على مخزوناتنا”.

وأضاف “في الحقيقة نرى منذ متى والأساطيل الصينية أو غير الصينية تستنزف ثرواتنا فهذا يحصل منذ زمن و نحن ندرك منذ زمن أن اليوم الحرب هي حرب غذاء، وحتى وإن ابتعدنا عن الحروب النارية فهناك العديد من الدول التي تخرق القانون وتستنزف في ثروات غيرها. وموريتانيا هي خير مثال على ذلك فالبعض منهم داخل الحدود الموريتانية يدخلون الحدود السيادية ويستنزفون في الثروات ويخرجون بها. آمل اليوم ألا يدعوا القوي يأكل الضعيف، فتلك السياسة تحصل منذ زمن”.

يقول الماجدي “ثمة محاولة من في إطار هذا الصدام الحاصل بين الشرق والغرب إذا صح التعبير نلاحظ أنه في الإطار هذا صحيح أن هناك بعض المخلفات وبعض التجاوزات الهدف منها السيطرة على الطاقة والسيطرة على الثروة أو السيطرة على كل ما هو من موارد طبيعية طبعا، ولكن ثمة مواقع جيوسياسية مهمة باعتبار أنه هنا ومن ثم في إفريقيا ثمة مجال للإستغلال وبالتالي تحاول أن تجمع ثروة كبيرة جداً والأطماع كلها متجه نحو القارة الإفريقية، تونس بالطبع لديها موقع استراتيجي فهي تشكل مفترق طرق كما نقول فثمة العديد الحضارات من التي تعاقبت عليها وهي موجودة بين الجزائر وليبيا، كما أنها منصة للدخول إلى إفريقيا في حد ذاتها”.

أن يأكل القوي الضعيف فذلك مفهوم، وأن تجهد القوى العظمى في العالم لنشر قواتها فذلك واقع وحقيقة ولكن من الواضح أيضا أن معاناة عدد كبير من مجتمعات الشعوب ترتفع وتزيد ما يجعلنا نتساءل إلى أي مدى ستتمكن الدول والحكومات من حماية اقتصادها وثرواتها الطبيعية والبرية والبحرية كحال تونس ما قد يسمح لها بعقد اتفاقات وشراكات مع الدول العظمى دون المساس بثرواتها أو بالحد الأدنى دون استغلال هذه الدول لنقاط ضعفها، وبالتالي التحكم بها حاليا أو لاحقا؟.