فرنسا وشركاؤها الأوروبيين لا يشاطرون حكام مالي الجدد “استراتيجيتهم”

  • أعلنت فرنسا وشركاؤها الأوروبيون الخميس رسمياً انسحابهم عسكرياً من مالي
  • يأتي الانسحاب بعد تسع سنوات من قيادة باريس جهود مكافحة المتشددين في هذا البلد
  • لفرنسا وجود عسكري منذ 2013 في مالي التي تعاني من جماعات متشددة تنتشر في دول أخرى في منطقة الساحل

 

أمام “العقبات” التي وضعتها المجموعة العسكرية الحاكمة في باماكو، أعلنت فرنسا وشركاؤها الأوروبيون الخميس رسمياً انسحابهم عسكرياً من مالي بعد تسع سنوات من قيادة باريس جهود مكافحة المتشددين في هذا البلد.
لكنّ باريس وشركاؤها أكّدوا في بيان مشترك “استمرار التزامهم منطقة” الساحل و”توسيع نطاق دعمهم إلى الدول المجاورة في خليج غينيا وغرب أفريقيا”.

وأوضح البيان الذي وقّعت عليه 25 دولة أوروبية وأفريقية بالإضافة إلى كندا أنّه “نظراً للعقبات المتعدّدة التي تضعها السلطات الانتقالية المالية، ترى كندا والدول الأوروبية التي تعمل مع عملية برخان (الفرنسية) وداخل مجموعة تاكوبا الخاصة، أنّ الشروط لم تعد متوافرة لمواصلة مشاركتها العسكرية بشكل فعّال في مكافحة الإرهاب في مالي، وقرّرت بالتالي بدء انسحاب منسّق من الأراضي المالية لوسائلها العسكرية المخصّصة لهذه العمليات”.

وأكّد الرئيس الفرنسي في مؤتمر صحافي في الإليزيه أن فرنسا وشركاءها الأوروبيين لا يشاطرون المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي “استراتيجيتها ولا أهدافها الخفية”، مبرّراً بذلك هذا الانسحاب.

وقال ماكرون “لا يمكننا أن نظل ملتزمين عسكرياً إلى جانب سلطات أمر واقع لا نشاطرها استراتيجيتها ولا أهدافها الخفية”. واضاف “هذا هو الوضع الذي نواجهه اليوم في مالي. لا يمكن ولا يجب أن تبرر مكافحة الإرهاب كل شيء، بحجة أنها أولوية مطلقة تحولت الى محاولة للاحتفاظ بالسلطة الى أجل غير مسمى”.

وحول الانسحاب العسكري، أوضح ماكرون أن عسكريين أوروبيين يشاركون في مجموعة القوات الخاصة تاكوبا “سيعاد تموضعهم إلى جانب القوات المسلحة للنيجر في المنطقة الحدودية لمالي”، موضحا أن الانسحاب سيجري “بطريقة منظمة مع القوات المسلحة المالية وبعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما)”.

وأوضحت هيئة الأركان الفرنسية أنّ نحو 2500 إلى ثلاثة آلاف جندي فرنسي سيبقون منتشرين في منطقة الساحل بعد انسحابهم من مالي خلال حوالي ستة أشهر.

وقال المتحدث باسم هيئة الأركان العامة الكولونيل باسكال إياني في مؤتمر صحافي في باريس إن 4600 جندي فرنسي ينتشرون في منطقة الصحراء والساحل، بينهم 2400 في مالي مضيفا “في نهاية (الانسحاب) سيبلغ عددهم 2500 الى ثلاثة آلاف عنصر”.

وأوضح المتحدّث أنّ هؤلاء العسكريين سيتوزّعون على تشاد والنيجر وبوركينا فاسو (قوات خاصة)، مشيراً إلى أنّ فرنسا ستعتمد على قواتها المنتشرة أساساً في السنغال وساحل العاج والغابون لتقديم الدعم لبلدان المنطقة.

تعاون إقليمي معزز

لفرنسا وجود عسكري منذ 2013 في مالي التي تعاني من جماعات متشددة تنتشر في دول أخرى في منطقة الساحل.

وقد تدخلت باريس لوقف تقدم هذه الجماعات الذي هدد باماكو، ثم نظمت عملية واسعة في المنطقة لمكافحة المتشددين تحمل اسم “برخان” ونشرت آلاف الجنود لمحاربة فرعي تنظيمي القاعدة وداعش.

لكن على الرغم من الانتصارات التكتيكية لم تتمكن الدولة المالية وقواتها المسلحة من بسط سيطرتها على الأرض من جديد.

وازداد الوضع خطورة مع إطاحة الحكومة المالية في انقلابين في 2020 و2021، أديا إلى تولي السلطة من قبل مجموعة عسكرية ترفض تنظيم انتخابات قبل سنوات، وتستغل مشاعر العداء لفرنسا المتزايدة في المنطقة.

وأكد الرئيس الفرنسي أنه “يرفض بشكل كامل” فكرة فشل باريس في مالي. وقال “ماذا كان سيحدث في 2013 لو لم تتدخل فرنسا؟ كنا سنشهد بالتأكيد انهيارا للدولة المالية”، مؤكدا أن “جنودنا حققوا نجاحات عدة”، بما في ذلك القضاء على أمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في حزيران/يونيو 2020.

ينتشر نحو 25 ألف عنصر في منطقة الساحل حاليا.

وقال ماكرون في مؤتمره الصحافي “سنغلق بالتالي تدريجا في اجراء سيستغرق 4 الى 6 أشهر، القواعد الموجودة في مالي. خلال هذا الوقت، سنواصل مهام الحفاظ على الأمن” مع بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما) التي تعد أكثر من 13 ألف عنصر حفظ سلام.

وينتشر في مالي 15 ألف جندي تابعين لبعثة الأمم المتحدة (مينوسما) وبات مستقبلهم مجهولا حاليا لاعتمادهم على دعم كبير من قوة برخان.

وفرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا عقوبات على السلطات المالية التي تدين الوجود العسكري الغربي على أراضيها، ولجأت حسب الأوروبيين، إلى استقدام المرتزقة الروس في مجموعة فاغنر.

واعتبر ماكرون أن مجموعة المرتزقة الروسية فاغنر المعروفة بقربها من الرئيس فلاديمير بوتين، موجودة في مالي خدمة “لمصالحها الاقتصادية” ولضمان أمن المجلس العسكري الحاكم في باماكو.