تمرد يفغيني بريغوجين.. عكس عداوته لبوتين وربما قاده لكتابة نهايته

  • بريغوجين أعلن أنه استولى على مقر الجيش الروسي في روستوف أون دون”دون إطلاق رصاص”
  • ظهر بريغوجين مساء الإثنين 21 آب/أغسطس في مقطع فيديو قال فيه إنه يعمل في إفريقيا
  • بدأ زعيم فاغنر يظهر إلى الضوء في سبتمبر بالتزامن مع تكبد الجيش الروسي هزائم متتالية بأوكرانيا

سمح النزاع في أوكرانيا لقائد مجموعة فاغنر المسلحة يفغيني بريغوجين بفرض نفسه لاعبًا أساسيا في روسيا، لكنّ الملياردير الحليق الرأس أصبح عدواً للرئيس فلاديمير بوتين منذ قاد تمرّداً – قصير الأمد – ضدّ القيادة العسكرية في موسكو في حزيران/يونيو.

وأمس الأربعاء، كان بريغوجين واحدًا من ضمن 10 أشخاص قتلوا في تحطّم طائرة خاصة في روسيا.

بريغوجين وبوتين.. كيف حول غزو أوكرانيا قائد "فاغنر" من حليف إلى عدو؟

خيانة بريغوجين

وفي 24 حزيران/يونيو، وهو اليوم التالي لبدء تمرد فاغنر، أدان بوتين “خيانة” يفغيني بريغوجين التي عزاها إلى “الطموحات المفرطة والمصالح الشخصية”.

وكان بريغوجين قد أعلن أنه استولى من “دون إطلاق رصاصة واحدة” على مقر الجيش الروسي في روستوف أون دون، مركز قيادة العمليات في أوكرانيا، بعد أن اتهم الجيش الروسي بأنه قصف في اليوم السابق معسكرات مجموعته.

بريغوجين وبوتين.. كيف حول غزو أوكرانيا قائد "فاغنر" من حليف إلى عدو؟

ثم حبس العالم أنفاسه عندما زحف رجاله “المستعدون للموت” نحو موسكو، وأسقطوا طائرات للجيش الروسي.

لكن في النهاية، تراجع زعيم المرتزقة البالغ من العمر 62 عامًا عن تمرّده بعد 24 ساعة على انطلاقه، وتفاوض على الذهاب إلى منفى في بيلاروس مع رجاله، من دون أن يحال إلى المحاكمة أو يُسجن.

ومما يدل على غموض الاتفاق أن بريغوجين عاد إلى روسيا، حتى أنه تم استقباله في الكرملين في الأيام التي تلت التمرد.

وفي حين أنه لم يظهر علناً، تعقبه المدونون ورصدوا تحركات طائراته.

بريغوجين في إفريقيا

وفي النهاية، ظهر مساء الإثنين 21 آب/أغسطس في مقطع فيديو قال فيه إنه يعمل في إفريقيا من أجل تعزيز عظمة روسيا في هذه القارة حيث ينفّذ رجاله منذ سنوات ما يكلفهم به الكرملين.

ففي جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي وليبيا وسوريا… عُرفت فاغنر التي لم يعترف الكرملين بوجودها حتى نهاية عام 2022، منذ 10 سنوات على أنها شريك لأنظمة تريد التخلص من رعاتها الغربيين أو تبحث عن مقاتلين متكتمين ولا يرحمون.

تجنيد السجناء

وبدا أنّ النزاع في أوكرانيا وفر فرصة من ذهب لرجل الأعمال للخروج إلى دائرة الضوء بعدما عمل لسنوات في الظل، ليفرض نفسه لاعبا أساسيًا في روسيا.

وقام بتجنيد عشرات الآلاف من السجناء للذهاب إلى الجبهة حيث واجه الجيش الروسي صعوبات.

وعلى العكس من كبار المسؤولين الروس، تواجد بريغوجين في ميدان المعركة وصوّر جثث رجاله ليطالب بمزيد من الذخيرة.

بريغوجين وبوتين.. كيف حول غزو أوكرانيا قائد "فاغنر" من حليف إلى عدو؟

زيادة التوتر

وخلال معركة باخموت في أوكرانيا، تفاقم التوتر مع هيئة أركان الجيش الروسي بقيادة فاليري غيراسيموف ووزير الدفاع سيرغي شويغو اللذين اتهمهما بريغوجين بحرمان فاغنر من الذخائر ونشر عدة لقطات مصورة شتم فيها القادة العسكريين الروس.

وبدأ بريغوجين يظهر إلى دائرة الضوء في أيلول/سبتمبر الماضي بالتزامن مع تكبد الجيش الروسي هزيمة تلو الأخرى في أوكرانيا ما شكل انتكاسة لقارعي طبول الحرب على غراره.

وأكد يومها للمرة الأولى علنا أنه أسس في 2014 مجموعة فاغنر المسلحة الناشطة في أوكرانيا وسوريا وإفريقيا كذلك. وفرض نفسه قائدا أساسيا.

وفي تشرين الأول/أكتوبر ذهب أبعد من ذلك عندما دشن بحفاوة مقر “شركة فاغنر العسكرية الخاصة” في مبنى زجاجي في مدينة سان بطرسبرغ في شمال غرب روسيا.

بريغوجين وبوتين.. كيف حول غزو أوكرانيا قائد "فاغنر" من حليف إلى عدو؟

ولكي يبني جيشا على قدر  طموحاته، راح بريغوجين المولود كما بوتين في سان بطرسبرغ، يجند آلاف السجناء ليقاتلوا في أوكرانيا في مقابل العفو عنهم.

ويعرف يفغيني بريغوجين أوساط السجون جيّداً فقد أمضى تسع سنوات في السجن في الحقبة السوفيتية لارتكابه جرائم.

التقارب بين بوتين وبريغوجين

وخرج من السجن العام 1990 عندما كان الاتحاد السوفيتي على شفير الانهيار وأسس شركة ناجحة لبيع النقانق.

وارتقى السلّم بعد ذلك وصولاً إلى فتح مطعم فخم أصبح من أهم مطاعم سان بطرسبرغ، حين كان نجم بوتين يصعد.

وبعد وصول بوتين إلى سدّة الرئاسة في العام 2000 راحت مجموعة بريغوجين توفّر خدمات طعام للكرملين فحظي بلقب “سفرجي بوتين” وقيل إنّه حقق المليارات بفضل عقود عامة.

بريغوجين وبوتين.. كيف حول غزو أوكرانيا قائد "فاغنر" من حليف إلى عدو؟

يفغيني بريغوجين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. (أ ف ب)

ويبدو أنه استخدم هذه الأموال لتأسيس فاغنر وهو جيش خاص ضمّ في صفوفه أولا مقاتلين قدامى أصحاب خبرة من كلّ من الجيش وأجهزة الاستخبارات الروسية.

وفي 2018، حين كانت هذه المجموعة لفتت الأنظار إليها في أوكرانيا وسوريا وليبيا، بدأت تسري معلومات عن انتشارها في إفريقيا أيضاً.

وقُتل ثلاثة صحافيين روس كانوا يجرون تحقيقاً حول هذه المجموعة في جمهورية إفريقيا الوسطى.

زعيم فاغنر في مواجهة وزارة الدفاع الروسية

وكما كان لنا السبق في كشف الذراع الخفي لروسيا ومرتزقتها التي تقتل بلا هوادة ولا رحمة الأبرياء في كل بقاع الأرض، كان لـ”اخبار الآن” السبق في الكشف عن الانشقاق داخل المعسكر الروسي، وأن غزو أوكرانيا كان الشوكة التي أظهرت الوجه الحقيقي للطمع في فرض السيطرة والتي أشتعلت مع احتدام المواجهات في باخموت وأدت لارتفاع التوتر بين بريغوجين قائد مرتزقة فاغنر ورجالات الكرملين الكبار.

بريغوجين وبوتين.. كيف حول غزو أوكرانيا قائد "فاغنر" من حليف إلى عدو؟

لقراءة مقالات “أخبار الآن” عن فاغنر:

انشقاقات

ففي مقال تحت عنوان “مرتزقة فاغنر تزرع الانشقاقات داخل المعسكر الروسي” كشفنا لكم عن تطور رهيب يحدث داخل المعسكر الروسي، وبالأخص في تلك الفترة العصيبة التي كانت تمر بها القوات الروسية المشاركة في الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، نظرًا للخسائر الفادحة التي تتكبدها أمام نظيرتها الأوكرانية التي تدافع باستماتةٍ كبيرة حفاظًا على أرضها ولصد العدوان الروسي الغاشم.

تسبب مقطع فيديو التقط لأحد جنود قوات المرتزقة فاغنر، الذراع الشرس للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمسؤولة عن عدد لا يعد ولا يحصى من جرائم الحرب التي ارتكبها جنودها داخل الأراضي الأوكرانية، في العديد من الانشقاقات داخل المعسكر الروسي، وذلك بعد أن هاجم أحد جنود قوات فاغنر، الجنرال الروسي والرئيس الحالي لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية ونائب وزير الدفاع الأول للبلاد فاليري غيراسيموف والذي وصفه جندي فاغنر قائلًا “أنت وغدٍ لعين”.

إنكار روسيا

والتي كانت اللحظة التي تسببت فيما تلاها من اتهامات متبادلة بين الطرفين حتى وصلنا إلى تلك اللحظة، التي شهدت إعترافات رسمية من قائد فاغنر بوجود مرتزقته في سوريا في عام 2018 وهو ما كانت روسيا تنفيه بشدة وتتمادى في إنكاره طوال تلك الفترة وكشفته لكم أخبار الآن.

لتصبح الانشقاقات والخلافات المتصاعدة بين بريغوجين وقيادات الجيش، سببًا رئيسيًا في اتهامات بريغوجين لقيادات الكرملين بالتكاسل والتقاعس وتضحيتهم بمرتزقته، ومن جهة أخرى إثبات صريح للتضليل الروسي المستمر عبر سنوات فما كانت تنفيه روسيا قديمًا، أعترف به قائد مرتزقتها العسكرية، وهو ما كشفته لكم “اخبار الآن” منذ اللحظة الأولى.

مقتل قائد فاغنر

حتى وصلنا إلى يوم الأربعاء  والموافق 23 من أغسطس لعام 2023 حين أعلنت وسائل إعلام روسية مقتل قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين الذي قاد في حزيران/يونيو تمردا قصير الأمد ضد القيادة العسكرية الروسية، في تحطم طائرة خاصة في روسيا، قضى جميع من كانوا بداخلها وبينهم ساعده الأيمن وفقًا لما ذكرته وكالة فرانس برس.

وأكّدت هيئة النقل الجوي الروسية أنّ بريغوجين كان على متن الطائرة الخاصّة التي كانت متجهة من موسكو إلى سانت بطرسبرغ وتحطّمت قرب قرية كوجينكينو، في منطقة تفير، شمال غرب موسكو وقتل كل من كانوا بداخلها.

بريغوجين وبوتين.. كيف حول غزو أوكرانيا قائد "فاغنر" من حليف إلى عدو؟

خريطة توضيحية لمكان تحطم الطائرة الخاصة بزعيم مرتزقة فاغنر “يفغيني بريغوجين”. (Photo by Elmurod Usubaliev/Anadolu Agency via Getty Images)

وقالت الهيئة إنّه “وفقاً لشركة الطيران، فإنّ الركّاب التالية أسماؤهم كانوا على متن الطائرة” التي تحطّمت وهي من طراز إمبراير-135، معدّدة أسماء كل الركّاب ومن ضمنهم بريغوجين وساعده الأيمن ديمتري أوتكين.

عناصر فاغنر تُشير إلى خيانة عظمى تعرض لها قائدهم

وبعد إعلان هيئة النقل الجوي الروسية عن مقتل زعيم فاغنر، بدأ عناصر المرتزقة في رثاء قائدهم بل واتهام البعض بالخيانة، حين نشروا على قناة (جراي زون) على تليغرام رسالة كتب فيها “رئيس مجموعة فاغنر.. بطل من روسيا.. وطني حقيقي لوطنه الأم.. يفغيني فيكتوروفيتش بريغوجين قتل نتيجة أفعال خونة لروسيا”.

وأضاف المنشور “لكن حتى في الجحيم سيكون الأفضل! المجد لروسيا!”.

قبل أن تنشر فاغنر منشورًا جديد لعناصر فاغنر وهم يودعون قائدهم بالورود قرب مركز فاغنر في سان بطرسبرغ، فبعد أن كان غزو أوكرانيا سببًا في صعود بريغوجين إلى الواجهة أصبح أيضًا بحسب مزاعم عناصر فاغنر ربما سببًا في مقتل قائدهم.