لم تتوقف أبعاد سيطرة حركة طالبان على أفغانستان الشهر الماضي، على النواحي العسكرية والسياسية والإقتصادية داخل البلاد، بل شملت كذلك كل ما يتصل بذلك البلد، بمن فيهم الدبلوماسيون الأفغان في الخارج.

  • موظفون دبلوماسيون أفغان قلقون على مصير عائلاتهم بعد سيطرة طالبان
  • الدعم المالي للبعثات الدبلوماسية توقف بعد عودة على أفغانستان
  • بعض الموظفين الدبلوماسيين يحاولون الحصول على لجوء في الدول المضيفة
  • الحكومة الأفغانية المخلوعة طالبت المجتمع الدولي بعد الاعتراف بحكومة طالبان

أوردت وكالة رويترز للأنباء تقريراً تحدّث عن الأوضاع التي يعيشها الدبلوماسيين الأفغان بعد سيطرة طالبان على البلاد، معتبرةً أنّهم باتوا في وضع حرج، خصوصاً أنّ الدعم المالي الذي كان يصلهم من الحكومة الأفغانية قد توقّف، إضافةً إلى الخوف على مصير عائلاتهم في الداخل الأفغاني.

ورغم أنّ طالبان طلبت من البعثات الخارجية مواصلة عملها، إلّا أنّ عدداً من الدبلوماسيين أعربوا عن يأسهم من الأوضاع التي وصلت إليها أفغانستان بعد وصول طالبان إلى الحكم.

وأعرب دبلوماسي أفغاني يعمل في البعثة الأفغانية في برلين، وطلب عدم ذكر اسمه، عن قلقه على مصير زوجته وبناته الأربعة اللواتي بقين في كابول، وقال: “زملائي هنا وفي العديد من البلدان يناشدون الدول المضيفة لقبول استضافتهم”.

وأضاف: “أنا أتوسل حرفياً.. الدبلوماسيون مستعدون لأن يصبحوا لاجئين”، مضيفاً: “بات عليّ بيع كل شيء بما في ذلك منزلي الكبير في كابول والبدء من جديد”.

من جانبه، قال أفضال أشرف، خبير العلاقات الدولية والزميل الزائر بجامعة نوتنغهام البريطانية، إنّ البعثات الأفغانية في الخارج تواجه فترة “من النسيان المطول”، إذ تقرر الدول ما إذا كانت ستعترف بطالبان أم لا. وأوضح: “ما الذي يمكن أن تفعله تلك السفارات؟ إنّهم لا يمثلون حكومة.. ليس لديهم سياسة للتنفيذ”، مشيراً إلى أنّه “من المرجح أن يُمنح موظفو السفارة حق اللجوء السياسي بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة إذا عادوا إلى أفغانستان”.

وطمأن متحدثوا حركة طالبان إلى أنّهم ليسوا في حاجة للانتقام وسيحترمون حقوق الناس، بما في ذلك حقوق المرأة. لكن التقارير التي تتحدث عن عمليات تفتيش تجري من منزل إلى منزل، ووقوع بعض الأعمال الإنتقامية ضدّ مسؤولين سابقين، جعلت الناس قلقين. وتعهّدت طالبان بالتحقيق في أيّ انتهاكات.

وأصدرت مجموعة مبعوثين من الحكومة المخلوعة بياناً مشتركاً هو الأوّل من نوعه، أوردته رويترز، داعياً زعماء العالم إلى رفض الإعتراف الرسمي بطالبان.

طالبان

أفغاني ينهار خلال احتجاج في باكستان ضد سيطرة طالبان على الحكم – رويترز

لا يوجد مال

وقال وزير الخارجية الأفغاني بالوكالة أمير خان متقي، في مؤتمر صحافي في كابول يوم الثلاثاء الماضي، إنّ طالبان بعثت برسائل إلى كلّ السفارات الأفغانية تطلب منهم مواصلة العمل. وقد قدّر ديبلوماسي أفغاني كبير أنّ هناك حوالي 3000 شخص يعملون إمّا في سفارات البلاد أو يعتمدون عليهم بشكل مباشر.

كما كتبت إدارة الرئيس المخلوع أشرف غني رسالة إلى البعثات الأجنبية في الثامن من شهر سبتمبر الحالي، مضمونها أنّ حكومة طالبان الجديدة “غير شرعية”، وحثّت السفارات على “مواصلة مهامها وواجباتها الإعتيادية”. لكن العاملين بالسفارة قالوا إنّ هذه الدعوات للاستمرارية لا تعكس الفوضى السائدة على الأرض.

وقال مصدر في السفارة الأفغانية بالعاصمة الكندية أوتاوا، لوكالة رويترز: “لا يوجد مال.. لا يمكن العمل في مثل هذه الظروف.. أنا لا أتقاضى راتبي الآن”.

وقال موظفان بالسفارة الأفغانية في نيودلهي إنّ نقودهما تنفد أيضاً، رغم قيامهم بمهام تخدم آلاف الأفغان الذين يحاولون إيجاد طرق للعودة إلى الوطن للمّ شملهم مع عائلاتهم، أو يحتاجون إلى المساعدة في التقدّم بطلب للحصول على اللجوء في بلدان أخرى.

ولفت الموظفان إلى أنّهما لن يعودا إلى أفغانستان خوفاً من استهدافهما بسبب صلاتهما بالحكومة السابقة، لكنّهما سيكافحان أيضاً للحصول على اللجوء في الهند، حيث قضى آلاف الأفغان سنوات في السعي للحصول على وضع اللاجئ. قال أحدهم: “يجب أن أجلس في الوقت الحالي في مقرّ السفارة وأنتظر للخروج إلى أيّ دولة ترغب في قبولي أنا وعائلتي”.

انتقادات

ومثل أقرانهم المنتشرين في كلّ أنحاء العالم، ليس لدى الدبلوماسيين الأفغان أيّ خطط للعودة إلى ديارهم مع عودة طالبان إلى السلطة.

مانيشا بختاري، سفيرة أفغانستان في النمسا، دأبت على نشر مزاعم حول انتهاكات لحقوق الإنسان من قبل طالبان على تويتر، بينما حذّر مبعوث الصين جافيد أحمد قايم من تصديق وعود طالبان تجاه الجماعات المتطرفة.

في طاجيكستان، تمكّن بعض موظفي السفارة من نقل عائلاتهم عبر الحدود، وقال دبلوماسي كبير هناك، إنّه في الأسابيع الأخيرة باتوا يفكّرون في تحويل السفارة إلى مبان سكنية لإيوائهم.

طالبان

السفير الأفغاني لدى طاجيكستان محمد ظاهر أغبار – رويترز

وقال دبلوماسي أفغاني كبير في اليابان: “من الواضح جدّاً أنّه لا يوجد دبلوماسي أفغاني واحد يعمل بالخارج يريد العودة”. وأضاف: “نحن جميعاً مصممون على البقاء حيث نحن، وربّما تقبل العديد من الدول أنّنا جزء من حكومة في المنفى”.

وقال العديد من الدبلوماسيين الأفغان إنّهم سيراقبون عن كثب الإجتماع السنوي لزعماء العالم في الأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع المقبل، حيث يسود عدم اليقين بشأن من سيشغل مقعد أفغانستان.

تجدر الإشارة إلى أنّ أوراق اعتماد الأمم المتحدة تعطي وزناً للحكومة، ولم يطالب أحد رسمياً بمقعد أفغانستان. وقال الديبلوماسيون إنّ أيّ خطوة يُنظر إليها على أنّها تضفي الشرعية على طالبان، قد تمكنها من استبدال موظفي السفارة بأفرادها.

شاهدوا أيضاً: مَنْ هو زعيم طالبان هبة الله أخوند زاده؟